تشريعات "التواصل الاجتماعي" بمصر: أمن معلوماتي أم تقييد للحريات؟

17 يناير 2018
الحركة على شبكة الإنترنت العامة تتضاعف كل عام(getty)
+ الخط -
أصدر مركز "هدرو" لدعم التعبير الرقمي – منظمة مجتمع مدني مصرية – دراسة جديدة ناقش فيها التنظيم القانوني للجرائم الإلكترونية في مصر، وما إذا كانت تندرج تحت بند أمن المعلومات أو تقييد الحريات.

وأشارت الدراسة إلى أنه في أواخر 1990، بينت الإحصاءات الرسمية أن الحركة على شبكة الإنترنت العامة تتضاعف كل عام، ويعود ذلك للنموّ المتزايد لعدد مستخدمي الشبكة، ولعدم وجود إدارة مركزية تتحكّم باستخدامها، الأمر الذي يسمح بالتوسّع الطبيعي لاستخدامها من دون قيود، وقدّر عدد مستخدمي الإنترنت بحوالي المليارين عام 2011.

ولفتت إلى ازدياد التوجّه لاستخدام شبكات المعلومات الإلكترونيّة في الفترة الأخيرة، مُوفِّرةً السّرعة والمسافات والجهد، وكل هذا قاد إلى الكثير من المشاكل وقدّم ظواهر جديدة من الجرائم لم تكن مُتداولةً سابقاً، سُميّت بالجرائم الإلكترونية، وأصبحت هذه الشبكات تحوي معلومات غير محصورة في مجال محدد، بل تتعلق بكافة ميادين الحياة الاجتماعية، الاقتصادية، العلمية وغيرها.

كما بينت الدراسة أن الجرائم المعلوماتية تنوعت ما بين تزوير وسرقة معلومات وأموال واختراق للنظم وجرائم ماسّة بالأخلاق والآداب العامة، وذلك عن طريق الدخول غير المشروع إلى جهاز حاسب آلي أو نظام معلوماتي أو شبكة معلوماتية، بغرض تغيير أو إعادة نشر بيانات أو معلومات سرية أو شخصية، وإتلاف مستندات أو موقع أو نظام إلكتروني".

ولما رآه المركز من تنوع في الجرائم الإلكترونية وتطورها، استعرض في دراسته مفهوم الجريمة الإلكترونية وأنواعها وسبب انتشارها مع عرض لمشروع القانون المصري المقدم للمناقشة في مجلس النواب مع استعراض لقانوني الجزائر والأردن. كما استعرض الأطر التنظيمية في الاتحاد الأوروبي وقرارات الأمم المتحدة بجانب اتفاقيات دولية مثل اتفاقية بودابست.

ويأتي مشروع قانون الجرائم الإلكترونية المقدم في البرلمان المصري من النائب تامر الشهاوي خاصة في المواد 14 و15، خطرًا على الحريات الرقمية، في ما يتعلق بقضية حجْب المواقع الإلكترونية كاملة، أو حذف محتواها الرقمي، وذلك لأنه سيصبح هناك سند قانوني للحجب خارج إطار قانون مكافحة الإرهاب (مواد 29 و49)، وقانون تنظيم الاتصالات (مادة 67)، ما سيتيح مساحة أكبر للأجهزة الأمنية للسيطرة على المجال الرقمي بشكل مقنن، وهنا تأتي إشكالية الأمن المعلوماتي مقابل تقييد حرية الفكر والتعبير عبر الوسائط الرقمية والحقوق الرقمية عامة. في حالة تمرير مثل هذه النصوص سيكون الأصل في المجال الرقمي هو الحجب لا الإتاحة.

وناقشت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، الإثنين الماضي، برئاسة اللواء كمال عامر، مواجهة الجريمة الإلكترونية بحضور اللواء ناصر رضا، ممثل إدارة الشؤون القانونية بوزارة الداخلية.


وقال رئيس اللجنة في تصريحات للمحررين البرلمانين "اتضح للجنة أن الحكومة وافقت على مشروع قانون خاص بالجرائم الإلكترونية يفندها ويغطي جميع أركانها". وقد أوصت اللجنة بأنه بمجرد وصول القانون إلى مجلس النواب ستتم مناقشته تفصيلياً بالتنسيق مع لجنة الاتصالات وإبداء رأيها بشأن مواده.

وبالفعل، أعلن عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب أحمد رفعت، في تصريحات صحافية منذ أيام، أن الحكومة وعدت بتقديم مشروع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية منذ شهر، وذكرت أنه سيكون جاهزاً خلال 3 أشهر مع قوانين أخرى.

وأكدت الدراسة أن القانون يجب أن يراعي التوازن بين البُعد الأمني المعلوماتي وحق حرية التعبير عبر الوسائط الرقمية، خصوصاً في إتاحة الوصول للمحتوى الرقمي والمنابر الرقمية التي تحوي ذلك المحتوى. ويجب أن تكون هناك معايير منضبطة لمفاهيم الأمن القومي والإضرار بالمجتمع، وأن هناك تجارب عدة للاستشهاد بها (وإلا سيتحول المجال الرقمي كله في مصر إلى مجال محجوب يستثنى منه القليل وليس العكس).

واستعرضت الدراسة أخطر 10 عقوبات لجرائم الإنترنت، وفقاً لما جاء في مشروع قانون جرائم الإنترنت الجديد، والتي تتضمن الحبس الذي يتراوح ما بين ستة أشهر وخمسة أعوام، والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف ولا تزيد عن 500 ألف جنيه مصري.

وسبق أن تقدم النائب تادرس قلدس، بمشروع قانون "مكافحة الإرهاب الإلكتروني"، من أجل تقنين محتوى ما يتم نشره من أفكار متطرفة ودعوات إرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي. كما تقدم النائب رياض عبد الستار، عضو مجلس النواب عن محافظة المنيا، بمشروع قانون لمجلس النواب. ويهدف مشروع القانون لوضع ضوابط استعمال واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي.


وتقدم أيضًا النائب محمد الكومي، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، بمشروع قانون لإنشاء "فيسبوك" مصري يتم الدخول فيه ببطاقات الرقم القومي، والتي تهدف للحدّ من إنشاء حسابات وهمية تضلل الرأي العام وتنشر الفوضى وتضر بالأمن القومي المصري.

كما سبق أن تقدم النائب تامر الشهاوي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، بمشروع قانون لمكافحة الجريمة الإلكترونية، ووافقت عليه لجنة الاتصالات بمجلس النواب. وأيضًا تقدم النائب أحمد رفعت، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بمشروع قانون لمكافحة الجريمة. كما أن الحكومة المصرية نفسها تعد منذ فترة مشروع قانون بشأن الجرائم الإلكترونية، ومن المقرر إرساله إلى مجلس النواب.