01 نوفمبر 2024
حلب المخذولة ومصر المحبوسة
هممتُ، أكثر من مرة، أن أكتب عن مأساة حلب وأهلها، عار الإنسانية وعلامة ضعف أمة العرب وهوانها ووهنها. في كل مرةٍ، عجز القلم عن التعبير وعن تصوير ما يحدث وما يجري من مذابح وتقتيل وإبادة جماعية تحت نظر الجميع، من غربٍ وعرب. براميل متفجرة وقصف بالمدفعية، وصواريخ موجهة وطائرات للنظام تقصف كل شيء من بشر أو شجر أو حجر، وغازات سامة، وقتل على الهوية، وتصريحات اتهامية تتحدّث عن أن كل ما في حلب إرهاب تحت الاستهداف بكل الأسلحة من بر أو جو. حلب تئنّ كل صباحٍ، تشيّع عشرات النساء والأطفال والشيوخ، وتُحاصَر من كل مكان، وتُمنع عنها كل مقوّمات الحياة من غذاء ودواء.
ويتلهّى الخمسة الكبار في مجلس أمنهم بمشروعات قرارٍ تُقدم، وتصويتات فيتو تصد، والقتلى يقعون كل يوم، وتخريب العمران وتدمير البنيان ووأد الأرواح صار مشهداً يومياً. آه.. يا حلب، كيف تواطأ كل هؤلاء على أهلك؟ أمارات العار تجوب طرقات حلب، تتوحّش على أهلها في عمليات إبادة جماعية. تحت أنقاض الحجر تقبع جثث البشر، يا لعار وحوش الإنسانية وتواطؤ من انعدمت عندهم الإنسانية. القتل مستمر والتواطؤ مستمر، والمستبد السفاح بشار الجزار على كرسيه مستقر، والكيان الصهيوني في أمان يمرح ويعربد، وروسيا تصدر بيانات القتل اليومي تصف عملها بمقاومة الإرهاب، وهي تمارس إرهاباً وقتلاً كل لحظة، وتدعم مستبداً يمارس إرهاباً يومياً في مواجهة شعبه.
لا أدري لماذا طاف على ذهني سليمان الحلبي الذي تحرّك من على الخازوق الذي قضى عليه ولقي حتفه تعذيباً، قتلوه لأنه يقاوم، من قاوم اللص صار إرهابياً مجرماً، منطقتنا مجال لتنافس قوى النهب الاستعماري، حملة رشيد الإنجليزية وحملة نابليون الفرنسية والحملة الأميركية على بلاد العرب، وها هي الحملة الروسية. الغرب يمرح في أرضنا، يستنزف مواردنا وأموالنا، يقتل أبناءنا بعقلية استباحة، إنساننا لا وزن له، لا ثمن له، كل مقاومةٍ للمستعمر أو المستبد إرهاب، حملات تحت جنح المستبد، المستبد مشروع خيانة، يستدعي من يساعده أو يدعمه في قتل شعبه، المستعمر يأتي إلى أرضنا بدعوةٍ منه، المهم أن يوطّد كرسي طغيانه وسلطانه.
جاء سليمان الحلبي إلى مصر وأزهرها، حينما كان عنواناً للمقاومة، هو من الوجوه التي أضاءت صفحات تاريخ المقاومة ضد الهجمات الاستعمارية التي حاقت بالأوطان في واحدةٍ من فترات التاريخ، في وقتٍ كانت تموج فيه البلاد بمساوئ الاحتلال، وقد أيقن المستعمر أنه في أوج انتصاره، وأنه أخمد الأنفاس وقضى على كل نداءٍ للتحرير. في ذلك الوقت، قدم من سورية سليمان الحلبي، وعمره 24 عامًا، جاء من حلب إلى القدس عبر الجليل ويافا وغزة، ليدرس في الأزهر الشريف الذي كان له في ذلك الوقت دور بارز في إذكاء روح الثورة وقيادة المقاومة الشعبية، ولم يكن من منابر الحكام يشرّع استبدادهم ويبرّر طغيانهم.
رأى المحتل يهين مصر وأزهرها، عندما دخلت خيول الحملة الفرنسية الأزهر، مصر ترزح
تحت نير المحتل، أزهرها رمز قوتها ومقاومتها وعزتها، جاء الحلبي يطلب العلم فيه، فرأى مصر المحبوسة وانتهاك أزهرها، لم يعد يمكنه السكوت. قتل الحلبي من احتل مصر ومن أهان أزهرها، استهدف من استخلفه نابليون. أرادوا في محاكمتهم أن يقتلوا المقاومة، قبل حرق يده التي طعن بها كليبر، ووضعه على الخازوق، لترويع كل من يهيئ نفسه لمواجهة محتل غاصب أو مقاومة عدو استباح قدسية الوطن والأزهر وأرواح الناس. قبل وضعه على الخازوق، قتلوا أربعة قبله من طلبة "الأزهر" جاؤوا من غزة طلبا للعلم. قتلوهم لأنهم عرفوا بخطة الحلبي في قتل جنرالهم، ولم يبلّغوا عنه، ما هذا حلبي قادم من حلب وطلاب آتون من غزة، وكأن الأمر يؤشر إلى هؤلاء الذين نهضوا للدفاع عن حياض مصر، حلبي وغزيون، حلب المخذولة وغزة المحاصرة.
حققوا معه ومع من عرف أمره من مشايخ الأزهر، حاولوا ثنيه عن الأمر، من دون إبلاغ السلطة الفرنسية، وأصدر مينو في اليوم نفسه أمراً بتكليف محكمةٍ عسكرية لمحاكمة قاتل كليبر، مؤلفة من تسعة أعضاء من كبار رجال الجيش، وكانت رئاسة المحكمة للجنرال رينيه، وحكموا عليهم حكماً مشدّداً بالإعدام إلا واحداً، فحكم عليه الفرنسيون بحرق يده اليمنى، وبعده يتخوزق ويبقى على الخازوق، إلى حين تأكل رمّته الطيور، (المختار من تاريخ الجبرتي)، كما كانت العادة في أحكام الإعدام، ونفذوا ذلك في مكان علني يسمى تل العقارب في مصر القديمة، على أن يقطعوا رؤوس الأزهريين أولاً، ويشهد سليمان إعدام رفاقه ممن عرفوا أمره، ولم يبلغوا الفرنسيين بالمؤامرة. ثم يحرق أحدهم من نفذ الحكم يد سليمان الحلبي، ثم يرسله إلى خوزقته، ويردّد الحلبي الشهادتين وآياتٍ من القرآن. عاين سليمان الحلبي أشكال اليأس والذل ورأى القتل والظلم والفتك بأفراد أمته، فهداه تفكيره المتأمِّل إلى إيجاد نوع من الخلاص من هذا الواقع المرير، فلم يجد إلا إطاحة قائد الجيوش الفرنسية كليبر، تعبيراً عن معاناةٍ لقيها شعب أمته من ذلك العدوان الذي أسفر عن تدميره مدينة العلم التي تلقى فيها سليمان الحلبي تعليمه في أزهرها الشريف.
إنها قصة المحتل المستعمر الغاصب، والمستبد الخائن، الغادر الفاجر، قصة دول الغرب التي
تداعى إلى قصعة العرب، ومستبد لا يستنكف أن يأتي بالمستعمر لدعمه ونجدته، والمستبدون على أشكالهم يقعون، بشار الجزار والسيسي الغدّار المصرّ على معاونة زميله، وأن يجعل غزة تحت الحصار، هل وجدتم من صلةٍ بين الحلبي المقتول على أرض مصر وطلاب غزة الذين أعدموا على أرض مصر، وبشار الجزار المستبدّ الفاجر يقتل حلب وأهلها ليل نهار، والسيسي يدعمه، وقد حول مصر سجناً كبيراً، "مصر المحبوسة"، ولا يزال يحاصر غزة العزة "غزة تحت الحصار" بلا مبرّر، إلا أن يكون ذلك تنفيذا لمصلحة عدو صهيوني في كسر المقاومة، وكأنه من العدو ومنه بمثابة قرار.
يا هؤلاء.. يا من طالكم العار، أين أنتم من مقاومة الحلبي وطلاب غزة الأحرار. إنهم من جديد يحملون صرخة "حلب المخذولة" و"غزة المحصورة" و"مصر المحبوسة"، معركتنا الحقيقية مع المستبد الجزار والطاغية الفاشي الغدار وعدو صهيوني غاصب محتل للديار.
ويتلهّى الخمسة الكبار في مجلس أمنهم بمشروعات قرارٍ تُقدم، وتصويتات فيتو تصد، والقتلى يقعون كل يوم، وتخريب العمران وتدمير البنيان ووأد الأرواح صار مشهداً يومياً. آه.. يا حلب، كيف تواطأ كل هؤلاء على أهلك؟ أمارات العار تجوب طرقات حلب، تتوحّش على أهلها في عمليات إبادة جماعية. تحت أنقاض الحجر تقبع جثث البشر، يا لعار وحوش الإنسانية وتواطؤ من انعدمت عندهم الإنسانية. القتل مستمر والتواطؤ مستمر، والمستبد السفاح بشار الجزار على كرسيه مستقر، والكيان الصهيوني في أمان يمرح ويعربد، وروسيا تصدر بيانات القتل اليومي تصف عملها بمقاومة الإرهاب، وهي تمارس إرهاباً وقتلاً كل لحظة، وتدعم مستبداً يمارس إرهاباً يومياً في مواجهة شعبه.
لا أدري لماذا طاف على ذهني سليمان الحلبي الذي تحرّك من على الخازوق الذي قضى عليه ولقي حتفه تعذيباً، قتلوه لأنه يقاوم، من قاوم اللص صار إرهابياً مجرماً، منطقتنا مجال لتنافس قوى النهب الاستعماري، حملة رشيد الإنجليزية وحملة نابليون الفرنسية والحملة الأميركية على بلاد العرب، وها هي الحملة الروسية. الغرب يمرح في أرضنا، يستنزف مواردنا وأموالنا، يقتل أبناءنا بعقلية استباحة، إنساننا لا وزن له، لا ثمن له، كل مقاومةٍ للمستعمر أو المستبد إرهاب، حملات تحت جنح المستبد، المستبد مشروع خيانة، يستدعي من يساعده أو يدعمه في قتل شعبه، المستعمر يأتي إلى أرضنا بدعوةٍ منه، المهم أن يوطّد كرسي طغيانه وسلطانه.
جاء سليمان الحلبي إلى مصر وأزهرها، حينما كان عنواناً للمقاومة، هو من الوجوه التي أضاءت صفحات تاريخ المقاومة ضد الهجمات الاستعمارية التي حاقت بالأوطان في واحدةٍ من فترات التاريخ، في وقتٍ كانت تموج فيه البلاد بمساوئ الاحتلال، وقد أيقن المستعمر أنه في أوج انتصاره، وأنه أخمد الأنفاس وقضى على كل نداءٍ للتحرير. في ذلك الوقت، قدم من سورية سليمان الحلبي، وعمره 24 عامًا، جاء من حلب إلى القدس عبر الجليل ويافا وغزة، ليدرس في الأزهر الشريف الذي كان له في ذلك الوقت دور بارز في إذكاء روح الثورة وقيادة المقاومة الشعبية، ولم يكن من منابر الحكام يشرّع استبدادهم ويبرّر طغيانهم.
رأى المحتل يهين مصر وأزهرها، عندما دخلت خيول الحملة الفرنسية الأزهر، مصر ترزح
حققوا معه ومع من عرف أمره من مشايخ الأزهر، حاولوا ثنيه عن الأمر، من دون إبلاغ السلطة الفرنسية، وأصدر مينو في اليوم نفسه أمراً بتكليف محكمةٍ عسكرية لمحاكمة قاتل كليبر، مؤلفة من تسعة أعضاء من كبار رجال الجيش، وكانت رئاسة المحكمة للجنرال رينيه، وحكموا عليهم حكماً مشدّداً بالإعدام إلا واحداً، فحكم عليه الفرنسيون بحرق يده اليمنى، وبعده يتخوزق ويبقى على الخازوق، إلى حين تأكل رمّته الطيور، (المختار من تاريخ الجبرتي)، كما كانت العادة في أحكام الإعدام، ونفذوا ذلك في مكان علني يسمى تل العقارب في مصر القديمة، على أن يقطعوا رؤوس الأزهريين أولاً، ويشهد سليمان إعدام رفاقه ممن عرفوا أمره، ولم يبلغوا الفرنسيين بالمؤامرة. ثم يحرق أحدهم من نفذ الحكم يد سليمان الحلبي، ثم يرسله إلى خوزقته، ويردّد الحلبي الشهادتين وآياتٍ من القرآن. عاين سليمان الحلبي أشكال اليأس والذل ورأى القتل والظلم والفتك بأفراد أمته، فهداه تفكيره المتأمِّل إلى إيجاد نوع من الخلاص من هذا الواقع المرير، فلم يجد إلا إطاحة قائد الجيوش الفرنسية كليبر، تعبيراً عن معاناةٍ لقيها شعب أمته من ذلك العدوان الذي أسفر عن تدميره مدينة العلم التي تلقى فيها سليمان الحلبي تعليمه في أزهرها الشريف.
إنها قصة المحتل المستعمر الغاصب، والمستبد الخائن، الغادر الفاجر، قصة دول الغرب التي
يا هؤلاء.. يا من طالكم العار، أين أنتم من مقاومة الحلبي وطلاب غزة الأحرار. إنهم من جديد يحملون صرخة "حلب المخذولة" و"غزة المحصورة" و"مصر المحبوسة"، معركتنا الحقيقية مع المستبد الجزار والطاغية الفاشي الغدار وعدو صهيوني غاصب محتل للديار.