لا يترك المصريون مناسبة إلا ويحتفون بطقوس خاصة فريدة. حتى الموت، لا يمر مرور الكرام، ليمارس كل شخص حزنه بطريقته، فالعادات أقوى من الحزن والموت. ينشغل المصري بالإعداد لذلك الحدث الجلل، الذي لا ينتهي عادة إلا بعد عام كامل من الوفاة، تمارس فيه كل الطقوس الفرعونية القديمة في الاحتفاء به، مع صرامة الأتراك، وفي إعطاء كل طقس حقه، وإيفاء الميت نصيبه كاملا من الحزن والعويل كما يليق به.
وهنا نعرض، الطقوس التي باتت عادة وتقليداً، يتبعه المصري في الموت منذ آلاف السنين حتى اليوم، وإن قل أو اختلف بمضي الزمن من منطقة لأخرى، لكن الريف والعشوائيات ما زالت تحتفظ به حتى اليوم، وكذلك العديد من الأسر في حضر مصر:
الحداد
لا يتعامل المصري مع فكرة الحداد 3 أيام كما في أغلب الدول العربية والإسلامية، ولا حتى لمدة أربعين يوماً، لكنّ عاماً كاملاً هو مدة الحداد على المتوفى في مصر.
3 أيام: خلال الـ 3 أيام الأولى من الوفاة لا يخلو منزل المتوفى من المعزين، يرتدون الملابس السوداء، ويمارسون حزنهم وبكاءهم عليه، وطيلة 3 أيام تعد موائد الطعام من خارج المنزل، وعادة تأتي من بيوت الأقارب والجيران، كما يتم تنقيط أسرة المتوفى بالطعام المطبوخ أو النيىء، وبعض الأسر يساعدها الأقارب والأهل بالأموال من أجل مراسم الدفن والجنازة.
- الخميس الأول: في الخميس الأول بعد الوفاة، يجتمع الأقارب والمعارف مرة أخرى للبكاء وقراءة القرآن والترحم على الميت، ويشبه الوضع الأيام الثلاثة الأولى من الوفاة.
- الأربعون: بعد مرور أربعين يوما على الوفاة، كما في مصر الفرعونية التي اتخذت ذلك الرقم لمدة الحداد حتى تنتهي أعمال تحنيط المتوفى، وفيه تجدد الأحزان، يجتمع الناس لقراءة القرآن والدعاء والبكاء مرة أخرى.
- الذكرى السنوية: بعد انقضاء عام على الوفاة، يجتمع المقربون، فقط، وفي بعض الأحيان الجيران، لإحياء الذكرى الأولى لرحيل المتوفى، من خلال الاستماع للقرآن وختمه، والدعاء للمتوفى.
وطوال العام الأول للوفاة، ترتدي النساء "السواد" ويمنع ارتداء أي ثوب ملون، كما يمنع تشغيل التلفزيون خلال فترة الحداد، وبعض العائلات المتزمتة تمنع في أول 3 أشهر من الوفاة دخول الحليب إلى المنزل أو عمل المعجنات والمحشي لأنها دليل على الفرحة. وتقل تلك العادات في المناطق الراقية، وبعض الأسر تكتفي بالأربعين كفترة حداد بكل مشتملاته.
الندابة
يؤمن المصريون بأهمية طقس الصراخ والبكاء على الميت بشكل يفوق الخيال، حتى أن البعض يقيس مقدار الحب والوفاء بكمية الصراخ والبكاء وتمزيق الملابس حزنا على المتوفى، وهو ما أوجد وظيفة "الندابة"، التي اختفت الآن إلا من بعض الأماكن الشعبية والقرى والريف، وهي امرأة تمتهن الصراخ والبكاء ولطم الخدود وتمزيق الملابس والتعديد على الميت، بل والأكثر من ذلك أن هناك "تعديدات" خاصة لكل حالة وفاة، فهناك مثلا "تعديد المرأة على زوجها، وتعديد صريع العربات، وتعديد الفتاة التي لم تتزوج.." تبتكرها الندابة على شكل بيت شعري موزون القافية، ويذكر محاسن الميت ومدى الخسارة التي لحقت بأهله. واليوم مع انحسار وظيفة الندابة، تقوم إحدى القريبات أو المعارف بتلك المهمة، وتقل في الأسر الراقية، والمعروف أن "الندابة" فكرة فرعونية قديمة تتم من خلال الأقارب والأهل، أو حتى النائحات بالأجر، حتى أن إيزيس كان يُطلق عليها لقب "النادبة" من كثرة الندب على زوجها أوزوريس.
اقرأ أيضاً: "الندابة"... العيشُ على الموت
زيارة المقابر
لا تقتصر زيارة المقابر في مصر على الرجال كما في قسم كبير من الدول العربية، لكن المرأة عنصر أساسي في تلك الزيارة، وقد تواظب عليها أكثر من الرجل، وتكون يوم الجمعة من كل أسبوع، وأيضا أول يوم في عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى والمناسبات الدينية المختلفة.
ولتلك الزيارة طقوس أسبوعية تمارس، فلا بد من السهر قبلها بليلة لصنع المعجنات "الشريك" تحديدا، وتعرف في الصعيد بـ"قرص الرحمة"، وتوزيعها على الأطفال والكبار في المقابر بدعوة أنها "رحمة ونور" على الميت، وأيضا توزيع البرتقال والبلح والجوافة تحديدا على المتواجدين في المقابر، أما في عيد الأضحى فيتم توزيع "سندوتشات لحمة" على فقراء المقابر، للتخفيف على المتوفى.
الطعام
في الثلاثة أيام الأولى للوفاة، يمنع تماما إشعال "البوتاغاز" أو النار داخل المنزل باعتباره "فألاً سيئاً" للمتوفى، وتعد الموائد خلال تلك الأيام ليأكل المعزون، وفي بعض الأحيان تتكفل أسرة المتوفى بشراء طعام جاهز لإطعام المعزين، أما في أغلب البيوت فيتحمل الأقارب والجيران تلك المسؤولية، ليعدوا في منازلهم موائد تكفي المعزين، الذين يتوافدون على بيت المتوفى في تلك الأيام، وتعد من قبيل المجاملة. وتمنع بعض الأسر أنواع أطعمة معينة دالة على الفرحة خلال العام الأول من الوفاة، لكن العديد من الأسر تراجعت عن تلك العادة لتكتفي بـ 6 أشهر فقط يمنع فيها عمل المحشي، والكيك والمعجنات بأنواعها، كما يمنع عمل الكعك ومشتملاته في أول عيد يمر على أهل المتوفى، ويمنع شراء الحلوى والكعك من خارج البيت. وبعض الأسر في الريف والقرى تمنع دخول الحليب إلى المنزل بعد الوفاة لمدة 3 أشهر.
كسر الفخار
هي عادة فرعونية قديمة، حين كانت تخرج جثة الميت للدفن، يكسر وراءها "قلة"، وهي إناء من الفخار، وتوضع معه في القبر، حتى لا تعود روح المتوفى إلى البيت وتؤذي من فيه. وتستخدم حتى اليوم للدلالة فقط عبارة "اكسر وراه قلة" للشخص الحي المكروه، الذي يراد له الذهاب بلا عودة، لكن لا تستخدم في حالة الوفاة.
اقرأ أيضاً: حوار الأموات افتراضياً
وهنا نعرض، الطقوس التي باتت عادة وتقليداً، يتبعه المصري في الموت منذ آلاف السنين حتى اليوم، وإن قل أو اختلف بمضي الزمن من منطقة لأخرى، لكن الريف والعشوائيات ما زالت تحتفظ به حتى اليوم، وكذلك العديد من الأسر في حضر مصر:
الحداد
لا يتعامل المصري مع فكرة الحداد 3 أيام كما في أغلب الدول العربية والإسلامية، ولا حتى لمدة أربعين يوماً، لكنّ عاماً كاملاً هو مدة الحداد على المتوفى في مصر.
3 أيام: خلال الـ 3 أيام الأولى من الوفاة لا يخلو منزل المتوفى من المعزين، يرتدون الملابس السوداء، ويمارسون حزنهم وبكاءهم عليه، وطيلة 3 أيام تعد موائد الطعام من خارج المنزل، وعادة تأتي من بيوت الأقارب والجيران، كما يتم تنقيط أسرة المتوفى بالطعام المطبوخ أو النيىء، وبعض الأسر يساعدها الأقارب والأهل بالأموال من أجل مراسم الدفن والجنازة.
- الخميس الأول: في الخميس الأول بعد الوفاة، يجتمع الأقارب والمعارف مرة أخرى للبكاء وقراءة القرآن والترحم على الميت، ويشبه الوضع الأيام الثلاثة الأولى من الوفاة.
- الأربعون: بعد مرور أربعين يوما على الوفاة، كما في مصر الفرعونية التي اتخذت ذلك الرقم لمدة الحداد حتى تنتهي أعمال تحنيط المتوفى، وفيه تجدد الأحزان، يجتمع الناس لقراءة القرآن والدعاء والبكاء مرة أخرى.
- الذكرى السنوية: بعد انقضاء عام على الوفاة، يجتمع المقربون، فقط، وفي بعض الأحيان الجيران، لإحياء الذكرى الأولى لرحيل المتوفى، من خلال الاستماع للقرآن وختمه، والدعاء للمتوفى.
وطوال العام الأول للوفاة، ترتدي النساء "السواد" ويمنع ارتداء أي ثوب ملون، كما يمنع تشغيل التلفزيون خلال فترة الحداد، وبعض العائلات المتزمتة تمنع في أول 3 أشهر من الوفاة دخول الحليب إلى المنزل أو عمل المعجنات والمحشي لأنها دليل على الفرحة. وتقل تلك العادات في المناطق الراقية، وبعض الأسر تكتفي بالأربعين كفترة حداد بكل مشتملاته.
الندابة
يؤمن المصريون بأهمية طقس الصراخ والبكاء على الميت بشكل يفوق الخيال، حتى أن البعض يقيس مقدار الحب والوفاء بكمية الصراخ والبكاء وتمزيق الملابس حزنا على المتوفى، وهو ما أوجد وظيفة "الندابة"، التي اختفت الآن إلا من بعض الأماكن الشعبية والقرى والريف، وهي امرأة تمتهن الصراخ والبكاء ولطم الخدود وتمزيق الملابس والتعديد على الميت، بل والأكثر من ذلك أن هناك "تعديدات" خاصة لكل حالة وفاة، فهناك مثلا "تعديد المرأة على زوجها، وتعديد صريع العربات، وتعديد الفتاة التي لم تتزوج.." تبتكرها الندابة على شكل بيت شعري موزون القافية، ويذكر محاسن الميت ومدى الخسارة التي لحقت بأهله. واليوم مع انحسار وظيفة الندابة، تقوم إحدى القريبات أو المعارف بتلك المهمة، وتقل في الأسر الراقية، والمعروف أن "الندابة" فكرة فرعونية قديمة تتم من خلال الأقارب والأهل، أو حتى النائحات بالأجر، حتى أن إيزيس كان يُطلق عليها لقب "النادبة" من كثرة الندب على زوجها أوزوريس.
اقرأ أيضاً: "الندابة"... العيشُ على الموت
زيارة المقابر
لا تقتصر زيارة المقابر في مصر على الرجال كما في قسم كبير من الدول العربية، لكن المرأة عنصر أساسي في تلك الزيارة، وقد تواظب عليها أكثر من الرجل، وتكون يوم الجمعة من كل أسبوع، وأيضا أول يوم في عيد الفطر المبارك وعيد الأضحى والمناسبات الدينية المختلفة.
ولتلك الزيارة طقوس أسبوعية تمارس، فلا بد من السهر قبلها بليلة لصنع المعجنات "الشريك" تحديدا، وتعرف في الصعيد بـ"قرص الرحمة"، وتوزيعها على الأطفال والكبار في المقابر بدعوة أنها "رحمة ونور" على الميت، وأيضا توزيع البرتقال والبلح والجوافة تحديدا على المتواجدين في المقابر، أما في عيد الأضحى فيتم توزيع "سندوتشات لحمة" على فقراء المقابر، للتخفيف على المتوفى.
الطعام
في الثلاثة أيام الأولى للوفاة، يمنع تماما إشعال "البوتاغاز" أو النار داخل المنزل باعتباره "فألاً سيئاً" للمتوفى، وتعد الموائد خلال تلك الأيام ليأكل المعزون، وفي بعض الأحيان تتكفل أسرة المتوفى بشراء طعام جاهز لإطعام المعزين، أما في أغلب البيوت فيتحمل الأقارب والجيران تلك المسؤولية، ليعدوا في منازلهم موائد تكفي المعزين، الذين يتوافدون على بيت المتوفى في تلك الأيام، وتعد من قبيل المجاملة. وتمنع بعض الأسر أنواع أطعمة معينة دالة على الفرحة خلال العام الأول من الوفاة، لكن العديد من الأسر تراجعت عن تلك العادة لتكتفي بـ 6 أشهر فقط يمنع فيها عمل المحشي، والكيك والمعجنات بأنواعها، كما يمنع عمل الكعك ومشتملاته في أول عيد يمر على أهل المتوفى، ويمنع شراء الحلوى والكعك من خارج البيت. وبعض الأسر في الريف والقرى تمنع دخول الحليب إلى المنزل بعد الوفاة لمدة 3 أشهر.
كسر الفخار
هي عادة فرعونية قديمة، حين كانت تخرج جثة الميت للدفن، يكسر وراءها "قلة"، وهي إناء من الفخار، وتوضع معه في القبر، حتى لا تعود روح المتوفى إلى البيت وتؤذي من فيه. وتستخدم حتى اليوم للدلالة فقط عبارة "اكسر وراه قلة" للشخص الحي المكروه، الذي يراد له الذهاب بلا عودة، لكن لا تستخدم في حالة الوفاة.
اقرأ أيضاً: حوار الأموات افتراضياً