ترامب يخسر انتخابات 2024
خسارة الرئيس دونالد ترامب الانتخابات الأميركية للعام 2020 أكيدة، وغير قابلة للجدل، بعد كل الذي جرى في ساحات القضاء، حيث خسر ترامب والجمهوريون أكثر من 60 قضية طعن في نتائج الانتخابات، وبعد فوز الديمقراطي جو بايدن بأصوات المجمع الانتخابي الذي يحدّد رسميا الرئيس المقبل للولايات المتحدة، ما يعني فشل مساعي حملة الرئيس ترامب لقلب نتائج الانتخابات. وقد حصل بايدن على 306 من أصوات المجمع الانتخابي، ليتجاوز الديمقراطي رسمياً النصاب المطلوب للفوز بالرئاسة وهو 270 صوتا، وحصل ترامب على 232. وقبل ذلك اعتمدت جميع الولايات نتائجها الخاصة بانتخابات الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وأخيراً بعد مصادقة الكونغرس بغرفتيه على فوز بايدن. وبذلك، سيؤدي الرئيس المنتخب بايدن، يوم 20 من شهر يناير الجاري، ليكون الرئيس 46 للولايات المتحدة.
ولعل الرئيس ترامب يتمنّى لو أن الخسارة ظلت عند ذلك الحد، فقد تضاعفت خسارته مساء الأربعاء الماضي، مع تبدد آماله في نيل تأييد الحزب الجمهوري لترشحه في انتخابات العام 2024، وهو الذي أعلن، في وقت سابق، أن حملته الانتخابية لتلك الانتخابات قد بدأت في اليوم التالي لإعلان نتائج انتخابات العام 2020، مراهناً في ذلك على رصيد يزيد عن 74 مليون صوت حصل عليها في الانتخابات أخيرا. ما حدث مساء الأربعاء الماضي قلب الطاولة على رأس ترامب، فقد خسر في ليلة واحدة كثيرين من حلفائه في الحزب الجمهوري، في مقدمتهم نائبه، مايك بنس، الذي دان بشدة اجتياح الغوغاء مبنى الكابتول هيل. "إنه مشهد مقزز ويكسر القلب .. بهذه الطريقة يقع الخلاف على نتائج الانتخابات في جمهوريات الموز، لا في جمهوريتنا الديمقراطية". هكذا وصف الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن قتحام الغوغاء من أنصار ترامب مقر مجلسي النواب والشيوخ في العاصمة واشنطن، مساء الأربعاء الماضي. وفي المقابل، عبر ترامب، في تغريدته الأخيرة، قبل تجميد إدارة تويتر حسابه 12 ساعة، عن حبّه لما قام به أنصاره الذين استجابوا لدعوته بالزحف نحو مبنى الكابتول هيل، لإيقاف "سرقة الانتخابات" و"استعادة البلاد بالقوة".
بدأ يوم الأربعاء الأسود للجمهوريين وترامب بخسارة تاريخية لمقعدي ولاية جورجيا في مجلس الشيوخ، ما يعني هيمنة الديمقراطيين الكاملة على الحكومة ومجلسي النواب والشيوخ، وانتهى برفض الكونغرس، بغالبية ساحقة، الطعن الذي قدّمه جمهوريون على فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية في ولاية أريزونا، وما بينهما شهد اليوم اقتحام أنصار ترامب مبنى الكابتول هيل، ما دفع مسؤولين جمهوريين إلى النظر في عدة خيارات ضد الرئيس ترامب، بوصفه المُحرّض على ذلك، بغرض منع المشرّعين من المصادقة على فوز بايدن في الانتخابات. ومن بين الخيارات المطروحة توجيه اللوم لترامب، أو إقالته، أو عزله عبر التعديل الخامس والعشرين من الدستور الذي يتيح لنائب الرئيس، وأغلبية أمناء مجلس الوزراء، إعلان ترامب "غير قادر على الاضطلاع بصلاحيات وواجبات مكتبه"، وإقالته من منصبه.
ما جرى مساء الأربعاء حدث استثنائي في تاريخ الولايات المتحدة، وكان بمثابة الطلقة الأخيرة التي صوّبها دونالد ترامب على مستقبله السياسي، وتبدّدت معها آماله في نيل أي تأييد من الحزب الجمهوري الذي لن يسجل في تاريخه تأييد (أو تسمية) مرشّح حشد أنصاره للانقلاب على المؤسسات الشرعية، وتقويض الديمقراطية الأميركية بالهمجية والبلطجة. المفارقة أن محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذها أنصار ترامب، بتحريض مباشر منه، تمت بالتزامن مع بدء شخصيات جمهورية التحضير لانتخابات 2024 في اجتماع اللجنة الوطنية للحزب في ولاية فلوريدا، والنظر في قائمة مرشّحين، كان يتصدّرها هذا الرجل، والأرجح أنه لم يُعد مرشحا قويا، يحظى بمعدلات رضا عن أدائه وصلت بين الجمهوريين إلى 86% في استطلاعات وطنية أجريت قبل يوم الأربعاء الأسود.