01 يونيو 2017
هل كان منع السعودية "جاستا" ممكناً؟
بعد تصويت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح تجاوز "فيتو" الرئيس باراك أوباما ضد قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا) ثم تمرير مجلس النواب للقانون بأغلبية تفوق أغلبية الثلثين، انقسمت ردود الفعل، بشكل تقريبي، إلى ثلاثة أقسام.
هناك من حاول تفسير القانون، وقراءة إمكاناته، ومدى إضراره بالسعودية، وعلاقتها بالولايات المتحدة. انتقد آخرون القانون واستنكروه، وأبرزوا تراجعات الكونغرس عنه، والتصريحات عن إمكانية تعديله مستقبلا، ومدى إضراره بالمصالح الأميركية دوليا، من زاوية إخلاله بمبدأ "الحصانة السيادية" في التعاملات الدولية. أما القسم الثالث، وهذه المقالة عنهم، فقد بدأوا "التلاوم"، انطلاقا من فكرةٍ مفادها بأن السعودية كانت قادرةً على منع إقرار القانون، لو تحرّكت مبكرا ضده، خصوصاً أن الدعاوى القضائية ترفع على الرياض منذ قرابة 15 سنة، في سياقات أحداث "11سبتمبر"، كما أن نقاشات الكونغرس بشأن القانون بدأت منذ ما يزيد عن الست سنوات.
الحقيقة أن سياق القانون يجعل من الصعوبة منعه، خصوصاً من السعودية، فالقانون، وإن كان يمسّ السعودية بصورة مباشرة، والعلاقات السعودية الأميركية، جاء بصراع أميركي قانوني محلي، يتعلق بدعاوى التعويضات التي يرفعها مواطنون أميركيون، من ضحايا الهجمات الإرهابية، فهناك سلسلة من القوانين والتعديلات القانونية، منذ التسعينيات، تتحدّث عن محاكمة الدول التي تُتّهم بدعم إرهابيين، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. الأمر الذي يجعل التحرّك السعودي ضد القانون صعباً ومعقداً، أنه قانون "شعبوي" يتعلق بـ "أسر ضحايا أحداث سبتمبر". وقد جعل هذا العنوان العريض المشرّعين الأميركيين في الكونغرس يقرّون القانون، على الرغم من تعقيداته وانعكاساته على السياسة الدولية، وجعلهم يتحدّون "فيتو" الرئيس، حتى من أعضاء الكونغرس المنتمين إلى الحزب الديمقراطي.
قال أحدهم "من يستطيع الوقوف في وجه أسر ضحايا سبتمبر؟"، خصوصاً أن الكونغرس مقبل على انتخاباته النصفية الشهر المقبل، والولايات المتحدة تختار رئيساً جديداً، قد يكون لتصويت الأحزاب داخل الكونغرس أثر في تلك المسارات الانتخابية. ويجعل هذا السياق الشعبوي العاطفي الأميركي موقف السعودية صعباً، بمجرد محاولاتها الضغط على أعضاء المشرّعين الأميركيين في الكونغرس، ستنفتح بوابة الأسئلة والارتياب: لماذا تضغط السعودية ضد قانون محاكمة رعاة الإرهاب؟ هل هي متورّطة؟ هل تحاول منع القضاء الأميركي من محاكمتها لأنها مدانة؟ .. أي، بصيغة أخرى، سيكون أي عمل سعودي تجاه الكونغرس مضراً بالسعودية، أكثر من أنه لصالحها، نظرا لشعبوية الموضوع وعاطفيته اللتين جعلتا المشرّع الأميركي يتجاهل مصالح بلاده الخارجية، والقانون والعلاقات الدولية.
مثل هذه القضايا قادرة على تدمير دول، وبناء أخرى، فدعاية ضحايا الهولوكوست من اليهود عزّزت موقف الصهاينة في بناء دولةٍ لهم، واغتصاب أرض، وتشريد شعب. وما زال سوط "الهولوكست" وضحاياه مسلطاً على دول أوروبية لابتزازها، فضلا عن الأكاديميين والكتّاب المناوئين لإسرائيل، حتى أن منتقداً شهيرا لإسرائيل، ومعادياً للصهيونية، هو الأميركي نورمان فينكلشتاين، كان مضطرا في أحايين كثيرة، لبدء انتقاداته الجرائم الصهيونية في فلسطين، بالتذكير بأن أفراداً من عائلته كانوا من ضحايا الهولوكوست النازي، ليقول: لا تزايدوا علي باستخدام الهولوكوست.
في أفضل السيناريوهات، كانت السعودية قادرةً على الضغط على الإدارة الأميركية، ليستخدم الرئيس الأميركي حقه بنقض قوانين الكونغرس، وهذا ما حدث. أما السيناريو الآخر، فكان يتضمن سحباً للاستثمارات السعودية من الولايات المتحدة تدريجياً، منذ بدء التحرّكات لإقرار القانون قبل سنوات. لكن، حتى هذه الخطوة ليست بالسهولة التي تبدو عليه، فلا توجد أسواقٌ بديلة مستقرة وواعدة، يمكن أن تستوعب هذه الأموال. وليست المسألة أيضا تجاريةً واستثمارية، فتضرّر العلاقات السعودية الأميركية سيعني تغيرات هائلة في المنطقة، لا مجرد خسارة مليارات الدولارات، إما بسبب تجميدها، أو دفعها كتعويضات، لا قدّر الله.
هناك من حاول تفسير القانون، وقراءة إمكاناته، ومدى إضراره بالسعودية، وعلاقتها بالولايات المتحدة. انتقد آخرون القانون واستنكروه، وأبرزوا تراجعات الكونغرس عنه، والتصريحات عن إمكانية تعديله مستقبلا، ومدى إضراره بالمصالح الأميركية دوليا، من زاوية إخلاله بمبدأ "الحصانة السيادية" في التعاملات الدولية. أما القسم الثالث، وهذه المقالة عنهم، فقد بدأوا "التلاوم"، انطلاقا من فكرةٍ مفادها بأن السعودية كانت قادرةً على منع إقرار القانون، لو تحرّكت مبكرا ضده، خصوصاً أن الدعاوى القضائية ترفع على الرياض منذ قرابة 15 سنة، في سياقات أحداث "11سبتمبر"، كما أن نقاشات الكونغرس بشأن القانون بدأت منذ ما يزيد عن الست سنوات.
الحقيقة أن سياق القانون يجعل من الصعوبة منعه، خصوصاً من السعودية، فالقانون، وإن كان يمسّ السعودية بصورة مباشرة، والعلاقات السعودية الأميركية، جاء بصراع أميركي قانوني محلي، يتعلق بدعاوى التعويضات التي يرفعها مواطنون أميركيون، من ضحايا الهجمات الإرهابية، فهناك سلسلة من القوانين والتعديلات القانونية، منذ التسعينيات، تتحدّث عن محاكمة الدول التي تُتّهم بدعم إرهابيين، بصورة مباشرة أو غير مباشرة. الأمر الذي يجعل التحرّك السعودي ضد القانون صعباً ومعقداً، أنه قانون "شعبوي" يتعلق بـ "أسر ضحايا أحداث سبتمبر". وقد جعل هذا العنوان العريض المشرّعين الأميركيين في الكونغرس يقرّون القانون، على الرغم من تعقيداته وانعكاساته على السياسة الدولية، وجعلهم يتحدّون "فيتو" الرئيس، حتى من أعضاء الكونغرس المنتمين إلى الحزب الديمقراطي.
قال أحدهم "من يستطيع الوقوف في وجه أسر ضحايا سبتمبر؟"، خصوصاً أن الكونغرس مقبل على انتخاباته النصفية الشهر المقبل، والولايات المتحدة تختار رئيساً جديداً، قد يكون لتصويت الأحزاب داخل الكونغرس أثر في تلك المسارات الانتخابية. ويجعل هذا السياق الشعبوي العاطفي الأميركي موقف السعودية صعباً، بمجرد محاولاتها الضغط على أعضاء المشرّعين الأميركيين في الكونغرس، ستنفتح بوابة الأسئلة والارتياب: لماذا تضغط السعودية ضد قانون محاكمة رعاة الإرهاب؟ هل هي متورّطة؟ هل تحاول منع القضاء الأميركي من محاكمتها لأنها مدانة؟ .. أي، بصيغة أخرى، سيكون أي عمل سعودي تجاه الكونغرس مضراً بالسعودية، أكثر من أنه لصالحها، نظرا لشعبوية الموضوع وعاطفيته اللتين جعلتا المشرّع الأميركي يتجاهل مصالح بلاده الخارجية، والقانون والعلاقات الدولية.
مثل هذه القضايا قادرة على تدمير دول، وبناء أخرى، فدعاية ضحايا الهولوكوست من اليهود عزّزت موقف الصهاينة في بناء دولةٍ لهم، واغتصاب أرض، وتشريد شعب. وما زال سوط "الهولوكست" وضحاياه مسلطاً على دول أوروبية لابتزازها، فضلا عن الأكاديميين والكتّاب المناوئين لإسرائيل، حتى أن منتقداً شهيرا لإسرائيل، ومعادياً للصهيونية، هو الأميركي نورمان فينكلشتاين، كان مضطرا في أحايين كثيرة، لبدء انتقاداته الجرائم الصهيونية في فلسطين، بالتذكير بأن أفراداً من عائلته كانوا من ضحايا الهولوكوست النازي، ليقول: لا تزايدوا علي باستخدام الهولوكوست.
في أفضل السيناريوهات، كانت السعودية قادرةً على الضغط على الإدارة الأميركية، ليستخدم الرئيس الأميركي حقه بنقض قوانين الكونغرس، وهذا ما حدث. أما السيناريو الآخر، فكان يتضمن سحباً للاستثمارات السعودية من الولايات المتحدة تدريجياً، منذ بدء التحرّكات لإقرار القانون قبل سنوات. لكن، حتى هذه الخطوة ليست بالسهولة التي تبدو عليه، فلا توجد أسواقٌ بديلة مستقرة وواعدة، يمكن أن تستوعب هذه الأموال. وليست المسألة أيضا تجاريةً واستثمارية، فتضرّر العلاقات السعودية الأميركية سيعني تغيرات هائلة في المنطقة، لا مجرد خسارة مليارات الدولارات، إما بسبب تجميدها، أو دفعها كتعويضات، لا قدّر الله.