01 نوفمبر 2024
ما أخبار لبنان؟
لا يبدو أن لبنان في حاجةٍ ماسةٍ لرئيس جمهورية، وإن تبحث عنه جلسات فولكلورية لمجلس النواب، لم يعد التكاذب الغزير فيها طريفاً، من فرط رتابته. لم تعد هذه الجلسات أخباراً، وصارت أخبار لبنان شحيحةً جداً، ولولا الجاري في عرسال، وبهلوانيات زياد رحباني الجديدة، وتبادل وليد جنبلاط وسمير جعجع (وزوجته) كتباً هدايا فيما بينهم، لما وقعنا على ما يستحق الالتفات من أخبار لبنانية في الأسابيع الماضية. حاول سعد الحريري أن يخرق هذا الشحوب، في تصريحات من روما وباريس، لم يحفل بها أحد، ولم تستحق اكتراثاً بها، فقد كانت عن براءة الإسلام من إرهاب داعش، وعن وجوب التوافق بشأن رئيس للجمهورية.
راحت تلك الأيام التي كان فيها استقبال البطريرك صفير ميشال عون خبراً في الصفحات الأولى لجرائد عربية غير قليلة، كما أخبار اقتراع حامي الوطيس على مقعد شاغر في مجلس النواب عن منطقة المتن، ولقاء بين نبيه بري والسفير السعودي، واجتماع شخصيات حريرية الهوى في فندق البريستول. لم يعد لبنان منتجاً للأخبار، نجّاه الله وحماه، فقد استأثر، إبان كانت جرائم الاغتيالات تتوالى فيه، بعد جائحة قتل رفيق الحريري (وآخرين معه)، بالمانشيتات، وبأولى الأخبار في نشرات الفضائيات. كأن هذا البلد، الغني بتنوعه الثقافي والفني، وبحيوية ناسه وأجوائه، محكوم عليه أن نتفرّج على النوائب فيه، وعلى تجاذبات الأفرقاء (وحدهم اللبنانيون يستخدمون هذه المفردة) فيه، وأن نستسلم للقناعة المتوطنة فينا عنه، أنه محض ساحةٍ لألعاب الآخرين ومنازعاتهم. ما أن انكسر الفاعل السوري إياه، وشاخ العامل السعودي، حتى صرنا بالكاد نقع على جديدٍ ننتبه إليه من لبنان، البلادولة بحسب سعيد عقل. ذهبت أيام بحث نبيه بري عن معادلة السين سين، أي توافق سورية والسعودية، شرطاً لازماً ليهنأ لبنان باسترخاء سياسي هادئ.
هو زمن تحطم دول مركزية في المنطقة، سورية والعراق تحديداً، وزمن الخلافة الإسلامية التي تتسع في مساحات تقضمها داعش في البلدين، فتحتشد لحربها أربعون دولة في الجو. هو زمن الحوثيين في جوار السعودية التي يتطاول عليها موظفون إيرانيون من مراتب متواضعة. هو زمن القاع يهوي إليه المشرق العربي، والبؤس التعيس الذي تغالبه مصر. بالكاد تعثر على دولة عربية يتحقق فيها المضمون الجوهري لمفهوم الدولة. وفي هكذا حال، يبدو من فائض الترف أن تسأل عن أخبار لبنان. وإذا أحببت أن تعرف، ثمّة نية زياد رحباني للعمل في روسيا خبراً سياسياً يسليك، ولك، إن أردت، أن تنشغل بدواعيه ومفاعيله وحيثياته، فلم تقتله عواميد في الصحافات البيروتية بحثاً بعد.
جيّدٌ أن نبيه بري لم يفعلها، ويدعو إلى حوار وطني، لو فعلها ستكون مزحةً منه لا مزاج الآن لاستقبالها، بالتلقائية الظريفة التي كانت تُقابل بها نوبات هذا الحوار السابقة، إبّان كان يسمع فيه سمير جعجع كلاماً عن "استراتيجية دفاعية" يطرحها حزب الله، وينصت فيه ميشال عون لتوطئة يبسطها فؤاد السنيورة عن تفعيل اتفاق الطائف. لم يعد في وسع بري أن يأتي من دمشق ببقلاوة شامية، فيتذوق منها المتحاورون، أمين الجميل مثلاً. هناك، الآن، داعش وجبهة النصرة، تختطفان جنوداً لبنانيين، ويساومان عليهم. هناك بياتٌ سعودي ثقيل الوطأة، لا وجهة له ولا بوصلة ولا صدى. هناك أولوياتٌ إيرانية أخرى، لم يحن الوقت بعد لدس لبنان، ومسألة اعتماد رئيس له، فيها. ... ربما، إذا تململت الرياض، وأفاقت من غفوة غير مطمئنة، وإذا أحبت طهران تنويعاً في معزوفاتها الحوثية والبغدادية والشامية، قد نقع على أخبارٍ لبنانية، أبعث على الانتباه، من محنة عرسال وخراريف زياد الرحباني، ومن إهداء النائب ستيريدا جعجع زميلها النائب وليد جنبلاط كتاباً بالفرنسية لفيلسوف صيني.
راحت تلك الأيام التي كان فيها استقبال البطريرك صفير ميشال عون خبراً في الصفحات الأولى لجرائد عربية غير قليلة، كما أخبار اقتراع حامي الوطيس على مقعد شاغر في مجلس النواب عن منطقة المتن، ولقاء بين نبيه بري والسفير السعودي، واجتماع شخصيات حريرية الهوى في فندق البريستول. لم يعد لبنان منتجاً للأخبار، نجّاه الله وحماه، فقد استأثر، إبان كانت جرائم الاغتيالات تتوالى فيه، بعد جائحة قتل رفيق الحريري (وآخرين معه)، بالمانشيتات، وبأولى الأخبار في نشرات الفضائيات. كأن هذا البلد، الغني بتنوعه الثقافي والفني، وبحيوية ناسه وأجوائه، محكوم عليه أن نتفرّج على النوائب فيه، وعلى تجاذبات الأفرقاء (وحدهم اللبنانيون يستخدمون هذه المفردة) فيه، وأن نستسلم للقناعة المتوطنة فينا عنه، أنه محض ساحةٍ لألعاب الآخرين ومنازعاتهم. ما أن انكسر الفاعل السوري إياه، وشاخ العامل السعودي، حتى صرنا بالكاد نقع على جديدٍ ننتبه إليه من لبنان، البلادولة بحسب سعيد عقل. ذهبت أيام بحث نبيه بري عن معادلة السين سين، أي توافق سورية والسعودية، شرطاً لازماً ليهنأ لبنان باسترخاء سياسي هادئ.
هو زمن تحطم دول مركزية في المنطقة، سورية والعراق تحديداً، وزمن الخلافة الإسلامية التي تتسع في مساحات تقضمها داعش في البلدين، فتحتشد لحربها أربعون دولة في الجو. هو زمن الحوثيين في جوار السعودية التي يتطاول عليها موظفون إيرانيون من مراتب متواضعة. هو زمن القاع يهوي إليه المشرق العربي، والبؤس التعيس الذي تغالبه مصر. بالكاد تعثر على دولة عربية يتحقق فيها المضمون الجوهري لمفهوم الدولة. وفي هكذا حال، يبدو من فائض الترف أن تسأل عن أخبار لبنان. وإذا أحببت أن تعرف، ثمّة نية زياد رحباني للعمل في روسيا خبراً سياسياً يسليك، ولك، إن أردت، أن تنشغل بدواعيه ومفاعيله وحيثياته، فلم تقتله عواميد في الصحافات البيروتية بحثاً بعد.
جيّدٌ أن نبيه بري لم يفعلها، ويدعو إلى حوار وطني، لو فعلها ستكون مزحةً منه لا مزاج الآن لاستقبالها، بالتلقائية الظريفة التي كانت تُقابل بها نوبات هذا الحوار السابقة، إبّان كان يسمع فيه سمير جعجع كلاماً عن "استراتيجية دفاعية" يطرحها حزب الله، وينصت فيه ميشال عون لتوطئة يبسطها فؤاد السنيورة عن تفعيل اتفاق الطائف. لم يعد في وسع بري أن يأتي من دمشق ببقلاوة شامية، فيتذوق منها المتحاورون، أمين الجميل مثلاً. هناك، الآن، داعش وجبهة النصرة، تختطفان جنوداً لبنانيين، ويساومان عليهم. هناك بياتٌ سعودي ثقيل الوطأة، لا وجهة له ولا بوصلة ولا صدى. هناك أولوياتٌ إيرانية أخرى، لم يحن الوقت بعد لدس لبنان، ومسألة اعتماد رئيس له، فيها. ... ربما، إذا تململت الرياض، وأفاقت من غفوة غير مطمئنة، وإذا أحبت طهران تنويعاً في معزوفاتها الحوثية والبغدادية والشامية، قد نقع على أخبارٍ لبنانية، أبعث على الانتباه، من محنة عرسال وخراريف زياد الرحباني، ومن إهداء النائب ستيريدا جعجع زميلها النائب وليد جنبلاط كتاباً بالفرنسية لفيلسوف صيني.