09 نوفمبر 2024
"داعش" يتمدّد شرقاً
أعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عن "حضوره" في إندونيسيا والفيليبين أخيراً، في خطوة توسّعية، تهدف إلى فتح جبهاتٍ جديدة له، إثر اقتراب سقوطه الميداني في الموصل العراقية والرقة السورية.
يوم الأربعاء، كان انتحاريان من "داعش" يفجّران نفسيهما قرب محطة للحافلات في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص من الشرطة، وإصابة 12. بعدها اندلعت اشتباكات عنيفة في مدينة ماراوي في جزيرة مينداناو الفيليبينة، بين أنصار حركة ماوتي التي بايعت "داعش"، بقيادة اسنيلون هابيلون الملقّب بأبو عبدالله الفيليبيني، والقوى الأمنية الفيليبينية. اشتباكات دفعت الرئيس الفيليبيني، رودريغو دوتيرتي، إلى اختصار زيارته إلى روسيا، والعودة إلى بلاده لمواجهة المستجدّات، معلناً الأحكام العرفية في الجزيرة، ومطالباً بمدّه بالسلاح المتطور لمواجهة التنظيم. مع العلم أن المسار الميداني يكشف عجز الجيش الفيليبيني عن حسم الأمور بسرعة، ما دفع قيادته إلى الإعلان عن "وجود مسلّحين أجانب في صفوف التنظيم، من ماليزيين وإندونيسيين".
فعلياً، لم تأت خطوة "داعش" عن عبث. ففي تلك المنطقة من آسيا، أي في جنوب شرقها، تحديداً في بحر الصين الجنوبي، يمرّ أكثر من خُمس التجارة العالمية، فضلاً عن أن بعض جزر البحر، والبحر بذاته، مدار نزاع بين دول عدة مطلّة عليه، ومنها الصين والفيليبين. بالتالي، يؤدي ضرب الاستقرار في تلك المنطقة هناك إلى ضرب الأسواق العالمية. تماماً كما في حروب الشرق الأوسط.
وفي وقتٍ يواصل فيه الجيش الفيليبيني حملته للقضاء على "ماوتي"، كان واضحاً أن الدول المؤثرة تودّ الحصول على موطئ قدم في تلك المنطقة. روسيا نموذجاً، والتي أعلنت، على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، أن "الاتفاقية بين روسيا والفيليبين بشأن التعاون في المجال العسكري- التقني، أصبحت في المرحلة الأخيرة من التحضير". وأضاف، قبل لقائه نظيره الفيليبيني ألان كايتانو في وقتٍ سابق من الأسبوع الحالي، أن "عدداً كبيراً من وثائق بالغة الأهمية أصبحت في المرحلة الأخيرة من التحضير، بما في ذلك حول مسائل التعاون العسكري- التقني، والتعاون بين الأجهزة الأمنية".
أن تكون روسيا هناك، في الفيليبين، يعني أن على الولايات المتحدة التعامل مع الوضع بحساسية. لم يكن الوجود الأميركي في مانيلا قط هامشياً. الأميركيون "سكنوا" الفيليبين منذ الحرب بين البلدين بين عامي 1899 و1913 التي أدت إلى سيطرة واشنطن على مانيلا حتى 1941، حين اجتاح اليابانيون الفيليبين في الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945). وفي 1945 انسحب اليابانيون، قبل أن توقع الولايات المتحدة والفيليبين معاهدة مانيلا (1946) التي أدت إلى نيل الدولة الآسيوية استقلالها عن العم سام.
عليه، سيجعل الوجود الروسي في الفيليبين من البلاد "محطة استطلاع" متقدمة للروس الذين تقاسموا فيتنام مع الأميركيين، أيام الحرب الباردة، لكنهم الآن باتوا أقرب من أي وقتٍ مضى إلى البحر الجنوبي. وما كلام لافروف الدبلوماسي سوى لجسّ نبض الصين وإمكانية تقبّلها التمدّد الروسي، خصوصاً أن البلدين يرتبطان باتفاق نفطي عملاق، يفترض أن يستمرّ ثلاثة عقود مقبلة.
حتى ذلك الحين، لا يفكر دوتيرتي بذلك كله، بل إن كل ما يفكر به هو "القضاء على داعش". بنى الرئيس الفيليبيني كل حملته الانتخابية قبل الانتخابات الرئاسية في يونيو/ حزيران 2016، على سمعته "قاتلاً يرسل فرق الموت لإبادة المجرمين". وهو أمر طبّقه في دافاو، التي كان عمدتها فترة طويلة. لكن حسابات دوتيرتي، والتشابك الإقليمي والدولي في بحر الصين الجنوبي، يجعل من عملية القضاء سريعاً على "داعش" هناك مهمة صعبة حالياً. لذلك، فإن البلاد أمام درب طويل من الحرب مع التنظيم، قد تتخطّى شراستها قوة (وعنف) الحرب السابقة مع جماعة أبو سيّاف. فعلياً، فتح "داعش" جبهته في جنوب شرق آسيا.
يوم الأربعاء، كان انتحاريان من "داعش" يفجّران نفسيهما قرب محطة للحافلات في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص من الشرطة، وإصابة 12. بعدها اندلعت اشتباكات عنيفة في مدينة ماراوي في جزيرة مينداناو الفيليبينة، بين أنصار حركة ماوتي التي بايعت "داعش"، بقيادة اسنيلون هابيلون الملقّب بأبو عبدالله الفيليبيني، والقوى الأمنية الفيليبينية. اشتباكات دفعت الرئيس الفيليبيني، رودريغو دوتيرتي، إلى اختصار زيارته إلى روسيا، والعودة إلى بلاده لمواجهة المستجدّات، معلناً الأحكام العرفية في الجزيرة، ومطالباً بمدّه بالسلاح المتطور لمواجهة التنظيم. مع العلم أن المسار الميداني يكشف عجز الجيش الفيليبيني عن حسم الأمور بسرعة، ما دفع قيادته إلى الإعلان عن "وجود مسلّحين أجانب في صفوف التنظيم، من ماليزيين وإندونيسيين".
فعلياً، لم تأت خطوة "داعش" عن عبث. ففي تلك المنطقة من آسيا، أي في جنوب شرقها، تحديداً في بحر الصين الجنوبي، يمرّ أكثر من خُمس التجارة العالمية، فضلاً عن أن بعض جزر البحر، والبحر بذاته، مدار نزاع بين دول عدة مطلّة عليه، ومنها الصين والفيليبين. بالتالي، يؤدي ضرب الاستقرار في تلك المنطقة هناك إلى ضرب الأسواق العالمية. تماماً كما في حروب الشرق الأوسط.
وفي وقتٍ يواصل فيه الجيش الفيليبيني حملته للقضاء على "ماوتي"، كان واضحاً أن الدول المؤثرة تودّ الحصول على موطئ قدم في تلك المنطقة. روسيا نموذجاً، والتي أعلنت، على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، أن "الاتفاقية بين روسيا والفيليبين بشأن التعاون في المجال العسكري- التقني، أصبحت في المرحلة الأخيرة من التحضير". وأضاف، قبل لقائه نظيره الفيليبيني ألان كايتانو في وقتٍ سابق من الأسبوع الحالي، أن "عدداً كبيراً من وثائق بالغة الأهمية أصبحت في المرحلة الأخيرة من التحضير، بما في ذلك حول مسائل التعاون العسكري- التقني، والتعاون بين الأجهزة الأمنية".
أن تكون روسيا هناك، في الفيليبين، يعني أن على الولايات المتحدة التعامل مع الوضع بحساسية. لم يكن الوجود الأميركي في مانيلا قط هامشياً. الأميركيون "سكنوا" الفيليبين منذ الحرب بين البلدين بين عامي 1899 و1913 التي أدت إلى سيطرة واشنطن على مانيلا حتى 1941، حين اجتاح اليابانيون الفيليبين في الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945). وفي 1945 انسحب اليابانيون، قبل أن توقع الولايات المتحدة والفيليبين معاهدة مانيلا (1946) التي أدت إلى نيل الدولة الآسيوية استقلالها عن العم سام.
عليه، سيجعل الوجود الروسي في الفيليبين من البلاد "محطة استطلاع" متقدمة للروس الذين تقاسموا فيتنام مع الأميركيين، أيام الحرب الباردة، لكنهم الآن باتوا أقرب من أي وقتٍ مضى إلى البحر الجنوبي. وما كلام لافروف الدبلوماسي سوى لجسّ نبض الصين وإمكانية تقبّلها التمدّد الروسي، خصوصاً أن البلدين يرتبطان باتفاق نفطي عملاق، يفترض أن يستمرّ ثلاثة عقود مقبلة.
حتى ذلك الحين، لا يفكر دوتيرتي بذلك كله، بل إن كل ما يفكر به هو "القضاء على داعش". بنى الرئيس الفيليبيني كل حملته الانتخابية قبل الانتخابات الرئاسية في يونيو/ حزيران 2016، على سمعته "قاتلاً يرسل فرق الموت لإبادة المجرمين". وهو أمر طبّقه في دافاو، التي كان عمدتها فترة طويلة. لكن حسابات دوتيرتي، والتشابك الإقليمي والدولي في بحر الصين الجنوبي، يجعل من عملية القضاء سريعاً على "داعش" هناك مهمة صعبة حالياً. لذلك، فإن البلاد أمام درب طويل من الحرب مع التنظيم، قد تتخطّى شراستها قوة (وعنف) الحرب السابقة مع جماعة أبو سيّاف. فعلياً، فتح "داعش" جبهته في جنوب شرق آسيا.