05 نوفمبر 2024
أخيراً فعلتها تركيا
أخيراً فعلتها تركيا، وتوغلت وحدات خاصة من جيشها باتجاه مدينة جرابلس وريفها، لإسناد تقدم عناصر من الجيش السوري الحر، بغية تحريرها وتخليصها من قبضة عناصر تنظيم الدولة (داعش)، وإبعادهم عن الشريط الحدودي الممتد من جرابلس، وصولاً إلى بلدتي مارع وإعزار، ما يمهد لإنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري، أو "خاليةٍ من داعش" والتي يعتبرها المسؤولون الأتراك ضرورة ملحة للأمن القومي التركي، خصوصاً بعد تزايد تعرّض بعض مناطق تركيا الجنوبية إلى القصف، وللعمليات الإرهابية التي استهدف آخرها عرساً في مدينة غازي عينتاب، وذهب ضحيتها أكثر من خمسين تركياً وجرح أكثر من مئة.
ويعود التحرك التركي الذي تأخر كثيراً باتجاه حدودها الجنوبية إلى اعتبارات عديدة، ليس إبعاد "داعش" والتخلص من خطره فقط، بل أيضاً منعاً لتمدّد كيان ما تسمى "الإدارة الذاتية" لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري باتجاه مناطق غرب الفرات، ووصل كانتونات شرقه (القامشلي وكوباني) بغربه (عفرين)، لأن ذلك يعني قيام كيان معادٍ لتركيا على حدودها الجنوبية مع سورية، ما يعني تهديداً مباشراً لأمنها القومي، خصوصاً أن هذا الحزب يعتبر النسخة السورية لحزب العمال الكردستاني التركي الذي تعتبره أنقرة ودول غربية منظمة إرهابية، وتخوض ضده تركيا حرباً شرسة، منذ أكثر من سنة، في مناطق جنوب وجنوب شرق تركيا، بعد انهيار عملية "السلام الداخلي" التي كانت تهدف إلى إنهاء وحل المسألة الكردية في تركيا.
ولعل تزامن التحرّك التركي مع مجيء نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن إلى أنقرة، دليل على التنسيق مع الولايات المتحدة، أو على الأقل عدم معارضتها أو ممانعتها له، إذ أيّد بايدن حق تركيا في حماية أمنها القومي، معلناً أن "بلاده توصلت مع تركيا إلى اتفاقٍ بعدم جواز انتقال وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي إلى المناطق الواقعة غرب الفرات في سورية، وأنها لن تحصل على أي دعمٍ من الولايات المتحدة، في حال انتقالها إلى غرب الفرات".
كما أن تزامن وجود رئيس إقليم شمالي العراق، مسعود البرزاني، يشكل رسالةً إلى الجمهور
الكردي العام في سورية وغيرها، مفادها بأن العملية العسكرية لا تستهدف الأكراد، بل وقف تمدد مليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي الذي فرض سيطرته بالقوة على مناطق عدة في شمال سورية، وخصوصاً عفرين ومحافظة الحسكة وعين العرب (كوباني) وتل أبيض، ووصل إلى منبج، بذريعة الحرب على "داعش"، ووجه هذا الحزب سلاحه إلى صدور الناشطين الأكراد الذين قادوا حراكاً ثورياً مبكراً إلى جانب إخوانهم الناشطين السوريين، خلال المراحل الأولى للثورة السورية، لكن هذا الحزب قاد حملة تصفيات وملاحقات طاولت هؤلاء جميعاً، بل وطاولت قادة وناشطين من الأحزاب الكردية السورية الأخرى، وراح ينسق مع النظام السوري، ويسانده في مختلف الفترات، ثم استخدمه الأميركان طلقةً في الحرب الدولية التي يقودونها ضد "داعش".
وتأتي العملية التركية، "درع الفرات"، في ظل ظروف دولية وإقليمية مغايرة عما كانت عليه قبل تطبيع العلاقات التركية الروسية، حيث حصل توافق روسي تركي وإيراني على وحدة سورية، وعدم السماح بقيام كانتونات أو كيانات انفصالية فيها، وعلى ضرورة مكافحة الإرهاب. لذلك، جاء الموقف الروسي، كي يعبر عن القلق "بشأن الوضع على الحدود التركية السورية، واحتمال تدهور الوضع الأمني، وتصعيد الخلافات بين العرب والأكراد بعد انطلاق عملية عسكرية تركية في سورية"، لكن الخارجية الروسية سرعان ما أكّدت على أن "جهود محاربة الإرهاب على الحدود السورية التركية تكتسب، في المرحلة الراهنة، أهمية أكبر من أي وقت مضى".
وتعيد عملية "درع الفرات" الاعتبار للجيش السوري الحر، كونه يقود معركةً جديدةً ضد تنظيم داعش، بعد أن تمكّن من تحرير منطقة الراعي من قبضة داعش، قبل ما يزيد عن أسبوعين، حيث يشارك في العملية أكثر من 1200 عنصر من فيلق الشام، وفرقة السلطان مراد، والجبهة الشامية، ونور الدين زنكي، والفرقة 13، ولواء الحمزة، وجيش النصر، ولواء المعتصم، ولواء صقور الجبل، وأحرار تل الرفعت ولواء الفتح.
وإن كان الجيش الحر قد سبق أن حرّر مدينة جرابلس من سيطرة النظام الأسدي، في منتصف عام 2012، إلا أن عودته مجدّداً وخوضه معركة تحريرها من داعش، تجسّد ردّاً قوياً على محاولات روسيا اعتباره غير موجود بالمعنى الفعلي في الميدان، بعد أن حاولت جاهدةً تسويق وجود القوى المتطرفة فقط، المتمثلة في "داعش" و"جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً). ولم يعد خافياً على أحد أن روسيا كانت تهدف في الحرب، إلى جانب النظام السوري وإيران والمليشيات التابعة لها، إلى تدمير الجيش السوري الحر، وإنكار وجوده، ولم تتمكّن من تحقيق ذلك، خصوصاً بعد معركة فك الحصار التي كانت تريد فرضه على حلب.
ويبدو من تصريحات القادة الأتراك أن فكرة المنطقة الآمنة، أو "الخالية من المخاطر على الأمن القومي"، التي طالما نادت بها تركيا، ما زالت حيةً وقابلة للتطبيق، ويمكن أن تكون عملية درع الفرات المرحلة الأولى باتجاه تشكيل هذه المنطقة التي كانوا يريدون أن تمتد على طول مئة كيلومتر من الحدود السورية التركية، وبعمق قد يصل إلى خمسين كيلومتراً، تبدأ من جرابلس، وصولاً إلى معبر باب السلامة التابع لمدينة أعزاز السورية، وهو أمر لم يلق قبولاً لدى الإدارة الأميركية ولا روسيا، قبل انطلاق عملية درع الفرات، لكن ذلك لم يمنع التصميم التركي عن فعلها أخيراً.
ويعود التحرك التركي الذي تأخر كثيراً باتجاه حدودها الجنوبية إلى اعتبارات عديدة، ليس إبعاد "داعش" والتخلص من خطره فقط، بل أيضاً منعاً لتمدّد كيان ما تسمى "الإدارة الذاتية" لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري باتجاه مناطق غرب الفرات، ووصل كانتونات شرقه (القامشلي وكوباني) بغربه (عفرين)، لأن ذلك يعني قيام كيان معادٍ لتركيا على حدودها الجنوبية مع سورية، ما يعني تهديداً مباشراً لأمنها القومي، خصوصاً أن هذا الحزب يعتبر النسخة السورية لحزب العمال الكردستاني التركي الذي تعتبره أنقرة ودول غربية منظمة إرهابية، وتخوض ضده تركيا حرباً شرسة، منذ أكثر من سنة، في مناطق جنوب وجنوب شرق تركيا، بعد انهيار عملية "السلام الداخلي" التي كانت تهدف إلى إنهاء وحل المسألة الكردية في تركيا.
ولعل تزامن التحرّك التركي مع مجيء نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن إلى أنقرة، دليل على التنسيق مع الولايات المتحدة، أو على الأقل عدم معارضتها أو ممانعتها له، إذ أيّد بايدن حق تركيا في حماية أمنها القومي، معلناً أن "بلاده توصلت مع تركيا إلى اتفاقٍ بعدم جواز انتقال وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي إلى المناطق الواقعة غرب الفرات في سورية، وأنها لن تحصل على أي دعمٍ من الولايات المتحدة، في حال انتقالها إلى غرب الفرات".
كما أن تزامن وجود رئيس إقليم شمالي العراق، مسعود البرزاني، يشكل رسالةً إلى الجمهور
وتأتي العملية التركية، "درع الفرات"، في ظل ظروف دولية وإقليمية مغايرة عما كانت عليه قبل تطبيع العلاقات التركية الروسية، حيث حصل توافق روسي تركي وإيراني على وحدة سورية، وعدم السماح بقيام كانتونات أو كيانات انفصالية فيها، وعلى ضرورة مكافحة الإرهاب. لذلك، جاء الموقف الروسي، كي يعبر عن القلق "بشأن الوضع على الحدود التركية السورية، واحتمال تدهور الوضع الأمني، وتصعيد الخلافات بين العرب والأكراد بعد انطلاق عملية عسكرية تركية في سورية"، لكن الخارجية الروسية سرعان ما أكّدت على أن "جهود محاربة الإرهاب على الحدود السورية التركية تكتسب، في المرحلة الراهنة، أهمية أكبر من أي وقت مضى".
وتعيد عملية "درع الفرات" الاعتبار للجيش السوري الحر، كونه يقود معركةً جديدةً ضد تنظيم داعش، بعد أن تمكّن من تحرير منطقة الراعي من قبضة داعش، قبل ما يزيد عن أسبوعين، حيث يشارك في العملية أكثر من 1200 عنصر من فيلق الشام، وفرقة السلطان مراد، والجبهة الشامية، ونور الدين زنكي، والفرقة 13، ولواء الحمزة، وجيش النصر، ولواء المعتصم، ولواء صقور الجبل، وأحرار تل الرفعت ولواء الفتح.
وإن كان الجيش الحر قد سبق أن حرّر مدينة جرابلس من سيطرة النظام الأسدي، في منتصف عام 2012، إلا أن عودته مجدّداً وخوضه معركة تحريرها من داعش، تجسّد ردّاً قوياً على محاولات روسيا اعتباره غير موجود بالمعنى الفعلي في الميدان، بعد أن حاولت جاهدةً تسويق وجود القوى المتطرفة فقط، المتمثلة في "داعش" و"جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً). ولم يعد خافياً على أحد أن روسيا كانت تهدف في الحرب، إلى جانب النظام السوري وإيران والمليشيات التابعة لها، إلى تدمير الجيش السوري الحر، وإنكار وجوده، ولم تتمكّن من تحقيق ذلك، خصوصاً بعد معركة فك الحصار التي كانت تريد فرضه على حلب.
ويبدو من تصريحات القادة الأتراك أن فكرة المنطقة الآمنة، أو "الخالية من المخاطر على الأمن القومي"، التي طالما نادت بها تركيا، ما زالت حيةً وقابلة للتطبيق، ويمكن أن تكون عملية درع الفرات المرحلة الأولى باتجاه تشكيل هذه المنطقة التي كانوا يريدون أن تمتد على طول مئة كيلومتر من الحدود السورية التركية، وبعمق قد يصل إلى خمسين كيلومتراً، تبدأ من جرابلس، وصولاً إلى معبر باب السلامة التابع لمدينة أعزاز السورية، وهو أمر لم يلق قبولاً لدى الإدارة الأميركية ولا روسيا، قبل انطلاق عملية درع الفرات، لكن ذلك لم يمنع التصميم التركي عن فعلها أخيراً.