تصاعدت في الأيام القليلة الماضية موجة اعتقالات سياسية بين أنصار حركتي فتح وحماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، بشكل غير مسبوق منذ نحو عامين، إذ وصل عدد المعتقلين لدى الطرفين إلى العشرات، وسط إجراءات توقيف غير قانونية وشبهات تعذيب وإساءة معاملة.
ووصل عدد المعتقلين من حركة حماس في الضفة الغربية، حسب مصادر من الحركة إلى 60 معتقلا، خلال الأيام العشرة الماضية، فيما قالت حركة فتح إن أرقام المعتقلين بالحركة يختلف ما بين استدعاء واعتقالات، لكنه طاول العشرات أيضا.
وبدأ التصعيد في حملة الاعتقالات عقب خطاب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في العشرين من الشهر الجاري، إذ وجّه انتقادات وشتائم لحركة حماس، وحمّلها المسؤولية الكاملة عن محاولة تفجير موكب رئيس الوزراء، رامي الحمد لله، ورئيس جهاز المخابرات، ماجد فرج، في الثالث عشر من الشهر الجاري.
وقالت حركة حماس في بيان وصل إلى "العربي الجديد" اليوم، "اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة الغربية 18 مواطنا أغلبهم من المحررين والجامعيين، وذلك ضمن الحملة المستمرة التي تنفذها بحق كوادر ومناصري حماس في الضفة، ليرتفع عدد الذين تم اعتقالهم منذ 10 أيام إلى ما يزيد على 60 معتقلا، بالإضافة لعشرات الاستدعاءات على خلفية سياسية".
ويعتبر التصعيد الحالي في الاعتقال السياسي بين الطرفين هو الأبرز منذ عامين، إذ تراجع الاعتقال والاستدعاء لأسباب سياسية إلى حد ملحوظ خلال العامين الماضيين، بسبب حوار الحركتين لإنهاء الانقسام الذي لم يخرج بأي نتيجة.
وقال عضو لجنة الحريات العامة في الضفة الغربية خليل عساف لـ"العربي الجديد" إن "هناك موجة من الاعتقالات السياسية بين الحركتين، والقرار في الضفة والغربية وقطاع غزة الآن بيد الأمن بشكل كامل".
وتابع: "عدد المعتقلين من حركة حماس في الضفة الغربية وصل من 40 إلى 50 معتقلا وهو رقم غير ثابت، أي أن هناك من يتم إطلاق سراحهم بعد استدعائهم، وهناك من يبقى قيد الاعتقال، وهناك معتقلون في قطاع غزة بأرقام غير ثابتة أيضا، ولم تجرِ معرفة أعدادهم بعد".
وأكد: "جميع الاعتقالات غير قانونية، وتتم عبر التوقيف على ذمة المحافظ، ولا يتم تقديم المعتقلين للنيابة ولا للمحاكم، وهذا مخالف لقانون الإجراءات الجزائية، وبالتالي هذا اعتقال باطل وهو اعتقال سياسي هدفه التخريب، وهو لا يفيد الأمن، وإنما يعمق حالة الحقد والكراهية والضغينة والتفكك الاجتماعي، ويكرس كل الأسباب التي من الممكن أن تؤدي إلى حرب أهلية".
وحول شبهات التعذيب وإساءة المعاملة قال عساف: "التعذيب أصبح يدين الأشخاص الذين يقومون به، لأن الرئيس محمود عباس وقع على كل الاتفاقيات لمنع التعذيب والحط من الكرامة الإنسانية، وبالتالي أي شخص يستطيع رفع قضية في الجنائيات الدولية ويضع أسماء الأشخاص الذين عذبوه، تمهيدا لملاحقتهم، وهذا ما يجب أن يعرفه كل رجل أمن يقوم بالاعتداء على كرامة أي مواطن معتقل سياسي في الضفة والقطاع".
وقال عساف: "المشكلة أننا لم نعد قادرين على التواصل حتى مع السياسيين، وهم يتهربون من اتصالات لجنة الحريات العامة، لقد وقع الجميع تحت سطوة القرار الأمني".
وتقوم أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية باقتحام منازل نشطاء حركة حماس فجراً واعتقالهم أمام عائلاتهم، أو استدعائهم أو اعتقالهم من أماكن عملهم، والأمر ذاته يحدث في قطاع غزة، حيث تجري مطاردة أنصار حركة فتح في أماكن عملهم وسكنهم وفي الشارع.
وطاول الاعتقال السياسي لدى الطرفين أسرى محررين، أمضى بعضهم نحو عشر سنوات لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الناطق باسم حركة فتح في قطاع غزة، عاطف أبو سيف، لـ"العربي الجديد" إن "هناك موجة اعتقالات نشطة تنفذها حركة حماس ضد أنصار فتح في قطاع غزة"، مؤكدا أن "اعتقالات حماس لم تتوقف يوما في قطاع غزة، لكنّ وتيرتها ازدادت في الأيام القليلة الماضية".
وأضاف أبو سيف الذي يقيم في رام الله: "لا يوجد عدد محدد لأن وتيرة الاستدعاءات والاعتقالات غير ثابتة، فبعضهم يُستدعى ويجري التحقيق معه ويُفرج عنه في نفس اليوم، وبعض آخر ما زال معتقلا، وتم تسجيل 30 حالة اعتقال يوم أمس الثلاثاء، منهم من جرى إطلاق سراحه، وآخرون ما زالوا قيد الاعتقال".
وتابع: "لدينا معتقلون سياسيون دائمون منذ سنوات لدى حركة حماس، ومن أبرز المعتقلين حاليا أمين سر إقليم فتح في الوسطى سعيد أبو مصبح".