أعلن ممثلو المجتمع المدني في لجنة "تعديل القرار بقانون الجرائم الالكترونية"، عن إنهاء أعمالها، بعد أن خلصوا إلى أن القانون المذكور لا يشكل أساساً صالحاً لتشريع يعالج الجرائم الإلكترونية التي تمس أمن وسلامة المجتمع ومصلحة أفراده ومؤسساته.
وأكدوا أن الغاية من القانون وسرعة إنفاذه تهدف إلى شرعنة المسّ بحرية الرأي والتعبير والعمل الصحافي والحق في الوصول إلى المعلومات واستباحة الخصوصيات الشخصية، "وهو ما يتعارض بشكل جوهري مع جملة التشريعات السارية، وفي مقدمتها القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، ومع التزامات دولة فلسطين بموجب الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها بدون تحفّظ، وهو ما يعرض منظومة الحقوق والحريات والسلم الأهلي للخطر".
وكانت اللجنة تشكلت من مؤسسات أهلية ورسمية إثر اجتماع كانت نظمته دائرة الإعلام والثقافة في منظمة التحرير والمركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) عقب صدور القرار المذكور.
وجاء إعلان إنهاء أعمال اللجنة في أعقاب تسليم الدكتورة حنان عشراوي، رئيسة دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية، مذكرة ختامية بهذا الخصوص، للرئيس محمود عباس، وبعرض فحواها على اجتماع هيئة الكتل والقوائم البرلمانية الذي عُقد أمس الأربعاء.
وتضمنت المذكرة ست ملاحظات عامة توضح تعارض القرار بقانون مع التشريعات السارية والاتفاقيات الدولية، وعشرين ملاحظة تفصيلية طاولت غالبية بنود القانون توضح مكامن انتهاكه لحقوق الإنسان وتعارضه مع الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير وانتهاك الخصوصيات، ومغالاته في التشدد في العقوبات، ومنح صلاحيات قضائية واسعة لجهات تنفيذية.
وكان ممثلو المجتمع المدني الأعضاء في لجنة تعديل القانون قد التقوا مؤخرا مع عشراوي في مقر منظمة التحرير لتوضيح موقفهم وما خلصوا إليه، حيث استعرضوا عمل اللجنة التي ضمت منذ تشكيلها، منتصف تموز الماضي، ممثلين عن خمس جهات رسمية، مشيرين إلى تجميد عملهم في اللجنة، احتجاجاً على اعتقال سبعة صحافيين، ومن ثم معاودة العمل بعد تلقيهم تعهداً جديداً بعدم استخدام مواد القرار بقانون في القضايا التي تتعلق بحرية الرأي والتعبير.
وعلى ضوء نتائج عمل اللجنة القانونية المصغرة التي شكلتها مؤسسات المجتمع المدني، والتي قامت بالتمحيص في صياغات القانون وبنوده، وتكرار نقض التعهد من السلطة التنفيذية، عبر اعتقال الناشط عيسى عمرو، وتوجيه اتهام له مسنود للمادة 20 من القرار بقانون، فقد حسم الموقف باتجاه إنهاء أعمال لجنة التعديل، وتقديم هذه المذكرة التي خلصت إلى أنه "بالاستناد إلى الملاحظات المذكورة أعلاه، والتي طاولت جل نصوص القرار بقانون، وتعزيزاً وحماية لحقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية، وتنفيذاً لالتزامات دولة فلسطين الدولية، فإننا نرى أن القرار بقانون رقم (16) لسنة 2017 بشأن الجرائم الإلكترونية، لا يشكل أساساً لتشريع ناظم لمكافحة الجرائم الإلكترونية، مع التأكيد أن أي تشريع آخر لمكافحة الجرائم الإلكترونية، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المذكورة أعلاه، المستندة إلى القانون الأساسي المعدل، وإعلان الاستقلال والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والمشاركة الاجتماعية في إعداده وصياغة أحكامه".
وطالبت هيئات المجتمع المدني بوقف العمل بقانون الجرائم الإلكترونية، وإلغاء ما ترتب على إنفاذه، ووقف سيل القرارات بقانون، وأكدوا ضرورة إشراك المؤسسات والمكونات المجتمعية ذات العلاقة قبل إصدار أي تشريع جديد، وبما ينسجم مع القانون الأساسي الفلسطيني المعدل، والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين من دون تحفظات.