أصدر عدد من النقابيين السابقين في مجلس نقابة الصحفيين المصرية بيانًا مشتركًا، أعلنوا فيه رفضهم مشروعات قوانين تنظيم الصحافة والإعلام المعروضة على مجلس النواب، والتي تشكل من وجهة نظرهم "اعتداءً على الدستور وردَّة واضحة عن الحريات الصحافية، وتفتح باب الهيمنة على العمل الصحفي".
وأهاب الموقعون على البيان بمجلس نقابتهم، فتح حوار واسع تحت مظلة النقابة، بيت الصحافيين جميعاً، حول سبل التصدي لما حوته مشروعات القوانين الثلاثة من مواد تشكل عدواناً على الدستور وافتئاتاً على حقوق الصحافيين والكتاب والقراء والمشاهدين جميعاً، والعمل على تعديلها.
كما دعا الموقعون الصحافيين كافة لتجاوز كل الخلافات، والتوحد معاً تحت راية الدفاع عن حرية الصحافة والدفاع عن حقوقهم وحق المجتمع في المعرفة، والعمل لإسقاط المواد الخطيرة في تلك القوانين.
ولفت الموقعون على البيان إلى أن مشروعات القوانين، بنصوصها الحالية، تصادر ما تبقى من مساحات للتعبير عن الرأي، وتخل بتعهدات مصر الدولية، عبر مواد تجافى روح الدستور ونصوصه المتعلقة بحرية الصحافة، ومن خلال تعبيرات مطاطة تتسع لتجريم كل صاحب رأي، وتهدر ضمانات أساسية للعمل الصحافي بإعادة الحبس الاحتياطي في جرائم النشر، الذي تم إلغاؤه منذ عقود، ونصت على عدم مشروعيته مواد قانون الإجراءات الجنائية وقانون نقابة الصحافيين الحالي والقانون (96 لسنة 1996) بشأن تنظيم الصحافة، وذلك كله من أجل حماية حرية الممارسة الصحافية، وضمانة لحرية التعبير من سيف الترهيب والتهديد.
ورأى الموقعون أن نصوص المشروع تفتح الباب أمام النيل من الصحافة القومية، بإعطاء حق إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحافية طبقاً لنص المادة (5) من المشروع، وهو ما يمكن أن يمهد لسيطرة الإعلام الخاص على المجال الصحافي والإعلامي، ويخل بالتوازن الذي يمكن أن يحققه بقاء الصحافة القومية. ويدعم هذا الاتجاه أن المشروع جاء ليكرس هيمنة الهيئة الوطنية للصحافة على الجمعيات العمومية ومجالس الإدارة لتلك المؤسسات، عبر تقليص أعداد ممثلي الصحافيين والعاملين المنتخبين وزيادة أعداد المعينين من خارج المؤسسات. فضلاً عن تجاوزه لعدد من المكتسبات التي حققها الصحافيون بنضالهم وطالبت بها الجمعيات العمومية لنقابتهم، ومنها حق المد الوجوبي للصحافيين إلى سن (65) عاماً.
وشدد النقابيون الموقعون على البيان، أن المواد (5 و10 و19 و29) من مشروع قانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تعد بمثابة مصادرة للعمل الصحافي، فضلاً عن مخالفتها لنصوص الدستور، إذ سيطرت فلسفة الهيمنة والمصادرة على مواد القانون، عبر التوسع في استخدام العبارات المطاطة مثل: مقتضيات الأمن القومي، والدفاع عن البلاد، ومعاداة مبادئ الديمقراطية، والتعصب الجهوي، أو التحريض على مخالفة القانون، طبقاً لنصوص المشروع، وهو ما يفتح الباب أمام إمكانية استخدام تلك العبارات الغامضة للنيل من حرية الصحافة، وعودة المصادرة من جديد.
وقالوا "كما تسمح مواد القانون المذكور بتقنين سياسات الحجب بقرارات إدارية ولأسباب واهية، وتفتح الباب على اتساعه لهيمنة الرأي الواحد وإقصاء المخالفين في الرأي، من خلال فرض سطوة المجلس الأعلى للإعلام على كل ما ينشر على الانترنت بشكل عام، بما فيها الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنحه الحق في وقفها وحجبها، واتخاذ إجراءات بشأنها، وهو ما يشكل عدواناً مباشراً على حق المواطنين في التعبير عن آرائهم".
وحذر الموقعون على البيان، من أن ما حوته مواد مشروعات القوانين الثلاثة من مواد تنال من حرية الرأي والتعبير، لن يدفع ثمنه الصحافيون وحدهم بل المجتمع بأسره، فالصحافة الحرة هي ضمانة أساسية للمجتمع الحر المتماسك، باعتبارها ناقوس خطر ينبه إلى مواطن الخلل ويفتح الباب لعلاجها، قبل أن تتفاقم وتنال من سلامة وأمن المجتمع وتماسك بنيان الدولة.
وفي هذا السياق، أكد الموقعون "أننا أمام معركة طويلة النفس، لن ينهيها تسرع مجلس النواب بإقرار القوانين دون حوار جاد وحقيقي حولها، ويذكرون بأن انتصار الصحافيين في معركتهم ضد قانون اغتيال الصحافة وحماية الفساد، والمعروف بالقانون (93 لسنة 1995)، ليس بعيداً.. ولا يزال في الأذهان، بل وحلت ذكراه منذ أيام في العاشر من يونيو/حزيران".
كما دعا الموقعون زملاءهم من أعضاء مجلس النقابة الحالي، والنقابيين أعضاء المجالس السابقة، إلى الانفتاح على روح هذا البيان والانضمام إلى الموقعين عليه في حوار جاد ومسؤول، تحت مظلة النقابة ومجلسها الحالي ورقابة جمعيتها العمومية، للتوافق حول آلية تحرك موحدة في مواجهة الخطر الحقيقي الذي تمثله بعض مواد تلك القوانين.
كما دعا الموقعون مؤسسات المجتمع كافة، للتضامن في مواجهة ما تكرسه نصوص القوانين الثلاثة من عصف بحرية الرأي والتعبير، والدفاع عن حق الشعب في صحافة حرة قادرة على الدفاع عن الحقوق والتصدي للفاسدين، من أجل بناء الدولة الديمقراطية التي نتمناها جميعاً.
وقالوا "وليكن شعارنا: صحافة حرة من أجل المجتمع، وقوتنا في توحدنا تحت مظلة نقابتنا دفاعاً عن حقوقنا".
والموقعون هم يحيى قلاش، نقيب الصحافيين السابق. وحسين عبدالرازق، عضو مجلس النقابة (1980-1983). ومحمد عبدالقدوس، عضو مجلس النقابة (1985-1995)، ووكيل النقابة (1995-1999 )، وعضو المجلس من ( 2003 - 2013 ). ورجائي الميرغني، عضو مجلس النقابة (1995-1999)، ووكيل أول النقابة (1999-2003). وكارم محمود، عضو مجلس النقابة (1999-2003)، والسكرتير العام وعضو المجلس (2011-2017). وعبد العال الباقوري، وكيل النقابة (1999-2003). وحمدين صباحي، عضو مجلس النقابة (1999-2003). وجمال فهمي، عضو مجلس النقابة (2003-2011)، ووكيل أول النقابة (2011-2015). وأحمد السيد النجار، عضو مجلس النقابة (2003-2007). وإبراهيم منصور، عضو مجلس النقابة (2003-2007). وعلاء العطار، عضو مجلس النقابة (2011-2013). وأسامة داوود، عضو مجلس النقابة (2011-2017). وهشام يونس، عضو مجلس النقابة (2011-2015). وخالد البلشي، عضو مجلس النقابة (2013-2015)، ووكيل النقابة (2015-2017). وحنان فكري، عضو مجلس النقابة (2013-2017).