على عكس التوجه الرسمي، لا تلقى هذه الزيارة صدىً حسناً لدى الإعلام البريطاني والحقوقيين والناشطين هناك، إذ وجهوا سهام الانتقاد إلى الحكومة البريطانية، على خلفية ما وصفوه "فرش البساط الأحمر لولي العهد السعودي"، واتهموها بالتركيز على المحاور الاقتصادية بين البلدين على حساب القيم البريطانية وحقوق الإنسان والمأساة اليمنية.
صحيفة "ذا غارديان" نشرت مقالة، اليوم، للكاتبة إميلي ثورنبيري، عنوانها "بساط بريطانيا الأحمر لولي العهد السعودي وقح". وحملت ثورنبيري محمد بن سلمان مسؤولية ضحايا المأساة اليمنية، واصفة إياه بـ "مهندس التدخل السعودي في اليمن".
وسخرت من الترحيب المبالغ فيه من قبل الحكومة البريطانية "كأنه نيلسون مانديلا"، وعقبت "هذا الرجل مسؤول عن حصار الموانئ اليمنية التي يسيطر عليها متمردون، ويمنع توفير الغذاء الأساسي والدواء والوقود للمدنيين اليمنيين، كما يخرق القانون الدولي باستخدام التجويع كسلاح للحرب، وفق الأدلة المتاحة كلها".
وإلى جانب مسؤوليته عن مأساة اليمن، سلطت الكاتبة الضوء على "محاولة بن سلمان المشينة لتخريب الديمقراطية في لبنان، وتمويله الجماعات الجهادية في الحرب السورية الأهلية، كجزء من معركته ضد توسع إيران في الشرق الأوسط".
واعتبرت سلوك المملكة المتحدة إزاء المملكة العربية السعودية لا يتعلق إلا بـ "الربح القذر"، و"سعي الحكومة اليائس لسعد الثغرة في التجارة والنمو البريطاني بسبب رفض ماي البقاء في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)".
كما شددت على تعويم أسهم شركة "أرامكو"، وهي الصفقة الكبرى التي تتطلع إليها بريطانيا من هذه الزيارة، حيث ستحاول إقناع بن سلمان باختيار لندن كمقر لبيع أسهم الشركة التي تعد الكبرى من نوعها في العالم.
كما ستستغل بريطانيا هذه الفرصة لبيع المزيد من الأسلحة للسعودية، والتي تستخدمها في حربها في اليمن، وذلك رغم الاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في حرب السعودية "الوحشية القاتلة" في اليمن.
وختمت مقالتها مؤكدة أن "الملايين سيقولون: ليس باسمي"، رداً على ترحيب الحكومة البريطانية بولي العهد السعودي والاحتفاء به.
Twitter Post
|
وفي الصحيفة نفسها، كتب الصحافي السعودي المقيم حالياً في الولايات المتحدة، جمال خاشقجي، والكاتب روبرت لايسي مقالة مشتركة عنوانها "ولي العهد لا يصغي للسعوديين، لماذا قد يصغي لتيريزا ماي؟"، أمس الثلاثاء.
وأكد الاثنان أن اهتمام المملكة المتحدة الوحيد حالياً هو أموال المملكة العربية السعودية، في تبدل واضح للسياسات الخارجية بين البلدين. واعتبر الكاتبان أن بريطانيا تتحمل مسؤولية 13 ألف قتيل في اليمن، منذ عام 2015. ورأى الاثنان أن محاولات بن سلمان الإصلاحية المحلية تستحق الثناء، لكنه "لم يشجع أو يسمح بأي نقاش شعبي عام حول إصلاحاته في المملكة العربية السعودية. ويبدو أنه ينقل البلاد من التطرف الديني إلى التطرف الخاص به، أي على مبدأ (عليكم قبول أي إصلاح أقوم به)، من دون أي تشاور، فضلاً عن اعتقال وإخفاء المنتقدين".
Twitter Post
|
أما صحيفة "فايننشال تايمز" فنشرت مقالة، أمس، كتبها سفير المملكة العربية السعودية لدى المملكة المتحدة، محمد بن نواف، تحت عنوان "السعودية لا يمكنها تحقيق إصلاحاتها الطموحة وحدها". وسلط فيها الدبلوماسي السعودي الضوء على دور المملكة المتحدة في تحقيق الإصلاحات في بلده، وشدد على العلاقات الاقتصادية التاريخية بين البلدين.
لكنه انتقد صورة المملكة العربية السعودية "السلبية" في الإعلام البريطاني، مستعرضاً ما سماها "إنجازات محمد بن سلمان"، وآملاً أن يطلع المواطنون البريطانيون على المملكة بـ "عدسة جديدة استقدمتها رؤية 2030 التي قدمها محمد بن سلمان".
Twitter Post
|
"ميرور" اتخذت منحى أكثر انتقاداً، عبر مقالة كتبها مسؤول القسم السياسي في الصحيفة، جيسون بيتي، عنوانها "المملكة العربية السعودية نظام وحشي ودولة راعية للإرهاب، فلماذا نفرش البساط الأحمر لأميرها؟". وشكلت المأساة اليمنية صلب حديث بيتي مستعرضاً جرائم السعودية هناك، ومقللاً من قيمة إصلاحات ولي العهد الشاب، خاصة في موضوع قضايا النساء، ومؤكداً أن المملكة "لا تزال دولة قمعية، حيث لا توجد وسائل إعلام حرة ويُسجن المعارضون السياسيون وأُعدم أكثر من 400 شخص في السنوات الثلاث الماضية".
Twitter Post
|