02 نوفمبر 2024
هل تتحول "طالبان" إلى ذراع إيرانية؟
يجد النهج الإيراني التوسعي له أرضا جديدة/ قديمة في أفغانستان. توالت تقارير، في الأسبوعين الماضيين، عن دعم مالي وتدريب عسكري، تقوم به طهران لقوات حركة طالبان. وبينما تسعى دول في الإقليم إلى حل سياسي، يوقف الاستنزاف الذي مضى عليه أكثر من ثلاثة عقود في أفغانستان، فإن إيران تستثمر في السلاح والمسلحين. تقيم علاقات مع الدولة في كابول، وتساند المناهضين للدولة هناك. وكما سبق لها أن عملت في بيئات ومجتمعات فقيرة في السودان واليمن وموريتانيا، فإن الفقر الأفغاني المدقع يبدو بيئة طيبة ومواتية لبسط النفوذ. الاستعدادات الأميركية للانسحاب من هذا البلد بحلول نهاية عام 2016، مع الإبقاء على 5500 جندي أميركي فقط مع نهاية العام الجاري 2015 هو دافع أقوى للتدخل الإيراني، فإما أن تكون هناك ذراع مطواعة لإيران عبر "طالبان" مع إعادة تأهيلها وربطها عضويا بالحرس الثوري، ومن قد يتحالف مع "طالبان" من قوى سياسية في أجهزة الدولة وخارجها، وإما أن يستمر الاحتراب الأهلي إلى ما لا نهاية، برعاية إيرانية حثيثة.
استند تقرير الصحيفة الأميركية، وول ستريت جورنال، الذي أثار هذه الضجة، ونشر الأسبوع الماضي، إلى مقابلة مع قيادي في طالبان (عرف نفسه بعبدالله)، تحدث فيه عن رواتب ثابتة، يتلقاها قادة في الحركة هو منهم. وقد أشار إلى راتبه 580 دولاراً. ترحب الحركة المحاصرة، بالطبع، بهذا الدعم، وتُمنّي النفس بالعودة إلى السلطة التي خسرتها قبل 13 عاماً. في التقرير، قال مسؤولون أمنيون أفغان إن أدلة واضحة توفرت لهم بحلول خريف 2013 أن إيران تدرب مقاتلي "طالبان" داخل أراضيها. وبحسب مسؤولين أفغان، وعبد الله القائد العسكري في "طالبان"، فإن طهران تدير أربعة معسكرات تدريب على الأقل في طهران ومشهد وزاهدان وإقليم كرمان.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول أفغاني رفيع قوله: "في البداية، كانت إيران تدعم طالبان ماليًا، لكنها الآن تدربهم وتسلحهم أيضًا. ويعيد هذا المسؤول الدعم الذي تتلقاه طالبان من طهران إلى عام 2013، مع استقبال طهران وفداً من طالبان، للمشاركة في مؤتمر إسلامي.
والمؤتمرات الإسلامية "التي تجمع أبناء الأمة الإسلامية في طهران" هي أفضل غطاء لنسج العلاقات وشراء ولاء مليشيات، أو إنشاء جماعات مسلحة موالية.
وتستند الضجة التي ثارت في الكونغرس الأميركي، بهذا الخصوص، إلى توجه الإدارة الأميركية إلى رفع بعض العقوبات المالية على طهران، بموجب الاتفاق النووي الإيراني الغربي، بما يمكن طهران من استخدام جزء من هذه الأموال لدعم مليشيات "طالبان" هذه المرة، وبما يمكّن طهران من وراثة الوجود الأميركي في هذا البلد، أو منع أي حكومة في كابول من الاستقرار، إن لم تعمل وفق أجندة إيرانية.
تتحدث طهران عن دعمها حكومة كابول، وقد عبّر عن ذلك وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، في زيارة له إلى كابول في 20 يناير/كانون الثاني من هذا العام، وعن وقوف حكومة بلاده مع أفغانستان لإعادة الإعمار وإقرار الأمن ومكافحة التطرف. ولم ينس الوزير ظريف الحديث عن وجود الأجانب (التحالف الغربي)، حيث لم تتحسن مع وجوده الأوضاع في أفغانستان، وهي المفردات نفسها التي تستخدمها الدبلوماسية الإيرانية في الحديث عن دور غير مستحب لأجانب في العراق، وباحتساب أن إيران ليست أجنبية بالنسبة لأفغانستان والعراق!
في هذه الأثناء، توارت أنباء عن زيارة قام بها وفد من "طالبان" ضم 11 قيادياً، إلى طهران يوم السابع من يونيو/حزيران الجاري، بغية فتح ممثلية للحركة في العاصمة الإيرانية، وهو ما رحب به المسؤولون الإيرانيون، وفي مقدمتهم الوزير ظريف، علماً أن لحركة طالبان مكتبا في مدينة مشهد، يعود افتتاحه إلى أوائل العام الماضي 2014 (الشرق الأوسط اللندنية، 14 يونيو/حزيران 2015).
طويت الخلافات "العقائدية/ المذهبية" بين "طالبان" وإيران، والتي تعود إلى العقدين الأخيرين من القرن الماضي، فالحركة الأصولية المحاصرة مالياً وتسليحياً وإعلامياً، وذات الارتباط بتنظيم القاعدة، تجد في الدعم الإيراني أفضل رافد لها، لمواصلة الحرب في الداخل على حكومة كابول التي تدعمها طهران دبلوماسياً! على طريقة الدعم الإيراني للحكومة اللبنانية، مع تقوية طهران شوكة حزب الله، ومنازعته الحكومة على الولاية والسيادة. أما في أفغانستان، فيسهل على طهران استخدام "طالبان" ورقة ضغط قوية على حكومة كابول، من أجل أن تمتثل الأخيرة لأجندة إيرانية، وتتساوق معها. انشغال أميركا بالوضع الملتهب في دول الشرق الأوسط، وفي أوكرانيا، وتركيزها على مكافحة داعش فحسب، وعلى السعي إلى إنجاح المفاوضات النووية مع طهران، وعلى تأمين الانسحاب المتدرج من أفغانستان. يحدّ ذلك كله من الاهتمام بإمكانية تحول "طالبان" شيئاً فشيئاً إلى ذراع إيرانية مع زيادة الاعتماد على المال والتسليح الإيراني، علما أن "طالبان" تخوض حربها على حكومة كابول، وعلى القوات الأميركية معاً.
وتجد طهران، إلى ما تقدم، في وجود لاجئين أفغان على أراضيها (1.4مليون لاجئ) فرصة للاستثمار، بل الاتجار السياسي والعسكري، باستغلال بؤس هؤلاء، لتجنيد بعضهم وإرسالهم إلى سورية، وببناء كتلة بشرية أفغانية موالية لطهران ومتواصلة مع "طالبان". وقد احتجت كابول رسميا على إرسال إيران مواطنين أفغان إلى سورية، عبر احتجاج وزارة المهاجرين والعائدين الأفغانية التي قالت، باسم متحدثها، إسلام الدين جرأت، "لا يحق لأي دولة استغلال معاناة اللاجئين الأفغان على أراضيها، واستخدامهم لتنفيذ أجندتها". وذلك وفقاً لصحيفة "اطلاعات روز" الأفغانية، لكن طهران لا تعبأ بمثل هذه الاحتجاجات، فهي" تتحدى أميركا العظمى"، ولن تتوقف عند احتجاجات حكومة بلد فقير وهامشي، مثل أفغانستان.
للولايات المتحدة أن تنسحب من أفغانستان، وأن تواصل إدارة باراك أوباما نهجها الحمائمي على المسرح الدولي، شريطة أن لا يرث بلد آخر أفغانستان، ويتعهد هذا البلد، وهو إيران باستمرار الحرب الأهلية الطاحنة فيه، وحتى لا تتكرر سابقة الحوثيين في اليمن لدى الشقيق الفقير في أفغانستان.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول أفغاني رفيع قوله: "في البداية، كانت إيران تدعم طالبان ماليًا، لكنها الآن تدربهم وتسلحهم أيضًا. ويعيد هذا المسؤول الدعم الذي تتلقاه طالبان من طهران إلى عام 2013، مع استقبال طهران وفداً من طالبان، للمشاركة في مؤتمر إسلامي.
والمؤتمرات الإسلامية "التي تجمع أبناء الأمة الإسلامية في طهران" هي أفضل غطاء لنسج العلاقات وشراء ولاء مليشيات، أو إنشاء جماعات مسلحة موالية.
وتستند الضجة التي ثارت في الكونغرس الأميركي، بهذا الخصوص، إلى توجه الإدارة الأميركية إلى رفع بعض العقوبات المالية على طهران، بموجب الاتفاق النووي الإيراني الغربي، بما يمكن طهران من استخدام جزء من هذه الأموال لدعم مليشيات "طالبان" هذه المرة، وبما يمكّن طهران من وراثة الوجود الأميركي في هذا البلد، أو منع أي حكومة في كابول من الاستقرار، إن لم تعمل وفق أجندة إيرانية.
تتحدث طهران عن دعمها حكومة كابول، وقد عبّر عن ذلك وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، في زيارة له إلى كابول في 20 يناير/كانون الثاني من هذا العام، وعن وقوف حكومة بلاده مع أفغانستان لإعادة الإعمار وإقرار الأمن ومكافحة التطرف. ولم ينس الوزير ظريف الحديث عن وجود الأجانب (التحالف الغربي)، حيث لم تتحسن مع وجوده الأوضاع في أفغانستان، وهي المفردات نفسها التي تستخدمها الدبلوماسية الإيرانية في الحديث عن دور غير مستحب لأجانب في العراق، وباحتساب أن إيران ليست أجنبية بالنسبة لأفغانستان والعراق!
في هذه الأثناء، توارت أنباء عن زيارة قام بها وفد من "طالبان" ضم 11 قيادياً، إلى طهران يوم السابع من يونيو/حزيران الجاري، بغية فتح ممثلية للحركة في العاصمة الإيرانية، وهو ما رحب به المسؤولون الإيرانيون، وفي مقدمتهم الوزير ظريف، علماً أن لحركة طالبان مكتبا في مدينة مشهد، يعود افتتاحه إلى أوائل العام الماضي 2014 (الشرق الأوسط اللندنية، 14 يونيو/حزيران 2015).
طويت الخلافات "العقائدية/ المذهبية" بين "طالبان" وإيران، والتي تعود إلى العقدين الأخيرين من القرن الماضي، فالحركة الأصولية المحاصرة مالياً وتسليحياً وإعلامياً، وذات الارتباط بتنظيم القاعدة، تجد في الدعم الإيراني أفضل رافد لها، لمواصلة الحرب في الداخل على حكومة كابول التي تدعمها طهران دبلوماسياً! على طريقة الدعم الإيراني للحكومة اللبنانية، مع تقوية طهران شوكة حزب الله، ومنازعته الحكومة على الولاية والسيادة. أما في أفغانستان، فيسهل على طهران استخدام "طالبان" ورقة ضغط قوية على حكومة كابول، من أجل أن تمتثل الأخيرة لأجندة إيرانية، وتتساوق معها. انشغال أميركا بالوضع الملتهب في دول الشرق الأوسط، وفي أوكرانيا، وتركيزها على مكافحة داعش فحسب، وعلى السعي إلى إنجاح المفاوضات النووية مع طهران، وعلى تأمين الانسحاب المتدرج من أفغانستان. يحدّ ذلك كله من الاهتمام بإمكانية تحول "طالبان" شيئاً فشيئاً إلى ذراع إيرانية مع زيادة الاعتماد على المال والتسليح الإيراني، علما أن "طالبان" تخوض حربها على حكومة كابول، وعلى القوات الأميركية معاً.
وتجد طهران، إلى ما تقدم، في وجود لاجئين أفغان على أراضيها (1.4مليون لاجئ) فرصة للاستثمار، بل الاتجار السياسي والعسكري، باستغلال بؤس هؤلاء، لتجنيد بعضهم وإرسالهم إلى سورية، وببناء كتلة بشرية أفغانية موالية لطهران ومتواصلة مع "طالبان". وقد احتجت كابول رسميا على إرسال إيران مواطنين أفغان إلى سورية، عبر احتجاج وزارة المهاجرين والعائدين الأفغانية التي قالت، باسم متحدثها، إسلام الدين جرأت، "لا يحق لأي دولة استغلال معاناة اللاجئين الأفغان على أراضيها، واستخدامهم لتنفيذ أجندتها". وذلك وفقاً لصحيفة "اطلاعات روز" الأفغانية، لكن طهران لا تعبأ بمثل هذه الاحتجاجات، فهي" تتحدى أميركا العظمى"، ولن تتوقف عند احتجاجات حكومة بلد فقير وهامشي، مثل أفغانستان.
للولايات المتحدة أن تنسحب من أفغانستان، وأن تواصل إدارة باراك أوباما نهجها الحمائمي على المسرح الدولي، شريطة أن لا يرث بلد آخر أفغانستان، ويتعهد هذا البلد، وهو إيران باستمرار الحرب الأهلية الطاحنة فيه، وحتى لا تتكرر سابقة الحوثيين في اليمن لدى الشقيق الفقير في أفغانستان.