في ملف خاص نُشر في جريدة "الوطن" المصرية الخاصة، يوم الأحد الماضي، بعنوان "الكنانة تحتضن شباب أفريقيا"، جاء عنوان فرعي شارح ضمن عناوين الملف "كوادر (سمراء) تدرس في القاهرة: نتطلع إلى اكتساب مهارات القيادة لخدمة مجتمعاتنا".
وأتى الملف تزامناً مع "منتدى أفريقيا 2018" الذي انطلق في مدينة شرم الشيخ المصرية، أمس الجمعة 7 ديسمبر/كانون الأول، وحتى يوم غدٍ 9 ديسمبر، تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لكن يبدو أن القائمين على الجريدة، لم يجدوا حرجًا في استخدام تصنيف عنصري للشباب الأفارقة، ووصفهم بالكوادر "السمراء"، إذ إن القائمين على الإعلام بشكل عام، منشغلون بقضايا أخرى تنتهي بـ"الحجب".
"التمييز العنصري" في الصحافة المصرية دارج، وليس بوضع استثنائي، فنماذج الكتابات العنصرية بشأن قضايا النوبيين، وأهالي محافظات شمال سيناء، وحتى العنصرية على مستوى النوع والجنس وليس فقط اللون، أو الحيز الجغرافي.
ففي دراسة بعنوان "مشروع تعزيز التعددية ونبذ التمييز العنصري في الإعلام المصري"، صادرة عن مركز حدود للدعم والاستشارات والمرصد المصري لمناهضة التمييز العنصري (منظمة مجتمع مدني مصرية)، في يناير/كانون الثاني 2018 الفائت، أشارت إلى أنه طالما تعرضت الفئات المختلفة لممارسات لفظية وتمييزية وإيحاءات، أو وضعهم داخل قوالب نمطية تدعو إلى تفضيل عرق على آخر داخل وسائل الإعلام المختلفة، سواء المقروءة أو المرئية أو أعمال الدراما، وهو ما انسحب بأثر مباشر إلى الشارع المصري، فأصبح التمييز العنصري والصورة النمطية هما الثقافة السائدة ضد سود البشرة أو مختلفي اللغة من النوبيين أو غيرهم من اللاجئين الأفارقة.
الدراسة نفسها أشارت إلى أن العديد من وقائع الانتهاكات التي تتم داخل الشارع المصري تعود مرجعيتها إلى وسائل الإعلام ومحتويات الدراما التي قامت بترسيخ صور عديدة للنوبيين داخل أذهان الجمهور المتلقي. بل وقد يتطور الأمر للدعوة إلى الكراهية في بعض الأحيان، فهناك الكثير من شهادات ضحايا التمييز العنصري على وقائع تمت ضدهم داخل المجتمع بشكل يمثل جريمة الدعوة على الكراهية.
وعلى الرغم من تصديق مصر على الاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز العنصري، إلا أن التشريعات الوطنية لم تقم بتوفير البيئة التشريعية المناسبة للقضاء على هذه الممارسات، والتي تم وضعها في إطار عقابي داخل هذه الاتفاقية.
شملت عينة بحث الدراسة 20 قناة تلفزيونية، و15 عملاً درامياً وصحيفةً ورقيةً هي "الأخبار" و"الأهرام" و"الجمهورية" و"الوفد" و"المساء" و"الأهرام المسائي" و"اليوم السابع" و"المصري اليوم" و"الشروق" و"الصباح" و"الدستور" و"المصريون" و"الوطن" و"فيتو" و"التحرير"، وذلك لمدة خمس سنوات، تبدأ من ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 بالنسبة للقنوات التلفزيونية، وخلال عام 2017 بالنسبة للصحف الورقية، و10 سنوات بالنسبة للأعمال الدرامية.
وتضمنت منهجية البحث نشْر أفكار قائمة على التفوق العرقي، وأفكار تدعو إلى الكراهية، والاحتقار والسخرية ومبدأ إتاحة الفرص والتمييز العنصري.
اقــرأ أيضاً
وبالنسبة للبرامج التلفزيونية، فقد تناولت البرامج الحوارية والتلفزيونية كل ما يتعلق بالنوبة وقضاياها اليومية بشكل متباين، فما بين السماح بالعنصرية تجاههم إلى السماح بعرض قضاياهم من خلال منافذهم. إذ رصد التقرير 10 حلقات تم فيها السماح بهجوم عنصري على ضيف من أصول نوبية؛ من 27 حلقة تعرضت للنوبيين وقضاياهم، كانت إحداها عندما تهجّم عضو مجلس النواب مرتضى منصور، على لاعب نادي وادي دجلة والمنتمي لأصول نوبية، أحمد الميرغني، في حلقة من برنامج "العاشرة مساء" عبر قناة دريم 8، قدمها المذيع وائل الإبراشي، بالقول "يا خدام يا بواب يا عميل"، وأضاف "مين الولد الخدام دا"، على خلفية مناقشة واقعة تدوين اللاعب على صفحته عبر موقع "فيسبوك" مهاجمًا النظام.
وحسب الدراسة، فقد تصدرت قناة ON TV، خلال فترة الرصد، قائمة القنوات الأكثر إخلالًا في برامجها المعروضة؛ سواء بالتمييز المباشر أو غير المباشر، تجاه ضيوف البرامج، أو الدعوة إلى الكراهية العنصرية أو بالتهميش؛ بنسبة 28 بالمائة بواقع 10 حلقات، تمت إذاعتها من خلالها. تلتها قناة CBC بنسبة 70 بالمائة، ثم تلتها قناة الحياة بنسبة 14 بالمائة. كما توزعت باقي وقائع التمييز المرصودة بنسب أقل على القنوات الأخرى، كالمحور وصدى البلد والأولى المصرية والتحرير.
أما فيما يتعلق بالصحافة الورقية، فرصدت الدراسة، خلال عام 2017، ما تناولته الصحافة المصرية من أخبار وتقارير تتعلق بالنوبة، والمواطنين ذوي الأصول النوبية وقضاياهم المختلفة، إذ سجل التقرير 35 تغطية لأخبار تتعلق بهم.
ومثّل شهر مايو أكثر الشهور تناولًا لأخبار النوبيين في الصحافة المصرية بمختلف أنواعها، بواقع 13 خبرًا، تلاه شهر يونيو بـ9 أخبار، و5 أخبار في كل من شهري مارس ويوليو. وأوضح التقرير أن صحيفة "الوطن" قد احتلت المرتبة الأولى في تضمين أخبارها شكلا عنصريا ضد النوبيين؛ سواء بالتهميش أو الصورة المغلوطة أو الحض على الكراهية بنسبة 29 بالمائة.
وتفاوتت النسب في الصحف الأخرى؛ فقد جاءت صحيفة "البوابة نيوز" بنسبة 19 بالمائة، وتساوت صحيفتا "الأخبار" القومية و"المصري اليوم" بنسبة 12.9 بالمائة، وصحيفتا "الأهرام" القومية و"الوفد" بنسبة 6.45 بالمائة، وصحيفتا "الجمهورية" القومية و"اليوم السابع" بنسبة 3 بالمائة من مجمل المحتوى المرصود.
يأتي هذا التمييز العنصري رغم فوز مصر بعضوية اللجنة الحكومية الدولية لحماية وتعزيز جميع أشكال التنوع الثقافي، في يونيو/حزيران 2017، وهي اللجنة التي تشرف على ضمان تنفيذ بنود الاتفاقية الدولية لحماية التنوع الثقافي. كما يتعارض بشكل صارخ مع تصديق مصر، عام 2007، على الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي الخاصة بمنظمة اليونسكو، والتي تضمنت العديد من البنود الخاصة بتعزيز التنوع الثقافي المختلف على صعيد المستوى المحلي".
كانت عدة منظمات حقوقية مصرية قد أشارت، في 11 يوليو/تموز الماضي، إلى مخالفة مصر عدداً من بنود الاتفاقية فيما يتعلق بالتزاماتها إزاء النوبيين، على رأسها الالتزام بضرورة وضع تدابير ترمي إلى إتاحة الفرصة للثقافات المحلية في التنمية الثقافية وتنوعاتها المختلفة، وتدابير حماية أشكال التنوع الثقافي، لا سيما المهددة بالاندثار، والاعتراف بأهمية المعارف التقليدية بوصفها مصدرًا للثراء المادي وغير المادي، لا سيما نظم معارف الشعوب الأصلية والأقليات وإسهامها الإيجابي في التنمية المستدامة، وضرورة حمايتها وتعزيزها بطريقة ملائمة.
وأتى الملف تزامناً مع "منتدى أفريقيا 2018" الذي انطلق في مدينة شرم الشيخ المصرية، أمس الجمعة 7 ديسمبر/كانون الأول، وحتى يوم غدٍ 9 ديسمبر، تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لكن يبدو أن القائمين على الجريدة، لم يجدوا حرجًا في استخدام تصنيف عنصري للشباب الأفارقة، ووصفهم بالكوادر "السمراء"، إذ إن القائمين على الإعلام بشكل عام، منشغلون بقضايا أخرى تنتهي بـ"الحجب".
"التمييز العنصري" في الصحافة المصرية دارج، وليس بوضع استثنائي، فنماذج الكتابات العنصرية بشأن قضايا النوبيين، وأهالي محافظات شمال سيناء، وحتى العنصرية على مستوى النوع والجنس وليس فقط اللون، أو الحيز الجغرافي.
ففي دراسة بعنوان "مشروع تعزيز التعددية ونبذ التمييز العنصري في الإعلام المصري"، صادرة عن مركز حدود للدعم والاستشارات والمرصد المصري لمناهضة التمييز العنصري (منظمة مجتمع مدني مصرية)، في يناير/كانون الثاني 2018 الفائت، أشارت إلى أنه طالما تعرضت الفئات المختلفة لممارسات لفظية وتمييزية وإيحاءات، أو وضعهم داخل قوالب نمطية تدعو إلى تفضيل عرق على آخر داخل وسائل الإعلام المختلفة، سواء المقروءة أو المرئية أو أعمال الدراما، وهو ما انسحب بأثر مباشر إلى الشارع المصري، فأصبح التمييز العنصري والصورة النمطية هما الثقافة السائدة ضد سود البشرة أو مختلفي اللغة من النوبيين أو غيرهم من اللاجئين الأفارقة.
الدراسة نفسها أشارت إلى أن العديد من وقائع الانتهاكات التي تتم داخل الشارع المصري تعود مرجعيتها إلى وسائل الإعلام ومحتويات الدراما التي قامت بترسيخ صور عديدة للنوبيين داخل أذهان الجمهور المتلقي. بل وقد يتطور الأمر للدعوة إلى الكراهية في بعض الأحيان، فهناك الكثير من شهادات ضحايا التمييز العنصري على وقائع تمت ضدهم داخل المجتمع بشكل يمثل جريمة الدعوة على الكراهية.
وعلى الرغم من تصديق مصر على الاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز العنصري، إلا أن التشريعات الوطنية لم تقم بتوفير البيئة التشريعية المناسبة للقضاء على هذه الممارسات، والتي تم وضعها في إطار عقابي داخل هذه الاتفاقية.
شملت عينة بحث الدراسة 20 قناة تلفزيونية، و15 عملاً درامياً وصحيفةً ورقيةً هي "الأخبار" و"الأهرام" و"الجمهورية" و"الوفد" و"المساء" و"الأهرام المسائي" و"اليوم السابع" و"المصري اليوم" و"الشروق" و"الصباح" و"الدستور" و"المصريون" و"الوطن" و"فيتو" و"التحرير"، وذلك لمدة خمس سنوات، تبدأ من ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 بالنسبة للقنوات التلفزيونية، وخلال عام 2017 بالنسبة للصحف الورقية، و10 سنوات بالنسبة للأعمال الدرامية.
وتضمنت منهجية البحث نشْر أفكار قائمة على التفوق العرقي، وأفكار تدعو إلى الكراهية، والاحتقار والسخرية ومبدأ إتاحة الفرص والتمييز العنصري.
وبالنسبة للبرامج التلفزيونية، فقد تناولت البرامج الحوارية والتلفزيونية كل ما يتعلق بالنوبة وقضاياها اليومية بشكل متباين، فما بين السماح بالعنصرية تجاههم إلى السماح بعرض قضاياهم من خلال منافذهم. إذ رصد التقرير 10 حلقات تم فيها السماح بهجوم عنصري على ضيف من أصول نوبية؛ من 27 حلقة تعرضت للنوبيين وقضاياهم، كانت إحداها عندما تهجّم عضو مجلس النواب مرتضى منصور، على لاعب نادي وادي دجلة والمنتمي لأصول نوبية، أحمد الميرغني، في حلقة من برنامج "العاشرة مساء" عبر قناة دريم 8، قدمها المذيع وائل الإبراشي، بالقول "يا خدام يا بواب يا عميل"، وأضاف "مين الولد الخدام دا"، على خلفية مناقشة واقعة تدوين اللاعب على صفحته عبر موقع "فيسبوك" مهاجمًا النظام.
وحسب الدراسة، فقد تصدرت قناة ON TV، خلال فترة الرصد، قائمة القنوات الأكثر إخلالًا في برامجها المعروضة؛ سواء بالتمييز المباشر أو غير المباشر، تجاه ضيوف البرامج، أو الدعوة إلى الكراهية العنصرية أو بالتهميش؛ بنسبة 28 بالمائة بواقع 10 حلقات، تمت إذاعتها من خلالها. تلتها قناة CBC بنسبة 70 بالمائة، ثم تلتها قناة الحياة بنسبة 14 بالمائة. كما توزعت باقي وقائع التمييز المرصودة بنسب أقل على القنوات الأخرى، كالمحور وصدى البلد والأولى المصرية والتحرير.
أما فيما يتعلق بالصحافة الورقية، فرصدت الدراسة، خلال عام 2017، ما تناولته الصحافة المصرية من أخبار وتقارير تتعلق بالنوبة، والمواطنين ذوي الأصول النوبية وقضاياهم المختلفة، إذ سجل التقرير 35 تغطية لأخبار تتعلق بهم.
ومثّل شهر مايو أكثر الشهور تناولًا لأخبار النوبيين في الصحافة المصرية بمختلف أنواعها، بواقع 13 خبرًا، تلاه شهر يونيو بـ9 أخبار، و5 أخبار في كل من شهري مارس ويوليو. وأوضح التقرير أن صحيفة "الوطن" قد احتلت المرتبة الأولى في تضمين أخبارها شكلا عنصريا ضد النوبيين؛ سواء بالتهميش أو الصورة المغلوطة أو الحض على الكراهية بنسبة 29 بالمائة.
وتفاوتت النسب في الصحف الأخرى؛ فقد جاءت صحيفة "البوابة نيوز" بنسبة 19 بالمائة، وتساوت صحيفتا "الأخبار" القومية و"المصري اليوم" بنسبة 12.9 بالمائة، وصحيفتا "الأهرام" القومية و"الوفد" بنسبة 6.45 بالمائة، وصحيفتا "الجمهورية" القومية و"اليوم السابع" بنسبة 3 بالمائة من مجمل المحتوى المرصود.
يأتي هذا التمييز العنصري رغم فوز مصر بعضوية اللجنة الحكومية الدولية لحماية وتعزيز جميع أشكال التنوع الثقافي، في يونيو/حزيران 2017، وهي اللجنة التي تشرف على ضمان تنفيذ بنود الاتفاقية الدولية لحماية التنوع الثقافي. كما يتعارض بشكل صارخ مع تصديق مصر، عام 2007، على الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي الخاصة بمنظمة اليونسكو، والتي تضمنت العديد من البنود الخاصة بتعزيز التنوع الثقافي المختلف على صعيد المستوى المحلي".
كانت عدة منظمات حقوقية مصرية قد أشارت، في 11 يوليو/تموز الماضي، إلى مخالفة مصر عدداً من بنود الاتفاقية فيما يتعلق بالتزاماتها إزاء النوبيين، على رأسها الالتزام بضرورة وضع تدابير ترمي إلى إتاحة الفرصة للثقافات المحلية في التنمية الثقافية وتنوعاتها المختلفة، وتدابير حماية أشكال التنوع الثقافي، لا سيما المهددة بالاندثار، والاعتراف بأهمية المعارف التقليدية بوصفها مصدرًا للثراء المادي وغير المادي، لا سيما نظم معارف الشعوب الأصلية والأقليات وإسهامها الإيجابي في التنمية المستدامة، وضرورة حمايتها وتعزيزها بطريقة ملائمة.