وفي السياق، اعتبر نقيب الصحافيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر ما جرى يوم أمس، بأنه "جريمة بحق كل صحافي فلسطيني وبحق التجربة الديمقراطية"، وقال "لن نقبل إلا بمحاسبة صارمة، ومحاسبة كل من ارتكب جريمة بحق الصحافيين".
ولفت أبو بكر إلى اجتماع نقابة الصحافيين برئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، صباح اليوم، وما تبعها من تشكيل لجنة تحقيق محايدة بهذه الأحداث، وأنه ستصدر توصياتها خلال أسبوع، وأنه تم إبلاغ الصحافيين بوجود إجراءات انضباطية داخلية في داخل جهاز الشرطة على إثر تلك الأحداث.
وطالب نقيب الصحافيين الفلسطينيين بمقاطعة كل أخبار وفعاليات الشرطة الفلسطينية حتى انتهاء اللجنة من تحقيقاتها، كما طالب الصحافيين بأن من لديه فيديوهات وصور تثبت ما جرى يوم أمس، أن يزود النقابة بها لإيصالها إلى لجنة التحقيق.
وأضاف: "الآن النقابة تطالب بلجنة تحقيق لكنها لن تتخلى عن المتابعة مع القضاء، حيث رفعت النقابة قضية أمام القضاء ضد من اعتدى على الصحافيين".
من جانبه، قال عضو الأمانة العامة لنقابة الصحافيين عمر نزال لـ"العربي الجديد"، "اليوم قاطعنا أخبار الحكومة الفلسطينية لهذا اليوم فقط، وفي حال لم تكن توصيات لجنة التحقيق مرضية ومقنعة، فإن كافة الخيارات مفتوحة وربما يكون لدينا خطوات أبعد من مقاطعة الأخبار".
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطيني شعوان جبارين، لـ"العربي الجديد" على هامش مؤتمر عقد في مقر نقابة الصحافيين الفلسطينيين بمدينة رام الله اليوم، إن "هذا القرار في حال اللجوء إليه، يعني أننا لن نراسل ونجتمع ونلتقي بمؤسسات السلطة وأن رسائلنا حول وجود تعذيب لن تكون داخلية بل ستكون للعامة نخاطب بها الشعب الفلسطيني، لأننا لم نعد نثق وأصبحنا نحس أن هناك سياسة ممنهجة في هذا المجال".
وشدد جبارين أن استمرار هذه الانتهاكات دون أخذ مواقف عملية ومواجهة هذه السياسات وتغييرها يمكن اعتباره غطاء لهذه الأحداث، وإن لم تتغير هذه السياسات بشكل جدي وعدم احترام القانون وسيادته فإننا سنلجأ لهذا الخيار بمقاطعة التواصل والتعاون القانوني مع السلطة الفلسطينية.
وخلال المؤتمر، قال جبارين: "كنا نتوقع ما جرى، هناك حالات تعذيب وخاصة في سجن أريحا وتهديد المحتجزين بأن لا يتكلموا للمؤسسات الحقوقية أو الصحافية بما يجري معهم"، لافتاً إلى جملة من المخالفات القانونية التي تجري في عمليات الاعتقال والتحقيق مع المحتجزين، متسائلاً كذلك عن "العقيدة الأمنية التي تتبناها الأجهزة الأمنية الفلسطينية"، بحسب تعبيره.
ولفت إلى أنه لم يطلب لغاية الآن من المؤسسات الدولية بالوقوف على دورها بما يجري ضمن التزامات فلسطين في مجال حقوق الإنسان.
من جانبه، تطرق ممثل شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية عصام عاروري، في كلمة له، خلال المؤتمر، إلى مقارنة ما بين الاعتداء على المتظاهرين أمام مجمع المحاكم في رام الله، وحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي لمستوطنين يحتفلون بالخليل ويمثلون ما قام به الجندي الإسرائيلي قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف، وقال إن "كانت السلطة جادة فيجب أن تحاسب من لهم علاقة بهذه الأحداث".
وشدد عاروري على أن الجريمة الأخرى التي تمت هي بما قاله الناطقون الرسميون حول وجود أجندات خارجية لمن تظاهروا، وأنه يجب أن يعرف أولئك أن من تظاهروا هم رفاق الشهيد باسل الأعرج ورفاق الأسرى في سجون الاحتلال رفاق باسل والذين تتم محاكمتهم أمام محكمة فلسطينية في آن واحد.
بدوره، طالب رئيس لجنة الحريات خليل عساف في كلمته، بضرورة "معاقبة المتواجدين من الأمن في تلك الأحداث وتوقيفهم ومحاكمتهم على تلك الجريمة التي لا يمكن السكوت عليها".
وخلال المؤتمر وزع مجلس منظمات حقوق الإنسان بياناً حمل فيه "السلطة التنفيذية مسؤولية التدهور الخطير في حالة الحقوق والحريات العامة"، مطالباً الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء وزير الداخلية رامي الحمد الله بإصدار تعليمات علنية واضحة بوقف تغول الأجهزة الأمنية على الحياة المدنية، واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والالتزام بمدونات سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، والعمل الجاد لضمان محاسبة مرتكبي تلك الانتهاكات وإنصاف الضحايا.
وطالب المجلس بفتح تحقيق جزائي فوري وفعّال بالانتهاكات التي اقترفت خلال اعتداء الأجهزة الأمنية على المسيرة السلمية التي جرت أمام مجمع المحاكم، وإحالة كل من يثبت تورطه فيها للقضاء وإنصاف الضحايا، مشدداً على أن عدم إرسال إشعار بتلك الفعالية (غايته تنظيمية بحتة) وفقاً لقانون الاجتماعات العامة، لا يُحيل التجمع السلمي إلى تجمهر غير مشروع بمفهومه الوارد في قانون العقوبات، ولا يبرر إطلاقاً استخدام القوة المفرطة في التعامل معهم، خلافاً للمعايير الدولية والأصول القانونية وقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون.
وحذر مجلس حقوق الإنسان من تبعات استمرار غياب المساءلة والمحاسبة والإنصاف في مواجهة حالة التدهور الخطيرة والانتهاكات المستمرة للحقوق والحريات العامة، بما يؤدي إلى خلق حالة من الاحتقان المجتمعي واليأس وفقدان الأمل تنذر بتهديد جدي للأمن والسلم الأهلي، وقد تؤدي في ظل استمرارها وغياب المحاسبة إلى عواقب وخيمة ونتائج كارثية في المشهد العام برمته، وإلى خلط الأوراق من قبل سلطات الاحتلال للمزيد من تأزيم الوضع الداخلي، على حساب تركيز الجهد الوطني في مواجهة جرائم الاحتلال من منطلق الحق الكامل للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والدفاع عن حقوقه غير القابلة للتصرف بكافة الأشكال المكفولة في القانون الدولي.