المسلمون في ألمانيا.. الآخرون الذين لا يشبهوننا
يتبنّى الخطاب السياسي والإعلامي الألماني، أو طيفٌ واسعٌ منه، سياسةً تبدو واضحة ومتسقة بخصوص المهاجرين تتمثل باعتبارهم جزءاً من الدولة الألمانية، ورفض مفاهيم وممارسات العنصرية وكراهية الأجانب. هكذا يبدو الأمر عند النظر إليه للوهلة الأولى، لكن عند النظر بمزيدٍ من التفصيل تتكشّف التحفّظات والتناقضات وفقاً للمواقف المختلفة. فهي، وإن كانت دقيقة للغاية، إلا أنّه يمكن للمهاجر أو للألماني من أصول مهاجرة أن يشعر بها على المستوى اليومي، وتتقاطع هذه التحفّظات لتبلغ أشدّ تجلّياتها عندما يتعلق الأمر بالمهاجر المسلم.
بعد الكشف عن اجتماع بوتسدام السري الذي عُقد في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، حيث اجتمع قادة حزب البديل لأجل ألمانيا مع متطرّفين يمينيين لمناقشة خطط إعادة المهاجرين إلى بلادهم، سارع السياسيون الألمان من الأحزاب الأخرى إلى التعبير عن رفضهم القاطع هذه السياسة، وكذلك حرصهم على ألا يُعيد التاريخ الألماني نفسه مرّة أخرى.
في الأشهر الأخيرة، خاصة بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأوّل، انتفض هذا الطيف السياسي والإعلامي نفسه ضدّ كلّ من يعارضه في دعمه غير المشروط لإسرائيل، واعتبرهم ببساطة معادين للسامية، وأن هؤلاء هم بطبيعة الحال مهاجرون من أصول شرق أوسطية/ إسلامية لم يندمجوا تماماً في المجتمع الألماني ولم يتبنّوا قيمه، من دون أن يأخذ في الاعتبار أنّ خطابه هذا لا يختلف في جوهره عن أيّ خطابٍ يمينيٍّ يسمّم الجو العام، ويجعل من المهاجر/ المسلم أو الذي يُصنّف على هذا النحو، يجعل منه "آخر" مختلفاً عن الـ "نحن" الألمانية ويرسم صورة عن هذا الآخر باعتباره يُشكّل تهديداً للهوية الألمانية.
التوّجّهات السياسية والتصريحات العامة لكبار السياسيين ووسائل الإعلام تساهم في التمييز ضد المسلمين
وحقيقة الأمر أنّ هذه الخطابات ليست جديدة ولم تظهر فجأة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين المسلمين. إنّ الجدل السياسي والإعلامي الذي يتساءل "ما إذا كان الإسلام ينتمي إلى ألمانيا" له تاريخ طويل ومتكرّر، ويثير تساؤلات عديدة بشأن هوية المجتمع الألماني والاندماج الفعلي للمسلمين فيه ودور الأديان في الفضاء العام وعلاقتها بالدولة العلمانية الدستورية. وقد انخرطت فيه شخصيات سياسية مرموقة مثل الرئيس الألماني السابق، كريستيان فولف، الذي صرّح عام 2010 إن "الإسلام ينتمي إلى ألمانيا"، ما أثار عاصفة من الجدل، تبعه عام 2016 تصريح الرئيس السابق يواخيم غاوك "ليس الإسلام، إنّما بعض المسلمين الذين يعيشون هنا ويندمجون في المجتمع هم جزءٌ من هذه الدولة".
يتجاهل هذا الجدل المحتدم الارتباط الوثيق بين الاعتراف بالإسلام والاعتراف بالمسلمين جزءاً من ألمانيا، مما يؤدي إلى التمييز والتهميش ضد المسلمين باعتبارهم ممثلين للإسلام. إذ إنّ التمييز بين النقد والاستياء (المشروع) من الإسلام ديناً والاستياء (غير المشروع) من أتباعه مصطنع وغير حقيقي، فالإسلام بحدّ ذاته ليس فاعلاً اجتماعياً، بل الناس هم الذين يمارسون هذا الدين بطريقة أو بأخرى ويجعلونه واقعاً اجتماعياً. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل من الممكن بالفعل النظر إلى المسلمين والإسلام بشكل منفصل، أي هل يُمكن قبول المسلمين بوصفهم جزءاً من ألمانيا، بينما يُرفض الإسلام أو يجري التصرف بعدائية تجاه الدين، وبحياد تجاه أتباعه؟
في الحقيقة، يُشكّل الإسلام بجميع جوانبه جزءاً من الواقع الألماني، وبالتالي جزءاً من المجتمع منذ استقرار "العمال الضيوف" من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، خاصة تركيا، بشكل دائم في ألمانيا منذ ستينيات القرن الماضي. في الوقت الراهن، يعيش في البلاد حوالي 5.5 ملايين مسلم، بينهم ثلاثة ملايين يحملون الجنسية الألمانية. ورغم وجود آليات قانونية ومؤسّساتية في ألمانيا تُمكّن من التعامل مع احتياجات التعدّدية المتزايدة في المجتمع، فإنّ هناك فجوات عديدة في ما يتعلّق بحقوق المسلمين وحرياتهم. ويُعزى ذلك إلى تأسيس النظام القانوني الألماني، الذي اعتمد على تطوّرات تاريخية مرتبطة بظروف وتوقعات المجتمع الألماني الذي كان متمركزاً دينياً على المسيحية في الماضي. لذلك، تبرز الحاجة الملحّة في الوقت الحاضر إلى التساؤل عن مدى تناغم النظام القانوني الحالي مع التطوّرات الاجتماعية والثقافية الحديثة، وتقييم الأطر التي تضمن فيها هذه القوانين تحقيق العدالة والمشاركة المتساوية لجميع أفراد المجتمع بما يعكس هذا التنوّع الديني والثقافي.
يُنظر إلى المسلمين أنهم أجانب بسبب أصولهم المزعومة، وهو ما يظهر بوضوح في سيناريوهات التهديد الناجمة عن التغيير الديموغرافي
في تقرير يرصد ظاهرة كراهية المسلمين في ألمانيا عرضته وزارة الداخلية الألمانية في يونيو/ حزيران عام 2023، بيّنت النتائج أنّ العداء للمسلمين ليس ظاهرة اجتماعية هامشية، بل ينتشر على نطاق واسع بين الألمان، إذ إنّ 50% من الشعب الألماني تتبنى مواقف أو آراء معادية للمسلمين. إضافة إلى ذلك، يواجه المسلمون في ألمانيا التمييز والأحكام المسبقة، وهم أكثر الأقليات في البلاد تعرّضاً للاضطهاد الذي قد يصل إلى حدّ العنف اللفظي أو الجسدي. ولا تتجلّى المشاعر المعادية للمسلمين في التمييز الواضح والواعي والهجمات من الطيف اليميني المتطرّف فحسب، بل تظهر أيضاً في الأحكام المسبقة اللاواعية والمعلومات الخاطئة والعيوب الهيكلية المتمثلة في القوانين وإتاحة الفرص وتوزيع الموارد. فضلاً عن ذلك، توجد تقاطعاتٌ في التحيّزات والتحفظات المختلفة حيث يُنظر إلى المسلمين على أنهم مهاجرون "أجانب" من ناحية، وأتباع لدين يُفترض أنه "متخلّف" من ناحية أخرى. فيُفترض أنّ المسلمين أجانب يفتقرون إلى القدرة على الاندماج، وأن لديهم ميلاً إلى النأي بأنفسهم بشكل واعٍ عن الاتصال مع أتباع الديانات الأخرى، عندما يتعلق الأمر بسياسة الهجرة، بينما يُربط الإسلامُ عموماً، ومن ثَمَّ المسلمون بالعنف والتطرّف والقيم الأبوية على المستوى الديني. وهذا يؤدي إلى انقسام غير دستوري وعدائي للمجتمع على أساس "نحن" أي الألمان، و"هم" أي المسلمون، إذ يتم وصم "الآخرين" (المسلمين) بخصائص سلبية دائمة وغير قابلة للتغيير، وهو ما يتناقض في المقام الأول مع الصورة الذاتية الإيجابية بطبيعة الحال للمجموعة الداخلية "نحن".
وتؤكّد الدراسات أنّ التوجّهات السياسية والتصريحات العامة لكبار السياسيين ووسائل الإعلام تساهم في التمييز ضد المسلمين، كما تفيد الأبحاث الحالية في مجال التأثيرات الإعلامية بأنّ الصورة السلبية أحادية الجانب عن الإسلام المنتشرة على نطاق واسع في وسائل الإعلام الألمانية، سواء المكتوبة أو المرئية، يمكن أن تعزّز أو حتى تزيد المواقف العدائية وأعمال العنف اليمينية المتطرّفة تجاه المسلمين، إذ يركّز الإعلام الألماني بقوة على أعمال العنف التي يرتكبها المسلمون واندماجهم المحدود في المجتمع الألماني، في حين يتجاهل العنف اليميني المتطرّف ضد المسلمين، إضافة إلى ذلك، يستمر في نشر الصور النمطية السلبية عن الإسلام، في ظلّ تغييب الجوانب الإيجابية لحياة المسلمين.
العنصرية المناهضة للمسلمين
تستخدم مصطلحات مختلفة لوصف ظاهرة العداء تجاه المسلمين أو التمييز الواقع عليهم والحطّ من شأنهم. في السياق الألماني، تشهد المناقشات بشأن المصطلح الصحيح جدلاً مكثفاً. وغالباً ما تستخدم مصطلحاتٌ، مثل كراهية الإسلام وكراهية المسلمين والإسلاموفوبيا بوصفها مترادفات، على الرغم من أنّ كل واحدة منها تركّز على جوانب معيّنة من الظاهرة وتهمل جوانب أخرى. الأمر الذي يجعلها تتعرّض لانتقاداتٍ واسعةٍ لأنها بتركيزها على العواطف كالخوف والكراهية تنزع عن الظاهرة الطابع العقلاني، وتحول دون إلقاء الضوء على الأبعاد السياسية والهيكلية والتاريخية.
لذلك، يتفق كتاب وباحثون كثر على استخدام مصطلح "العنصرية المناهضة للمسلمين" للدلالة على أنّ هذه الظاهرة لا تقتصر على كونها حاضراً غير عقلاني أو وضعاً استثنائياً (يميني تحديداً) في المجتمعات الأوروبية الديمقراطية، بل كجانب متأصّل في الحداثة الأوروبية. ويربطون المناقشات الحالية حول الإسلام بالتطوّر التاريخي لأوروبا وإرثها الاستعماري.
يُعتبر مصطلح "العرق" في ألمانيا "تابو". مع ذلك، لا يغيّر هذا حقيقة أنّ التصورات العنصرية لا تزال تؤثر على الطريقة التي يجري فيها الحديث عن بعض الفئات
يجمع مصطلح "العنصرية ضد المسلمين" بين نقاط انتقاد متنوعة تعتمد على عمليات العنصرة، إذ تُصنع صورة للمسلمين باعتبارهم "آخرين" وفقاً للعملية التي تسمّى الجوهرية Essenzialisierung، ما يعني اختزال الناس وتصنيفهم بناءً على خاصية واحدة من دون مراعاة لاختلافاتهم الفردية. فتستخدم خاصية ما، (في هذه الحالة: "كونهم مسلمين")، لتصنيف الأشخاص الذين يفترض أنهم جميعاً لديهم الخصائص والتفضيلات والمواقف نفسها (التجانس: "جميعهم متشابهون"). ثم يُنسب كلّ شيء إلى هذه الخاصية الواحدة، بحيث، على سبيل المثال، ليست القرارات السياسية للدولة مثل سياسة سوق العمل أو عدم الاعتراف بالمؤهلات المهنية الأجنبية هي التي تؤدّي إلى انخفاض دخل الأفراد المنتمين للمجموعة، بل يرجع ذلك إلى الخصائص السلبية المزعومة لهم (التطبيع "هذا ما هم عليه وفقاً لثقافتهم ودينهم").
وفي هذا السياق، يُنشئ تمايز بين هذه المجموعة ومجتمع الأغلبية المهيمنة من خلال تجاهل القواسم المشتركة بين المجموعتين، وتسليط الضوء على الاختلافات المفترضة في المقابل، يجري تصنيفهم مسلمين بناءً على مظهرهم أو أسمائهم ويستخدمون رمزاً للمشكلات الاجتماعية، وهذا يبرّر، في نهاية المطاف، التمييز والتراتبية التي تحرم "الآخرين" (غير الألمان) وتحمي امتيازات المجموعة "الخاصة" (الألمانية).
عموماً، تُعتبر العنصرية ضد المسلمين من أشكال العنصرية، إذ يُنظَر إلى الناس على أنهم غير قابلين للتغيّر جوهرياً، بناءً على خصائص معينة، مثل الثقافة والدين والأصل. يلعب الدين/ الثقافة هنا دور السمة المميزة غير القابلة للتغيير، فلا يهم ما إذا كان الشخص متديّناً أم لا، أو كيف يُمارِس دينه أو ما هي القرارات التي يتّخذها في الحياة، بل كيف تنظر إليه غالبية المجتمع وتُصنفه مسلماً. وهي تأخذ في الاعتبار جميع المستويات، ليس المستوى الفردي فحسب، بل المستوى الهيكلي أيضاً، والذي يتضمّن القوانين وإتاحة الفرص وتوزيع الموارد، بالإضافة إلى المستوى المؤسّسي مثل السلطات والمدارس والشركات، والمستوى الخطابي، أي كيف يُصوَّر المسلمون في وسائل الإعلام. وبالتالي، لا يقتصر الأمر على مسائل الممارسة الدينية أو المواقف الفردية تجاه المسلمين، بل يتعلّق خاصةً بالآليات القائمة التي تؤثر في المسلمين أو الأشخاص الذين يُعتبرون مسلمين.
الآثار التاريخية
يمكن تتبع جذور العنصرية ضد المسلمين إلى نهايات القرن الخامس عشر وبدايات القرن السادس عشر في شبه الجزيرة الإيبيرية، حيث شاع التمييز ضد المسلمين واليهود وحرمانهم من حقوق وحرّيات عديدة، إضافة إلى تعرّضهم لعمليات طرد وتهجير وتحويل ديني قسري. وواجه المسلمون الذين اعتنقوا المسيحية، والمعروفين بـ"الموريسكيين"، اتهامات بالهرطقة، وبأنهم لا يزالون يعتنقون الإسلام سرّاً، ما جعلهم موضع شكٍّ على الدوام واعتبارهم أشخاصاً معيبين يحتاجون التقويم والإدماج والسيطرة والمراقبة.
نتيجة هذا، صدر في غرناطة عام 1526 "برنامج استيعاب" أُجبر بموجبه الموريسكيون على ارتداء ملابس مشابهة للتي يرتديها المسيحيون، وحُظر الحجاب الإسلامي واللغة العربية. إضافة إلى ذلك، أُلزموا بترك أبواب منازلهم مفتوحة أيام الجمعة والأحد لضمان عدم أدائهم صلاة الجمعة أو العمل في أيام الأحد المسيحية.
يمكن تتبع جذور العنصرية ضد المسلمين إلى نهايات القرن الخامس عشر وبدايات القرن السادس عشر في شبه الجزيرة الإيبيرية
كما تعرّض المسلمون واليهود على حدٍّ سواء لتأثير "مراسيم نقاء الدم" التي فرضتها محاكم التفتيش. كان هذا المفهوم القانوني يُفرّق بين الأشخاص على أساس "أنقياء" و"غير أنقياء"، فالنقاء هنا أن يكون الشخص خالياً من "دنس" الديانتين اليهودية أو الإسلامية أو غيرهما. ويعكس ذلك المحتوى العنصري للبرامج التي اتهمت الموريسكيين والكونفيرسيين (اليهود وأحفادهم الذين حُوِّلوا إلى المسيحية قسراً) بأنهم تهديد للأمة، ولذلك كان يجب وضعهم تحت مراقبة خاصة. ولم يُغير التحوّل إلى المسيحية واقع الاضطهاد الذي تعرّضوا له، ولا حتى بالنسبة للأجيال اللاحقة، حتى لو اعتبروا أنفسهم مسيحيين بالفعل. منذ عام 1571، نوقشت المزيد من التدابير لحل مشكلة الموريسكيين، بما في ذلك الترحيل والاستعباد والعمل القسري حتى الموت والإخصاء والتعقيم. وفي عهد الملك فيليب الثاني عام 1609 هُجّر 300 ألف من الموريسكيين جماعياً إلى سواحل شمال إفريقيا.
يشترك علماء الاجتماع رامون جروسفوغويل وإيريك ميلانتس والمستعرب موريتس س. بيرغر في الرأي القائل إنّ حالة التطهير وبرامج المراقبة والتعليم المصمّمة لهذه المجموعات، فضلاً عن طردهم وتهجيرهم، كانت أكثر من مجرّد تمييز ديني، بل تنم عن عملية عنصرية كانت عواقبها مماثلة لنتائج العنصرية الحديثة التي تطوّرت لاحقاً. يوضح بيرغر أيضاً أنّ الاختلاف الديني الثقافي تم تعريفه على أنه "عرقي"، إذ كان يُنظر إلى الموريسكيين على أنّهم مختلفون عرقياً عن المسيحيين القدماء، الذين ادّعوا أنهم ينحدرون من القوط الجرمانيين كنقيض للأصل العربي السامي المفترض للموريسكيين. وهذا ما تؤكده الباحثة في شؤون العنصرية إيمان عطية فتشير إلى أن "الموريسكيين" "صُنِّفوا "عرقاً" وأمةً منفصلة على أساس ثقافتهم الأجنبية، التي جرى تعريفها دينياً.
الإعلام الألماني الذي لطالما كان مساهماً أساسياً في نشر صورة سلبية عن المسلمين وترسيخها ما زال يشحن هذا الخطاب بوضوح
في الوقت الحالي، يُعتبر مصطلح "العرق" في ألمانيا "تابو". مع ذلك، لا يغيّر هذا حقيقة أنّ التصورات العنصرية لا تزال تؤثر على الطريقة التي يجري فيها الحديث عن بعض الفئات مثل السود، واليهود، وغجر أوروبا، والمسلمين. تعد العنصرية المعادية للمسلمين مثالاً بارزاً على "العنصرية من دون عرق"، كما يعبر عنها الفيلسوف الفرنسي إتيان باليبار، إذ لم يعد محورها التوريث البيولوجي، إنّما الفوارق الثقافية. وهذا يعني أنّ الثقافة والدين يلعبان في النقاشات المهيمنة حول الإسلام دوراً مماثلاً للبيولوجيا، أو يكرّران الطابع البنيوي الأساسي للعنصرية البيولوجية. إذ يُنظر إلى المسلمين أنهم أجانب بسبب أصولهم المزعومة، وهو ما يظهر بوضوح في سيناريوهات التهديد الناجمة عن التغيير الديموغرافي.
أعاد "7 أكتوبر" هذا الجدل إلى الواجهة وعمّق الانقسام العام إزاءه وبدأت البرامج الحوارية الألمانية تناقشه تحت شعار "هل نجحنا في إدماج المهاجرين المسلمين في المجتمع الألماني؟". الإعلام الألماني الذي لطالما كان مساهماً أساسياً في نشر صورة سلبية عن المسلمين وترسيخها ما زال يشحن هذا الخطاب بوضوح مستخدماً رواية المسلم العنيف المعادي للسامية والرافض للديمقراطية وسيادة القانون. ومما لا شك فيه إنّ السياسة الألمانية اليوم تواجه لحظة مهمة في تاريخها بوصفها دولة ديمقراطية مما يمثل تحدياً كبيراً، ولكن هذا التحدي لا يتمثل في اليمين المتطرف وحسب، بل في الأحزاب الألمانية الحاكمة نفسها التي أصبحت مصداقيتها على المحك. فكما هو واضح لم يعد من الممكن تمرير هذا الخطاب المتوّتر الذي يحتضن المهاجر في الوجه ثم يركله في الظهر. خطاب يعتبر المهاجر جزءاً من هذا البلد ويعترف بحاجته إليه وفضله في بنائها من ناحية، ويرفض أو يتحفظ على بعض مكوّنات هُويته من ناحية أخرى.
المراجع:
1. Bundeszentrale für politische Bildung. (2011). Islam in Deutschland. Abgerufen am 10.08.2023. Verfügbar unter: https://www.bpb.de/shop/zeitschriften/apuz/33380/editorial/
2. Deutsche Islam Konferenz. (2023). Daten und Fakten über den Islam in Deutschland. Abgerufen am 10.08.2023. Verfügbar unter: https://www.deutsche-islam-konferenz.de/DE/DatenFakten/daten-fakten_node.html
3. Bericht des Unabhängigen Expertenkreises Muslimfeindlichkeit. (2023). Muslimfeindlichkeit - Eine deutsche Bilanz. Abgerufen am 03.07.2023. Verfügbar unter: https://www.bmi.bund.de/SharedDocs/downloads/DE/publikationen/themen/heimat-integration/BMI23006-muslimfeindlichkeit.pdf;jsessionid=FA2532AC391FD9CE19C4437997D8304A.1_cid295?__blob=publicationFile&v=9
4. Inssan. (2015). Antimuslimischer Rassismus und Islamfeindlichkeit in Deutschland. Abgerufen am 09.08.2023. Verfügbar unter: https://rassismusbericht.de/wp-content/uploads/Antimuslimischer-Rassismus.pdf
5. Bundeszentrale für politische Bildung. (o.D.). Was ist antimuslimischer Rassismus? Islamophobie, Islamfeindlichkeit, Antimuslimischer Rassismus – viele Begriffe für ein Phänomen? Abgerufen am 09.07.2023. Verfügbar unter: https://www.bpb.de/themen/infodienst/302514/was-ist-antimuslimischer-rassismus/
6. Attia, Iman .(2013). Privilegien sichern nationale Identität revitalisieren. Gesellschafts- und handlungstheoretische Dimensionen der Theorie des antimuslimischen Rassismus im Unterschied zu Modellen von Islamophobie und Islamfeindlichkeit. In: Journal für Psychologie 21(1): 1-31. Abgerufen am 09.07.2023. Verfügbar unter: https://journal-fuer-psychologie.de/article/view/258.