لم يكن ما جرى من اعتداءات في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 حدثاً عادياً في باريس، لأسباب عديدة منها أن العاصمة الفرنسيّة كانت بمنأى عن الاعتداءات الإرهابية خلال عقود.
والكثيرون من الذين قضوا في هذا الاعتداء أو الذين عايشوه عن قرب، لم يشهدوا مثله من قبل. ويعود ذلك، بشكل أساسي، إلى أنّ الضربات الإرهابية تمت على أيدي مواطنين فرنسيين، وبنيّة انتحارية لا شك فيها، عكس اعتداءات الأخوين كُواشي على "شارلي إيبدو". كما أنها استهدفت أماكن ثقافية وترفيهية، في أحياء باريسية تعيش الاختلاط والتهجين، بعيدًا عن مؤسسات ومراكز الأمن والدفاع والإعلام. ثم إنّ الحصيلة كانت جسيمة، نحو 130 قتيلاً وما يقرب من 500 جريح.
والكثيرون من الذين قضوا في هذا الاعتداء أو الذين عايشوه عن قرب، لم يشهدوا مثله من قبل. ويعود ذلك، بشكل أساسي، إلى أنّ الضربات الإرهابية تمت على أيدي مواطنين فرنسيين، وبنيّة انتحارية لا شك فيها، عكس اعتداءات الأخوين كُواشي على "شارلي إيبدو". كما أنها استهدفت أماكن ثقافية وترفيهية، في أحياء باريسية تعيش الاختلاط والتهجين، بعيدًا عن مؤسسات ومراكز الأمن والدفاع والإعلام. ثم إنّ الحصيلة كانت جسيمة، نحو 130 قتيلاً وما يقرب من 500 جريح.
ولم يكن الحدث عادياً لأن السلطة التنفيذية في فرنسا اضطرت إلى اتخاذ قرارات أمنية واستخباراتية رأى فيها الكثيرون من المواطنين ومن المنظمات الحقوقية انتهاكاً صريحاً للحريات الفردية والعمومية والمكتسبات الحقوقية، ومنها حق التعبير وحق التظاهر وغيرها.
كما شهدت فرنسا جدلاً حول "سحب الجنسية" من فرنسيين حاصلين على الجنسية الفرنسية في حال اتهامهم بالإرهاب، وهو ما أعاد إلى الأذهان ما شهدته البلاد إبان ولاية نيكولا ساركوزي الرئاسية من خلق وزارة للهوية الوطنية.
وفي ذكرى مرور عام على تلك الاعتداءات، كرّست الصحف والمجلات أعداداً وملفات لهذه المناسبة. فأعدت صحيفة "ليبراسيون" ملفاً عن الموضوع السبت، بعنوان: "13 نوفمبر/تشرين الثاني: الحياة من جديد".
وفي افتتاحية لمدير التحرير، لورونت جوفرين، بعنوان: "سنة من الألم"، استعرض شهادات بعض الناجين والجرظحى وأفراد الشرطة والمحللين النفسانيين. وتحدث جوفرين عما أسماه "جيل مسرح الباتاكلان"، وعن الواقع المرير لفرنسا بعد سنة من الاعتداءات. وكتب: "جيل باتاكلان، في إيمانه الديمقراطي، أقلويٌّ. الطاعون الهوياتيّ في أوج صعوده. وتحت شكله المتوحش، مع الجهادية التي تفتن بدوختها القاتلة قِسْما من الشباب الفاقد للبوصلة، والذي يثمُلُ من حقده الديني. وتحت شكله السياسي التي يفيض بشكل واسع من حزب الجبهة الوطنية، لتلويث الوسط الفكري ووسائل الإعلام الرجعية، مُلامِسا الذين لم يتعلّموا شيئا ولم ينسوا شيئا من انفعالات ثلاثينيات القرن الماضي".
وأضاف أن "هدف هؤلاء هو كسر الديمقراطيات وإثارة تيار تسلطي وقمعي في الأُمَم التي يشيرون إليها بأصابعهم، وهو تيار يُسهّل دعايَتَهُم ويُشوّه شعار الحرية التي يَصِمونها". وختم: "جيل الباتاكلان ثمينٌ لأن عليه أن يقاوم على جبهتين: الدفاع عن مبادئنا وهزيمة أنبياء الاستبداد والقومية المشؤومين".
اقــرأ أيضاً
صحيفة "لومانيتيه" خصّصت ملفا للمناسبة بدورها، حمل عنوان: "سنة بعد 13 نوفمبر/تشرين الثاني: من هو الذي لا يزال يتحدث عن الأُخُوّة؟". وتحدثت الصحيفة فيه عن "هؤلاء المواطنين الذين يقاومون، منذ سنة، "إستراتيجية الصدام"، والتي وُلدت من الاعتداءات، والذين يُقابلون الانقسام بالأخُوة، كما يُقابلون الانطواء على الذات بالتضامن".
ملف مجلة "بوليتيس" الأسبوعية كان تحت عنوان: "13 نوفمبر/تشرين الثاني: كيف قاوَمنا؟". وانطلقت المجلة من تلخيص الرئيس فرنسوا هولاند أمام اجتماع مجلس النواب والشيوخ في قصر فرساي للوضع في فرنسا بعد الاعتداءات بجملته الشهيرة: "فرنسا في حرب". وتأسفت المجلة لأن رئيس الحكومة مانويل فالس استثمرها بشكل مسرف، كما فعل الحزب الاشتراكي واليمين بشتى أطيافه، وهو ما تمخض عنه فرضُ إجراءات استثنائية في البلد وأيضًا الحد من الحريات العمومية.
كما تناولت المجلة ما أسمتهم "منسيّو سان دونيه". فكتبت: "في يوم 18 من نفس الشهر، نوفمبر/تشرين الثاني، أقدمت قوات الأمن على مهاجمة وكر كان يتحصن فيه بعض الإرهابيين، في سان جونيه، ضاحية باريس، واستخدمت عنفا غير مسبوق، ولا يزال المواطنون الذين تضررت بيوتهم من جراء التدخل البوليسي، لحد الآن، ينتظرون السكن وتسوية الأوضاع والتعويضات".
أمّا ملف صحيفة "لاكَرْوا"، فكان بعنوان "كان ذلك قبل سنة، كما لو الأمر حدث البارحة". ونشرت فيه شهادات مستفيضة ومؤثرة لكثير من الضحايا وأقربائهم، وفيها "دروس من الشهادة والإنسانية"، كما كتبت الصحيفة.
كما نشرت مقالاً للصحافية جونيفييف يورغنسون بعنوان "ذاكرة أمّة". وكتبت الأخيرة: "يتفق الجميع على أن كارثةً جماعية ليست سوى تجاوُرٍ لكوارث فردية، والتي يُمثل النهوضُ منها تحدٍّ لحياةٍ بأكملها. إن الرسوم والقرابين التي تركها مجهولون، والتي لم يَرَها الناجون من اعتداءات باريس، أبداً، تَصلُ، أخيراً، إلى غايتها. وسيتأكد منها الناجون إن شاؤوا، إذْ حيثُ سادَ الموتُ، فإن الحنانَ عرف كيف يُعبّر عن نفسه".
من جهته، كتب الصحافي أنطوان ليريس الذي فقد زوجته في الباتاكلان، مقالاً بعنوان "لن تنالوا كراهيتي"، تحدث فيه عن الصبر والتفاؤل والتسامح، ولم يوجهه فقط للقتلة، بل وأيضاً لكل من يريد الاصطياد في المياه العكرة.
اقــرأ أيضاً
كما شهدت فرنسا جدلاً حول "سحب الجنسية" من فرنسيين حاصلين على الجنسية الفرنسية في حال اتهامهم بالإرهاب، وهو ما أعاد إلى الأذهان ما شهدته البلاد إبان ولاية نيكولا ساركوزي الرئاسية من خلق وزارة للهوية الوطنية.
وفي ذكرى مرور عام على تلك الاعتداءات، كرّست الصحف والمجلات أعداداً وملفات لهذه المناسبة. فأعدت صحيفة "ليبراسيون" ملفاً عن الموضوع السبت، بعنوان: "13 نوفمبر/تشرين الثاني: الحياة من جديد".
وفي افتتاحية لمدير التحرير، لورونت جوفرين، بعنوان: "سنة من الألم"، استعرض شهادات بعض الناجين والجرظحى وأفراد الشرطة والمحللين النفسانيين. وتحدث جوفرين عما أسماه "جيل مسرح الباتاكلان"، وعن الواقع المرير لفرنسا بعد سنة من الاعتداءات. وكتب: "جيل باتاكلان، في إيمانه الديمقراطي، أقلويٌّ. الطاعون الهوياتيّ في أوج صعوده. وتحت شكله المتوحش، مع الجهادية التي تفتن بدوختها القاتلة قِسْما من الشباب الفاقد للبوصلة، والذي يثمُلُ من حقده الديني. وتحت شكله السياسي التي يفيض بشكل واسع من حزب الجبهة الوطنية، لتلويث الوسط الفكري ووسائل الإعلام الرجعية، مُلامِسا الذين لم يتعلّموا شيئا ولم ينسوا شيئا من انفعالات ثلاثينيات القرن الماضي".
وأضاف أن "هدف هؤلاء هو كسر الديمقراطيات وإثارة تيار تسلطي وقمعي في الأُمَم التي يشيرون إليها بأصابعهم، وهو تيار يُسهّل دعايَتَهُم ويُشوّه شعار الحرية التي يَصِمونها". وختم: "جيل الباتاكلان ثمينٌ لأن عليه أن يقاوم على جبهتين: الدفاع عن مبادئنا وهزيمة أنبياء الاستبداد والقومية المشؤومين".
صحيفة "لومانيتيه" خصّصت ملفا للمناسبة بدورها، حمل عنوان: "سنة بعد 13 نوفمبر/تشرين الثاني: من هو الذي لا يزال يتحدث عن الأُخُوّة؟". وتحدثت الصحيفة فيه عن "هؤلاء المواطنين الذين يقاومون، منذ سنة، "إستراتيجية الصدام"، والتي وُلدت من الاعتداءات، والذين يُقابلون الانقسام بالأخُوة، كما يُقابلون الانطواء على الذات بالتضامن".
ملف مجلة "بوليتيس" الأسبوعية كان تحت عنوان: "13 نوفمبر/تشرين الثاني: كيف قاوَمنا؟". وانطلقت المجلة من تلخيص الرئيس فرنسوا هولاند أمام اجتماع مجلس النواب والشيوخ في قصر فرساي للوضع في فرنسا بعد الاعتداءات بجملته الشهيرة: "فرنسا في حرب". وتأسفت المجلة لأن رئيس الحكومة مانويل فالس استثمرها بشكل مسرف، كما فعل الحزب الاشتراكي واليمين بشتى أطيافه، وهو ما تمخض عنه فرضُ إجراءات استثنائية في البلد وأيضًا الحد من الحريات العمومية.
كما تناولت المجلة ما أسمتهم "منسيّو سان دونيه". فكتبت: "في يوم 18 من نفس الشهر، نوفمبر/تشرين الثاني، أقدمت قوات الأمن على مهاجمة وكر كان يتحصن فيه بعض الإرهابيين، في سان جونيه، ضاحية باريس، واستخدمت عنفا غير مسبوق، ولا يزال المواطنون الذين تضررت بيوتهم من جراء التدخل البوليسي، لحد الآن، ينتظرون السكن وتسوية الأوضاع والتعويضات".
أمّا ملف صحيفة "لاكَرْوا"، فكان بعنوان "كان ذلك قبل سنة، كما لو الأمر حدث البارحة". ونشرت فيه شهادات مستفيضة ومؤثرة لكثير من الضحايا وأقربائهم، وفيها "دروس من الشهادة والإنسانية"، كما كتبت الصحيفة.
كما نشرت مقالاً للصحافية جونيفييف يورغنسون بعنوان "ذاكرة أمّة". وكتبت الأخيرة: "يتفق الجميع على أن كارثةً جماعية ليست سوى تجاوُرٍ لكوارث فردية، والتي يُمثل النهوضُ منها تحدٍّ لحياةٍ بأكملها. إن الرسوم والقرابين التي تركها مجهولون، والتي لم يَرَها الناجون من اعتداءات باريس، أبداً، تَصلُ، أخيراً، إلى غايتها. وسيتأكد منها الناجون إن شاؤوا، إذْ حيثُ سادَ الموتُ، فإن الحنانَ عرف كيف يُعبّر عن نفسه".
من جهته، كتب الصحافي أنطوان ليريس الذي فقد زوجته في الباتاكلان، مقالاً بعنوان "لن تنالوا كراهيتي"، تحدث فيه عن الصبر والتفاؤل والتسامح، ولم يوجهه فقط للقتلة، بل وأيضاً لكل من يريد الاصطياد في المياه العكرة.