خلال المقابلة، أعطى البرنامج درساً للإعلام الأميركي في كيفية "التطبيع" مع رئيس وُصف مراراً بـ"الديماغوجي الخطير". إذ حاول البرنامج إعادة تقديم ترامب كرجل سياسي عقلاني وهادئ، والتمويه على التصريحات والوعود الأكثر خطورة التي تميزت بها حملته الانتخابية.
وكانت المقابلة الأولى بدايةً مربكةً للإعلام الأميركي مع الرئيس الجديد، فاعتمدت المذيعة اللطافة والليونة في أسئلتها، وركزت على مشاعر ترامب الشخصية حول توليه الرئاسة،
محاولة التقليل بشكل متكرر من خطورة الوعود التي قدّمها ترامب خلال الحملة الانتخابية.
وحاولت ستال مراراً دعوة ترامب إلى النأي بنفسه عن المواقف المتطرفة التي عبّر عنها سابقاً، بل افتتحت المذيعة مقابلتها مع ترامب، بالقول للمشاهدين إن "برنامج 60 دقيقة في المقابلة الأولى اكتشف أن الوعود المثيرة للجدل التي تميزت بها حملته الانتخابية، لم يكن ترامب يعنيها حرفياً، إنما كانت بمثابة مدخل نحو التفاوض"، الأمر الذي لم يذكره ترامب أبداً خلال المقابلة.
واستمرت المذيعة في وضع ترامب ضمن هذا الإطار طوال فترة المقابلة. فسألته: "هل سيتفاجأ الناس من طريقة تصرفك كرئيس؟"، في محاولة للإشارة إلى أن ترامب الذي عرفه الناخبون الأميركيون خلال الحملة الانتخابية كان مجرّد ممثل، وهو ليس الشخص نفسه الذي سيتولى رئاسة البلاد، فسألته حول ما إذا كان "سيعتمد الخطاب السياسي نفسه أو سيحاول كبح جماحه".
وفي السياق نفسه، تركز الجزء الأكبر من الأسئلة حول إذا ما كان ترامب "سيتغير بأي شكل من الأشكال"، بعد تولي الرئاسة.
سمحت هذه المقاربة للأمور خلال المقابلة الأولى للرئيس المنتخب، أي بسؤاله إذا كان يعني حقاً ما قاله عوضاً عن التأكيد على مسؤوليته التامة عن حملته الانتخابية، بإعادة تقديم نفسه كسياسي متزن، وإبعاد نفسه عن المواقف المثيرة للجدل التي صدرت عنه مثل تهديده لمنافسته المرشحة الديمقراطية الخاسرة، هيلاري كلينتون، بوضعها في السجن بعد فوزه، وامتناعه عن الإجابة على سؤال حول كيفية تنفيذ اقتراحات مثل بناء جدار على الحدود الأميركية – المكسيكية، أو استبدال نظام الرعاية الصحي الخاص بأوباما.
كما ركزت ستال على الجوانب الشخصية للمواضيع، فسألت ترامب عن ردة فعله حيال انتخابه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وسألته عما إذا كان متفاجئا من النتيجة، أو إذا كان "خائفاً" أو "يشعر بالرهبة" من أعباء الرئاسة. سألته أيضاً عن "غرابة" لقائه مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، "بعد كل ما قالاه تجاه بعضهما البعض منذ بدء الحملة الانتخابية"، فقالت: "لقد كنت تبدو موزوناً وهادئاً أثناء لقائك مع أوباما"، ليجيبها ترامب: "أنا رجل موزون، لكن الإعلام يحاول تصويري عكس ما أنا عليه".
وجاءت هذه الأسئلة حول مشاعر ترامب الشخصية على حساب أسئلة أكثر جدية عن مخططاته للرئاسة، خصوصاً بعد اقتراحاته المثيرة للجدل أثناء فترة ترشحه، مثل منع المسلمين من الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، أو تعهده بمحاسبة النساء اللواتي اتهمنه بالتحرش سابقاً، والموقف المعادي للسامية الذي تميزت به حملته، وعلاقته بروسيا، واتهامه بالاحتيال في قضية "جامعة ترامب"، وغيرها.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل عبّرت ستال عن نظرتها هي شخصياً للأمور، فقالت إنها تعتقد أن ترامب أصبح "أكثر اتزاناً وجدية في الأيام القليلة بعد الانتخابات الرئاسية".
وأضافت: "أعتقد أنه أراد الناس أن تعرف أنه فهم ضرورة تعديل أسلوبه والانتباه للمسؤوليات المترتبة عليه الآن"، في محاولة متكررة للافتراض أن ترامب الذي قاد حملة انتخابية انقسامية وغير منضبطة، يختلف عن ترامب الرئيس.
Twitter Post
|
Twitter Post
|