24 يوليو 2024
السودان وحكاية انقلاب مؤسف
اهتزت المنطقة، قبل أيام، لما جرى في تركيا من محاولة انقلابية فاشلة، وترددت أصداء الحدث في أنحاء العالم. ومن بينها، كان ما يلفت النظر من ردود أفعال وبيانات في السودان، فقد قال الرئيس عمر البشير، في مقابلةٍ مع قناة "سي إن بي سي" إن السودان يقف مع الشرعية التركية في مواجهة الانقلاب الذي وصفه بأنه "يسعى إلى تعطيل تركيا عن تبوؤ موقعها القيادي والريادي في العالم، في ظل قيادة الرئيس أردوغان"، وهذا وفقاً لما نقلته شبكة الشروق السودانية. ليس هذا فحسب، بل أضاف " كان الانقلاب حكاية مؤسفة وغير سارة، لكن الشعب التركي كان على درجة من الوعي وانتصر للشرعية". أما بيان حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) الذي يرأسه البشير فقال "تابعنا بقلقٍ شديد، في الساعات الماضية، المحاولة الانقلابية الفاشلة، والتى استهدفت وحدة الشعب التركي وحريته، واستهدفت معه النموذج الفكري الذي قدّمه حزب العدالة والتنمية التركي في السنوات الأخيرة .إن المؤتمر الوطني يدين بشدة هذه المحاولة الفاشلة، ويرى أنها محاولة للنيْل من نجاح التجربة التركية التي قدّمها حزب العدالة والتنمية، وقادت تركيا لتكون من بين الكبار في العالم .. وإذ يدين المؤتمر الوطني هذه المحاولة، فإنه يجدّد دعمه الكامل لحزب العدالة والتنمية، ويشيد بالشعب التركي الذي التف حول قيادته، حتي تم دحر المحاولة الانقلابية، ويعلن عن مساندته القيادة التركية، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، والأخ القائد بنعلي يلدريم الأمين العام لحزب العداله والتنمية، رئيس الوزراء".
هكذا، وفي سهولةٍ محيرة، يصف الرئيس السوداني العمل الانقلابي بأنه "حكاية مؤسفة وغير سارة". تذكّر هذه العبارة بما قاله الرئيس السوداني الأسبق، جعفر نميري، حينما أصبح رئيساً دوريا لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 1978، في مؤتمر صحافي "مصيبة أفريقيا تتمثل في استلام الحكم فيها من أمثال المقدّم منجستو في أثيوبيا والشاويش صمويل دو في ليبيريا". وكان نميري قد تمت ترقيته ذاتياً، بعد نجاح انقلابه العسكري عام 1969 إلى رتبة لواء ثم فريق ثم مشير. ويبدو أن الرئيس عمر البشير قد استسلم لأوهامٍ مدنية، ونسي أنه عسكري قد تنكّب مغامرةً وفقا لتوصيفه "حكاية مؤسفة وغير سارة". وكانت مغامرة قاتلة، تسبب نجاحها في وقوع ويلات ورزايا بلا عدد على السودان. ولعل الحس الداخلي دوماً يكون صادقاً لدى الإنسان فيخرج مثل هذا التوصيف الذي ينبع من ذاتٍ تعاني من مزاوجةٍ غريبة. إذ يتعدّى الانقلاب وصف الحدث المؤسف إلى الجريمة، لأنه مغامرة وخوض في المجهول. والسؤال هو: كيف يدين انقلابي عملاً انقلابياً؟
التفسير الوحيد أن قادةً عسكريين كثيرين من الانقلابيين يهتدون بالمقولة الساخرة والرائجة التي سادت عقوداً في أوساط جنرالات أميركا الجنوبية أيام موجة الدكتاتوريات التي أطاحت عروش الديمقراطية في تلك البلاد "إن أعلى رتبة في الجيش هي رئيس الجمهورية". في الحالة السودانية، تسقط "الحكاية المؤسفة وغير السارة" لتصبح أمراً واقعاً، فقد سقطت جريمة الانقلاب بالتقادم، كما أوحى بذلك قياديٌّ إسلامي بارز في مؤتمر صحافي، تعلقيا على ما ظهر من تناقض في شجبه المستمر الانقلاب في مصر، وتأييده الانقلاب في السودان. مرت أكثر من 27 سنة على الحكاية المؤسفة، والمهلكة في السودان، ولا تحتاج النتيجة اليوم إلى دليلٍ على مدى الشعور الحقيقي، ليس فقط بالأسف للعمل الانقلابي، وإنما إدراك ملموس بتبعاته الكارثية التي توشك أن تقضي على الدولة وتقوّضها. وكل عمل انقلابي يحمل، في طياته، كوارث حتمية، وهذا ما خبره الشعب التركي في تجارب مأساوية مع حكم العسكر.
كان الأدعى من قيادة حزب المؤتمر الوطني، بدلاً من إدانتها محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، ان يكون الدرس التركي مدعاة لها للشعور بفداحة ما جرى في السودان من "حكايةٍ مؤسفة، فينهيها في السودان، خصوصاً وأن شهادة مهندس الانقلاب في السودان نفسه، حسن الترابي، قد أبانت وبوضوح حجم الكارثة في البلاد. وقالها بوضوح إنها "كانت حكاية مؤسفة"، وهو يعني الانقلاب في السودان.
شيء لا يصدّق أن تشعر بأسي وأسف على فشل تجربة انقلابية، فيما أنت تحتفي بانقلابٍ تستحي من تسميته، وتنكره باسم مضلل "ثورة الإنقاذ". استهدفت الحكاية السودانية المؤسفة تقويض الشرعية القائمة، غير أن الكارثة أنها قوّضت الدولة بكاملها.
هكذا، وفي سهولةٍ محيرة، يصف الرئيس السوداني العمل الانقلابي بأنه "حكاية مؤسفة وغير سارة". تذكّر هذه العبارة بما قاله الرئيس السوداني الأسبق، جعفر نميري، حينما أصبح رئيساً دوريا لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 1978، في مؤتمر صحافي "مصيبة أفريقيا تتمثل في استلام الحكم فيها من أمثال المقدّم منجستو في أثيوبيا والشاويش صمويل دو في ليبيريا". وكان نميري قد تمت ترقيته ذاتياً، بعد نجاح انقلابه العسكري عام 1969 إلى رتبة لواء ثم فريق ثم مشير. ويبدو أن الرئيس عمر البشير قد استسلم لأوهامٍ مدنية، ونسي أنه عسكري قد تنكّب مغامرةً وفقا لتوصيفه "حكاية مؤسفة وغير سارة". وكانت مغامرة قاتلة، تسبب نجاحها في وقوع ويلات ورزايا بلا عدد على السودان. ولعل الحس الداخلي دوماً يكون صادقاً لدى الإنسان فيخرج مثل هذا التوصيف الذي ينبع من ذاتٍ تعاني من مزاوجةٍ غريبة. إذ يتعدّى الانقلاب وصف الحدث المؤسف إلى الجريمة، لأنه مغامرة وخوض في المجهول. والسؤال هو: كيف يدين انقلابي عملاً انقلابياً؟
التفسير الوحيد أن قادةً عسكريين كثيرين من الانقلابيين يهتدون بالمقولة الساخرة والرائجة التي سادت عقوداً في أوساط جنرالات أميركا الجنوبية أيام موجة الدكتاتوريات التي أطاحت عروش الديمقراطية في تلك البلاد "إن أعلى رتبة في الجيش هي رئيس الجمهورية". في الحالة السودانية، تسقط "الحكاية المؤسفة وغير السارة" لتصبح أمراً واقعاً، فقد سقطت جريمة الانقلاب بالتقادم، كما أوحى بذلك قياديٌّ إسلامي بارز في مؤتمر صحافي، تعلقيا على ما ظهر من تناقض في شجبه المستمر الانقلاب في مصر، وتأييده الانقلاب في السودان. مرت أكثر من 27 سنة على الحكاية المؤسفة، والمهلكة في السودان، ولا تحتاج النتيجة اليوم إلى دليلٍ على مدى الشعور الحقيقي، ليس فقط بالأسف للعمل الانقلابي، وإنما إدراك ملموس بتبعاته الكارثية التي توشك أن تقضي على الدولة وتقوّضها. وكل عمل انقلابي يحمل، في طياته، كوارث حتمية، وهذا ما خبره الشعب التركي في تجارب مأساوية مع حكم العسكر.
كان الأدعى من قيادة حزب المؤتمر الوطني، بدلاً من إدانتها محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، ان يكون الدرس التركي مدعاة لها للشعور بفداحة ما جرى في السودان من "حكايةٍ مؤسفة، فينهيها في السودان، خصوصاً وأن شهادة مهندس الانقلاب في السودان نفسه، حسن الترابي، قد أبانت وبوضوح حجم الكارثة في البلاد. وقالها بوضوح إنها "كانت حكاية مؤسفة"، وهو يعني الانقلاب في السودان.
شيء لا يصدّق أن تشعر بأسي وأسف على فشل تجربة انقلابية، فيما أنت تحتفي بانقلابٍ تستحي من تسميته، وتنكره باسم مضلل "ثورة الإنقاذ". استهدفت الحكاية السودانية المؤسفة تقويض الشرعية القائمة، غير أن الكارثة أنها قوّضت الدولة بكاملها.