متى تتوحد القوى الثورية في مصر؟
وإذا كانت حركات كثيرة من هؤلاء بدأت تراجع مواقفها، خصوصاً من انقلاب 30 يونيو، وإدراكها بأنها كانت مطية لوصول العسكر إلى الحكم. وتشكيل هؤلاء جبهة طريق الثورة، من أجل استعادة ثورة يناير، وهي جبهة تضم حركات 6 إبريل بجناحيها، الاشتراكيين الثوريين، والعدالة والحرية "يسارية" والعيش والملح، التيار المصري، الشباب الذين خرجوا من عضوية "الإخوان" بعد ثورة يناير، ومصر القوية "حزب عبد المنعم أبو الفتوح"، نقول إنه على الرغم من تشكيل هذه الجبهة، إلا أن رؤيتها السياسية ليست محل اتفاق بين مكوناتها، خصوصاً ما يتعلق بالموقف من رحيل عبد الفتاح السيسي، حيث يظهر، مثلاً، تباين بين جناحي 6 إبريل، فبينما يؤيد جناح ماهر (في السجن حالياً) رحيل السيسي، فإن الجبهة الديمقراطية التي انشقت عنه لا تطالب بذلك. والأمر نفسه بالنسبة لضم "الإخوان" إلى الجبهة، أو التنسيق معهم في مواجهة فلول مبارك "بعد براءته" وقادة العسكر. والغريب أنه بعد براءة مبارك التي كانت كفيلة بعودة اللحمة الفورية إلى المد الثوري، على اعتبار أن ثورة يناير قامت، أساساً، من أجل إطاحته وممارسات داخليته، وجدنا مؤتمراً صحفياً لهذه القوى، يؤكد على رفض التنسيق مع "الإخوان"، وكذلك رفض عودة محمد مرسي ودستور 2012. الأمر الذي أثار عدة تساؤلات في حينها، بشأن الرؤية السياسية لهذا التيار، خصوصاً فيما يتعلق بالدستور، فمن غير المنطقي رفض دستور تم الاستفتاء عليه من الشعب بحرية ونزاهة، في مقابل قبول دستور مطعون فيه من البداية، لاسيما كونه صادراً عن رئيس غير منتخب، جاء على ظهر دبابة، ناهيك عما كان به من عوار كبير بشهادة كثيرين، ومنهم مصمم الانقلاب، محمد حسنين هيكل.
ومن غير المفهوم كذلك رفض هذه القوى التنسيق مع "الإخوان" بدعوى أن هؤلاء خذلوهم في أحداث شارع محمد محمود، واستحوذوا على السلطة، وتناسى هؤلاء أنهم ساهموا في انقلاب 30 يونيو، والسكوت على مجازر ميداني رابعة والنهضة، بل وعلى آلاف المعتقلين التابعين لتحالف دعم الشرعية، في مقابل التركيز على معتقلين تابعين له، لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.
ومن الغريب، أيضاً، أن هذه القوى التي رفضت نزول "الإخوان" معهم إلى ميدان التحرير، بعد تبرئة مبارك، لم تتمكن من دخوله، فضلاً عن أن الأعداد المشاركة في تظاهراتها كانت محدودة للغاية، وأصدرت كل هذه الكيانات، وفي القلب منها "6 إبريل"، بيانات بإنهاء الفعاليات، بسبب التضييق الأمني. وبالتالي، يبقى السؤال: إذا كانت هذه الكيانات ضعيفة، وغير قادرة على الحشد، في مقابل هذا الاستئساد للسلطة، المدعومة إقليمياً ودولياً. أليس هذا مبرراً لتوحدها؟ ألم تخطئ هذه القوى، كما أخطأ "الإخوان"، أم سيظل خطأ "الإخوان" غير مبرر؟ إذا كانت القوى الأوروبية التي خاضت حربين عالميتين ضروسين فيما بينهما، تناست هذه الخلافات، من أجل الوحدة، أليس الأجدى بقوى الثورة أن تتوحد من جديد، لاسيما أن كلاً منهما، بما في ذلك "الإخوان"، لن يقوى على المواجهة بمفرده. بات كل مفكري القوى الثورية على قناعة بأهمية الاصطفاف الوطني لمواجهة الانقلاب، فلماذا تصر بعض القوى الثورية على التغريد خارج السرب، على الرغم من أن ذلك لن يحقق أهدافها المنشودة في إطاحة بالانقلاب، واستكمال المد الثوري لـ"25 يناير".