18 أكتوبر 2024
خطاب نصرالله... مراجعة أم تراجع؟
يبدو أن المعارك الأخيرة في حلب، والتي استطاع فيها الثوار إحراز مزيد من التقدّم، وكسر الحصار الذي كان مفروضاً على المدينة، وتكبيد القوات النظامية والمليشيات الداعمة لها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، إضافة إلى الأجواء الإقليمية التي بدأت تتشكّل في أعقاب إعادة ترميم (أو تطبيع) العلاقة بين روسيا وتركيا من ناحية، وبين إيران وتركيا من ناحية ثانية، في أعقاب فشل الانقلاب العسكري في تركيا، يبدو أن هذه كلها دفعت إلى اعتماد لغةٍ وخطاب جديدين يختلفان عن الخطابات السابقة عند أبرز القوى المنخرطة في القتال في سورية، لا سيما إلى جانب النظام السوري، وهو ما تجلّى واضحاً في خطاب أمين عام حزب الله في لبنان، حسن نصرالله، في الذكرى العاشرة للعدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو/ تموز 2006.
للمرة الأولى منذ انخراطه في القتال في سورية، يعترف نصرالله بأن المجموعات التي تقاتل النظام السوري وحزبه أيضاً مجموعات إسلامية، فلم يصفها بأنها "إرهابية تكفيرية" على عادة الخطاب الذي اعتمد عند هذا الفريق، منذ اندلاع شرارة الثورة السورية؛ كما دعاها إلى وضع السلاح والتخلّي عنه، في زمن تحقّق فيه الانتصارات، وتحرز مزيداً من التقدّم والسيطرة، وتلحق بالنظام وحلفائه الضربات الموجعة التي لم تعد تحتمل ربما، ما يعني أنها ليست دعوة تنطلق من موقع المنتصر لإرغام الطرف المقابل على الإقرار بالهزيمة، وتالياً إلقاء السلاح، إنما هي من موقع الذي يطلب الصلح والتسوية. وهو بالفعل ما تحدث عنه نصرالله، عندما دعا إلى إجراء مصالحاتٍ وتسوياتٍ، أو أي شيء من هذا القبيل، لوقف نهر الدم الذي يجري في سورية، باعتبار أن الذي يجري من استنزاف للجميع يصبّ في مصلحة "الشيطان الأكبر"، الولايات المتحدة الأميركية، ومشروعها للمنطقة، وبالتالي، لا طائل من استمرار القتال ونزف الدم، طالما أن المستفيد الأول والأخير هي الولايات المتحدة وكيان "إسرائيل" المحتل لفلسطين.
ربما يقول بعضهم إنها بداية خطوة تراجع من حزب الله، بعد الانهيارات التي حصلت في جبهة حلب، وقد وعد نصرالله جمهوره بنصر في حلب قبل أسابيع، وأمام هذه "الهزيمة" لا بدّ من تراجع، وهو ما بدأ يفعله الحزب. ولكن، هناك من يقول، أيضاً، هي بداية مراجعة للموقف الذي أقدم عليه الحزب في سورية، خصوصاً أنه أدرك، ولو متأخراً، أن النصر في سورية لن يكون مسموحاً لأيٍ من الأطراف، وبالتالي، فإن استمرار المعركة هو استنزاف لكل الأطراف المشاركة فيها.
لكل من المتابعين أو المهتمين أو المعنيين أن يفكّر أو يقول ما يشاء، وأن يضع الكلام في الخانة التي يريد، والتي يرتاح لها. ولكن، تبقى حقيقة قائمة، هي أن هذا الموقف يعد تطوّراً محدوداً في مقاربة الحزب للوضع الجديد في سورية، وهي انعطافةٌ قد تبدأ اليوم بهذه الزاوية الضيّقة والحادّة. ولكن، يمكن لهذه الزاوية أن تنفرج، لتصبح أكثر اتساعاً، وأن يتطور الموقف، بحيث يتم قبول مبدأ التسويات الفعلية الحقيقية التي تلبي طموحات الشعب السوري وتطلعاته، وتضع حداً لحالة الحرب التي تدمر سورية، وتهدد مصير المنطقة.
نصحت قوى سياسية لبنانية كثيرة حزب الله، منذ اليوم الأول للثورة السورية، بعدم التورّط في هذا المستنقع، ولعلّ إقرار إعلان بعبدا بمباركة الحزب نفسه، إلى جانب القوى السياسية المشاركة في الحوار الوطني، وبرعاية رئيس الجمهورية في حينه، ميشال سليمان، كان محاولةً لثني الحزب عن التورط في هذه الوحول. ولكن، ما وقع قد وقع، واليوم وبغض النظر إذا كان هذا الموقف الجديد ينم عن مراجعةٍ ذاتيةٍ، داخل أروقة الحزب لمجريات الأمور ومآلات الأوضاع في سورية، أم عن تراجع في الميدان، عكسته الخسائر الكبيرة وانهيار المعنويات، والحيل السياسية الإقليمية، فإن الحزب أمام تحدّي تطوير هذا الموقف إلى مزيد من الإيجابية التي تفتح المجال، ولو في اللحظات الأخيرة، أمام الحريصين على الساحتين، الإسلامية والعربية، وعلى مقاومة المشاريع التي تستهدف المنطقة، للقيام بما أمكن لحجب سقوط مزيد من الدماء.
للمرة الأولى منذ انخراطه في القتال في سورية، يعترف نصرالله بأن المجموعات التي تقاتل النظام السوري وحزبه أيضاً مجموعات إسلامية، فلم يصفها بأنها "إرهابية تكفيرية" على عادة الخطاب الذي اعتمد عند هذا الفريق، منذ اندلاع شرارة الثورة السورية؛ كما دعاها إلى وضع السلاح والتخلّي عنه، في زمن تحقّق فيه الانتصارات، وتحرز مزيداً من التقدّم والسيطرة، وتلحق بالنظام وحلفائه الضربات الموجعة التي لم تعد تحتمل ربما، ما يعني أنها ليست دعوة تنطلق من موقع المنتصر لإرغام الطرف المقابل على الإقرار بالهزيمة، وتالياً إلقاء السلاح، إنما هي من موقع الذي يطلب الصلح والتسوية. وهو بالفعل ما تحدث عنه نصرالله، عندما دعا إلى إجراء مصالحاتٍ وتسوياتٍ، أو أي شيء من هذا القبيل، لوقف نهر الدم الذي يجري في سورية، باعتبار أن الذي يجري من استنزاف للجميع يصبّ في مصلحة "الشيطان الأكبر"، الولايات المتحدة الأميركية، ومشروعها للمنطقة، وبالتالي، لا طائل من استمرار القتال ونزف الدم، طالما أن المستفيد الأول والأخير هي الولايات المتحدة وكيان "إسرائيل" المحتل لفلسطين.
ربما يقول بعضهم إنها بداية خطوة تراجع من حزب الله، بعد الانهيارات التي حصلت في جبهة حلب، وقد وعد نصرالله جمهوره بنصر في حلب قبل أسابيع، وأمام هذه "الهزيمة" لا بدّ من تراجع، وهو ما بدأ يفعله الحزب. ولكن، هناك من يقول، أيضاً، هي بداية مراجعة للموقف الذي أقدم عليه الحزب في سورية، خصوصاً أنه أدرك، ولو متأخراً، أن النصر في سورية لن يكون مسموحاً لأيٍ من الأطراف، وبالتالي، فإن استمرار المعركة هو استنزاف لكل الأطراف المشاركة فيها.
لكل من المتابعين أو المهتمين أو المعنيين أن يفكّر أو يقول ما يشاء، وأن يضع الكلام في الخانة التي يريد، والتي يرتاح لها. ولكن، تبقى حقيقة قائمة، هي أن هذا الموقف يعد تطوّراً محدوداً في مقاربة الحزب للوضع الجديد في سورية، وهي انعطافةٌ قد تبدأ اليوم بهذه الزاوية الضيّقة والحادّة. ولكن، يمكن لهذه الزاوية أن تنفرج، لتصبح أكثر اتساعاً، وأن يتطور الموقف، بحيث يتم قبول مبدأ التسويات الفعلية الحقيقية التي تلبي طموحات الشعب السوري وتطلعاته، وتضع حداً لحالة الحرب التي تدمر سورية، وتهدد مصير المنطقة.
نصحت قوى سياسية لبنانية كثيرة حزب الله، منذ اليوم الأول للثورة السورية، بعدم التورّط في هذا المستنقع، ولعلّ إقرار إعلان بعبدا بمباركة الحزب نفسه، إلى جانب القوى السياسية المشاركة في الحوار الوطني، وبرعاية رئيس الجمهورية في حينه، ميشال سليمان، كان محاولةً لثني الحزب عن التورط في هذه الوحول. ولكن، ما وقع قد وقع، واليوم وبغض النظر إذا كان هذا الموقف الجديد ينم عن مراجعةٍ ذاتيةٍ، داخل أروقة الحزب لمجريات الأمور ومآلات الأوضاع في سورية، أم عن تراجع في الميدان، عكسته الخسائر الكبيرة وانهيار المعنويات، والحيل السياسية الإقليمية، فإن الحزب أمام تحدّي تطوير هذا الموقف إلى مزيد من الإيجابية التي تفتح المجال، ولو في اللحظات الأخيرة، أمام الحريصين على الساحتين، الإسلامية والعربية، وعلى مقاومة المشاريع التي تستهدف المنطقة، للقيام بما أمكن لحجب سقوط مزيد من الدماء.