28 أكتوبر 2024
شطارة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب
تطالع قرارات مؤتمر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، وقد عقد الأسبوع الماضي في أبوظبي، فلا تصادف فيه ما نشرته وكالة الأنباء السورية الحكومية (سانا) عن موافقة وفوده (الـ16) بالإجماع على "تشكيل وفد من الاتحاد العام لزيارة سورية والتضامن معها". والمرجح أن رئيس اتحاد الكتاب في سورية، نضال الصالح، حاز شفوياً على هذه الموافقة، وطيّرها للنشر مبتهجاً بهذا الإنجاز، المعطوف على قرارٍ في بيان قرارات المؤتمر المعلنة، واشتمل عليه خبر "سانا" نفسه، وهو عقد الاتحاد العام اجتماع مكتبه الدائم في سورية الصيف المقبل، ما يوحي باطمئنان المجتمعين على استمرار نظام الحكم في دمشق، وشغف بعضهم به. وقارئ البيانين، الثقافي والختامي، للمؤتمر، ومعهما وثيقتا القرارات وتقرير حالة الحريات، يدرك، بيسر، أن للنظام المذكور أن يغتبط بهذه الأوراق الأربع، ليس فقط للشطارة في تعمّدها عدم ذكر أي بلد عربي في أي شأن، ولأنها لم تأت على المقتلة الجارية في سورية، وعلى أي قسطٍ من مسؤولية النظام وأجهزته عنها، بل، أيضاً، لأن ذينك البيانين وتلك القرارات وذلك التقرير حفلت جميعها بما يسعد هذا النظام (وغيره)، من همّةٍ ظاهرةٍ، يقيم عليها رؤساء تمثيلات الاتحاد العام المتحدّث عنه، بشأن مناوأة التطرف والتكفير والإرهاب، فهذه هي الجبهة التي ينيط جيش الأسد ومخابراته وشبيحته بأنفسهم مهمة القتال فيها.
وللحق، يُغبَط الزملاء المشار إليهم على فائض المبدئية الجسورة فيهم، وهم يعتنقون كل هذه الأرطال من الإرادة في تحشيد الأمة ضد قوى التعصب والظلامية. ولا يملك المرء غير إشهار إعجابه بهم، وقد خصّصوا بنوداً وفيرة في وثائق اجتماعاتهم للتأكيد على فداحة المخاطر التي تشيعها هذه القوى والعصابات المرذولة في غير بلد عربي، وإن احتاج هذا الإعجاب، لتعزيزه ليس إلا، من مستحقيه، لو أنهم جاؤوا، في سطرين أو ثلاثة، على أسبابٍ ومناخاتٍ هيأت بيئاتٍ مواتية لهؤلاء التكفيريين ليقترفوا جرائمهم، ومنها، إذا احتاج المؤتمرون أن يعرفوا، ولو بعد أن انفضّ سامرهم، أن الرصاص (والقذائف وغيرها تالياً) الذي قوبلت به مظاهرات الشعوب العربية السلمية، ووثبة قوى الثورات المضادة لاسترجاع سلطاتها، هما ممّا تغذّت منه عصابات التكفير الظلامية، فنشطت هذه فيما أنفق أصحابنا، في مداولات "الشاطئ روتانا" في أبوظبي، وقتهم في إعلام الجماهير العربية به، أي الجماهير التي حظيت، في بيانات هذه المداولات، بدروسٍ تنفعهم، تربوياً وإعلامياً وثقافياً، لمواجهة مخاطر التكفيريين الظلاميين.
لم يحفل المؤتمرون بما استجد في تونس، منذ تم فيها "تصحيح مسار الثورة بشكل حضاري"، كما في إطراء المكتب الدائم للاتحاد العام في اجتماعه في أبوظبي في يناير/ كانون الثاني 2015، ولم يأتوا على أي ثناءٍ للديمقراطية الحادثة في مصر، كما فعل مؤتمر المكتب نفسه في اجتماعه في طنجة في يونيو/ حزيران الماضي، وإنما حافظوا على مكانة فلسطين قضيةً عربية أولى، وشدّدوا على دعم ثقافة مقاومة الاحتلال في كل أرضٍ عربية، وهذا محمودٌ، وليس في الوسع إلا أن يحوز التقدير الواجب، وإنْ لم يكن متوقعاً من الزملاء المؤتمرين أن يأتوا على التحرّر من أنظمة الاستبداد والتسلّط استحقاقاً في معركة تحرير الأراضي العربية المحتلة، ومن لوازم ثقافة المقاومة، وقد أضافوا، هذه المرة، دعم ثقافة مقاومة الاحتلال التركي للواء إسكندرون السوري إلى دعم ثقافة مقاومة الاحتلال في فلسطين والجولان ومزارع شبعا (!).
كل الشكر لمؤتمر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب (أنشئ في 1954) على حرص بياناته، وتقريره (حال الحريات) على حرية المثقف العربي، ورفض محاكمات هذا المثقف على كتاباته، وإدانة كل أشكال القمع التي تمارسها (بعض!) الأنظمة السياسية العربية بحق المبدعين والكتاب. ونظن أن شطارة من صاغوا بنود ذلك كله مشهودة، فلم يمسّوا أي نظام، غير أن الشطارة في التعمية على ولعهم بالنظام القاتل في دمشق مكشوفة، عساه هذا النظام يغيب، قبل موعد ابتهاجه بهم الصيف المقبل.
وللحق، يُغبَط الزملاء المشار إليهم على فائض المبدئية الجسورة فيهم، وهم يعتنقون كل هذه الأرطال من الإرادة في تحشيد الأمة ضد قوى التعصب والظلامية. ولا يملك المرء غير إشهار إعجابه بهم، وقد خصّصوا بنوداً وفيرة في وثائق اجتماعاتهم للتأكيد على فداحة المخاطر التي تشيعها هذه القوى والعصابات المرذولة في غير بلد عربي، وإن احتاج هذا الإعجاب، لتعزيزه ليس إلا، من مستحقيه، لو أنهم جاؤوا، في سطرين أو ثلاثة، على أسبابٍ ومناخاتٍ هيأت بيئاتٍ مواتية لهؤلاء التكفيريين ليقترفوا جرائمهم، ومنها، إذا احتاج المؤتمرون أن يعرفوا، ولو بعد أن انفضّ سامرهم، أن الرصاص (والقذائف وغيرها تالياً) الذي قوبلت به مظاهرات الشعوب العربية السلمية، ووثبة قوى الثورات المضادة لاسترجاع سلطاتها، هما ممّا تغذّت منه عصابات التكفير الظلامية، فنشطت هذه فيما أنفق أصحابنا، في مداولات "الشاطئ روتانا" في أبوظبي، وقتهم في إعلام الجماهير العربية به، أي الجماهير التي حظيت، في بيانات هذه المداولات، بدروسٍ تنفعهم، تربوياً وإعلامياً وثقافياً، لمواجهة مخاطر التكفيريين الظلاميين.
لم يحفل المؤتمرون بما استجد في تونس، منذ تم فيها "تصحيح مسار الثورة بشكل حضاري"، كما في إطراء المكتب الدائم للاتحاد العام في اجتماعه في أبوظبي في يناير/ كانون الثاني 2015، ولم يأتوا على أي ثناءٍ للديمقراطية الحادثة في مصر، كما فعل مؤتمر المكتب نفسه في اجتماعه في طنجة في يونيو/ حزيران الماضي، وإنما حافظوا على مكانة فلسطين قضيةً عربية أولى، وشدّدوا على دعم ثقافة مقاومة الاحتلال في كل أرضٍ عربية، وهذا محمودٌ، وليس في الوسع إلا أن يحوز التقدير الواجب، وإنْ لم يكن متوقعاً من الزملاء المؤتمرين أن يأتوا على التحرّر من أنظمة الاستبداد والتسلّط استحقاقاً في معركة تحرير الأراضي العربية المحتلة، ومن لوازم ثقافة المقاومة، وقد أضافوا، هذه المرة، دعم ثقافة مقاومة الاحتلال التركي للواء إسكندرون السوري إلى دعم ثقافة مقاومة الاحتلال في فلسطين والجولان ومزارع شبعا (!).
كل الشكر لمؤتمر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب (أنشئ في 1954) على حرص بياناته، وتقريره (حال الحريات) على حرية المثقف العربي، ورفض محاكمات هذا المثقف على كتاباته، وإدانة كل أشكال القمع التي تمارسها (بعض!) الأنظمة السياسية العربية بحق المبدعين والكتاب. ونظن أن شطارة من صاغوا بنود ذلك كله مشهودة، فلم يمسّوا أي نظام، غير أن الشطارة في التعمية على ولعهم بالنظام القاتل في دمشق مكشوفة، عساه هذا النظام يغيب، قبل موعد ابتهاجه بهم الصيف المقبل.