لكمة أخرى من أوباما لترامب
يُحسن الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، تسديد الضربات السياسية، بالإتقان نفسه الذي يُحسن به تسديد كرة السلة. وتزيد تقانة أداء أوباما ومهاراته عندما يتعلق الأمر بإغاظة خلفه دونالد ترامب. جديد الضربات القوية سجلها باراك حسين أوباما، كما يرغب بعضهم تسميته، الأسبوع الماضي، عندما أصدر كتابه الجديد " أرض الميعاد" (A Promised Land)، وسط حمّى الانتخابات وتداعياتها، وتشبث الرئيس ترامب بأهداب البيت الأبيض بأسنانه وأظافره. وعلى الرغم من انشغال الأميركيين، والعالم قاطبة، بالانتخابات الأميركية وتغريدات الرئيس المتأرجح، إلا أن كتاب أوباما الجديد باع ما يقرب من 890 ألف نسخة في الولايات المتحدة وكندا في أول 24 ساعة، ما يرجّح توقعاتٍ بأن تكون هذه المذكرات الرئاسية الأكثر مبيعًا في التاريخ الحديث، على ذمة الناشر.
في كتاب" أرض الميعاد" (ربما يُترجم "أرض موعودة") الصادر عن دار Penguin Random House، يقول أوباما: "لقد حاولت تقديم تقرير صريح عن حملتي الرئاسية والوقت الذي قضيته في منصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، ثماني سنوات، بما في ذلك الأحداث الرئيسية، والأشخاص الذين شكلوها؛ رأيي فيما أصبت والأخطاء التي ارتكبتها، والقوى السياسية والاقتصادية والثقافية التي كان عليّ وفريقي مواجهتها، والصراع معها كدولة". وقد خصّص أوباما عدة صفحات للمعارك والشخصيات التي صبغت رئاسته، من عمله لتمرير نظام الرعاية الصحية المشهور باسمه "أوباما كير" في عام 2010، إلى تعقيدات اتخاذ قرار توجيه ضربة قاتلة إلى زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن.
أحد المعلقين على بيان أوباما الخاص بإصدار الكتاب الجديد، قال: "في غضون ثماني سنوات قضاها في البيت الأبيض، لم يكن لدى باراك أوباما فضيحة واحدة أو كذبة واحدة، لمز واضح على الرئيس ترامب. لقد جمعنا أوباما معًا من خلال قيادة الولايات المتحدة مع الأمل. كل ما كان قادرًا على تحقيقه خلال فترة وجوده في المنصب مزّقه دونالد ترامب، وكأنه لا شيء". يهدي باراك أوباما كتابه إلى ابنتيه، ماليا وساشا، وقبلهما إلى زوجته ميشيل "شريكتي في الحياة الحب"، مع أن كتابه الجديد يتنافس مع كتابها (Becoming) الذي باع 725 ألف نسخة في أميركا الشمالية في يومه الأول، وتجاوز عشرة ملايين نسخة في جميع أنحاء العالم منذ صدوره في 2018. وحسب المعلومات المتوفرة من الناشرين، تتفوق مبيعات اليوم الأول من كتاب أوباما الجديد على مبيعات اليوم الأول لكتابي الرئيسين بيل كلينتون (حياتي)، باع حوالي 40 ألف نسخة في أول يوم، وجورج دبليو بوش (نقاط قرار) الذي لم تتجاوز مبيعات يومه الأول 220 ألف نسخة.
يعترف أوباما بأنه لم يتعمّد إصدار الكتاب في توقيتين حسّاسين: وسط انتخابات رئاسية ملتهبة، تشهد توتراتٍ مجتمعيةٍ غير مسبوقة. وأن تستغرق كتابة هذه المذكرات حوالي أربع سنوات، بعد مغادرته البيت الأبيض. في مقدمة المذّكرات المؤرخة في أغسطس/ آب 2020، كتب أوباما "استمر الكتاب في التضخم من حيث الطول والنطاق"، حيث وجدت حاجةً إلى مزيد من الكلمات، كما أنني كنت أعمل في "ظروفٍ لم أكن أتوقعها تمامًا"، من الوباء إلى احتجاجات "حياة السود مهمة"، إلى الحدث "الأكثر إثارة للقلق على الإطلاق"، عندما "يبدو أن الديمقراطية في البلاد تتأرجح على شفا أزمة".
رأت التعليقات الأولى على كتاب أوباما الجديد صدوره في هذا الوقت بالذات مصادفة حسنة للمقارنة بين رئيسين، أوباما وترامب، يقفان على طرفين مختلفين للإنسانية. والتساؤل مرة أخرى، كيف انتخب البلد نفسه رجلين متناقضين إلى هذا الحد، رئيسا لم يكذب مرة، وآخر يغرد بالأكاذيب.
قبل كتابه الذي صدر من دون سابق إنذار، أو حتى حملة ترويج عادة ما تسبق صدور هذا النوع من الكتب، نشر أوباما كتابيه "أحلام من والدي" و"جرأة الأمل" وسجل كل منهما مبيعات تزيد على مليون دولار.