مستقبل العلاقة بين المدنيين والعسكريين وتحدّيات المرحلة الانتقالية في السودان
تفاقمت حدّة الخلاف بين المكونين، المدني والعسكري، في مجلس السيادة الذي يحكم السودان منذ إطاحة نظام الرئيس السابق، عمر حسن البشير، في نيسان/ أبريل 2019. وقد ساهم تمرّد قام به لواء في سلاح المدرّعات، وصفته السلطات بأنه محاولة انقلابية يوم 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، في إخراج الخلاف بين الطرفين إلى العلن، وسط مخاوف من محاولة العسكريين إطاحة حكومة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، والاستئثار بالحكم، مع اقتراب موعد تسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين بموجب اتفاق 2019 الذي حدّد شروط إدارة المرحلة الانتقالية ريثما يتم إجراء انتخاباتٍ عامة، وتسليم السلطة لحكومة منتخبة.
اتفاق 2019 والعلاقة المعقدة
بعد مرور أربعة أشهر على سقوط نظام الرئيس البشير، توصلت قوى إعلان الحرية والتغيير، التي قادت الحراك الثوري، إلى اتفاقٍ مع المجلس العسكري الانتقالي الذي تولّى مسؤولية الحكم بعد إطاحة البشير، حول "وثيقة دستورية" لإدارة المرحلة الانتقالية. وبناءً عليه، تشكّل "مجلس السيادة"، في آب/ أغسطس 2019 وأسندت إليه مسؤولية إدارة البلاد لمدة 39 شهرًا بالتشارك بين المدنيين والعسكريين؛ بواقع خمسة أعضاءٍ لكل فريق، إضافةً إلى شخصيةٍ وطنيةٍ، يتم التوافق عليها. كما جرى الاتفاق على أن ترأس شخصية عسكرية المجلس في الفترة الأولى، ومدتها 21 شهرًا، في حين يتولّى المدنيون رئاسة ال 18 شهرًا المتبقية؛ بناءً على نص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية (المعدّلة)، المصدّق عليها من مجلسَي السيادة والوزراء في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2020. وبعد توقيع الحكومة السودانية اتفاقًا للسلام ينهي الصراعات المسلّحة في إقليم دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، مُددت الفترة الانتقالية لتنتهي في كانون الثاني/ يناير 2024، على أن يستلم المكون المدني السلطة في نيسان/ أبريل 2022. كذلك، نصّت الوثيقة الدستورية على تشكيل مجلس للوزراء، تقترح "الحرية والتغيير" رئيسه (وسُمِّي عبد الله حمدوك للمنصب) على أن يعيّن هو حكومةً لا تتجاوز عضويتها العشرين وزيرًا، يعتمدهم مجلس السيادة. وتشمل مهمات مجلس الوزراء كل الصلاحيات التنفيذية، إضافةً إلى صلاحياتٍ مشتركةٍ مع مجلس السيادة، بما فيها صلاحية التشريع. ونصَّت الوثيقة أيضًا على تشكيل مجلس تشريعي تحظى قوى "إعلان الحرية والتغيير" بنسبة 67% من أعضائه، في حين تحوز القوى الأخرى النسبةَ المتبقية.
مخاوف من محاولة العسكريين إطاحة حكومة رئيس الوزراء، حمدوك، والاستئثار بالحكم
وعلى الرغم من أنه كان ينبغي أن يقود الاتفاق الذي تناول كل تفاصيل المرحلة الانتقالية إلى انتقال سَلسٍ، فإن الشكوك طبعت العلاقة بين المكونين، المدني والعسكري، منذ البداية، في ضوء مَيل العسكريين إلى التمسّك بالسلطة، خصوصًا أن اتفاق آب/ أغسطس 2019 حول المرحلة الانتقالية لم يكن ليحصل، لولا ضغط الشارع وبعد فض اعتصام القيادة العامة في 3 حزيران/ يونيو 2019، وقد أسفر عن سقوط أكثر من مئة قتيل من المتظاهرين وجرح أكثر من خمسمئةٍ آخرين برصاص قوات الأمن. واعتقد المجلس العسكري الانتقالي حينها أن فض الاعتصام سوف يؤدي إلى تجريد قوى الحرية والتغيير من أداة الضغط الرئيسة التي تملكها؛ ومن ثم يسهل إملاء شروطه عليها بشأن إدارة المرحلة الانتقالية. لكن الاتحاد الأفريقي الذي أمهل المجلس العسكري ستين يومًا لتسليم الحكم للمدنيين، ولوّح بتعليق عضوية السودان إنْ لم يتمّ ذلك، ردَّ على عملية فضّ الاعتصام بإعلان التعليق؛ ما مثَّل ضربةً قوية للمجلس العسكري.
وقد تبدّت الريبة في العلاقة بين الطرفين، المدني والعسكري، منذ الأسابيع الأولى لتشكيل الحكومة، في حدثين مهمين. تمثَّل الأول في إرسال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في 27 كانون الثاني/ يناير 2020، خطاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، من دون التنسيق مع المكون العسكري، يطلب فيه إرسال بعثة أممية تحت البند السادس من الميثاق، لمساعدة السلطة الانتقالية في السودان في دفع عملية السلام، وإعادة بناء قدرات قوات الشرطة، وإعادة توطين النازحين، ونزع السلاح، بعد توقيع اتفاق السلام مع الجماعات المسلحة، على أن تشمل ولايتها كامل أراضي السودان. وقد فسّرت هذه الخطوة حينها بأنها التفافٌ على مجلس السيادة الذي عد الطلب استقواءً بالأمم المتحدة. وفي إثر ذلك، عقد مجلس الأمن والدفاع اجتماعًا طارئًا لبحث رسالة حمدوك، تمخّض عنه تكليف رئيس الوزراء بكتابة خطاب جديد إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أُرسل في 27 شباط/ فبراير 2020، وركّز الطلب المعدّل على أن تشمل مهمة البعثة الأممية تحقيق السلام ودعم الاقتصاد وعودة النازحين والإعداد للانتخابات القادمة. وقد أقرّ مجلس الأمن الدولي، في نيسان/ أبريل 2020 الرسالة الثانية المقدّمة من حمدوك، مؤكدًا ضرورة حماية المكاسب الديمقراطية وتجنب العودة إلى الحرب. أما الحدث الثاني الذي أظهر الشكوك المتبادلة فكان إجازة الكونغرس الأميركي في كانون الثاني/ يناير 2021 "قانون التحوّل الديمقراطي في السودان والمحاسبة والشفافية المالية". وقد جاء القانون، الذي وقف خلفه ناشطون سودانيون، داعمًا للمدنيين مُلوّحًا بفرض عقوبات إذا لم يسلّم العسكريون رئاسة مجلس السيادة إلى المدنيين بعد انقضاء دورتهم وفقًا للوثيقة الدستورية.
طبعت الشكوك العلاقة بين المكونين، المدني والعسكري، منذ البداية، في ضوء مَيل العسكريين إلى التمسّك بالسلطة
بناءً عليه، لم يشكّل الخلاف الحادّ الذي ظهر بين الحكومة المدنية والمكون العسكري في مجلس السيادة عقب إحباط التمرّد الذي عُدَّ محاولةً انقلابية فاشلة مفاجأة كبيرة؛ إذ طالب عضو مجلس السيادة، محمد الفكّي سليمان، في تغريدةٍ له، فور الإعلان عن "المحاولة الانقلابية"، الجماهير بالخروج لحماية الثورة. وردّ العسكريون، على لسان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بالتساؤل عن "حماية الثورة" مِمَّن؟ عادّين ذلك محاولةً للنيل من قيادة القوات المسلحة ودورها في حفظ الأمن في البلاد. وقد دفع هذا التوتر مجلس الوزراء إلى إصدار بيانٍ دَان فيه المحاولة الانقلابية، مؤكّدًا أهمية تحصين الفترة الانتقالية من خلال تقييم الفترة الماضية بشفافية ووضوح وبذل مزيدٍ من الجهد لتوحيد قوى الثورة، وتمتين الشراكة بين العسكريين والمدنيين. وفي 22 أيلول/ سبتمبر 2021، أي بعد يوم من إحباط "المحاولة الانقلابية"، انتقد البرهان المدنيين، في خطابٍ له في أثناء تخريج دفعة من الضباط، قائلًا: إن "القوى السياسية انشغلت بالصراع على السلطة والمناصب"؛ ما أسهم في وقوع المحاولة الانقلابية. وأضاف أن المؤسسة العسكرية لن تترك جهةً واحدةً تتحكّم في مصير البلاد. وسار الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نائب رئيس مجلس السيادة، وقائد قوات الدعم السريع، على نهج البرهان في مهاجمة المدنيين، وتأكيد مسؤوليتهم في الفشل.
وفي ردّه على تصريحات البرهان ودقلو، صرّح عضو مجلس السيادة، محمد الفكّي سليمان، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي في 24 أيلول/ سبتمبر 2021، بأنّ ما يدور في الساحة السياسة من سجالاتٍ بين المكونيْن، العسكري والسياسي، يرمي إلى تغيير العسكريين المعادلة السياسية، مشيرًا إلى أن ما أطلقه رئيس المجلس السيادي ونائبه، في هذا الخصوص، أخطر من محاولات الانقلاب الفاشلة نفسها.
مواقف القوى السياسية
جاءت ردود الفعل متباينةً بين قوى إعلان الحرية والتغيير المشاركة في الحكومة على تصريحات رئيس مجلس السيادة ونائبه، وكان أكثرها حدّةً تصريحات وزير شؤون مجلس الوزراء وعضو حزب المؤتمر السوداني؛ خالد عمر يوسف، إذ قال إنّ البرهان ودقلو تناسيا أن الوضع الأمني هو مسؤولية المكوّن العسكري، وإنّ تصريحاتهما تُعد تهديدًا للتحوّل الديمقراطي، ونحن جاهزون للمواجهة إذا كان العسكريون لا يرغبون في الشراكة.
واتخذ حزب الأمة القومي موقفًا أقلّ حدّةً، حيث أصدرت الأمانة العامة للحزب، في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بيانًا دانت فيه المحاولة الانقلابية الفاشلة، وأكّدت دعم الفترة الانتقالية والتعاون والحوار بين شركاء العملية السياسية. كما دعت الأمانة العامة للحزب جميع الأطراف إلى "التحلّي بالمسؤولية الوطنية والعمل على تجاوز الخلافات والابتعاد عن التكتيكات المضرّة التي تتنافى وروح الشراكة". وشكّل الحزب لجنة للتواصل مع الأطراف المختلفة. لكنّ تطوّرًا طرأ على موقف الحزب لاحقًا؛ إذ صرّح نائب رئيس الحزب المكلف، فضل الله برمة ناصر، إنه لا مانع لدى الحزب من حَلّ الحكومة، وأنّ هذا الأمر صار مطلبًا رئيسًا للعسكريين، ولا مانع من إعادة تشكيلها وتوسيع قاعدة المشاركة، ولكنْ قبل ذلك يجب الجلوس للنقاش حول الأسباب التي تدفع إلى حلّها.
ما يدور في الساحة السياسة من سجالاتٍ بين المكونيْن، العسكري والسياسي، يرمي إلى تغيير العسكريين المعادلة السياسية
أما المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير، فقد اتخذ موقفًا رافضًا تصريحات المكون العسكري في مجلس السيادة. وجاء في البيان الصحفي، الصادر عقب الاجتماع الثالث للمجلس حول الأزمة، أهميةُ الالتزام بالوثيقة الدستورية، واتفاقية جوبا للسلام، وتسليم رئاسة مجلس السيادة الدورية إلى المدنيين، وتولّي الحكومة المدنية مسؤولية الإشراف على الشرطة وجهاز المخابرات العامة، ودعم لجنة إزالة التمكين، وتسليم المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية. لكن الوضع تعقّد بسبب اجتماعٍ عُقد في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وقد ضمّ مجموعة من الأحزاب والقوى السياسية المنشقة عن قوى إعلان الحرية والتغيير، بما فيها قوى وتنظيمات موقعة على اتفاق جوبا للسلام؛ مثل حركة تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة وزير المالية جبريل إبراهيم، إلى جانب أحزاب أخرى مثل حزب البعث السوداني والتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية. وقد طالبت المجموعة في خطاب مُوجَّه إلى رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان، في 4 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بوقف التعامل مع المجلس المركزي لقوى إعلان الحرية والتغيير إلى حين توحيد كل القوى السياسية التي أسّست قوى إعلان الحرية والتغيير وقادت التغيير.
وسلك الحزب الشيوعي طريقًا ثالثًا عبّر عنه في بيان صدر عن المكتب السياسي في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، ورأى فيه أن طبيعة الصراع الذي يدور بين المكونين لا علاقة له بمطالب جماهير الشعب السوداني، لذا، فإن الحزب يؤكّد عدم انحيازه إلى أي طرفٍ في هذا الصراع البعيد عن مصالح الشعب والثورة، ويؤكّد موقفه الداعي إلى إسقاط الحكومة.
مواقف الأطراف الخارجية
زار المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، الخرطوم بعد أيام من الإعلان عن المحاولة الانقلابية؛ للتعبير عن دعم الإدارة الأميركية للحكومة المدنية في السودان. وقد اجتمع فيلتمان برئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، وأعرب له عن إدانة الإدارة الأميركية والكونغرس المحاولةَ الانقلابية، ودعا شركاء الفترة الانتقالية إلى العمل على إنجاح الانتقال الديمقراطي. وكان المتحدّث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، قد لمّح إلى استخدام العقوبات في حال انتكاس عملية الانتقال في السودان؛ إذ قال: "الانحراف عن هذا المسار والفشل في تلبية المعايير الرئيسة سيعرّض علاقة السودان مع الولايات المتحدة للخطر، بما في ذلك المساعدة الأميركية الكبيرة التي يتلقاها السودان، فضلًا عن آفاق التعاون الأمني لتحديث القوات المسلحة السودانية والدعم الأميركي في المؤسسات المالية الدولية وتخفيف الديون". وأهم ما أشار إليه فيلتمان في زيارته هو الحاجة إلى تطوير رؤية جديدة للأمن القومي السوداني مرتكزةً على إصلاح قطاع الأمن تحت سلطة مدنية. وكان وفد أميركي آخر في زيارة للبلاد، في الفترة نفسها، برئاسة مساعد وزير الخارجية الأميركي بالإنابة، براين هانت، قد قابل عضوَي مجلس السيادة، محمد الفكي سليمان ومحمد حسن التعايشي، وأكّد المسؤول الأميركي استمرار الشراكة ودعم الولايات المتحدة عملية التحوّل الديمقراطي.
الشراكة التي بدأت قبل أكثر من عامين بين المكوّنين المدني والعسكري تواجه مأزقًا خطيرًا مع توجّه العسكريين إلى الاستئثار بحكم البلاد
في المقابل، أعربت مصر ودولة جنوب السودان عن دعمها البرهان، وظهر ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده كلّ من رئيس مصر ورئيس جنوب السودان بعد زيارة رئيس جنوب السودان، سيلفا كير، مصر في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2021؛ إذ أشار هذا الأخير إلى أن السودان يواجه اضطراباتٍ، وأنّ على مصر وجنوب السودان مساعدة السودان ودَعْم البرهان، حتى لا يعود السودان إلى الحرب.
مستقبل العلاقة بين المدنيين والعسكريين
خلال الأسبوع الأخير، ارتفعت نبرة التصعيد لدى العسكريين حيال الأزمة؛ إذ أكّد البرهان في لقاءاته مع الوحدات العسكرية موقفه القاطع بضرورة حل الحكومة وتوسيع قاعدة المشاركة فيها. واتّخذ خطوات تصعيدية؛ إذ أصدر عدة قرارات في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، كرّست سلطة المكون العسكري، وكشفت عن أنه الحاكم الفعلي للبلاد. وشملت الإجراءات حظر سفر مسؤولي لجنة إزالة التمكين، ومن بينهم نائب رئيس اللجنة وعضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان. وأشارت تقارير أخرى إلى منع خالد عمر يوسف، وزير شؤون مجلس الوزراء من دخول القيادة العامة للقوات المسلحة عندما كان بصحبة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. كما وضعت قنوات التلفزيون السودانية والقنوات التابعة للولايات يوم 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2021 تحت حراسة القوات المسلحة.
يبدو واضحًا أن العلاقة بين المكونين، المدني والعسكري، تمرُّ بمنعطف كبير، وأن الشراكة التي بدأت بينهما قبل أكثر من عامين تواجه مأزقًا خطيرًا مع توجّه العسكريين إلى الاستئثار بحكم البلاد ومحاولة تهميش المكون المدني في مجلس السيادة الانتقالي. لكنّ تهيّب العسكريين من تحمل المسؤولية الكاملة عن إدارة أزمات البلاد؛ بما فيها أزمة شرق السودان، والأزمة الاقتصادية، فضلًا عن المقاومة التي تُبديها القوى المدنية، والضغوط الخارجية، الأميركية خصوصًا، قد تدفع كلّها في اتجاه تسوية يُعاد من خلالها تشكيل الحكومة المدنية على أساس توسيع قاعدة المشاركة، وهذا مطلبٌ تؤيده قوى داخل المجلس المركزي للحرية والتغيير، مع بقاء رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، على الأرجح؛ ذلك أن تغييره سيجلب ضغوطًا خارجية وسيدفع نحو مزيدٍ من الاستقطاب وعدم الاستقرار داخليًّا. لكن حتى لو حصل هذا، لن يكون له معنى إذا لم يكن جزءًا من عملية الانتقال التي تؤدّي، في نهاية المطاف، إلى عودة العسكريين إلى ثكناتهم، وتسليم الحكم لحكومة منتخبة تتولى الحكم فعليًّا، في مقابل تحمّل المسؤولية، بدلًا من تحميلها مسؤولية الفشل، من دون أن تحظى بصلاحيات الحكم، كما هو الحال الآن؛ وبحيث تتغير بالانتخابات، أو تقاوم بالتوافق بين القوى السياسية، على أنْ يجري كلا الأمرين، التوافق أو تداول السلطة، سلميًّا، وليس بالانقلابات العسكرية.