04 نوفمبر 2024
حدوتة ميشال عون
ليس ثمة متسع في الوقت والمزاج لتسقّط الجديد من أخبار لبنان، إذ تستثير، مثلا، غرداية في الجزائر انتباهنا إلى وجود إباضية ومالكية فيها يتنازعون على ما لا نعرف. ويأخذنا مسلسل عادل إمام في مسلسله التلفزيوني الراهن إلى ما لم نكن قد عرفناه عن هجرة أقباط مصريين بلدهم إبّان شهور رئاسة محمد مرسي. أما الجاري في سورية والعراق، فالمستجدات على رتابتها المتوحشة، بتلاوينها الطائفية إياها. وفيما إيقاع الأخبار العربية في هذا المنحى، يباغتك ميشال عون، زعيم الخسارات العتيدة، بمخاطبته "شعب لبنان العظيم"، أن "الداعشي سلام يهين المسيحيين اللبنانيين". ليست فظاعة التهمة (أو الشتيمة على الأصح) ما يشُدّ إليها، بل النبرة المنفلتة البادية في إطلاقها، إذ تصدر عن رجل دائم الانفعال، وبالكاد تصادف له صورة يظهر غير متوتر فيها، منذ جهر، قبل سبعة وعشرين عاماً، أن رأس حافظ الأسد وحده سينكسر في لبنان، مروراً بتكشيرته الحانقة، وهو يقول الكلام المعلوم عن حق القضاء في أن يأخذ مجراه، إبّان القبض على رفيقه وصديقه ونائبه، العميد فايز كرم، لجاسوسيته لإسرائيل، وصولاً إلى التطاول، الأسبوع الماضي، على رئيس الحكومة اللبنانية، تمام سلام، بنعته بالداعشية، بسبب خلاف على أولوية "تعيينات أمنية" في الدولة، أراد تظليله بقصة "حقوق المسيحيين" المهدورة.
لم يُناصر ميشال عون من رموز القوى اللبنانية المسيحية، من خصومه وحلفائه، أحد في هذا التصعيد ضد سلام الذي يقول إنه بالكاد يزاول صلاحياته، رداً على اتهامه بأنه يستهلك صلاحيات رئاسة الجمهورية، الموكولة إليه، بفعل غياب هذه الرئاسة للأسباب العونية المسنودة بحسابات حزب الله الإيرانية. والواضح أن عون الذي حاز من بثينة شعبان، ذات احتفاء دمشقي به، بوصفه زعيم المسيحيين في المشرق، يغالب، كما دأبه المعهود، اختلالاً فادحا في حساباته، وهو يخوض أقسى معاركه السياسية منذ عاد من لبنان قبل عشرة أعوام، على ما كتبت صحيفة بيروتية صديقة له. ومعلوم أن حافظ الأسد هو من طرده، بكفاءة معلومة، كانت الشراكة السورية المحدودة في "حفر الباطن" ضد زعرنة صدام حسين في الكويت من تفاصيلها. وللحق، ثمة التباس في قصة المعارك السياسية هذه، ولا سيما جديدها ضد تمام سلام وتمثيليته، إذ تحسم قصة حقوق المسيحيين المهدورة، أو أقله تعالج، إذا ما مضى لبنان إلى وجهة الدولة المشتهاة، وهو "البلادولة" منذ زمن طويل، على ما كان سعيد عقل يقول.
لا مدعاة لسردية مدرسية عن ضرورة الدولة في لبنان، القوية العادلة، كما كان يقول ويريد حسن نصرالله، غير أن الشعور الضاغط، والمقيم في جوانح ميشال عون، في حدوتته، في أطوار بونابرتية آفلة، وفي أحواله الخائبة الراهنة، بأن رئاسة الجمهورية لا بد وأن تنعقد له، ولو في ساعة متأخرة، ولو طال انتظار ما ليس في وسع أحد أن يخمّن من خرائط وتسويات وتربيطات، هذا الشعور الثقيل لدى الرجل نظنه من أسباب تعطل قاطرة وصول لبنان إلى مرتبة الدولة. ومن دون إعجاب بفارس سعيد، نظنه صدق، وهو يزور تمام سلام مناصراً، في قوله إن حقوق المسيحيين في لبنان تصل إليهم عندما تتحقق الدولة. وليس ثمة كشف استثنائي في الزعم، هنا، أن الزعامات المسيحية اللبنانية تتحمل المقادير الأهم من تآكل هذه الحقوق وتناقصها، وهذه قصة شرحها يطول، من محطاتها حروب الإلغاء غير المنسية ضد بعضهم، ومن أعلام تلك الحروب بشير الجميل وميشال عون الذي يتداول، في الموسم الكلامي الجاري، الفيدرالية خياراً في لبنان، يجوز حلاً لتحقيق "الحقوق الوطنية الأساسية للمسيحيين"، ويقول "إنهم يدفعوننا نحوها". يسهب في هذا الحكي، فيما يتداول اللبنانيون نكاتاً عن حقوق صهرٍ له في أن يصير قائدا للجيش، وحقوق صهر آخر في أن ينتقل من وزارة إلى أخرى. أما نكتة الطريق إلى القدس تمر من دمشق والقلمون ودرعا والسويداء، كما أطلقها حليف عون الباقي، حسن نصرالله، فقصة أخرى.
لم يُناصر ميشال عون من رموز القوى اللبنانية المسيحية، من خصومه وحلفائه، أحد في هذا التصعيد ضد سلام الذي يقول إنه بالكاد يزاول صلاحياته، رداً على اتهامه بأنه يستهلك صلاحيات رئاسة الجمهورية، الموكولة إليه، بفعل غياب هذه الرئاسة للأسباب العونية المسنودة بحسابات حزب الله الإيرانية. والواضح أن عون الذي حاز من بثينة شعبان، ذات احتفاء دمشقي به، بوصفه زعيم المسيحيين في المشرق، يغالب، كما دأبه المعهود، اختلالاً فادحا في حساباته، وهو يخوض أقسى معاركه السياسية منذ عاد من لبنان قبل عشرة أعوام، على ما كتبت صحيفة بيروتية صديقة له. ومعلوم أن حافظ الأسد هو من طرده، بكفاءة معلومة، كانت الشراكة السورية المحدودة في "حفر الباطن" ضد زعرنة صدام حسين في الكويت من تفاصيلها. وللحق، ثمة التباس في قصة المعارك السياسية هذه، ولا سيما جديدها ضد تمام سلام وتمثيليته، إذ تحسم قصة حقوق المسيحيين المهدورة، أو أقله تعالج، إذا ما مضى لبنان إلى وجهة الدولة المشتهاة، وهو "البلادولة" منذ زمن طويل، على ما كان سعيد عقل يقول.
لا مدعاة لسردية مدرسية عن ضرورة الدولة في لبنان، القوية العادلة، كما كان يقول ويريد حسن نصرالله، غير أن الشعور الضاغط، والمقيم في جوانح ميشال عون، في حدوتته، في أطوار بونابرتية آفلة، وفي أحواله الخائبة الراهنة، بأن رئاسة الجمهورية لا بد وأن تنعقد له، ولو في ساعة متأخرة، ولو طال انتظار ما ليس في وسع أحد أن يخمّن من خرائط وتسويات وتربيطات، هذا الشعور الثقيل لدى الرجل نظنه من أسباب تعطل قاطرة وصول لبنان إلى مرتبة الدولة. ومن دون إعجاب بفارس سعيد، نظنه صدق، وهو يزور تمام سلام مناصراً، في قوله إن حقوق المسيحيين في لبنان تصل إليهم عندما تتحقق الدولة. وليس ثمة كشف استثنائي في الزعم، هنا، أن الزعامات المسيحية اللبنانية تتحمل المقادير الأهم من تآكل هذه الحقوق وتناقصها، وهذه قصة شرحها يطول، من محطاتها حروب الإلغاء غير المنسية ضد بعضهم، ومن أعلام تلك الحروب بشير الجميل وميشال عون الذي يتداول، في الموسم الكلامي الجاري، الفيدرالية خياراً في لبنان، يجوز حلاً لتحقيق "الحقوق الوطنية الأساسية للمسيحيين"، ويقول "إنهم يدفعوننا نحوها". يسهب في هذا الحكي، فيما يتداول اللبنانيون نكاتاً عن حقوق صهرٍ له في أن يصير قائدا للجيش، وحقوق صهر آخر في أن ينتقل من وزارة إلى أخرى. أما نكتة الطريق إلى القدس تمر من دمشق والقلمون ودرعا والسويداء، كما أطلقها حليف عون الباقي، حسن نصرالله، فقصة أخرى.