04 نوفمبر 2024
مشروع أحمد زويل
كان أحد أذرع انقلاب عبد الفتاح السيسي الإعلامية يقول، محقاً، بعد أيامٍ من خلع حسني مبارك في ثورة 25 يناير، في العام 2011، إن مصر تحتاج إلى أن يتحقّق فيها المشروع السياسي لمحمد البرادعي والمشروع التنموي لفاروق الباز والمشروع العلمي لأحمد زويل. كانت مصر، في تلك الغضون، تعرف أوراش نقاش حرّة، بشأن تقدّم البلاد ونهوضها. وكانت هناك جاذبية مسوّغة للجديد الواعد والطموح والحديث والمدني، في طروحات الأعلام الثلاثة، صدوراً عن وطنيتهم المؤكّدة، وخبراتهم في حقولهم. ولأن أخبار البرادعي الراهنة كما نعرف، يتسلّى بالتغريد في "تويتر"، ولأن أطروحة الباز عن ممر التعمير في الصحراء المصرية غادرت إلى الأرشيف، فإن تشييع أحمد زويل إلى دار الحق، أمس، مناسبةٌ للتذكير بمشروع "مدينة زويل العلمية"، والسؤال عمّا قطعه من أشواط، وللتذكير بالأساسي والجوهري في الطموح الذي توخّاه صاحب جائزة نوبل في الكيمياء، بشأن النهوض بالمعرفة والإنتاج العلميين في بلده مصر، وفي العالم العربي.
يتذكّر عبد الفتاح السيسي المشروع، أول من أمس، ويطالب المسؤولين عن "صندوق تحيا مصر" بفتح حسابٍ لتمويله، ما يبعث على الاستغراب من توطّن حالة الكساح في أفهام هذا الرجل، وهو يتولى رئاسة مصر. أيُّ عبقريةٍ لديه، وهو لا يبدع في غير التسوّل من مواطنيه، وهذه المرة من أجل المضي في مشروعٍ كبير، لا يعرف عن تفاصيله سوى أهل الاختصاص، ولا نظن أن الرئيس المذكور منهم. وهو الذي يخبرنا أن أحمد زويل كان قد نجح في جمع 300 مليون جنيه، تحتاجها المرحلة الأولى للمشروع الذي تلزمه أربعة مليارات جنيه. وبعيداً عن الخوض في شأنٍ لا نعرف عنه التفاصيل اللازمة للإحاطة به، يمكن الزّعم إن توفير هذه المبالغ ليس معجزة عويصة، وفي البال أن مليارات الدولارات وصلت إلى مصر بعد الانقلاب ووثوب السيسي إلى السلطة، وكان في الوسع تخصيص ما تيسّر منها للدفع بمشروع زويل، أقله من أجل أن يكون التفجّع الذي تبديه السلطة الراهنة على فقد مصر العالم الشهير، منذ الأربعاء الماضي، ليس شعيرةً تلفزيونيةً واجبة.
لا يمكن للطقوسية التي زاولتها السلطة المصرية في مأتم أحمد زويل أن تشيح الأبصار عن بؤس الأداء الحكومي والبيروقراطي والتنفيذي الذي كان وراء انزواء مشروع الرجل عن مدينةٍ علميةٍ في بلده، وهو مشروعٌ لولا وفاة صاحبه، قبل أيام، لما فطن إليه عبد الفتاح السيسي، أخيراً، عندما رمى عينيه، مجدّداً، إلى جيوب المصريين، من أجل الدفع بهذا المشروع الذي كان العالم الأميركي الجنسية يصدُر، في الطموح إلى بنائه، من قناعته بوجوب توطين المعرفة العلمية في مصر، وهو الذي كان يلحّ على وجوب مشاركة العرب في التقدّم العلمي والمعرفي، وعدم الاكتفاء بشراء التقنيات، وذلك بدعم التعليم والبحث العلمي، على ما سمعنا منه مرّة في دبي، قبل ست سنوات. وقبل ذلك، قال زويل إنه فوجئ بأن الحكام وصناع القرار العرب، في مصر وغيرها، يتجاوبون مع حديثه عن دعم البحث والإنتاج المعرفيين والعلميين، بإقامة المشاريع المتعلقة بهما، وبتطوير التعليم، غير أن المشكلة في عدم تنفيذ أيٍّ من هذه الشؤون، كما أنها في "المؤسسات التي لم يخترق العلم عقولها". والمؤكّد أن أب علم "كيمياء الفيمتو" أصاب كبد القصّة كلها، في قوله إن النظام العربي هو الذي يتسبّب في الفجوة العلمية التي تفصل حاضر العرب عن إيقاع العلوم والتكنولوجيا في العالم.
هذا المنظور الذي يتوخّى إقامة نوعٍ من بنيةٍ تحتيةٍ معرفيةٍ وعلميةٍ، تكون رافعةً لإسهام عربي في الإنتاج العلمي في العالم (حاله مفزع، مساهمة الدول العربية في البحث العلمي أقل من 1%) يجعلنا نتذكّر أحمد زويل صاحبَ طموحٍ نهضويٍّ في بلده مصر، وليس عالم كيمياء نال "نوبل" فحسب، أما خياره الانحياز إلى انقلاب عبد الفتاح السيسي فيظلّ تفصيلاً، يمكن درسه ضمن نموذج المثقف التقني، وحكايته مع إسرائيل، يستحيل الدفاع عنها وتسويغها.
يتذكّر عبد الفتاح السيسي المشروع، أول من أمس، ويطالب المسؤولين عن "صندوق تحيا مصر" بفتح حسابٍ لتمويله، ما يبعث على الاستغراب من توطّن حالة الكساح في أفهام هذا الرجل، وهو يتولى رئاسة مصر. أيُّ عبقريةٍ لديه، وهو لا يبدع في غير التسوّل من مواطنيه، وهذه المرة من أجل المضي في مشروعٍ كبير، لا يعرف عن تفاصيله سوى أهل الاختصاص، ولا نظن أن الرئيس المذكور منهم. وهو الذي يخبرنا أن أحمد زويل كان قد نجح في جمع 300 مليون جنيه، تحتاجها المرحلة الأولى للمشروع الذي تلزمه أربعة مليارات جنيه. وبعيداً عن الخوض في شأنٍ لا نعرف عنه التفاصيل اللازمة للإحاطة به، يمكن الزّعم إن توفير هذه المبالغ ليس معجزة عويصة، وفي البال أن مليارات الدولارات وصلت إلى مصر بعد الانقلاب ووثوب السيسي إلى السلطة، وكان في الوسع تخصيص ما تيسّر منها للدفع بمشروع زويل، أقله من أجل أن يكون التفجّع الذي تبديه السلطة الراهنة على فقد مصر العالم الشهير، منذ الأربعاء الماضي، ليس شعيرةً تلفزيونيةً واجبة.
لا يمكن للطقوسية التي زاولتها السلطة المصرية في مأتم أحمد زويل أن تشيح الأبصار عن بؤس الأداء الحكومي والبيروقراطي والتنفيذي الذي كان وراء انزواء مشروع الرجل عن مدينةٍ علميةٍ في بلده، وهو مشروعٌ لولا وفاة صاحبه، قبل أيام، لما فطن إليه عبد الفتاح السيسي، أخيراً، عندما رمى عينيه، مجدّداً، إلى جيوب المصريين، من أجل الدفع بهذا المشروع الذي كان العالم الأميركي الجنسية يصدُر، في الطموح إلى بنائه، من قناعته بوجوب توطين المعرفة العلمية في مصر، وهو الذي كان يلحّ على وجوب مشاركة العرب في التقدّم العلمي والمعرفي، وعدم الاكتفاء بشراء التقنيات، وذلك بدعم التعليم والبحث العلمي، على ما سمعنا منه مرّة في دبي، قبل ست سنوات. وقبل ذلك، قال زويل إنه فوجئ بأن الحكام وصناع القرار العرب، في مصر وغيرها، يتجاوبون مع حديثه عن دعم البحث والإنتاج المعرفيين والعلميين، بإقامة المشاريع المتعلقة بهما، وبتطوير التعليم، غير أن المشكلة في عدم تنفيذ أيٍّ من هذه الشؤون، كما أنها في "المؤسسات التي لم يخترق العلم عقولها". والمؤكّد أن أب علم "كيمياء الفيمتو" أصاب كبد القصّة كلها، في قوله إن النظام العربي هو الذي يتسبّب في الفجوة العلمية التي تفصل حاضر العرب عن إيقاع العلوم والتكنولوجيا في العالم.
هذا المنظور الذي يتوخّى إقامة نوعٍ من بنيةٍ تحتيةٍ معرفيةٍ وعلميةٍ، تكون رافعةً لإسهام عربي في الإنتاج العلمي في العالم (حاله مفزع، مساهمة الدول العربية في البحث العلمي أقل من 1%) يجعلنا نتذكّر أحمد زويل صاحبَ طموحٍ نهضويٍّ في بلده مصر، وليس عالم كيمياء نال "نوبل" فحسب، أما خياره الانحياز إلى انقلاب عبد الفتاح السيسي فيظلّ تفصيلاً، يمكن درسه ضمن نموذج المثقف التقني، وحكايته مع إسرائيل، يستحيل الدفاع عنها وتسويغها.