وبيّن حمدون، خلال ورشة عمل نظمتها، أمس الخميس، وزارة الصحة التونسية تحت شعار "الأخلاقيات الطبية وأخلاقيات المهنة الصحفية"، أنّه يجب التركيز على المعلومة البناءة في التعاطي مع حالات الانتحار، خاصة أنه لوحظ بعد بث برنامج تلفزيوني على قناة خاصة نقل تفاصيل وطريقة انتحار طفل، تكرُّر حوادث الانتحار، معتبراً أنه يجب التركيز على الأسباب وعلامات الكآبة عند الاطفال وليس على الوسيلة التي مات بها هؤلاء.
وتعمل وزارة الصحة التونسية على وضع استراتيجية جديدة للتواصل والاقتراب أكثر من المواطنين والإعلاميين، خصوصاً في ظلّ حالة الانفلات والاعتداءات المتكررة على الأطباء
وعلى المستشفيات العمومية، وتأتي ندوة وزارة الصحة بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأخلاقيات الطبية والنقابة الوطنية للصحافيين التونسية ومنظمة الصحة العالمية.
وقالت المديرة العامة للصحة، الدكتورة نبيهة بورصلي فلفول، إنّ هذا الملتقى يهدف إلى تنظيم العلاقة بين القطاع الطبي والإعلاميين، مبينةً أنّ وزارة الصحة تسعى إلى كسب ثقة المواطنين، وإيصال المعطيات إلى الإعلاميين في كل ما يهم الصحة والمواطنين.
وأوضحت فلفول لـ"العربي الجديد" أنّ الإستراتيجية التي تسعى الوزارة إلى ضبطها يجب أن تكون وفق حد معين من الأخلاقيات الطبية والإعلامية، معتبرةً أنه يوجد نقص كبير في طريقة التواصل بين الأطباء والإعلاميين إذ إنه عادة ما يتواصل الطبيب مع المريض ولكن نادرًا ما يتواصل مع المواطنين خاصة في فترة الأزمات.
وأشارت إلى أن طريقة إيصال المعلومة إلى المواطنين يجب أن تكون دقيقة وتحتكم إلى الاخلاقيات، خاصة إذا تعلق الأمر بانتحار الأطفال رغم أنه لا يوجد قانون يمنع ذلك، معتبرةً أن المعلومات الصحية التي تنشر للعموم لا يجب أن تكون هدامة أو كأنها عمل بطولي لأن عديد الحوادث قد تعقب نشر هذا الخبر.
وأضافت فلفول انّ حالة الانفلات التي عرفتها تونس بعد الثورة والاعتداءات المتكررة على الأطباء أفقدت قطاع الصحة مصداقيته وقادت إلى انعدام الثقة، مضيفةً أنه عندما يعتدي التونسي ويهشم معدات مستشفى ما فإنه يعتدي على مرفق سيحتاجه يوما ما وستحتاجه عائلته.
وأشارت إلى أنه لا يوجد إطار طبي فوق النقد وفوق المحاسبة ولكن لا يجب تهويل بعض الحوادث وتمرير معطيات خاطئة كما حصل في حادثة موت الرضيع في سوسة، والذي أشيع على شبكات التواصل الاجتماعي أنه تحرك وبكا بعد مرور 24 ساعة من إعلان وفاته، مبينة أن الحالات المماثلة وخاصة في عمر 6 أشهر لا يمكن أن تعيش.
وقالت الدكتورة من وحدة الطب الاستعجالي بوزارة الصحة، هندة الشابي، لـ"العربي الجديد" إنّ التواصل عند الأزمات مهم جداً، مبينةً انّ الوزارة كانت تركز على الجوانب النظرية ولم تكن تهتم بالجانب التطبيقي ولكن أثر تتالي الأزمات الكبرى فقد أصبح التركيز على المعلومة أمرا ضروريا.
وأضافت أنّ الحوادث التي حصلت في تونس، والأزمات الحاصلة ساعدت الأطباء على التعامل مع الأزمات، كما أن هناك استراتيجية للتواصل خاصة في الطب الاستعجالي.
وأشارت إلى أنّ حادثة سجن الطبيب في قابس دفعتهم كأطباء إلى تشكيل لجنة للتعامل مع أي أزمة مماثلة خاصة وأن هناك أزمات داخلية تهم قطاع الصحة، واخرى خارجية قد تؤثر على العمل في المؤسسات الصحية، مبينةً أنه يجب تقييم الصعوبات والبناء عليها للتقدم بالمجال الصحي في تونس.
وقالت الدكتورة أحلام بلحاج رئيس قسم الطب النفسي للأطفال بمستشفى المنجي سليم بالمرسى إنّ هناك حدا أدنى من الأخلاقيات الطبية التي يجب أن تكون متوفرة في التعاطي مع بعض
الحوادث في تونس وخاصة حوادث الانتحار.
وبينت أنّ ما بين 2 و3 بالمائة من الشباب في تونس يفكرون في الانتحار وبالتالي فإن التعاطي معهم يجب أن يكون دقيقاً وخاضعاً للاخلاقيات المهنية، معتبرة ان الحديث عن نجاح حادثة انتحار لا يمكن ان يستقيم عند نشر خبر حادثة مؤلم.
واعتبرت الدكتورة أن أكبر إشكال في تونس هو الكشف عن هوية الشخص المنتحر ومنطقته وعائلته وبالتالي فإنه من الضروري احترام الهوية وعدم الكشف عن المعطيات الشخصية، معتبرة أنّ ما يؤلم هو أن عديد الأولياء ممن انتحر أطفالهم يتحدثون عن الحادثة في وسائل الإعلام ولا يعون أنهم يؤثرون بذلك على بقية أفراد الأسرة، في حين أنه وفق المنظمة العالمية للصحة، لا يجب التطرق إلى الوسيلة التي استعملت عند الانتحار لأنها قد تشجع أشخاصًا آخرين على تطبيقها.