تحفّز شرفات مجلس النواب الأردني عدسات كاميرات المصورين الصحافيين، وتجعلها في تأهبٍ مستمرّ لتوثيق الحراك الدائر تحت القبة بين النواب أنفسهم أو بينهم وبين الحكومة. وتمثّل الرسائل المتبادلة تحت القبة صيداً ثميناً للمصورين.
في أولى جلسات مناقشة النواب لبيان الثقة بحكومة رئيس الوزراء هاني الملقي، التي انطلقت مساء الأحد الماضي، حصل ما يتكرر دائماً: اقتنص مصور صحافي صوراً لرسالة وجهها نائب مجهول الهوية، إلى وزير الداخلية سلامة حماد، المشهور بملامحه القاسية و"كشرته" الدائمة، يحثه فيها على الضحك. وبشيء من الطرافة وخفة الظلّ، توحي أن بين المرسل والمستقبل علاقة ودٍ، كتب النائب للوزير "كشرتك بتقطع الرزق، اضحك كي لا تكون سبباً في حجب الثقة".
الرسالة التي وثقتها عدسة المصور الصحافي فارس خليفة، تحوّلت إلى مادة رئيسية للعديد من المواقع الإخبارية، ولاقت انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي لتُثير موجةً من الضحك، والضحك المبكي أحياناً، وهي تؤشّر إلى شكل العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية.
أعادت الصورة الجدل الدائر حول الحريات الصحافية في الأردن والتي توثّق تقارير دولية ومحلية أنها من سيئ إلى أسوأ. كما أنّها الحرية التي يدافع عنها المسؤولون ما دامت في خدمتهم وطوع أمرهم أو تحت هيمنتهم.
اليوم التالي (الاثنين الماضي)، وفي سلوك انتقامي، ضيّق مجلس النواب على المصورين الصحافيين بالحدّ من حركتهم تحت القبة وعلى شرفاتها. انتشر الأمن على الشرفات لمنع أيّ مصور من الاقتراب من محيط القبة، مشدداً بالأكثر على الجناح المطل على المقاعد المخصصة للحكومة.
انتفض المصوّرون وانسحبوا احتجاجاً على التضييق السالب للحرية الصحافيّة، في مشهد تكرّر أكثر من مرة في تاريخ المجالس النيابية المتتالية، والتي وصل الأمر في بعضها للاعتداء الجسدي على المصورين، وتقليم أقلام المراسلين الصحافيين.
انتفاضة الجسم الصحافي، نبّهت رئاسة مجلس النواب للخطأ/ الخطيئة التي اقترفت، ليس بحق المصورين فحسب بل بحق الحريات الصحافية، لتُعيد الأمور إلى سابق عهدها، من دون أن تتنازل عمّا تعتبره خصوصيّة النواب، رافضةً تصوير المراسلات المتبادلة بين النواب أو بينهم وبين أعضاء الحكومة.
ادّعاء الخصوصية من شخصيات عامة (النواب والوزراء) في مكان عام (قبة البرلمان) تجري فيه مناقشة قضايا عامّة، كان محلّ رفض المصورين والصحافيين، متمسّكين بحقهم بالرقابة على أداء السلطات.
لم تنتهِ الأزمة، التي اصطلح على تسميتها بـ"أزمة الصورة"، بالتراجع عن التضييق الذي حد من حركة المصورين. فرئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، طبّق المثل القائل "إجا يـكحِّلهـا عَمَاها"، عندما أهانَ المصورين وجرّدهم من صفتهم الصحافية، قائلاً "لم أتحدث ولم أخاطب الصحافيين، خاطبت المصورين". وهي المداخلة التي زادت من الغضب، ودفعت بنقابة الصحافيين لإصدار بيان رفضت فيه الإساءة للمصورين الصحافيين، مبيّنةً أنّهم جزء لا يتجزأ من الصحافيين، بل إن صحفاً ذهبت لتعلن مقاطعتها نشر صور النواب خلال جلسات الثقة رفضاً للإساءة التي تعرّض لها المصوّرون.
تاريخ المجالس النيابيّة يحفل بأزمات كان عنوانها "الصورة". ورغم ادعاء أعضاء المجلس النيابي الحالي أنّ كاميرات المصورين تترصّدهم، فإنّهم يواصلون التصرف من دون مسؤولية، بما يؤثر على مكانتهم، وينعكس على مكانة المجلس النيابي، ولا يجدون في كل مرة سوى أن يحمّلوا المصورين وِزرَ أخطائهم، فقط لأنهم كشفوا عيوبهم.
اقــرأ أيضاً
الرسالة التي وثقتها عدسة المصور الصحافي فارس خليفة، تحوّلت إلى مادة رئيسية للعديد من المواقع الإخبارية، ولاقت انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي لتُثير موجةً من الضحك، والضحك المبكي أحياناً، وهي تؤشّر إلى شكل العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية.
أعادت الصورة الجدل الدائر حول الحريات الصحافية في الأردن والتي توثّق تقارير دولية ومحلية أنها من سيئ إلى أسوأ. كما أنّها الحرية التي يدافع عنها المسؤولون ما دامت في خدمتهم وطوع أمرهم أو تحت هيمنتهم.
اليوم التالي (الاثنين الماضي)، وفي سلوك انتقامي، ضيّق مجلس النواب على المصورين الصحافيين بالحدّ من حركتهم تحت القبة وعلى شرفاتها. انتشر الأمن على الشرفات لمنع أيّ مصور من الاقتراب من محيط القبة، مشدداً بالأكثر على الجناح المطل على المقاعد المخصصة للحكومة.
انتفض المصوّرون وانسحبوا احتجاجاً على التضييق السالب للحرية الصحافيّة، في مشهد تكرّر أكثر من مرة في تاريخ المجالس النيابية المتتالية، والتي وصل الأمر في بعضها للاعتداء الجسدي على المصورين، وتقليم أقلام المراسلين الصحافيين.
انتفاضة الجسم الصحافي، نبّهت رئاسة مجلس النواب للخطأ/ الخطيئة التي اقترفت، ليس بحق المصورين فحسب بل بحق الحريات الصحافية، لتُعيد الأمور إلى سابق عهدها، من دون أن تتنازل عمّا تعتبره خصوصيّة النواب، رافضةً تصوير المراسلات المتبادلة بين النواب أو بينهم وبين أعضاء الحكومة.
ادّعاء الخصوصية من شخصيات عامة (النواب والوزراء) في مكان عام (قبة البرلمان) تجري فيه مناقشة قضايا عامّة، كان محلّ رفض المصورين والصحافيين، متمسّكين بحقهم بالرقابة على أداء السلطات.
لم تنتهِ الأزمة، التي اصطلح على تسميتها بـ"أزمة الصورة"، بالتراجع عن التضييق الذي حد من حركة المصورين. فرئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، طبّق المثل القائل "إجا يـكحِّلهـا عَمَاها"، عندما أهانَ المصورين وجرّدهم من صفتهم الصحافية، قائلاً "لم أتحدث ولم أخاطب الصحافيين، خاطبت المصورين". وهي المداخلة التي زادت من الغضب، ودفعت بنقابة الصحافيين لإصدار بيان رفضت فيه الإساءة للمصورين الصحافيين، مبيّنةً أنّهم جزء لا يتجزأ من الصحافيين، بل إن صحفاً ذهبت لتعلن مقاطعتها نشر صور النواب خلال جلسات الثقة رفضاً للإساءة التي تعرّض لها المصوّرون.
تاريخ المجالس النيابيّة يحفل بأزمات كان عنوانها "الصورة". ورغم ادعاء أعضاء المجلس النيابي الحالي أنّ كاميرات المصورين تترصّدهم، فإنّهم يواصلون التصرف من دون مسؤولية، بما يؤثر على مكانتهم، وينعكس على مكانة المجلس النيابي، ولا يجدون في كل مرة سوى أن يحمّلوا المصورين وِزرَ أخطائهم، فقط لأنهم كشفوا عيوبهم.