قد لا يحظى اسمها بشهرة الناشطين السياسيين والحقوقيين في مصر، لكن صورتها بفستان الزفاف على سلم نقابة الصحافيين المصرية، يعرفها كل مهتم بالشأن السياسي والصحافي في مصر. إنها أمنية مجدي، زوجة الصحافي عمر عبد المقصود، التي وبعد انتظار أكثر من ثلاث سنوات أعلنت خبر الإفراج عنه أمس الإثنين.
في 2 مارس/آذار 2016، وبينما كان صحافيون مصريون ينظمون وقفة على سلم نقابتهم، للمطالبة بالإفراج عن الصحافيين المعتقلين، فوجئ الجميع، بقدوم عروس من طرف الشارع المواجه للنقابة مباشرة... كانت أمنية. جاءت للمشاركة في الوقفة مرتدية فستان زفافها الذي حرمت منه بسبب القبض على زوجها قبل أيام من حفل الزفاف.
وقالت "حرموني من جوزي من حياتي.. خطفوه مني وهو لسه عريس"، ليرد الصحافيون من خلفها "لسه العدل في بلدي غياب.. ما تقولي إيه الأسباب"، و"الحرية سوف تعود.. يا عمر عبد المقصود"، و"الحرية للصحافة.. إحنا في دولة ولا في غابة"، و"قولي مين أخد القرار.. حبس الصحافي كله عار".
كانت قوات الأمن المصرية، قد ألقت القبض على المصور الصحافي بموقع "مصر العربية" المحجوب، عمر عبد المقصود، من منزله فجر 14 إبريل/نيسان 2014، ووجهت له اتهامات بحرق سيارات بمدينة ميت غمر، في القضية رقم 2989 لسنة 2014 جنايات قسم ميت غمر، والمقيدة برقم 2443 لسنة 2014 كلي جنوب المنصورة.
كان عبد المقصود يؤدي عمله في فبراير/شباط 2014، مباشرة قبل دقائق من القبض عليه للمرة الأولى، ليخرج من السجن في مارس/آذار من نفس العام، أي بعد حوالى شهر.
إلا أن الإفراج عن أي مواطن مصري، لا يعني أنه انتهى من كابوس الاعتقال والمطاردة، بل إن كل من يتم اعتقاله ولو لـ24 ساعة فقط، يتم تحرير ملف أمني له في جهاز الأمن الوطني المصري، علّهم يحتاجون دس اسمه في قضايا أخرى لم يُستدل على صاحبها.
هذا تحديدًا ما حدث مع عبد المقصود. فقد اقتحمت قوات الأمن المصرية، منزله مجددًا فجر 14 إبريل/نيسان 2014، أي بعد خروجه بشهر واحد، وكسرت محتويات البيت واستولت على عدد من أجهزة الكمبيوتر والهواتف، واعتقلته وشقيقه إبراهيم، الذي اعترض على الممارسات الأمنية واقتحام المنزل بهذا الشكل وتدمير محتوياته.
ثم في اليوم التالي مباشرة، أي في 15 إبريل/نيسان 2014، اقتحمت قوات الأمن المصرية البيت مجددًا، هذه المرة كانت للقبض على شقيقه الأصغر أنس.
وُضعت أسماء عمر وشقيقيه في قضية حرق سيارات بمدينة ميت غمر، فى القضية رقم 2989 لسنة 2014 جنايات قسم ميت غمر، والمقيدة برقم 2443 لسنة 2014 كلي جنوب المنصورة.
ثم وأثناء تواجدهم داخل السجون، ظهرت قضية "تظاهر" جديدة للأشقاء الثلاثة، ليجدوا أنفسهم معتقلين على ذمة قضتين، تم الحكم فيها بالسجن 25 عامًا، وبعدها تم تخفيف الحكم لثلاث سنوات فقط، في مرحلة الاستئناف.
كما أنه في يناير/كانون الثاني 2016، وبينما كان والدهم علي عبد المقصود (61 عامًا) يزورهم في السجن، اكتشفت قوات الحراسة أن معه هاتفاً محمولاً صغيراً، بينما يسلم ذوو المساجين جميع الأجهزة في الأمانات.
ورغم كونها تهمة بسيطة يجازى عليها بغرامة قدرها 70 جنيهًا فقط، دون حبس. إلا أنه تم حبسه 24 ساعة، لعدم تواجد وكيل النيابة يومها.
وفي اليوم التالي، مع قدوم وكيل النيابة للتحقيق معه، أمر بحسبه 15 يومًا بتهمة "الانتماء لجماعة محظورة، بناءً على تحريات جهاز الأمن القومي.
ومنذ الأمس، لم يتوقف حسابي أمنية وعمر على موقع التواصل الاجتماعي "فيسوك"، عن استقبال المباركات والتهنئات احتفالًا بخروجه.
فعبر حسابها الخاص، كانت أمنية تتابع تطورات قضية عمر، وترسل من خلاله التطمينات بعد كل زيارة، وتشرح باختصار أحواله وترسل سلاماته لأهله وأصدقائه.
وفي السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، صنعت أمنية لزوجها قالب حلوى من الورق بمناسبة يوم مولده، ليحتفلا به في أول زيارة له في سجن جمصة شديد الحراسة الذي يقبع به منذ إعادة محاكمته وشقيقيه.
هكذا ظل حسابها على "فيسبوك" طيلة أكثر من ثلاث سنوات. حتى كتبت بالأمس "عمر خرج". لتكون بذلك آخر جملة كُتبت على ذلك الحساب الذي كان بمثابة عداد زمني مقرون بصور وذكريات ودعوات.
Facebook Post |