جوائز العلوم الاجتماعية العربية

22 مارس 2015

الفائزون بجوائز المركز العربي مع رئيس دورة الجائزة ولجنتها

+ الخط -

ثمّة وفرة طيبة من الجوائز العربية التي تمنحها مؤسسات وهيئات عديدة، حكومية وأهلية ومستقلة، في عدة حقول إبداعية وعلمية وثقافية وأكاديمية ومهنية، وتذيع الشهرة لبعضها، ولا ينال كثير منها الالتفات الواجب إليها. وتتنوع هذه الجوائز، بين محلية وعربية، وبين ما تتعلق في موضوعات محددة للتنافس، أو أعمال منتجة في أجناسها، وأخرى تخصص لعطاءات الفائزين بها العامة. ولا تولي الصحافة الثقافية العربية الكسولة هذه المنافسات والتكريمات التي تبادر إليها جامعات ومؤسسات ومراكز أبحاث ومجالس متخصصة، بشأن المنتوج المعرفي العربي في الاجتماع والعلوم الإنسانية، الاهتمام اللازم. ويمكن، هنا، اعتبار تكريم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الفائزين بـ "الجائزة العربية للعلوم الاجتماعية والإنسانية"، في دورتها الرابعة، أخيراً، في مراكش، مناسبة متجددة، لإثارة نقاش عميق في مسألة تقصير الإعلام الثقافي العربي الفادح في هذا المطرح، بالنظر إلى إفراطه في متابعاته بشأن مطارح أخرى.
وثمّة المفارقة الظاهرة في أن القضايا الاجتماعية والسياسية تحتلان حياة المواطن العربي، فيما تقصير المؤسسة الجامعية والأكاديمية العربية، وكذا الهيئات المعنية بالثقافة، ظاهر بشأن تشجيع البحث العلمي وإنجاز الدراسات والاستطلاعات في هذه القضايا، وإن صار جديد ملحوظ في هذا الخصوص، على صعيد اهتمام علمي طيب بذلك كله. وهنا، يبرز الدور الخاص الذي يضطلع به المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (مقره الدوحة) في إنجازه الدراسات والأبحاث الوفيرة بشأن الظواهر والمستجدات والسياقات السياسية والاجتماعية، صدوراً عن رؤية عربية تستفيد من المنهجيات الحديثة في التحليل والتقصي. وفي إصداره دوريات علمية وكتباً عديدة متنوعة المشاغل الفكرية والسياسية والثقافية والتاريخية، وكذا في مشروعات المركز الاستثنائية في أهميتها، ومنها المتعلقة باستطلاعات الرأي العام العربي، في مسائل الراهن العربي وقضاياه المركزية ووقائعه المستجدة، دورياً وبانتظام، في مجهودٍ نظنه فريداً، بالإضافات المعرفية المهمة التي يحسن أن تتوفر لصانع القرار في المؤسسة السياسية العربية.

وهذه جائزة المركز في العلوم الاجتماعية والإنسانية، في انتظامها منذ أربع سنوات، وقد نالها باحثون من مغرب العرب ومشرقهم، بعد منافسات خضعت لتحكيم مختصين قديرين، تمثل دفعاً حيوياً في تطوير الجهد البحثي في الظاهرة الاجتماعية والثقافية العربية، ودلت وفرة المشاركين في التنافس على الجائزة، بمختلف موضوعاتها المحددة في كل دورة، على مكانتها المعنوية المميزة والعلمية المؤكدة. وإذ تم تعيين قضية "الجامعات والبحث العلمي في العالم العربي" أحد موضوعي الأبحاث التي تنافست على الجائزة، في دورتها الرابعة، (نال فئتها الأولى فلسطينيان والثانية مغربي)، فذلك يعني بقاء هذا الموضوع مؤرقا وشديد الحضور في الجدل الثقافي العربي منذ عقود، ما يعكس حاجة عربية ملحةً لدفع المستوى العلمي والأكاديمي للمؤسسة الجامعية العربية، والتي لا مجازفة في الزعم، هنا، أن حالها، عموماً، مؤسف، وكذا منتجها ومخرجاتها.

هي الدعوة، هنا، إلى تعظيم شأن البحث العلمي والأكاديمي العربي في حقول العلوم الاجتماعية، بالنظر إلى الضرورة القصوى لعلماء وخبراء اجتماع عرب قديرين، وفي البال أنها مبادرات حسنة من مؤسسات وهيئات عربية، التفتت إلى تخصيص جوائز لتكريم المتميزين في إنتاجاتهم من أهل هذا الشأن، ومنها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والتي تمنح جائزة عربية في العلوم الاقتصادية والاجتماعية (معاً)، وكذا مؤسسة عبد الحميد شومان في الأردن التي تخصص، جائزة للباحثين العرب الشبان في عدة حقول، منها علم الاجتماع، (تضم الأنثروبولوجيا والعلوم السياسية). وفي عدة بلدان عربية، منها مصر والمغرب مثلا، ثمة جوائز محلية في هذا الاختصاص. وقد يسّرت الدورة الجديدة لجائزة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات التي اختتمت، أمس، هذه المناسبة، في هذه السطور، للتنويه بكل الجهود المحمودة، وللتأشير إلى وجوب اهتمام إعلامي وثقافي أفضل بالمميز من منجزات الباحثين العرب في العلوم الاجتماعية.

معن البياري
معن البياري
رئيس تحرير "العربي الجديد"، كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965.