30 أكتوبر 2024
عالم لم يعد يحتمل
أكثر من أي وقت مضى، تبدو مؤكدة مقولة إن الكرة الأرضية لم تعد تحتمل كل هذا العبث بطبيعتها وبفيزيائها وبثرواتها وبتنوعها البيولوجي وببشرها. القول إن الرأسمالية العالمية ومرتبتها العليا، أي العولمة، مسؤولة عن كل هذا الخراب الذي قد يؤدي إلى الفناء قريباً، أصبح نافلاً وتحصيل حاصل، لكنه غير كافٍ لإيقاف الكارثة. كذلك وصفة أن الاشتراكية هي الحلّ لتغيير قوانين الانتاج والاستهلاك، وبالتالي لإعادة الاعتبار إلى محدودية الموارد الطبيعية وقوانينها الذاتية، لترميم نفسها شرط توقف البشر عن انتهاكها، بدورها صحيحة، لكنها لا تقدم خريطة طريق تقتنع بها كتلة اجتماعية وازنة تنتج طبقة سياسية عالمية تسير عكس السير الرأسمالي، هذا إن لم يكن الأوان قد فات على الأقل لتجميد المصيبة عند ما وصلت إليه. ذلك أنه كلما صرخ مناهضو العولمة فزعاً على ما بقي من الكوكب وبيئته، كلما وصل إلى الحكم رجال ونساء، يسخرون ويسخرن من مقولات التغير المناخي وكوارث التصحر وذوبان القطبين وغرق بلدانٍ تحت المحيطات وظهور أمراض جديدة بوتيرة يومية وانهيار قوانين التنوع البيولوجي وانقراض عائلات إضافية من الحيوانات التي سبقت وجودنا على هذه المجرّة. المعنى واحد: الرواية المضادة للرأسمالية لم تسوّق نفسها كما يجب لتكسب الجمهور المناضل، ولم تجد زبائن كباراً يشترون بضاعتها لتترجم في صناديق الانتخابات.
الرأسمالية الإصلاحية أو "المعتدلة" التي يمكنها أن تضبط استهلاك عناصر الطبيعة من دون التخلي عن القوانين الرئيسية "دعه يعمل دعه يمرّ"، فشلت بوضوح في الحدّ من قضم مقومات استمرار الكوكب على قيد الحياة. مَن يشاهد فصولاً من اجتماعات مجموعة السبع كل عام، وهذا العام تحديداً، لا يبقى لديه شكّ في ذلك. إن اعتبرنا إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل زعيمين لدولتين صناعيتين رأسماليتين "معتدلتين" في نظرتهما إلى البيئة والإضرار بها، ونقديّين إزاء نظرية "التصنيع بلا حدود"، فإنهما قدّما نماذج من السلوك داخلياً وفي العلاقات الدولية لا علاقة لها بهدف عريض وضعته اتفاقية باريس للمناخ أو "كوكب 21" عام 2015، وهو وقف الاحتباس الحراري العالمي ومنع ارتفاع حرارة الأرض درجتين إضافيتين في القرن الحالي، وإبقائه عند مستوى درجة ونصف الدرجة. حلولهما لا تتجرأ على الوصول إلى لبّ المشكلة، وتقتصر على تقديم الريوع، كجمع 20 مليون دولار لإطفاء حرائق الأمازون بدل إنشاء تحالف عالمي يضع رئتي الأرض بيد إدارة أممية لا لنزق ذلك الفاشي جايير بولسونارو. أما مقولة أنّ الأنظمة الاشتراكية هي المؤهلة لإنقاذ البشر والحجر، فهي نكتة سمجة بمستوى بشاعة منافسة الصين لأميركا على مرتبة من هو أكبر ملوّث للبيئة على وجه الأرض؟ كذلك فإنّ التلويث السوفياتي للكرة الأرضية بكل أنواع السموم، فذاك موضوع كُتب عنه ما لا يترك مجالاً لمزيد من ضرب جثة هامدة.
يسير عالمنا اليوم مستسلماً نحو قدره وكأن لا بديل عن قوانين "الرأسمالية المكثفة"، بحجة أن إطعام 7 مليار مخلوق بشري يتطلب كل ما هو مكثف: زراعة مكثفة، وصناعة مكثفة، أي تلويث مكثف وإهدار مكثف للموارد الطبيعية غير القابلة لإعادة إنتاج نفسها بنفسها، أي كرة أرضية غير مستدامة. هذا ما يمكن الخروج به من مشاهدة الضحكات الكاذبة لزعماء مجموعة السبع قبل يومين. ربما يكون الأمل الوحيد المتبقي، هو في مشاهدة فصول الحرب التجارية العالمية. حرب تُحدث تغييراً جذرياً في قوانين الرأسمالية نفسها. فتخفيض حركة الصادرات من الصين إلى أميركا والعكس بالعكس، ومن أميركا إلى أوروبا ذهاباً وإياباً، بسبب رعونة دونالد ترامب أو بفضلها ربما، من شأنها مثلاً أن تقدم خدمة ولو متواضعة للكرة الأرضية عبر تقليل كمية الغازات الدفيئة. كذلك فإن سحب الشركات والمصانع الأميركية من الصين، مجدداً بسبب ترامب أو بفضله، قد يقلل من نسبة استغلال اليد العاملة الصينية، وهي التي تعيش في أسوأ ظروف عمل في جنّة "الشيوعية الرأسمالية".
ربما كان قدر الكرة الأرضية أن تقدم للبشرية أسوأ ما عندها، مثل دونالد ترامب، وربما أيضاً، لسخرية القدر ذاك، أن بلسماً لكوارث الكرة الأرضية سيأتي من ذاك الجاهل بما يكفي لكي يعتبر أن الاحتباس الحراري مجرّد أكذوبة هدفها ضرب الاقتصاد الأميركي.
الرأسمالية الإصلاحية أو "المعتدلة" التي يمكنها أن تضبط استهلاك عناصر الطبيعة من دون التخلي عن القوانين الرئيسية "دعه يعمل دعه يمرّ"، فشلت بوضوح في الحدّ من قضم مقومات استمرار الكوكب على قيد الحياة. مَن يشاهد فصولاً من اجتماعات مجموعة السبع كل عام، وهذا العام تحديداً، لا يبقى لديه شكّ في ذلك. إن اعتبرنا إيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل زعيمين لدولتين صناعيتين رأسماليتين "معتدلتين" في نظرتهما إلى البيئة والإضرار بها، ونقديّين إزاء نظرية "التصنيع بلا حدود"، فإنهما قدّما نماذج من السلوك داخلياً وفي العلاقات الدولية لا علاقة لها بهدف عريض وضعته اتفاقية باريس للمناخ أو "كوكب 21" عام 2015، وهو وقف الاحتباس الحراري العالمي ومنع ارتفاع حرارة الأرض درجتين إضافيتين في القرن الحالي، وإبقائه عند مستوى درجة ونصف الدرجة. حلولهما لا تتجرأ على الوصول إلى لبّ المشكلة، وتقتصر على تقديم الريوع، كجمع 20 مليون دولار لإطفاء حرائق الأمازون بدل إنشاء تحالف عالمي يضع رئتي الأرض بيد إدارة أممية لا لنزق ذلك الفاشي جايير بولسونارو. أما مقولة أنّ الأنظمة الاشتراكية هي المؤهلة لإنقاذ البشر والحجر، فهي نكتة سمجة بمستوى بشاعة منافسة الصين لأميركا على مرتبة من هو أكبر ملوّث للبيئة على وجه الأرض؟ كذلك فإنّ التلويث السوفياتي للكرة الأرضية بكل أنواع السموم، فذاك موضوع كُتب عنه ما لا يترك مجالاً لمزيد من ضرب جثة هامدة.
يسير عالمنا اليوم مستسلماً نحو قدره وكأن لا بديل عن قوانين "الرأسمالية المكثفة"، بحجة أن إطعام 7 مليار مخلوق بشري يتطلب كل ما هو مكثف: زراعة مكثفة، وصناعة مكثفة، أي تلويث مكثف وإهدار مكثف للموارد الطبيعية غير القابلة لإعادة إنتاج نفسها بنفسها، أي كرة أرضية غير مستدامة. هذا ما يمكن الخروج به من مشاهدة الضحكات الكاذبة لزعماء مجموعة السبع قبل يومين. ربما يكون الأمل الوحيد المتبقي، هو في مشاهدة فصول الحرب التجارية العالمية. حرب تُحدث تغييراً جذرياً في قوانين الرأسمالية نفسها. فتخفيض حركة الصادرات من الصين إلى أميركا والعكس بالعكس، ومن أميركا إلى أوروبا ذهاباً وإياباً، بسبب رعونة دونالد ترامب أو بفضلها ربما، من شأنها مثلاً أن تقدم خدمة ولو متواضعة للكرة الأرضية عبر تقليل كمية الغازات الدفيئة. كذلك فإن سحب الشركات والمصانع الأميركية من الصين، مجدداً بسبب ترامب أو بفضله، قد يقلل من نسبة استغلال اليد العاملة الصينية، وهي التي تعيش في أسوأ ظروف عمل في جنّة "الشيوعية الرأسمالية".
ربما كان قدر الكرة الأرضية أن تقدم للبشرية أسوأ ما عندها، مثل دونالد ترامب، وربما أيضاً، لسخرية القدر ذاك، أن بلسماً لكوارث الكرة الأرضية سيأتي من ذاك الجاهل بما يكفي لكي يعتبر أن الاحتباس الحراري مجرّد أكذوبة هدفها ضرب الاقتصاد الأميركي.