أصدرت إحدى عشرة منظمة حقوقية مصرية، بياناً مشتركاً أعلنت فيه تضامنها مع المضربين عن الطعام في السجون المصرية، ممن يعرفون بـ"معتقلي الأرض"، محملة الجهات المختصة المسؤولية عن سلامتهم.
وطالبت المنظمات في بيانها، يوم أمس السبت، بالإفراج الفوري عن كافة المحتجزين على خلفية التظاهرات المناهضة لقضية جزيرتي "تيران وصنافير"، سواء الصادر بحقهم أحكام، أو من هم رهن التحقيق أو الحبس الاحتياطي، لاسيما المقرر البت في جلسات الاستئناف الخاصة بهم خلال هذا الأسبوع.
كما طالبت أن يشمل الإفراج كافة المحتجزين على خلفية قانون التظاهر منذ إقراره في نهاية 2013 وحتى اليوم، مشددة على حق هؤلاء الشباب في محاكمات عادلة غير مسيسة، في إطار إعلاء نصوص الدستور واحترام الاتفاقات والمواثيق الدولية (التي وقعت عليها مصر وأصبح لها قوة القانون) المتعلقة بالحق في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي.
وقالت المنظمات في بيانها "رفضاً للحكم المجحف والقاسي الصادر بحقهم، أعلن 47 شاباً من المحتجزين على خلفية القضية رقم (11905،6768) لسنة 2016م جنح العجوة والدقي على الترتيب، إضرابهم الكلي المفتوح عن الطعام، أملًا في إعادة النظر في الأحكام الصادرة بحقهم بالحبس خمس سنوات مع النفاذ، وغرامة 100 ألف جنيه، على خلفية مشاركتهم في تظاهرات سلمية في الخامس والعشرين من أبريل/نيسان الماضي احتجاجاً على اتفاقية ترسيم الحدود المائية بين مصر والسعودية. وهي العقوبة القصوى بالحبس والغرامة طبقاً للمواد (1،4،7،19،22) من قانون التظاهر الجائر غير الدستوري".
وحملت المنظمات الموقعة، الجهات المختصة المسؤولية كاملة عن سلامة هؤلاء الشباب البدنية، وتطالب باتباع الإجراءات القانونية حيال إضرابهم، بدايةً من إثبات إضرابهم عن الطعام في محضر رسمي منذ تاريخ إعلانهم، مروراً بتسجيل القياسات الطبية اللازمة لهم في مواعيدها. كما تطالب المنظمات المجلس القومي لحقوق الإنسان ونقابة الأطباء بالزيارة العاجلة للمحتجزين والاطمئنان على حالتهم الصحية وأوضاع وظروف أماكن احتجازهم، وملائمتها سير الإضراب.
وقرر المحتجزون- بحسب بيانهم- الإضراب التصاعدي عن الطعام، بداية من العاشرة مساء، الأربعاء 18مايو/أيار الجاري الجاري، بعشرة أفراد من إجمالي 47 شخصاً من المنتظر دخولهم الإضراب لاحقاً على نحو تصاعدي، في محاولة لإيصال رسالة للسلطة السياسية مفادها أن غياب العدالة واحترام الدستور عن أي دولة لا يعني سوى مزيد من الفوضى والانفلات، وأن فقدان الثقة في منصات القضاء وغرف النيابة العامة يدفع بمنظومة العدالة لنفق مظلم، على نحو سيدفع ثمنه المجتمع بأكمله.
يُذكر أن هؤلاء الشباب قُبض عليهم -عشوائياً- من محيط منطقتي الدقي وأرض اللواء وتعرضوا لمحاكمة هي الأسرع، أخيراً، حيث صدر الحكم ضدهم في الجلسة الثانية للقضية، ومباشرة عقب انتهاء مرافعات المحامين التي استمرت ساعات طويلة، وبناء على محاضر تحريات ملفقة في أغلبها، ودون وجود أية أحراز، وفي النهاية تمت إدانتهم بتهمة الاشتراك في مظاهرة ومعاقبتهم بأقصى عقوبة مقررة لها.
وأكد الموقعون أن استمرار الزج بالشباب في السجون على خلفية قانون التظاهر، وبأحكام قاسية، يعكس الإرادة السياسية في توظيف القانون للتنكيل بمزيد من المعارضين، بهدف تكميم الأفواه، وتجريم حقوق أصيلة بنص الدستور، على رأسها الحق في حرية التعبير عن الرأي، والحق في التجمع السلمي، ويؤكد الانتهاك المتعمد المستمر للدستور الذي خالفه قانون "تجريم" الحق في التظاهر بكل فجاجة.
وشدد الموقعون على ضرورة نقل جلسة استئناف محكومي قضيتي الدقي والعجوزة إلى مقر محاكمة علنية، على نحو يمكِّن ذويهم ووسائل الإعلام المختلفة من الحضور، لضمان شفافية المحاكمة كضمانة أساسية للمحاكمات العادلة، والتزاماً بالقانون والدستور، وخصوصاً أن باقي القضايا المنظورة على خلفية الأحداث نفسها يتم نقلها لمقار محاكم علنية، ومن ثم فلا مبرر لاستثناء هؤلاء الشباب، إلا كنوع من التنكيل والتعسف بحقهم. وهو ما يستدعي وقف انتقال هيئة المحكمة لمباشرة جلساتها بمكان احتجاز الشباب بمعسكر الكيلو 10.5 بطريق مصر الإسكندرية الصحراوي.
"الإضراب عن الطعام حق كفله الدستور والقانون مثلما كفل التظاهر السلمي، لذا تحذّر المنظمات الموقعة من أية محاولات أمنية لتقويض الإضراب أو كسره أو محاصرته بأي من الوسائل أياً كانت. وتؤكد أن الحرية حق شخصي أصيل يستدعي من كل شخص بذل كل ما يمتلك من أجل الحفاظ عليه وحمايته"، هكذا أنهت المنظمات بيانها.
والمنظمات الموقعة هي الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والشبكة العربية لمعلومات حقوق اﻹنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ومركز حابي للحقوق البيئية، ومركز هشام مبارك للقانون، ونظر للدراسات النسوية.