وكان جراية أعلن أنه قدم رشاوى لمعظم الإعلاميين التونسيين. لذا وجهت مجموعة من الإعلاميين رسالة مفتوحة وقعها صحافيون تونسيون، بالإضافة إلى نقيب الصحافيين التونسيين، ناجي البغوري. وجاء فيها: "أعلنتم سابقاً في تصريحات إعلامية أنّ رجليْ الأعمال شفيق الجراية وكمال اللطيّف يقفان وراء الفساد الحاصل في قطاع الصحافة، وقد تعهّدتم بالتشهير بهؤلاء المفسدين وملاحقتهم".
وتابعت: "نحن إذ لا نشكّ لحظة في صدق نواياكم ومساعيكم الجادة لتنفيذ تعهداتكم، فإننا نلفت نظركم إلى أنّ أحد الشخصين المذكورين في تصريحكم قد نزل مساء الأحد 23 أكتوبر/تشرين الأول 2016 ضيفاً رئيسياً على برنامج لمن يجرؤ فقط على قناة الحوار التونسي، وأعلن صراحة أنّه اشترى كل الصحافيين باستثناء نوفل الورتاني".
وطالبت المجموعة النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بـ"أخذ موقف واضح ومباشر وصريح وبدون مواربة من زمرة الصحافيات والصحافيين التونسيين الذين ما انفكّوا يسيئون لصاحبة الجلالة سواء بالارتشاء وتوظيف المنابر الإعلامية لتبييض الفاسدين أو بالتهجّم على زملائهم وثلبهم وهتك أعراضهم خدمة لأجندات أسيادهم الذين يأتمرون بأوامرهم في السر أو في العلن".
من جهتها، سارعت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين إلى الاستجابة لمطلب الصحافيين، فأصدرت بياناً شديد اللهجة أبدت فيه "استغرابها من الحصانة التي يتمتع بها المدعو جراية من قبل كل أجهزة الدولة، وخاصّة وزارة العدل ووكالة الجمهورية، في ظلّ محاولات المعني تطويع العدالة لخدمته، إذ بمجرد تقديمه شكوى ضد أحد الصحافيين يتم البت فيها في ظرف أسبوع، في حين تقدمت النقابة بشكوى لوزير العدل السابق بتاريخ 8 يوليو/ تموز 2015 ضد المدعو شفيق جراية لاقترافه مجموعة من الجرائم، أخطرها التحريض على قتل الصحافيين والفساد المالي، وقد بقيت هذه الشكوى بدون متابعة حتى اللحظة ".
وطالبت النقابة "كلا من وزير العدل ووكيل الجمهورية إثبات استقلاليتهما الواجبة قانوناً تجاه المذكور عن طريق إحالته إلى القضاء، بسبب جرائم الرشوة والفساد المالي التي اعترف بها صراحة، وتشويه سمعة الصحافة وضرب ثقة الجمهور فيها "، كما رأت النقابة أن تصريحات رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، حول مقاومة الفساد تبقى بلا مصداقية في ظل إفلات الفاسدين من العقاب وتواصل التستر والتواطؤ وغض النظر عن جراية.
ودعت النقابة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إلى تحمل مسؤولياتها بما يتعلق "بمسؤولية الجراية في الفساد المالي الذي بات يجاهر به في وسائل الإعلام"، معتبرة أن "جماعات لوبي المال الفاسد أصبحت تمثل التهديد الأخطر على حرية التعبير والصحافة في ظلّ صمت الحكومات المتعاقبة وتواطؤ صريح من النيابة العمومية"، داعية كافة منظمات المجتمع المدني إلى تحمّل مسؤولياتها للدفاع عن هذا المكسب التاريخي.
في سياق متصل، نظمت مجموعة من الصحافيين، صباح اليوم الثلاثاء، وقفة احتجاجية أمام مقر النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وسط العاصمة التونسية، أعلن الصحافيون خلالها عزمهم على التقدم بقضايا فردية إلى القضاء التونسي لمحاسبة جراية على تصريحاته وكشف الصحافيين الذين تلقوا رشاوى منه، كما أعلن البغوري أن النقابة ستصدر "قائمة تضم أعداء حرية الصحافة في تونس"، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم 10 ديسمبر/كانون الأول المقبل.