16 نوفمبر 2024
من لبنان.. هنا سورية
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
نزل اللبنانيون إلى شوارع المدن من الجنوب وحتى الشمال مرورا بالعاصمة بيروت، وهم يهتفون ضد الأوضاع المتردّية اقتصاديا وسياسيا. وتمكّنوا خلال يومين من إحداث هزّةٍ كبيرة حرّكت الراكد لدى الطبقة السياسية الحاكمة التي تتشارك في الفساد ونهب البلد وأهله، من دون أن تقدّم حتى الحد الأدنى من الخدمات، مثل الكهرباء والماء والنظافة. ولأن الخراب اللبناني شامل، وصار مزمنا، فإن اللبنانيين طرحوا مطالب عديدة عبّرت عن كل ما يعتمل في قلوب الناس من غضب وألم.
لم يفرّق الشارع اللبناني في شعاراته بين تيار سياسي وآخر. وهذا يعبّر عن وعيٍ يسمو فوق التيارات التي بدت بالنسبة للحراك من لونٍ واحد، حتى ولو كان هناك تيارات تتحمّل مسؤوليةً أكثر من غيرها عن حال الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي وصل إليه البلد، مثل حزب الله الذي وضع يده على القرار اللبناني منذ حوالي عقدين، وبات يتحكّم بالاتجاه العام للبلد وخياراته.
وهناك أمر آخر ظهر من خلال الشعارات، أن الحراك ناقمٌ على كل التيارات السياسية. وليس هناك من بين التيارات من حظي بتقدير أو احترام، بل على العكس، وهذا دليل على قرار بالطلاق مع الطبقة السياسية التي وصلت إلى طريق مسدود، ولم يعد لديها ما تقدّمه، فهي في حالة إفلاس. وفي نظر غالبية اللبنانيين باتت التيارات السياسية شركاتٍ تمثل كل الطوائف، وهي تتحمّل المسؤولية عن المديونية العالية والفساد والفقر، ووصول اللبنانيين إلى حالٍ من التردّي لا مثيل له. والمسألة الجديرة بالاهتمام أكثر من غيرها أن الشارع اللبناني تجاوز المفاعيل الطائفية التي خلفتها الحروب والمواجهات السابقة، وغذّتها الاجندات والمصالح الخارجية، وخصوصا التي تعمل لصالح إيران.
ومن بين الذين تفاعلوا مع الحراك اللبناني، يبدو الموقف السوري متميزا وذا أهمية خاصة. وما ينطبق على المعارضة ينسحب على النظام. وكما عكس الوضع السوري نفسه في لبنان يجد الحدث اللبناني نفسه في مرايا السوريين. ويمكن للقياس أن يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير إلى التداخلات بين الوضعين، السوري واللبناني. وكان واضحا أن شعاراتٍ كثيرة رفعها المتظاهرون تتعلق بمواقف بعض أطراف الحكم اللبناني من الوضع في سورية، وخصوصا مواقف حزب الله والتيار الوطني الحر من اللاجئين السوريين والعلاقة مع نظام بشار الأسد. وبرزت في ردود زعماء هذين التيارين إشارات مهمة كثيرة، ومن ذلك خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي اتسم بالتشنج.
وانطلاقا من هذا الواقع، يمكن للمراقب أن يجزم إن هناك انعكاسات مباشرة قريبة على حال نظام بشار الأسد، وكلما ضغط الحراك اللبناني وحقّق تقدّما أحس الأسد بأن الدائرة تضيق من حوله في دمشق. ومن دون شك، سوف يتأثر الأسد سياسيا واقتصاديا. ولن يكون في وسع بعض الزعامات اللبانية، مثل وزير الخارجية زعيم التيار الوطني، جبران باسيل، زيارة سورية في الوقت الحالي، مثلما كان مقرّرا، الأمر الذي سوف ينعكس عليه وعلى حزبه سلبا. أما حزب الله فإنه تلقى الرسالة على نحوٍ مختلف، وبدأت أوساطه تسريباتٍ عن مؤامرةٍ ضد الحزب، وهذا يعني أن الحزب بات يحسب حساب التداعيات الإقليمية والدولية للحدث، وهو يدرك أن الشارع لن ينسى تورّط حزب الله في سورية، وما ترتب عليه من آثار كبيرة على البلدين، والأمر الذي بات واضحا ولا يقبل النقاش أن طيفا واسعا من حاضنة حزب الله كان في صفوف المتظاهرين، وهذا الأمر يحصل للمرة الأولى، وهو مؤشّرٌ على أن القلاع التي كانت تبدو راسخة بدأت تهتز بفعل الحراك اللبناني المدني.
وهناك أمر آخر ظهر من خلال الشعارات، أن الحراك ناقمٌ على كل التيارات السياسية. وليس هناك من بين التيارات من حظي بتقدير أو احترام، بل على العكس، وهذا دليل على قرار بالطلاق مع الطبقة السياسية التي وصلت إلى طريق مسدود، ولم يعد لديها ما تقدّمه، فهي في حالة إفلاس. وفي نظر غالبية اللبنانيين باتت التيارات السياسية شركاتٍ تمثل كل الطوائف، وهي تتحمّل المسؤولية عن المديونية العالية والفساد والفقر، ووصول اللبنانيين إلى حالٍ من التردّي لا مثيل له. والمسألة الجديرة بالاهتمام أكثر من غيرها أن الشارع اللبناني تجاوز المفاعيل الطائفية التي خلفتها الحروب والمواجهات السابقة، وغذّتها الاجندات والمصالح الخارجية، وخصوصا التي تعمل لصالح إيران.
ومن بين الذين تفاعلوا مع الحراك اللبناني، يبدو الموقف السوري متميزا وذا أهمية خاصة. وما ينطبق على المعارضة ينسحب على النظام. وكما عكس الوضع السوري نفسه في لبنان يجد الحدث اللبناني نفسه في مرايا السوريين. ويمكن للقياس أن يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير إلى التداخلات بين الوضعين، السوري واللبناني. وكان واضحا أن شعاراتٍ كثيرة رفعها المتظاهرون تتعلق بمواقف بعض أطراف الحكم اللبناني من الوضع في سورية، وخصوصا مواقف حزب الله والتيار الوطني الحر من اللاجئين السوريين والعلاقة مع نظام بشار الأسد. وبرزت في ردود زعماء هذين التيارين إشارات مهمة كثيرة، ومن ذلك خطاب الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي اتسم بالتشنج.
وانطلاقا من هذا الواقع، يمكن للمراقب أن يجزم إن هناك انعكاسات مباشرة قريبة على حال نظام بشار الأسد، وكلما ضغط الحراك اللبناني وحقّق تقدّما أحس الأسد بأن الدائرة تضيق من حوله في دمشق. ومن دون شك، سوف يتأثر الأسد سياسيا واقتصاديا. ولن يكون في وسع بعض الزعامات اللبانية، مثل وزير الخارجية زعيم التيار الوطني، جبران باسيل، زيارة سورية في الوقت الحالي، مثلما كان مقرّرا، الأمر الذي سوف ينعكس عليه وعلى حزبه سلبا. أما حزب الله فإنه تلقى الرسالة على نحوٍ مختلف، وبدأت أوساطه تسريباتٍ عن مؤامرةٍ ضد الحزب، وهذا يعني أن الحزب بات يحسب حساب التداعيات الإقليمية والدولية للحدث، وهو يدرك أن الشارع لن ينسى تورّط حزب الله في سورية، وما ترتب عليه من آثار كبيرة على البلدين، والأمر الذي بات واضحا ولا يقبل النقاش أن طيفا واسعا من حاضنة حزب الله كان في صفوف المتظاهرين، وهذا الأمر يحصل للمرة الأولى، وهو مؤشّرٌ على أن القلاع التي كانت تبدو راسخة بدأت تهتز بفعل الحراك اللبناني المدني.
دلالات
بشير البكر
بشير البكر كاتب وشاعر سوري من أسرة "العربي الجديد" ورئيس تحرير سابق
بشير البكر
مقالات أخرى
09 نوفمبر 2024
02 نوفمبر 2024
26 أكتوبر 2024