08 نوفمبر 2024
استعراض "القيصر"
كان للإعلان الروسي عن إرسال غواصة إلى البحر المتوسط، للمساهمة في الحرب على "داعش"، وقْع مضحك بعض الشيء، خصوصاً أن استخدام مثل هذه الترسانة في حروب من هذا النوع يعد جديداً جداً، وابتكاراً روسياً بامتياز، لم يسبقهم أحد إليه. فخلال الجولات السابقة من "الحرب على الإرهاب"، وتحديداً بعد سقوط "طالبان" في أفغانستان، والدخول في حرب عصابات مع تنظيم القاعدة، لم يسبق لأحد أن سمع أن القوات الأميركية دكّت مراكز "القاعدة" بصواريخ باليستية بعيدة المدى، على غرار ما يقوم به الروس حالياً.
لم يعد خافياً أن كل ما يفعله بوتين هو من باب استعراض القوة، والذي لا يستهدف "داعش" بالتأكيد، بقدر ما هو موجه إلى الغرب في إطار القول: "أنا شريك القوة في العالم". فالرجل أخرج كل ما في مستودعاته من عتاد وأسلحة، وبعضها من الحقبة السوفييتية، وأرسلها إلى المنطقة، في محاكاة سيناريو حرب عالمية ثالثة، "داعش" شعارها، لكن أهدافها مختلفة.
لم يكتف بوتين بالطائرات والبوارج والغواصة والصواريخ بعيدة المدى، بل ألمح إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، عبر الإشارة إلى إمكان استخدام قنابل نووية، فبعد إطلاق الغواصة صواريخ "كاليبر" على مواقع "داعش"، قال بوتين إن الصواريخ الروسية القادرة على حمل رؤوس نووية أثبتت فعاليتها عبر المسافات الطويلة، معرباً عن أمله ألا يضطر إلى استخدام الأخيرة، بحسب ما نشره موقع روسيا اليوم ووكالة الأنباء الفرنسية.
لكن اللافت أنه بعد كل هذا العتاد الذي أصبح متواجداً في المنطقة، والذي من المؤكد لن يغادرها بسهولة، لم ينجح الروس في تحقيق أي إنجاز يذكر على الأرض، رغم محاولات الإيحاء بغير ذلك، وهو ما قام به بوتين شخصياً، أول من أمس، في خطاب عدد فيه الأهداف التي تم ضربها للتنظيم. وبغض النظر عن صحة ما سرده الرئيس الروسي، إلا أنه بالتأكيد نسي الإشارة إلى المواقع المدنية الكثيرة التي تم استهدافها، إضافة إلى قوافل الإغاثة التي ضربتها الطائرات قبل توجهها إلى مخيمات اللاجئين والمناطق المحاصرة.
ربما ليس الأمر مهماً بالنسبة للرئيس الروسي، فالمهم إدخال العتاد العسكري في الخدمة، وبدء ترويجه في سوق الأسلحة العالمية، باعتبار أنه قادر على تحقيق الأهداف التي تحققها الأسلحة الأميركية، وهو أمر بالتأكيد غير صحيح، خصوصاً أنه بالتوازي مع العملية الروسية المستمرة منذ أكثر من شهرين، من دون أن تنجح في طرد "داعش" من أي من المناطق السورية، كان الأميركيون ينفذون عمليات موازية في العراق. عمليات ربما، بالمفهوم الأميركي، تأتي رداً على أهداف التدخل الروسي في سورية، لا سيما لجهة إثبات النجاعة. إذ استطاع الغطاء الجوي الأميركي، بالتنسيق مع قوات على الأرض من البشمركة، تحرير مناطق شاسعة في العراق من "داعش"، والتضييق عليه في الموصل.
أيضاً ربما هذا الأمر غير مهم لموسكو، هي أساساً لا تريد إنهاء ذرائع استعراضها العسكري في المنطقة. المطلوب هو بقاء "داعش"، ومعه بقاء النظام السوري، وتأجيج الحرب قدر الإمكان، إلى أن يتحقق لبوتين ما يريده على الصعد السياسية والعسكرية والاستراتيجية. ولغاية اليوم، لم يتم تحقيق هذه الأهداف، فلا القوة الروسية فرضت نفسها بشكل مطلق في المنطقة، وخصوصاً بعد الضربة التركية، والتي لا تزال موسكو حائرة في كيفية الرد عليها. كذلك لم تستطع بعد موسكو فرض الأجندات السياسية التي تريدها.
بناء عليه، سيبقى الاستعراض الروسي قائماً، ومزيد من الأسلحة قد تكون في طريقها إلى المنطقة لإرضاء غرور القيصر الجديد، حتى إن لم ينجح في تحقيق أي من أهدافه.
لم يكتف بوتين بالطائرات والبوارج والغواصة والصواريخ بعيدة المدى، بل ألمح إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، عبر الإشارة إلى إمكان استخدام قنابل نووية، فبعد إطلاق الغواصة صواريخ "كاليبر" على مواقع "داعش"، قال بوتين إن الصواريخ الروسية القادرة على حمل رؤوس نووية أثبتت فعاليتها عبر المسافات الطويلة، معرباً عن أمله ألا يضطر إلى استخدام الأخيرة، بحسب ما نشره موقع روسيا اليوم ووكالة الأنباء الفرنسية.
لكن اللافت أنه بعد كل هذا العتاد الذي أصبح متواجداً في المنطقة، والذي من المؤكد لن يغادرها بسهولة، لم ينجح الروس في تحقيق أي إنجاز يذكر على الأرض، رغم محاولات الإيحاء بغير ذلك، وهو ما قام به بوتين شخصياً، أول من أمس، في خطاب عدد فيه الأهداف التي تم ضربها للتنظيم. وبغض النظر عن صحة ما سرده الرئيس الروسي، إلا أنه بالتأكيد نسي الإشارة إلى المواقع المدنية الكثيرة التي تم استهدافها، إضافة إلى قوافل الإغاثة التي ضربتها الطائرات قبل توجهها إلى مخيمات اللاجئين والمناطق المحاصرة.
ربما ليس الأمر مهماً بالنسبة للرئيس الروسي، فالمهم إدخال العتاد العسكري في الخدمة، وبدء ترويجه في سوق الأسلحة العالمية، باعتبار أنه قادر على تحقيق الأهداف التي تحققها الأسلحة الأميركية، وهو أمر بالتأكيد غير صحيح، خصوصاً أنه بالتوازي مع العملية الروسية المستمرة منذ أكثر من شهرين، من دون أن تنجح في طرد "داعش" من أي من المناطق السورية، كان الأميركيون ينفذون عمليات موازية في العراق. عمليات ربما، بالمفهوم الأميركي، تأتي رداً على أهداف التدخل الروسي في سورية، لا سيما لجهة إثبات النجاعة. إذ استطاع الغطاء الجوي الأميركي، بالتنسيق مع قوات على الأرض من البشمركة، تحرير مناطق شاسعة في العراق من "داعش"، والتضييق عليه في الموصل.
أيضاً ربما هذا الأمر غير مهم لموسكو، هي أساساً لا تريد إنهاء ذرائع استعراضها العسكري في المنطقة. المطلوب هو بقاء "داعش"، ومعه بقاء النظام السوري، وتأجيج الحرب قدر الإمكان، إلى أن يتحقق لبوتين ما يريده على الصعد السياسية والعسكرية والاستراتيجية. ولغاية اليوم، لم يتم تحقيق هذه الأهداف، فلا القوة الروسية فرضت نفسها بشكل مطلق في المنطقة، وخصوصاً بعد الضربة التركية، والتي لا تزال موسكو حائرة في كيفية الرد عليها. كذلك لم تستطع بعد موسكو فرض الأجندات السياسية التي تريدها.
بناء عليه، سيبقى الاستعراض الروسي قائماً، ومزيد من الأسلحة قد تكون في طريقها إلى المنطقة لإرضاء غرور القيصر الجديد، حتى إن لم ينجح في تحقيق أي من أهدافه.