على بُعد خمسة أشهر من حلول شهر رمضان، وانطلاق الصراع الدرامي الموسمي، تسير الدراما الأردنية في عام 2016 نحو الأعمال التاريخية، بعد أن ظلت الأعمال البدوية لسنوات طويلة عاكسة للأعمال الأردنية ومميزة لها.
وعلى خارطة الأعمال التاريخية التي ستقدمها الدراما الأردنية هذ العام، مسلسلات "مالك بن الريب" و"شجرة الدر" و"الحشاشون" و"راكان بن حثلين" وإن كان العمل الأخير الذي يحكي سيرة حياة قائد وزعيم قبيلة العجمان وأحد أبرز قيادات الجزيرة العربية المتوفى عام 1892 بعد أن حكم قبيلته خمسة وثلاثين عاماً، قد توقف تصويره بعد يومين؛ للمزيد من مراجعة النص والتحقق من المواقف المفصلية في سيرة الشخصية ومن عاصرها.
وبحسب المنتج طلال عواملة، فإن التوجه للأعمال التاريخية، يأتي في ظل توجه المنتجين لتحقيق رغبة الجمهور، مضيفاً: الساحة الفنية مثلها كأي سوق تفاعلي، تخضع لمبدأ العرض والطلب، فنحن سبق أن قدمنا عدداً من الأعمال التاريخية التي تناولت سيرة عدد من أبرز الشخصيات العربية وحققت متابعة واسعة، مثل "أبناء الرشيد: الأمين والمأمون"، و"أبو جعفر المنصور" و"الحجاج".
في حين يرى المؤلف الدرامي وكاتب السيناريو مصطفى صالح أن العودة الدرامية للأعمال التاريخية ضرورة حتمية، مضيفاً: التاريخ العربي مليء بالأحداث والشخصيات التي أذهلت العالم لفترة طويلة، ومن الخطأ الابتعاد عن التاريخ، خصوصاً أننا نعيش في عصر العولمة الذي أعتقد أنه يعمل على تجهيل الناس وإبعادهم عن تاريخهم؛ فمن ليس له تاريخ ليس له حاضر أو مستقبل.
مالك بن الريب.. حكاية روبن هود العرب
فيما يُلقي مسلسل "مالك بن الريب" الضوء على البيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي سادت الحقبة التاريخية ومنظومة العادات والتقاليد، التي كانت تحكم حياة القبائل العربية، ومنها قبيلة بني تميم التي ينتسب إليها الشاعر والممتدة في عدد من الدول العربية. والمسلسل يروي المعاناة التي عاشها أشهر الصعاليك العرب الشاعر مالك بن الريب الذي اضطُهد وسُجن وارتبط نسق حياته بحياة الفقراء والمقهورين الذين عبر عن ظلمهم بشعره وبمواقفه الجريئة في مواجهة الظلم والاستبداد، حيث يعالج العمل الفترة التاريخية في فترة صدر الإسلام ونشأة الدولة الأموية التي تميزت بتحولات تاريخية كبرى، ومعالجة النص تهتم بشكل أساسي بحكايات الشخوص الذين عاشوا تلك الفترة.
والمسلسل الذي يجسد دور البطولة فيه النجم ياسر المصري، كتب السيناريو له صالح الشورة ومن إخراج محمد لطفي، ويروي سيرة ابن الريب الذي رثى نفسه بقصيدة، فضلا عن تناول قصة تحوله للدفاع عن المظلومين والفقراء وأبناء السبيل.
اقرأ أيضاً: مالك بن الريب..أشهر الصعاليك العرب يرى النور في رمضان
شجرة الدر.. المرأة التي هزت العالم في 80 يوماً
ومن المقرر أن يبدأ في منتصف شهر شباط/فبراير المقبل، تصوير سيرة قصة سلطانة مصر شجرة الدر، التي حكمت مصر فترة 80 يوماً، والتي قُدم عن سيرتها العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والأدبية عبر التاريخ، لما شكلته التحولات في حياتها من الحرم السلطاني إلى عرش مصر من جدل واسع.
ومن المقرر أن يُلقي المسلسل الضوء على حياة السلطانة التي كان لها دور بارز في حماية مصر من الحملات الصليبية رغم قصر المدة التي قضتها في حكم مصر. وتعكس حياة شجرة الدر فترة حبلى بالأحداث في مصر، فقد كان النزاع على أشده بين المماليك وبين خصومهم الأوروبيين الذين حاربوا مصر، إلى أن نجحت شجرة الدر في تصفية الوجود الصليبي في البلاد، وعقدت اتفاقية مع الملك الفرنسي لويس التاسع الذي كان أسيرها، يتعهد فيها بعدم غزو مصر من جديد، ولم يستقر بعد على الفنانة التي ستجسد شخصية شجرة الدر، فيما يبدو أن الفنانة صبا مبارك ستكون الأقرب لتأدية الدور.
الحشاشون.. إسقاط درامي مباشر على إرهاب "داعش"
وعلى خارطة التحضير للأعمال التاريخية، تبرز سيرة "الحشاشون" وهم طائفة إسماعيلية نزارية انفصلت عن الفاطميين في أواخر القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي، لتدعو إلى إمامة نزار المصطفى لدين الله ومن جاء مِن نسله، واشتهرت ما بين القرنين الخامس والسابع للهجرة، الحادي عشر والثالث عشر للميلاد، وكانت معاقلهم الأساسية في بلاد فارس وفي الشام بعد أن هاجر إليها بعضهم من إيران. ومعروف تاريخياً أن "الحشاشين" اتخذوا من القلاع الحصينة في قمم الجبال معقلاً لنشر الدعوة الإسماعيلية النزارية في إيران والشام. ممَّا أكسبها عداءً شديدًا مع الخلافة العباسية والفاطمية والدول والسلطنات الكبرى التابعة لهما كالسلاجقة والخوارزميين والزنكيين والأيوبيين بالإضافة إلى الصليبيين، إلا أن جميع تلك الدول فشلت في استئصالهم طوال عشرات السنين من الحروب. إلى أن قضى المغول بقيادة هولاكو على هذه الطائفة في فارس سنة 1256 ميلادية، بعد مذبحة كبيرة وإحراق للقلاع والمكاتب الإسماعيلية، وسرعان ما تهاوت الحركة في الشام أيضاً على يد الظاهر بيبرس سنة 1273 ميلادية. والعمل الذي يعتمد في قصته على رواية الأديب أمين معلوف "سمرقند" في رسم السيناريو والحوار للعمل، الذي يُسقط بشكل مباشر سيرتهم على الإرهاب المنظم الذي يمارسه تنظيم "داعش" في بلاد الشام والعراق حالياً.
اقرأ أيضاً: الفيلم الأردني "ذيب" يمثل العرب في أوسكار 2016