01 يونيو 2017
ممر آمن لمقاتلي "داعش"
هناك طريقتان لتعريف مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). الأولى، اعتبارهم مجرمين وإرهابيين بالفطرة، وبالتالي، لا سبيل إلى إعادة تأهيلهم، فلا بديل عن تصفيتهم، لإخماد جذوة الشر في دواخلهم. الثانية، اعتبارهم بشراً، سلكوا سبيلاً إجرامياً، لظروفٍ مختلفة، من الممكن إيجاد طريقة، مهما كانت صعبة ومكلفة، من أجل إعادة تأهيلهم، أو دمجهم في مجتمعاتهم مستقبلاً، كما يُفعل عادة مع المجرمين والقتلة، وهذا بعد التخلص من التنظيم، بهزيمته في العراق وسورية.
ربما يرى بعضهم أنه من المبكر الحديث عن مصير آلاف المقاتلين الأجانب في "داعش"، والتنظيم ما زال قوياً، ويسيطر على أراضٍ شاسعة في العراق وسورية، ويحاول التمدّد في ليبيا. لكن الحديث عن مصير المقاتلين قد يساهم، بصورةٍ أو أخرى، في هزيمة التنظيم أيضاً، لاسيما وأننا نشهد فقدانه مناطق سيطرته، منذ بداية 2015.
بل قد يكون التردّد حيال مصير مقاتلي داعش، حتى الآن، من الأسباب التي تجعل الدول المتحالفة ضد التنظيم، متردّدة فعلياً، في القضاء عليه، فبقاء المقاتلين في العراق وسورية أفضل بكثير من انتشارهم في العالم بعد هزيمة التنظيم، بحسب وجهة نظر بعض هذه الدول على الأقل.
ليس التخيير، هنا، بين قتال التنظيم وعدم قتاله، وإنما بين خيارين، أولهما اعتبار التنظيم كتلة واحدة انتحارية لا يمكن تفكيكها، وبالتالي، خوض حرب إبادة ضد آلاف المقاتلين الانتحاريين الذين يرتدون أحزمة ناسفة، الأمر الذي سيكون مكلفاً وصعباً جداً، وسيستغرق وقتاً ودماءً. الثاني، اعتبار التنظيم كأي مليشيا مقاتلة، قابلاً للتفكك، وأن هناك تململاً بين أفراده، ورغبات بالانشقاق، أو هناك من يعتقد من عناصر التنظيم أنه ارتكب أمراً خاطئاً بالالتحاق به، أو يرى في واقع التنظيم ما لم يتخيله من فظائع، ويريد أن يغادر هذا الجحيم، جحيم داعش، لكنه لا يستطيع إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. فقادة التنظيم يعاقبون الهاربين بالقتل، ولن يقبل النظام العالمي عودة أيٍّ من العناصر الملتحقة بداعش، باعتبارهم قنابل موقوتة متطرفة، لا يمكن السيطرة عليها، أو تفكيكها، فالحل، بحسب أغلب الدول، إبقاء هؤلاء "الوحوش" في العراق وسورية، أطول مدة ممكنة.
هناك قطيعة مباشرة، تحدث بين المقاتل المنضم إلى داعش، وعالمه قبل الذهاب إلى مناطق النزاع، لحظة التحاقه بالتنظيم. لا يتعلق الأمر فقط بتمزيق هوياته وجواز سفره، أو أخذ هذه الجوازات من قادة التنظيم، أو خروج المقاتلين في فيديوهات، يمزّقون خلالها أوراقهم، وكل ما يربطهم بالماضي، بل يشمل، أيضاً، كفرهم بالوطنيات والدول التي كانوا ينتمون إليها، بل حتى الأسر التي تحدروا منها. رسالة قادة التنظيم للمجندين: لا تراجع أبداً، إما أن تُقتل هنا، أو تنتحر، أو تعود لتقبع في أقبية أحد أجهزة المخابرات العالمية إلى الأبد.
تحدث القطيعة مع الماضي للمقاتلين الأجانب، على اختلاف الدول القادمين منها، فالدول الديمقراطية لن تختلف في التعامل غالباً مع عناصر التنظيم المنتمين إليها عن غير الديمقراطية. الاستثناء فقط أن يذهب المقاتل، ويعود، من دون أن يعرف عنه أي جهاز استخباراتي، وهذا حدث في حالات نادرة، وليست أسباب العودة بريئة دائماً، إذ تورط بعض العائدين في عمليات إرهابية.
تختص هذه المشكلة بالمقاتلين الأجانب، غير المتحدرين من سورية أو العراق، فالسوريون والعراقيون، المنتمون إلى التنظيم، يسهل اندماجهم في بلديهما، وحدث هذا مرات عديدة في نزاعات أهلية، بل حدث في العراق، بعد هزيمة تنظيم القاعدة في 2007، فعاد أعضاء التنظيم إلى حياتهم الطبيعية. وغالباً في النزاعات الأهلية، تكون كل الأيادي ملطخةً بالدماء، فتسهل صياغة "عدالة انتقالية" بشكل أو بآخر.
اعتبار مقاتلي "داعش" بشراً سلكوا سلوكاً إجرامياً، والتحقوا بتنظيم إرهابي، ومن الممكن إخضاعهم لبرامج تأهيل، دولية أو محلية وطنية، وإنشاء برامج واضحة المعالم، لاستيعابهم، ووضع ضمانات كافية لهم، ربما بالتنسيق مع ذويهم، قد يساهم مبكراً في تفكيك التنظيم، وتسهيل هزيمته. فستكون عودة مئات المقاتلين مفيدة، ولو على الصعيد المعنوي، لهزيمة داعش، وإذا عاد الآلاف، ستكون مهمة هزيمة التنظيم أيسر.
ربما يرى بعضهم أنه من المبكر الحديث عن مصير آلاف المقاتلين الأجانب في "داعش"، والتنظيم ما زال قوياً، ويسيطر على أراضٍ شاسعة في العراق وسورية، ويحاول التمدّد في ليبيا. لكن الحديث عن مصير المقاتلين قد يساهم، بصورةٍ أو أخرى، في هزيمة التنظيم أيضاً، لاسيما وأننا نشهد فقدانه مناطق سيطرته، منذ بداية 2015.
بل قد يكون التردّد حيال مصير مقاتلي داعش، حتى الآن، من الأسباب التي تجعل الدول المتحالفة ضد التنظيم، متردّدة فعلياً، في القضاء عليه، فبقاء المقاتلين في العراق وسورية أفضل بكثير من انتشارهم في العالم بعد هزيمة التنظيم، بحسب وجهة نظر بعض هذه الدول على الأقل.
ليس التخيير، هنا، بين قتال التنظيم وعدم قتاله، وإنما بين خيارين، أولهما اعتبار التنظيم كتلة واحدة انتحارية لا يمكن تفكيكها، وبالتالي، خوض حرب إبادة ضد آلاف المقاتلين الانتحاريين الذين يرتدون أحزمة ناسفة، الأمر الذي سيكون مكلفاً وصعباً جداً، وسيستغرق وقتاً ودماءً. الثاني، اعتبار التنظيم كأي مليشيا مقاتلة، قابلاً للتفكك، وأن هناك تململاً بين أفراده، ورغبات بالانشقاق، أو هناك من يعتقد من عناصر التنظيم أنه ارتكب أمراً خاطئاً بالالتحاق به، أو يرى في واقع التنظيم ما لم يتخيله من فظائع، ويريد أن يغادر هذا الجحيم، جحيم داعش، لكنه لا يستطيع إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. فقادة التنظيم يعاقبون الهاربين بالقتل، ولن يقبل النظام العالمي عودة أيٍّ من العناصر الملتحقة بداعش، باعتبارهم قنابل موقوتة متطرفة، لا يمكن السيطرة عليها، أو تفكيكها، فالحل، بحسب أغلب الدول، إبقاء هؤلاء "الوحوش" في العراق وسورية، أطول مدة ممكنة.
هناك قطيعة مباشرة، تحدث بين المقاتل المنضم إلى داعش، وعالمه قبل الذهاب إلى مناطق النزاع، لحظة التحاقه بالتنظيم. لا يتعلق الأمر فقط بتمزيق هوياته وجواز سفره، أو أخذ هذه الجوازات من قادة التنظيم، أو خروج المقاتلين في فيديوهات، يمزّقون خلالها أوراقهم، وكل ما يربطهم بالماضي، بل يشمل، أيضاً، كفرهم بالوطنيات والدول التي كانوا ينتمون إليها، بل حتى الأسر التي تحدروا منها. رسالة قادة التنظيم للمجندين: لا تراجع أبداً، إما أن تُقتل هنا، أو تنتحر، أو تعود لتقبع في أقبية أحد أجهزة المخابرات العالمية إلى الأبد.
تحدث القطيعة مع الماضي للمقاتلين الأجانب، على اختلاف الدول القادمين منها، فالدول الديمقراطية لن تختلف في التعامل غالباً مع عناصر التنظيم المنتمين إليها عن غير الديمقراطية. الاستثناء فقط أن يذهب المقاتل، ويعود، من دون أن يعرف عنه أي جهاز استخباراتي، وهذا حدث في حالات نادرة، وليست أسباب العودة بريئة دائماً، إذ تورط بعض العائدين في عمليات إرهابية.
تختص هذه المشكلة بالمقاتلين الأجانب، غير المتحدرين من سورية أو العراق، فالسوريون والعراقيون، المنتمون إلى التنظيم، يسهل اندماجهم في بلديهما، وحدث هذا مرات عديدة في نزاعات أهلية، بل حدث في العراق، بعد هزيمة تنظيم القاعدة في 2007، فعاد أعضاء التنظيم إلى حياتهم الطبيعية. وغالباً في النزاعات الأهلية، تكون كل الأيادي ملطخةً بالدماء، فتسهل صياغة "عدالة انتقالية" بشكل أو بآخر.
اعتبار مقاتلي "داعش" بشراً سلكوا سلوكاً إجرامياً، والتحقوا بتنظيم إرهابي، ومن الممكن إخضاعهم لبرامج تأهيل، دولية أو محلية وطنية، وإنشاء برامج واضحة المعالم، لاستيعابهم، ووضع ضمانات كافية لهم، ربما بالتنسيق مع ذويهم، قد يساهم مبكراً في تفكيك التنظيم، وتسهيل هزيمته. فستكون عودة مئات المقاتلين مفيدة، ولو على الصعيد المعنوي، لهزيمة داعش، وإذا عاد الآلاف، ستكون مهمة هزيمة التنظيم أيسر.