"الصليب الأحمر" مطالبة بالاعتذار من الفلسطينيين
في حفلِ إحياء ذكرى تحرير معسكر أوشفيتز النازي عام 1995، قدّم رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر آنذاك، كورنيليو سوماروغا، اعتذاراً رسمياً باسم اللجنة عن القصور الذي تخلّل عملها تجاه الضحايا اليهود في معسكرات الاعتقال النازي خلال الحرب العالمية الثانية، مؤكّداً دور اللجنة المحوري في الإبقاء على ذكرى المحرقة حيّة في الوجدان والذاكرة العالميين، منعاً لتكرارها. وقد شكّل هذا الاعتذار ما اعتبرته اللجنة اعترافاً أخلاقياً وتاريخياً وتكفيراً جزئياً عن قصورها العملياتي في إنقاذ حيوات اليهود الذين قضوا في معسكرات الاعتقال النازية.
نستحضر هذا الاعتذار الذي وثّقته أدبيات اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حاضرنا المثقل بسلسلة المآسي الواقعة في قطاع غزّة والضفة الغربية المتفاقمة منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023، في ضوء وقائع كثيرة اتُّهم فيها الصليب الأحمر بالتقاعس عن أداءِ أهم مهامه في حماية ضحايا النزاعات العسكرية. ومن أفظع هذه الجرائم استذكاراً، الأطفال الخُدّج الذين تُركوا عن عمدٍ لمواجهة مصير الموت فالتحلّل في مستشفى النصر في غزّة بعد إخلاء جيش الاحتلال الإسرائيلي طاقمه قسراً. وقد تلا اكتشاف هذه الجثث توجيه الفلسطينيين اللوم والاستنكار الشديدين إلى الصليب الأحمر الذي تواصل معه مدير المستشفى في وقت سابق بهدف إخلاء الخدّج من دون أن يتلقى أيّ رد. أخلت اللجنة مسؤوليتها ببيان أصدرته في حينه، وإن كان درء المسؤولية متوقَّعاً منها، فإنّ لغة البيان المقتضب المنحازة في تمييع هوية الضحية كانت صادمة. وفيما شكل هذا التقاعس عن أداء المهام خلال النزاعات والحروب نمطاً لدى اللجنة بسبب تكرّره واستمراره منذ أكثر من ثلاثة أشهر تحديداً، فإنّ الإحاطة بمنطلقات اللجنة في هذا المقال قد يساهم في تقديم توضيح لسؤال عنوانه العريض: لماذا هذا التثاقل بحقّ الفلسطيني؟
المؤسّس: مبشرٌ لدولة صهيونية
في كتابه "ذكرى سولفرينو" يصف لنا السويسري، هنري دونان، آلام الجرحى والضحايا التي سبّبتها معركة سولفرينو في إيطاليا بين الجيشين النمساوي والفرنسي عام 1859، حيث ألهمت المأساة دونان لبلورة تصوّر إنساني يهدف إلى الحدّ من معاناة الجرحى وحماية ضحايا النزاعات العسكرية، وهو ما عبّر عنه في التساؤل الذي اختتم به كتابه، قائلاً: أليس من الممكن في زمن السلم والهدوء تشكيل جمعياتٍ إغاثيةٍ بهدف رعاية ضحايا الحرب؟
قام دونان بجولات ترويجية في أوروبا، التقى فيها سياسيين لدعم مبادرته المتمثّلة بتشكيل منشآت وطنية تتولى حماية ضحايا الحروب، وقد تكلّلت، أخيراً، مهمته بالنجاح، حين أُسّست "اللجنة الدولية لإغاثة الجرحى"، التي ستُصبح لاحقاً اللجنة الدولية للصليب الأحمر. بعد سنوات، تحديداً في عام 1901 سيتلقى دونان بالمناصفة أوّل جائزة نوبل للسلام، عن إسهاماته في التخفيف من المعاناة البشرية وجهوده في بَذرِ غِراس القانون الدولي الإنساني.
لغة بيان الصليب الأحمر في ما يخص مقتل الأطفال الخدّج في مستشفى النصر كانت صادمة بتمييعها هوية الضحية
لم يكن دونان الذي تلقى نشأة بروتستانية "ناشطاً" إنسانياً ورجل أعمال ترأس استثماراته الرأسمالية الموجودة في مستعمرة الجزائر فحسب، بل أيضاً صديقاً حميماً لمؤسّس الحركة الصهيونية، ثيودور هرتزل، حيث يشي الجزءُ المخصّص من غابات القدس المحتلة لتخليد ذكرى دونان بالامتنان الكبير الذي تبديه الدولة الصهيونية للرجل الذي لعب دوراً مهمّاً في التبشير لأفكار هرتزل في أوروبا، وكذلك في حشد التأييد الأوروبي لـ"إعادة اليهود إلى وطنهم القديم - فلسطين" من منطلقات دينية توراتية. ونظراً إلى مركزية دونان في تحقيق هذا المسعى، وجّه هرتزل إليه دعوة شخصية للحضور والمشاركة في المؤتمر الصهويني الأوّل في بازل عام 1897. لم تتح الظروف الصحية لدونان حضور المؤتمر، إلا أنّ هذا لم يمنع هرتزل من شكره في ختام أعمال المؤتمر نظراً إلى جهوده منقطعة النظير التي أهّلته ليكون أوّل حائزٍ للقب صهيو- مسيحي، وهو اللقب الذي خلعه عليه صديقُه المقرّب، هرتزل.
في السياق، لا تزال المؤسّسات الصهيونية تفاخر بهذه العلاقة الحميمة مع مؤسّس اللجنة الدولية للصليب الأحمر وتبقيها بإصرار شاخصة حيّة. فمثلاً، يخصّص متحف "أصدقاء صهيون" الرقمي FOZ (مركزه في القدس) في إحدى صالات عرضه، عرضاً رقمياً دائماً يتناول سيرة الرجل الذي يصفه "بأحد الرجالات المهمين في تأسيس الصهيونية المسيحية". إذ يعمل المتحف على تقديم الرواية الصهيونية من خلال محتوى رقمي يستعرض الحلم اليهودي التوراتي في العودة إلى "الوطن القديم - فلسطين"، وكذلك الإبقاء على ذكرى الأصدقاء المخلصين من غير اليهود حيّة من خلال استعراض سيرهم الذاتية وفاءً لسعيهم الدؤوب وتفانيهم في سبيل تحقيق هذا الحلم المشترك.
ضحايا النزاعات المسلحة أولاً
في شعارها الذي تبنّته "الرحمة في قلوب المعارك"، تعكس اللجنة الدولية للصليب الأحمر الهدف الأساسي الذي أُسّست لتحقيقه، وهو حماية ضحايا النزاعات المسلحة وصون كرامتهم ومساعدتهم، وفقاً لما ورد في نظامها الأساسي. فاللجنة التي تأسّست عام 1863 وانبثقت منها الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر واتفاقيات جنيف الأربع وبرتوكولاتها الإضافية، تمارس عملها في مائة دولة، مثل: أفغانستان وأوكرانيا والمكسيك والأراضي الفلسطينية المحتلة و"إسرائيل"، باعتبارها الوصيّ على ضمان احترام القانون الدولي الإنساني وتعزيزه. إذ تسعى قواعد هذا القانون المطبّق في النزاعات المسلحة لتوفير الحماية للأشخاص الذين لا يشاركون أو الذين يكفّون عن المشاركة في الأعمال العدائية، وهم: السكان المدنيون والمقاتلون الجرحى والمرضى والمحرومون حريتهم، وكذلك تقييد الوسائل المستخدمة في الحرب، بحيث يتعيّن على جميع أطراف القتال التمييز بين المقاتلين والمدنيين، وعدم استهداف المدنيين.
تقدّم اللجنة نفسها منظّمة مستقلة محايدة وغير منحازة، تضطلع بمهامّ إنسانية بحتة بعيداً عن التجاذبات والانحيازات السياسية، حيث تقوم من بين مهام أخرى بزيارة أسرى الحرب والمعتقلين المدنيين خلال النزاعات المسلحة، للتأكّد من أنّهم يُعاملون بكرامة وإنسانية، وتمارس أيضاً مهامّ حماية النازحين داخل بلدانهم ومساعدتهم، ولمّ شمل العائلات، والسعي لكشف مصير الأشخاص المفقودين.
هل معاناة الفلسطينيين على الأجندة؟
في لقائها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في ديسمبر/ كانون الأوّل 2023، أكدت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريك إيغر، الأولوية التي يحتلها ملفّ إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين (الرهائن كما تسميهم) على أجندة اللجنة، فيما التقت بعد ذلك بعضاً من ذوي هؤلاء إظهاراً للتعاطف والدعم لهم. وهو ما تؤكّده تغريدات رئيسة اللجنة واللجنة على منصة إكس (تويتر سابقاً) مرّة تلوة الأخرى، من دون أن تحتل مسألة المعتقلين الفلسطينيين ذات الأولوية. فقد زارت إيغر لاحقاً المؤسّسات الفلسطينية الخاصة بالمعتقلين الفلسطينيين من دون أي تعقيب منها، وفيما أظهر البُعد الإنساني في الحالة الأولى، غاب تماماً في الحالة الثانية ليصبح فقط بنداً على أجندة عملٍ مهنيةٍ ليس أكثر.
لم تعلّق اللجنة الدولية للصليب الأحمر على حملة الاعتقالات الواسعة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ ما بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل 2023 في صفوف الفلسطينيين. ورافقت هذه الاعتقالات إجراءات قمعية منذ لحظة الاعتقال الأولى، فيما يخضع المعتقلون حديثاً لظروف تصل إلى درجة الإخفاء القسري، التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فضلاً عن الانتهاكات الصارخة الممنهجة التي يتعرّض لها كل الأسرى داخل السجون، والتي تراوح ما بين الاعتداءات الجسدية والضرب المبرِّحَين، والتي أفضت في بعض الحالات إلى قتل سبعة أسرى حتى كتابة هذه السطور، وحظر الالتقاء بالمحامين أو التقديم للمحاكمة، إلى أشكال أخرى من الاستفراد بالأسرى، مثل: التجويع وحرمانهم الممتلكات والأغطية والملابس، وعدم تقديم الأدوية والعلاج إلى الأسرى المرضى. ويتساوى في هذا الرجال والنساء والأطفال، وقد وصفت هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين هذه الاعتداءات بأنها "تسير في منحنى تصاعدي عقابي انتقامي". هذه الانتهاكات الخطيرة التي وجه الأهالي على إثرها الانتقادات اللاذعة والاحتجاجات على أداء اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تقاعست حسب وصفهم عن مطالبة قوات الاحتلال الإسرائيلي بتطبيق اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة والبروتوكول الإضافي الأوّل بمواجهة أبنائهم الأسرى، على الرغم من أنّ أحد اختصاصاتها الأصيلة زيارة أسرى الحرب والمعتقلين المدنيين خلال النزاعات المسلحة.
لا تزال المؤسّسات الصهيونية تفاخر بالعلاقة الحميمة مع مؤسّس اللجنة الدولية للصليب الأحمر
في سياق متصل، لم تصدُر عن اللجنة أيّة تصريحات، ولو بطابع احتجاجي ضد الانتهاكات الإسرائيلية المذكورة، والتزمت الصمت تماماً حيال القاعدة العسكرية الإسرائيلية، سدي تيمان، قرب مدينة بئر السبع في النقب، التي تُستخدَم حالياً معسكر اعتقال للفلسطينيين المختطفين من قطاع غزّة، إذ يعانون من ظروف اعتقال مروّعة، وفقاً لما كشفته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فيما سلطت مؤسساتٌ حقوقية عديدة، كالمركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، الضوء على الانتهاكات الممنهجة والفظيعة التي يتعرّض لها هؤلاء المعتقلون.
وفي ظلّ توالي الشهادات الحيّة التي يرصُدها الإعلام عن غزّيين ناجين من الاعتقالات التي تنفذها القوات الإسرائيلية في شمال غزّة، في ظروف ترقى إلى الاختفاء القسري بحقّ الرجال والنساء والأطفال، فقد أدلت امرأة غزّية بشهادتها بعد إطلاق سراحها في منتصف الليل في طريق خالٍ موحش في غزّة مليء بجثث الضحايا والكلاب، وعلى الرغم من رجاءاتها المتكرّرة لموظفي الصليب الأحمر في المنطقة لإجراء مكالمة هاتفية مع ذويها طلباً للمساعدة، إلا أنّ رجاءاتها قوبلت بالرفض.
فيما تسلّمت السلطات في غزّة في ديسمبر/ كانون الأوّل الماضي من الجانب الإسرائيلي، عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جثث 80 شهيداً فلسطينياً، عملت الطواقم الطبية الفلسطينية على معاينتها وتقييدها تحت بند مجهول، لاستحالة التعرّف إليها بسبب التشوّه الذي أصابها، حيث دُفنت جميعها في مقبرة جماعية في رفح. على إثر هذه الواقعة، وجهت وزارة الصحة في غزّة اللوم إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي لم تجرِ أيّة فحوصات لحال الجثث التي سُرقت أعضاؤها من الجانب الإسرائيلي. وبتتابع الانتهاكات الإسرائيلية المستمرّة بحقّ الفلسطينيين، فإنّ لوم الفلسطينيين أداء اللجنة الدولية للصليب الأحمر مستمرٌّ أيضاً.
استنكار متبادل
تعليقاً على أدائها منذ 7 أكتوبر، وُجّهت إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر تهم عديدة راوحت ما بين التقاعس والتجسّس والانحياز، وهو ما استنكرته اللجنة بدورها للدرجة التي خصّصت جزءاً من موقعها الإلكتروني للرد على هذه الاتهامات والادّعاءات. وفي سياق ذلك، لم تنسَ اللجنة التي ينتقد أداؤها أيضاً إسرائيليون بسبب ملفّ المحتجزين الإسرائيليين في غزّة، باستذكار اعتذارها التاريخي تجاه اليهود والتزامها غير المشكوك فيه نحوهم، وهو ما عزّزته بتأكيدها الذي اتخذ صيغاً متنوّعة بخصوص مطلب إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين الذي وصفته بأنّه "واضح وضوح الشمس"، مع إبداء كثيرٍ من التعاطف مع ذويهم، من دون الإشارة ولو مرّة إلى المعتقلين الفلسطينيين أو ظروف اعتقالهم القاسية، إذ تكتفي اللجنة في ما يخصّ الفلسطيني بالمطالبة بضرورة توفير الاحتياجات الإنسانية المادية له (كالطعام والماء والوقود) الناتجة من تداعيات "العنف المستمر بين الطرفين" كما تصفها أو التذكير العام لقواعد القانون الدولي الإنساني.
تساوي "الصليب الأحمر" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، على الرغم من أنّ عدد ضحايا الفلسطينيين في غزّة فقط، قد وصل إلى مئة ألف ما بين قتيل وجريح ومفقود
من جهة أخرى، تساوي اللجنة تماماً بين الإسرائيليين والفلسطينيين من حيث المعاناة والضحايا، فهي تورد في إحدى مقالاتها: "لا يزال العنف الذي لم يسبق له مثيل من حيث نطاقه وطبيعته يسبّب خسائر بشرية هائلة في جميع أنحاء إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة"، على الرغم من أنّ عدد الضحايا الفلسطينيين في غزّة فقط قد وصل إلى مئة ألف ما بين قتيل وجريح ومفقود حسب ما أورده أخيراً المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
هذا وتعكس صياغة السؤال التالي الوارد ضمن توضيح نطاق عمل اللجنة في فلسطين، والذي يبدو للوهلة الأولى متسقاً مع التوصيف القانوني الدولي للأراضي الفلسطينية المحتلة، تاريخاً مستمرّاً من المحو الدولي المقصود للوجود المادّي للفلسطينيين، فالمسألة التي يذكُرها السؤال تمثل جدلاً قانونياً غير محسوم (سياسياً في جوهره)، برز، مثلاً، في مداولات لجنة قبول الأعضاء الجدد في هيئة الأمم المتحدة المنبثقة من مجلس الأمن بشأن مدى تحقّق أركان الدولة بالنسبة إلى فلسطين، في ضوء طلب الأخيرة المُقدّم للانضمام دولةً كاملة العضوية إلى الهيئة أعلاه عام 2011. وعليه، كان من الأجدر باللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تنأى بنفسها عن تحيّز أبرزته في الصيغة الآتية: "لماذا تعدّ اللجنة الدولية الأراضي الفلسطينية محتلّة، طالما أن فلسطين لم تكن قطّ دولة من الأساس؟". أمّا عن "قطّ" و"من الأساس" الواردتين، فقد ردّ عليهما متخصّصون قانونيون كثيرون، مثل الأكاديمي الأميركي البروفيسور جون كويغلي، فلماذا الانحياز في تبنّي الحسم في مسألة جدلية؟
اعتذار في عالم موازٍ
ينتهج المجتمع الدولي، وهو، في هذه المطالعة، المؤسّسات العاملة في المجال الإنساني، نهجاً مميّزاً ولافتاً لدى استحضار الألم الفلسطيني. فالملاحظ في التصريحات الصادرة عن هذه المؤسسات حتمية تقديم الألم الإسرائيلي/ اليهودي على الفلسطيني، وضرورة استذكار تاريخ هذه الآلام محطّة عبور لازمة وممهدة لما سيُذكر بعدها، كأنما هذه المؤسّسات في نهجها هذا تنتزع الشرعية في رواية الألم الفلسطيني من خلال المفاضلة والتقديم لذاك الإسرائيلي/ اليهودي الموجود في الماضي أصلاً، لتتجنّب اتهامات جاهزة أشهرها معاداة السامية والتحيّز.
في عالمٍ موازٍ، حين تتبدّد تلك المنهجية وتصبح الرواية المستقلة للألم الفلسطيني ممكنة وحقيقية. في هذه الحال فقط، يصبح اعتذار اللجنة الدولية للصليب الأحمر للفلسطينيين الذين تقاعَست عن أداء مهامها تجاههم وارداً، أي في لحظة مراجعة أخلاقية أخرى قد تخطُر على وجدان اللجنة المُحمّلة بأنّات الإنسان وعذاباته، أي إنسان! وإن كان شرقاً أوسطياً يسمّى الفلسطيني.