18 أكتوبر 2024
لبنان بعد تعليق المنحة السعودية
جاء تعليق العربية السعودية المنحة التي كانت قد أقرّتها لدعم قدرات الجيش اللبناني وتعزيزها أيام الراحل، الملك عبد الله بن عبد العزيز، صادماً، وقد بلغت ثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني، لدعمه بالأسلحة والذخائر اللازمة، ومليار دولار لقوى الأمن الداخلي لدعمها بما يلزمها من معدات وعتاد. وفوجئت القيادات اللبنانية بالقرار السعودي، وناشد بعضهم الملك سلمان بن عبد العزيز، العودة عنه، فيما لم تكترث قيادات أخرى، من حزب الله والتيار الوطني الحر خصوصاً.
ومعلوم أن ما ينتهجه وزير الخارجية، جبران باسيل (من التيار الوطني الحر)، هو سبب القرار السعودي، فقد رفض، في مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي، إدانة الاعتداء الذي تعرّضت له سفارة السعودية في طهران، واعتبر ذلك جزءاً من سياسة النأي بالنفس الذي تتخذه حكومة لبنان من الصراعات والأزمات في المنطقة. وبعد تعليق الرياض منحتها، برّر باسيل تغريد خارجيته خارج الإجماع العربي، في موقفٍ يعكس، كما يقول كثيرون، توجه حزب الله في السياسة الخارجية اللبنانية، وهو ما حدا بحكومة المملكة إلى اتخاذ مثل هذا القرار رسالةً إلى الحكومة اللبنانية، للإمساك بناصية القرار اللبناني، وعدم تركه للمحور المتحالف مع طهران، على حساب المنطقة العربية.
وللموقف السعودي مبرّره أيضاً، في تهجماتٍ قيادات سياسيةٍ في لبنان، مشاركةٍ في الحكومة. ومن ذلك هجوم حزب الله باستمرار على القيادة السعودية، ضمن الاشتباك القائم في المنطقة، سواء في سورية أو اليمن أو حتى البحرين.
وأمام ما يمكن أن يتركه القرار السعودي من تداعياتٍ على الداخل اللبناني، وبالنظر إلى الانقسام القائم أساساً بين القوى السياسية اللبنانية، فإنه جاء ليرخي بثقله على العلاقات القائمة بين مكونات الحكومة، حيث حمّل سعد الحريري وسمير جعجع وسائر قيادات تكتل "14 آذار" حزب الله مسؤولية تعليق المنحة، في وقتٍ يحتاج الجيش إلى الدعم والمؤازرة، وطالبوا الحكومة اللبنانية بوضع اليد، مباشرةً، على قرار السياسة الخارجية، وتحديد الموقف بشكل جازم وحازم بالوقوف إلى جانب العمق العربي والدول العربية، بينما لم يكترث حزب الله للموقف السعودي، وعزا بيانٌ له السبب إلى عجزٍ مالي في المملكة، بالنظر إلى حربها في اليمن، وانخفاض أسعار النفط. في حين حاولت وزارة الخارجية تبرير الموقف من دون أن تقنع أحداً. وأمام هذه المواقف والقراءات المتناقضة بين الأطراف السياسية اللبنانية، يبدو أن المشهد سيكون أكثر تعقيداً، خصوصاً أن وزير العدل، أشرف ريفي، قدّم استقالته، على خلفية عدم إحالة ملف الوزير المدان بتهريب متفجرات من سورية إلى لبنان، ميشال سماحة، إلى المجلس العدلي. وهي استقالةٌ تعد جزءاً من رسائل، توحي بأن من المحتمل أن يلتحق بالوزير ريفي وزراء آخرون، ما لم يتمّ تصحيح العلاقة مع المملكة، في اعتذار يصدر عن الحكومة اللبنانية، وهو ما أكد عليه في خطاب استقالته، وهذه مرحلة جديدة من التجاذب الذي قد يقود إلى مزيد من التعقيد والمجهول.
أخطر ما ينتظر لبنان، بعد تعليق المنحة السعودية، يتمثل أولاً بإمكانية أن يتطور الموقف السعودي خصوصاً، والخليجي عموماً، إلى ما هو أقسى على لبنان، فقد يتحوّل تعليق المنحة إلى إلغائها، وقد يتم طرد لبنانيين عاملين في الخليج، وهم بعشرات الآلاف، وبعد الطلب من الخليجيين عدم السفر إلى لبنان، ومن الموجودين منهم فيه مغادرته، قد تلجأ المملكة ودول خليجية أخرى إلى سحب ودائعها من المصرف المركزي اللبناني، ما قد يؤدي إلى انهيار قيمة العملة اللبنانية، وتدميرٍ للاقتصاد وضرر بالغ بالدولة والمجتمع، وقد تكون وسائل الضغط هذه إحدى أدوات تغيير منهجية عمل الحكومة اللبنانية وسياستها الخارجية، وحتى الداخلية، خصوصاً في ظل التعطيل والفراغ.
يعمل الطرف الآخر الذي يعتبر مسؤولاً عن هذه السياسة، وما جنته على لبنان، وفق "أجندة" أخرى. إنه يأخذ البلد الآن أسيراً لتلك السياسة، ويحاول أن يطيح كل الوضع القائم، من أجل إرساء نظامٍ آخر، تكون فيه الغلبة لفريقٍ على آخر، ما يعني دخول لبنان إلى دوّامة أزمات المنطقة، وتحوّله إلى أرضٍ محروقةٍ أخرى، إلا إذا أدرك العاقلون العواقب قبل فوات الأوان.
ومعلوم أن ما ينتهجه وزير الخارجية، جبران باسيل (من التيار الوطني الحر)، هو سبب القرار السعودي، فقد رفض، في مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي، إدانة الاعتداء الذي تعرّضت له سفارة السعودية في طهران، واعتبر ذلك جزءاً من سياسة النأي بالنفس الذي تتخذه حكومة لبنان من الصراعات والأزمات في المنطقة. وبعد تعليق الرياض منحتها، برّر باسيل تغريد خارجيته خارج الإجماع العربي، في موقفٍ يعكس، كما يقول كثيرون، توجه حزب الله في السياسة الخارجية اللبنانية، وهو ما حدا بحكومة المملكة إلى اتخاذ مثل هذا القرار رسالةً إلى الحكومة اللبنانية، للإمساك بناصية القرار اللبناني، وعدم تركه للمحور المتحالف مع طهران، على حساب المنطقة العربية.
وللموقف السعودي مبرّره أيضاً، في تهجماتٍ قيادات سياسيةٍ في لبنان، مشاركةٍ في الحكومة. ومن ذلك هجوم حزب الله باستمرار على القيادة السعودية، ضمن الاشتباك القائم في المنطقة، سواء في سورية أو اليمن أو حتى البحرين.
وأمام ما يمكن أن يتركه القرار السعودي من تداعياتٍ على الداخل اللبناني، وبالنظر إلى الانقسام القائم أساساً بين القوى السياسية اللبنانية، فإنه جاء ليرخي بثقله على العلاقات القائمة بين مكونات الحكومة، حيث حمّل سعد الحريري وسمير جعجع وسائر قيادات تكتل "14 آذار" حزب الله مسؤولية تعليق المنحة، في وقتٍ يحتاج الجيش إلى الدعم والمؤازرة، وطالبوا الحكومة اللبنانية بوضع اليد، مباشرةً، على قرار السياسة الخارجية، وتحديد الموقف بشكل جازم وحازم بالوقوف إلى جانب العمق العربي والدول العربية، بينما لم يكترث حزب الله للموقف السعودي، وعزا بيانٌ له السبب إلى عجزٍ مالي في المملكة، بالنظر إلى حربها في اليمن، وانخفاض أسعار النفط. في حين حاولت وزارة الخارجية تبرير الموقف من دون أن تقنع أحداً. وأمام هذه المواقف والقراءات المتناقضة بين الأطراف السياسية اللبنانية، يبدو أن المشهد سيكون أكثر تعقيداً، خصوصاً أن وزير العدل، أشرف ريفي، قدّم استقالته، على خلفية عدم إحالة ملف الوزير المدان بتهريب متفجرات من سورية إلى لبنان، ميشال سماحة، إلى المجلس العدلي. وهي استقالةٌ تعد جزءاً من رسائل، توحي بأن من المحتمل أن يلتحق بالوزير ريفي وزراء آخرون، ما لم يتمّ تصحيح العلاقة مع المملكة، في اعتذار يصدر عن الحكومة اللبنانية، وهو ما أكد عليه في خطاب استقالته، وهذه مرحلة جديدة من التجاذب الذي قد يقود إلى مزيد من التعقيد والمجهول.
أخطر ما ينتظر لبنان، بعد تعليق المنحة السعودية، يتمثل أولاً بإمكانية أن يتطور الموقف السعودي خصوصاً، والخليجي عموماً، إلى ما هو أقسى على لبنان، فقد يتحوّل تعليق المنحة إلى إلغائها، وقد يتم طرد لبنانيين عاملين في الخليج، وهم بعشرات الآلاف، وبعد الطلب من الخليجيين عدم السفر إلى لبنان، ومن الموجودين منهم فيه مغادرته، قد تلجأ المملكة ودول خليجية أخرى إلى سحب ودائعها من المصرف المركزي اللبناني، ما قد يؤدي إلى انهيار قيمة العملة اللبنانية، وتدميرٍ للاقتصاد وضرر بالغ بالدولة والمجتمع، وقد تكون وسائل الضغط هذه إحدى أدوات تغيير منهجية عمل الحكومة اللبنانية وسياستها الخارجية، وحتى الداخلية، خصوصاً في ظل التعطيل والفراغ.
يعمل الطرف الآخر الذي يعتبر مسؤولاً عن هذه السياسة، وما جنته على لبنان، وفق "أجندة" أخرى. إنه يأخذ البلد الآن أسيراً لتلك السياسة، ويحاول أن يطيح كل الوضع القائم، من أجل إرساء نظامٍ آخر، تكون فيه الغلبة لفريقٍ على آخر، ما يعني دخول لبنان إلى دوّامة أزمات المنطقة، وتحوّله إلى أرضٍ محروقةٍ أخرى، إلا إذا أدرك العاقلون العواقب قبل فوات الأوان.