في ذكرى بليغ..أغنية لأم كلثوم خطفها من محمد فوزي

في تلك الأثناء كانت كوكب الشرق أم كلثوم ترغب في الخروج من عباءة نجم التلحين وأحد أساتذة الموسيقى العربية الكبار، رياض السنباطي (1906-1981)، ويقال إنها كانت وقتها على خلاف ما مع ملحنها وقائد فرقتها، الموسيقار محمد القصبجي (1892-1966)، وأنها قررت أن تلجأ إلى تطوير شامل على ألحان أغنياتها.

وبما عرف عن أم كلثوم من ذكاء فطري قررت اللجوء إلى محمد فوزي (1918-1966) ليلحن لها أغنية جديدة، لتستفيد من طريقته في تقديم ألحان مبتكرة وخفيفة وإيقاعاته السريعة، وفي نفس الوقت تقدم للجمهور تعاونا مبهرا بينها وبين أحد نجوم تلك الفترة.

كانت الأغنية المتفق على أن يلحنها فوزي لأم كلثوم، وفق رواية المؤرخ الموسيقي المصري الراحل، وجدي الحكيم، هي "أنساك" التي كتبها الراحل مأمون الشناوي (1914-1994)، وبالفعل بدأ فوزي في تلحينها، وأنجز الجملة الأولى من الأغنية.

كان بليغ حمدي موجودا في منزل فوزي في تلك الأثناء، وبينما انشغل الفنان الكبير باستقبال أحد زواره لفترة لم تتجاوز الساعة، عاد ليجد أن تلميذه بليغ حمدي قد لحن الأغنية كاملة.

ويحكي وجدي الحكيم أن فوزي طلب من بليغ أن يسمعه اللحن، وأنه عندما انتهى بليغ من الأغنية على مسامع أستاذه، قام من فوره واحتضنه، وقال له: "اللحن بتاعك أحسن من الفكرة اللي كانت في دماغي لتلحينها. أنا عاوزك تسمعها لأم كلثوم".






واتصل فوزي بأم كلثوم بالفعل، وطلب منها موعدا لتسمع لحن أغنية "أنساك"، واتفقا على الموعد، وإلى بيت أم كلثوم اصحب فوزي بليغ حمدي، وطلب منه أن يسمع كوكب الشرق الأغنية، وبدأ بليغ، ولما انتهى أعجبت أم كلثوم باللحن وقررت أنها ستغنيه، ظنا منها أن صاحبه هو محمد فوزي، لكن فوزي عاجلها "الأغنية لحنها بليغ. مش أنا".

ويروي وجدي الحكيم عن الواقعة أن فوزي كان تواقا للتلحين لأم كلثوم، وأن الفرصة سنحت له مرة واحدة في أغنية "أنساك" بطلب منها شخصيا، لكنه كفنان عظيم لم يبخس ملحنا شابا حقه في العمل مع كوكب الشرق، طالما أنه قدم لحنا أفضل، وفضل أن يخسر الفرصة على أن يخسر الجمهور لحنا مهما لأغنية ما زالت باقية في وجدان الملايين.

في مثل هذا اليوم، السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 1931، ولد بليغ حمدي، وقدم في سنوات عمره الستين عشرات الألحان البارزة في الموسيقى العربية، بينها 11 أغنية لكوكب الشرق أم كلثوم، آخرها "حكم علينا الهوى" من كلمات عبد الوهاب محمد عام 1973.