حذرت رغدة أكثر من مرة مضيفها قائلة: "وماتمنتجهاش"، بعد عدة كلمات وإيماءات بذيئة قامت بها الممثلة السورية، خلال لقائها في برنامج #واحد_من_الناس، مع الإعلامي عمرو الليثي على قناة الحياة المصرية.
غير أن كلمات رغدة وإيماءاتها المشينة، ربما كانت أكثر حياءً من فيض الجهالة التي أتحفت بها المستمعين لساعة تقريباً، وهي تستميت كعادتها في الدفاع عن النظام السوري الاستبدادي المجرم، أو عن أنظمة أخرى تشابهه.
لم تخجل رغدة بتاتاً وهي تخبر مضيفها بالأكاذيب واحدة تلو الأخرى، بدءاً من علاقتها بنظام الاستبداد العراقي، إذ حلفت غليظ الأيمان بأنها ما كانت تزور العراق إلا لمساعدة الأطفال العراقيين، وأنها لم تتلق لقاء مهمتها الإنسانية تلك أي نقود وأنها لم تتعامل مع الحكومة العراقية بتاتاً، وأنها التقت صدام حسين مرة واحدة، وبزيارة رسمية.
وكان على المستمعين أن يرفضوا كل التقارير حول العلاقة الشخصية التي جمعت رغدة بعائلة صدام حسين، وأن يصدقوا أنها لم تكن تخرج من قصره بجيوب محشوة بثمن التسويق للاستبداد، لتقفز بنا إلى كذبة أخرى، حول مسؤولية الكويت وأحد نوابها، عن مجزرة الحولة، مستندة إلى فيديو زعمت أن سلفياً ما اعترف فيه بمسؤوليته عن العملية، ضاربة عرض الحائط، بكل التقارير التي وردت عن المجزرة، من مؤسسات إعلامية ومدنية وحقوقية وسياسية، والتي حملت النظام السوري وقتها مسؤولية المجزرة مسؤولية تامة.
رغدة التي اشترت وباعت كثيراً في قضية خطف والدها، والتي لم نعثر حتى اليوم على ما يؤكد حدوث الاختطاف من أصله، عادت وكررت في لقائها، أن عملية الخطف، تقف خلفها قطر، لأسباب شخصية، كونها كانت ذات يوم في مجلس إدارة "قطر فاونديشن"، ثم ما لبثت أن حشرت اسم المذيعة غادة عويس، وسط فوضى المعلومات التي أغدقتها علينا.
أكثر من نصف ساعة، تحدثت فيها رغدة في الشأن السوري خاصة، والسياسة العربية عامة، كان علينا فيها أن نصغي إلى سيل هو التجلي الحقيقي لما يسمى "التشبيح"، منكهاً بوقاحة وجهل لا يمكن غض البصر عنهما. لاسيما أنها لم تفتأ تردد على أسماعنا، أكاذيب تصل حد الاشمئزاز.
الفنانة التي اختارت العيش بعيداً عن ضجيج المدينة، كما أكدت مطلع الحلقة، بدا أثر الانزواء الجغرافي الذي اختارته، أوسع مما ظنت، حيث يبدو الزمن وكأنه قد توقف لديها عند أعوام مضت، لتكرر لنا عبارات ومقولات بدت عند ذكرها، كمن ينقب عن آثار عصرسحيق منصرم. "أنا معارضة..بشار الأسد نفسه معارض"، تقول رغدة قبل أن تشرح "معارض للفساد".. وتلقي التحيات يميناً ويساراً لـ"الجيش العربي السوري".. وتؤكد في أكثر من مناسبة أنه لولا الطريق الذي اختاره الأسد لكانت سورية اليوم مدمرة وغارقة بالدم..وكانما سورية اليوم وأهلها غارقون في العسل.
رغدة التي ارتدت البزة العسكرية، وزارت جبهات القتال، والتقطت الصور مع الجنود وسلاحهم، بل إنها حملت سلاحا بيديها والتقطت معه الصور، عابت وبثقة مفرطة على زملائها الفنانين المعارضين، وعلى الإعلامي فيصل القاسم، التقاطه الصور مع مسلحين ببواريدهم الطويلة، وكأن رصاص البندقية الأولى كان موجهاً إلى إسرائيل، وكأنه لم يستقر في أجساد عشرات الآلاف من مواطنيها الأبرياء وتزهق أرواحهم.
بدت رغدة في اللقاء كرئيسها، منفصمة انفصاماً كبيراً عن الواقع، وقد صار جلياً أن كل مدافع عن هذا النظام لا بد أن يشبهه في أساليبه وأمراضه النفسية أيضاً، توزيع تهم العمالة والخيانة على كل معارض للنظام، الارتماء في حضن قطر، مع أنها نفسها اعترفت أنها كان لها نصيب كرئيسها، نصيب من حضن قطر... لكن حضن قطر عار على المعارضين فحسب.
الحضن الإيراني والحضن الروسي الذي بات النظام السوري يتناوب اليوم على النوم فيهما، بقي بعيداً عن لسان رغدة، الذي استمر بالدوران وهو يردد: "الجيش العربي السوري"، والذي يعمل في صفوفه اليوم، مرتزقة من حزب الله، قادة إيرانيون في أعلى الرتب، مرتزقة من الحشد الشعبي العراقي، وجنود روس شقر بعيون زرق... ونسأل؟ أين "العربي"؟ وأين "السوري"؟ في هذا الجيش الذي صار أقرب بتكوينه "لقوات حفظ السلام" التابعة للأمم المتحدة... مع تضاد الهدف إذ صار يجوز عنونته بـ"قوات حفظ الآلام والإجرام في سورية"!
رغدة التي لم تتعب طول سنوات من الأكاذيب بدت عبر الشاشة المصرية في أمسّ الحاجة إلى علاج من علّة الهيام بأنظمة الاستبداد...فهل من طبيب يداوي؟
اقرأ أيضاً: ليث أبو جودة: سأغني لكل شهيد ومقاوم فداء لفلسطين