09 نوفمبر 2024
محاولة لفهم أحداث الجزائر
لطالما استمع الجزائريون إلى خطابٍ رسميٍّ، يؤكد لهم دائما حقهم، تحت رعايته، في العيش الكريم، ويحذرهم، باستمرار، منذ عام 2011، بل قبله بكثير، من مغبة اللجوء إلى التعبير، خارج أطر ضيقة سمح بها لأحزاب الموالاة ولقنوات وصحف تدين بولائها له، حتى لا يطاولنا ما طاول بلداناً سمحت لنفسها بفتح باب الاعتراض على وضع مزرٍ، فجاءهم وضع أكثر سوءاً، بل حلت عليهم مشاريع لتقسيم بلدانهم وتهديم بناها، رأساً على عقب... ولمن هم أحسن حظاً مشاريع للإبقاء على الأنظمة المسماة الدول العميقة في العالم العربي.
في محاولة لإيضاح معضلة جزائرية خالصة، على الأقل الآن، يحسن إلقاء رؤية على العلاقة بين ثنائية الأمن والاستقرار من ناحية وغياب العدل وحتمية الاحتجاجات، من ناحية أخرى، وذلك رفعا لحالة اللبس التي رافقت الجدال المثار في البلاد، على خلفية التظاهرات التي شهدتها بعض الولايات التي حدثت فيها احتجاجات بسبب الخوف من التداعيات الاجتماعية لأحكام قانون المالية لسنة 2017.
لا يمكن لأي جزائري تخيّل حجم الأسف عند رؤية تحوّل لحظات التعبير عن السخط من الأوضاع إلى تخريب، ولا حتى تخيل احتمال وقوع انزلاقاتٍ تؤدي إلى رجوع ما تختزنه الذاكرة الوطنية عن أحداث العشرية السوداء. لكن، في المقابل، لا يمكن تخيّل حجم غضب الجزائريين من عودة الأوضاع إلى نقطة الصفر، أي ضياع ما كان في اليد من أموال كان يمكن أن تشكل قاعدة الانطلاق إلى بناء نهضة صناعية، والمنطلق لتجسيد مشروع أن تصبح الجزائر القوة المحورية في غرب المتوسط، وفي موقع قيادة قاطرة المغرب العربي نحو كيان اندماجي قوي وقطب اقتصادي مؤثر في الفضاء المتوسطي كله. لهذا، لا يمكن فهم تلك المعضلة بدون طرح ثلاث إشكاليات أصبحت حيوية، وتبحث عن إجابات، وهي:
إشكالية اقتصادية: كيف يمكن لبلد ريعي أن يبني، الآن، بعد ضياع ما في اليد من أموال، اقتصاداً متنوعاً، ويقنع شعبه بإمكانية الوصول إلى بر الأمان بميزانية تقشفية؟ تحتاج الإجابة لتفكير معمق من اقتصاديين أصحاب كفاءة مؤكّدة، أجمعوا كلهم على أن الاستراتيجية يمكن أن تتجسّد، لكن بأدوات ومنهجية حوكمة جديدتين وبنخبة اقتصادية أخرى، تغيّر العقليات وتبني لواقع منظومة اقتصادية جديدة. وفي هذا الإطار، يمكن الحديث بإسهاب عن سياسة التنويع التي رسمها الخطاب الرسمي، ويُراد لها أن تكون المخرج من وضع الأزمة الحالية، بيد أن ذلك لا يمكن أن يشكل قاعدة النقاش، بدون إبراز طبيعة الأدوات الجديدة والمنهجية الرشيدة في إدارة دواليب اقتصاد مهترئ، ريعي ومستقطب، خصوصاً باتفاقية الشراكة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، والتي رهنت مستقبله، إضافة إلى تعطّل ماكينة الاتحاد المغاربي، ذلك البناء الاندماجي الذي يشكل قاعدة عمل واقعيةٍ لبناء مشروع قطب اقتصادي مغاربي، يحدث انقلاباً حقيقياً على الأوضاع الراهنة في غرب المتوسط، رأسا على عقب.
لكن، قبل تجسيد التحوّل الاقتصادي الجديد نحو التنويع والابتعاد عن النهج الريعي، كيف يمكن إقناع الشعب بإمكانية الاستمرار في نهج "شراء السلم الاجتماعي" الذي جعل الناس في الجزائر ينتظرون كل شيء من الدولة، من سكن، تربية، دعم للمواد الأساسية، بنى تحتية من دون مطالبته بتضحياتٍ، تعود به إلى أزمنةٍ خلت، شهدت التقشف والخوف والاهتراء الحقيقي للأوضاع الاقتصادية برمتها؟
هذه هي المعضلة الاقتصادية التي يريد الشعب لها جواباً مقنعاً، بعيدا عن ميزانيةٍ مالية أجمع المختصون أنها ستزيد من معاناته، ولا تفتح أمامه أبواب الأمل، إلا إذا ارتفعت أسعار النفط مرة أخرى، لتعود عجلة "شراء السلم الاجتماعي" للعمل من جديد، وهكذا لننسى استراتيجية التنويع الاقتصادي، كما جرى ذلك من قبل.
إشكالية سياسية: تنطلق من ملاحظة أن انغلاق الأفق السياسي جاء بسبب قانون الجمعيات المقيد للنشاط الجمعوي لسنة 2012، والذي حجّم فضاءات تحرّك المجتمع المدني، ومنع (كبح) عنها فضاءات التعبير السلمي المنظم، كما منعت النخبة التي تشرف على إنشاء الجمعيات من فضاءات للحوار مع الشباب. ماذا بقي إذن، إن لم يكن الشارع واحتمالات الانزلاق بالأوضاع نحو المجهول؟
تُضاف إلى ذلك إشاعات الفوارق الاجتماعية والمظالم التي نراها ليل نهار، وبإيعاز من القنوات التي تعتبر من الموالاة (أنظر خبر ترقية قريبة لوزيرة في صحيفة إلكترونية موالية). أليس هذا كله إيعازاً للاحتجاج خارج أطر منظمة ومتحكم فيها. عندما تغلق الأبواب وتوصد أمام الحوار، وتغلق فضاءات النقاش أمام النخب، وتمنعها من توجيه خطاب الوعي والعقل إلى الشباب، ماذا يبقى إذن؟ أليس فضاءات التخريب والتلاعب بالمواطن البسيط الذي أرعبته إشاعات ارتفاع أسعار المواد الأساسية، إضافة إلى عدم اتخاذ الحكومة إجراءات الحد من انزلاق القدرة الشرائية للمواطن الجزائري بالحدّ من انخفاض قيمة الدينار.
الفساد ملف آخر، عندما تسمع عن حجم الفساد ومن يقترفه، ثم لا ترى لا تحقيقات، ولا إجراءات رادعة، وتغلق كل مجالات تحرّك المجتمع المدني. ماذا تنتظر؟ تلاعب، تخريب
ومآسي منتظرة.. والرسالة الموجهة حقيقة إلى أصحاب القرار في الجزائر: أعيدوا النظر في قانون الجمعيات، وافتحوا الباب للنخب للحوار، واتخذوا إجراءات كفيلة بوقف تردّي حياة المواطنين، واقطعوا الطريق أمام المحاباة والفساد، تجدوا شعباً منظماً وواعياً. هذا خطاب العقـل.
كان هذا جانباً مما التقطته من مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أرادت أصواته الجمع بين إرادتيْن: إرادة الوعي بواجب الاحتجاج في إطار قانوني ومنظم، وبشعاراتٍ لها خطاب متوازن، وإرادة العقل التي ترى وتشاهد مدى التعسّف في غلق أبواب التعبير الحقيقي عن صوت المواطن، وتنادي، في الوقت نفسه، بفتح قنوات التعبير للحيلولة دون الوصول إلى الإحباط الذي يسبق احتمالات التدخل للسيطرة على المشاعر والتلاعب بها، وتوجيهها نحو الوجهة التي لا يرضى بها أحد في الجزائر.
إشكالية اجتماعية، تعتبر من أهم محاور الجدال الذي يدور في الجزائر الآن، لأنه متعلق أساساً بمبدأ دوران النخب، ذلك المبدأ الطبيعي الذي تنبني عليه المجتمعات، وتتأسس عليه التنظيمات الاجتماعية بكل أشكالها. ينطلق ذلك المبدأ من ملاحظة انغلاق أفق المشاركة السياسية واستحالة الوصول، يوماً، إلى مصاف الصفوة التي تستحوذ على دائرة اتخاذ القرار من دون أفراد الشعب الأخرى ونخبه.
من شأن المشاركة السياسية وفتح قنوات الارتقاء الاجتماعي أن تفسحا المجال لمبدأ دوران النخب، وتكونا المدخل لإحلال نخب محل نخب، تأسيساً على مؤشرات النجاح والفشل في إدارة شؤون الدولة. لكن الملاحظ، وبالنظر إلى جملة القوانين المانعة من ذلك ومنها، على سبيل المثال، قانون الجمعيات لسنة 2012، قانون الانتخابات، قانون إنشاء الأحزاب السياسية، فإن المستقبل لا يحمل مؤشرات الاستبشار بقرب الانفتاح السياسي، وفتح الباب الموصد أمام النخب، للوصول إلى فرض أدوات ومنهجية العمل الجديدين للحوكمة الرشيدة في البلاد.
ولا يبدو أن الانتخابات التشريعية القريبة (إبريل/ نيسان المقبل) هي من ستفتح الباب لمبدأ دوران النخب، لأن الاجتماع والنقاش مرهونان برخص تمنحها السلطات، وهو ما ينذر ببقاء دار لقمان على حالها.
وختاماً، الإجابة على الإشكالات الثلاثة كفيلة، حقاً، بفهم المعضلة الجزائرية، وكفيلة، أيضا، بتوفير أدوات تحول دون عودة الاحتجاجات، كما ستحول دون لجوء بعض الجهات إلى التلاعب بالوعي والعقل، لتوجيهها نحو الانزلاقات التي لا يحمد عقباها. وتشير تلك الإشكاليات كلها إلى محورية تكاتف الجهود. كما تشير، من باب أولى، إلى مسؤولية الكل في الجزائر، في السعي إلى الإجابة عليها في إطار حوار وطني، من دون إقصاءٍ لأحد، وهو وضع يمكن، في النهاية، أن يؤسس لنقاش جاد ومسؤول، ينأى بالبلاد عن أي أخطار، ويفتح الباب واسعاً نحو تحقيق الأمنيات في غد أفضل.
في محاولة لإيضاح معضلة جزائرية خالصة، على الأقل الآن، يحسن إلقاء رؤية على العلاقة بين ثنائية الأمن والاستقرار من ناحية وغياب العدل وحتمية الاحتجاجات، من ناحية أخرى، وذلك رفعا لحالة اللبس التي رافقت الجدال المثار في البلاد، على خلفية التظاهرات التي شهدتها بعض الولايات التي حدثت فيها احتجاجات بسبب الخوف من التداعيات الاجتماعية لأحكام قانون المالية لسنة 2017.
لا يمكن لأي جزائري تخيّل حجم الأسف عند رؤية تحوّل لحظات التعبير عن السخط من الأوضاع إلى تخريب، ولا حتى تخيل احتمال وقوع انزلاقاتٍ تؤدي إلى رجوع ما تختزنه الذاكرة الوطنية عن أحداث العشرية السوداء. لكن، في المقابل، لا يمكن تخيّل حجم غضب الجزائريين من عودة الأوضاع إلى نقطة الصفر، أي ضياع ما كان في اليد من أموال كان يمكن أن تشكل قاعدة الانطلاق إلى بناء نهضة صناعية، والمنطلق لتجسيد مشروع أن تصبح الجزائر القوة المحورية في غرب المتوسط، وفي موقع قيادة قاطرة المغرب العربي نحو كيان اندماجي قوي وقطب اقتصادي مؤثر في الفضاء المتوسطي كله. لهذا، لا يمكن فهم تلك المعضلة بدون طرح ثلاث إشكاليات أصبحت حيوية، وتبحث عن إجابات، وهي:
إشكالية اقتصادية: كيف يمكن لبلد ريعي أن يبني، الآن، بعد ضياع ما في اليد من أموال، اقتصاداً متنوعاً، ويقنع شعبه بإمكانية الوصول إلى بر الأمان بميزانية تقشفية؟ تحتاج الإجابة لتفكير معمق من اقتصاديين أصحاب كفاءة مؤكّدة، أجمعوا كلهم على أن الاستراتيجية يمكن أن تتجسّد، لكن بأدوات ومنهجية حوكمة جديدتين وبنخبة اقتصادية أخرى، تغيّر العقليات وتبني لواقع منظومة اقتصادية جديدة. وفي هذا الإطار، يمكن الحديث بإسهاب عن سياسة التنويع التي رسمها الخطاب الرسمي، ويُراد لها أن تكون المخرج من وضع الأزمة الحالية، بيد أن ذلك لا يمكن أن يشكل قاعدة النقاش، بدون إبراز طبيعة الأدوات الجديدة والمنهجية الرشيدة في إدارة دواليب اقتصاد مهترئ، ريعي ومستقطب، خصوصاً باتفاقية الشراكة الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، والتي رهنت مستقبله، إضافة إلى تعطّل ماكينة الاتحاد المغاربي، ذلك البناء الاندماجي الذي يشكل قاعدة عمل واقعيةٍ لبناء مشروع قطب اقتصادي مغاربي، يحدث انقلاباً حقيقياً على الأوضاع الراهنة في غرب المتوسط، رأسا على عقب.
لكن، قبل تجسيد التحوّل الاقتصادي الجديد نحو التنويع والابتعاد عن النهج الريعي، كيف يمكن إقناع الشعب بإمكانية الاستمرار في نهج "شراء السلم الاجتماعي" الذي جعل الناس في الجزائر ينتظرون كل شيء من الدولة، من سكن، تربية، دعم للمواد الأساسية، بنى تحتية من دون مطالبته بتضحياتٍ، تعود به إلى أزمنةٍ خلت، شهدت التقشف والخوف والاهتراء الحقيقي للأوضاع الاقتصادية برمتها؟
هذه هي المعضلة الاقتصادية التي يريد الشعب لها جواباً مقنعاً، بعيدا عن ميزانيةٍ مالية أجمع المختصون أنها ستزيد من معاناته، ولا تفتح أمامه أبواب الأمل، إلا إذا ارتفعت أسعار النفط مرة أخرى، لتعود عجلة "شراء السلم الاجتماعي" للعمل من جديد، وهكذا لننسى استراتيجية التنويع الاقتصادي، كما جرى ذلك من قبل.
إشكالية سياسية: تنطلق من ملاحظة أن انغلاق الأفق السياسي جاء بسبب قانون الجمعيات المقيد للنشاط الجمعوي لسنة 2012، والذي حجّم فضاءات تحرّك المجتمع المدني، ومنع (كبح) عنها فضاءات التعبير السلمي المنظم، كما منعت النخبة التي تشرف على إنشاء الجمعيات من فضاءات للحوار مع الشباب. ماذا بقي إذن، إن لم يكن الشارع واحتمالات الانزلاق بالأوضاع نحو المجهول؟
تُضاف إلى ذلك إشاعات الفوارق الاجتماعية والمظالم التي نراها ليل نهار، وبإيعاز من القنوات التي تعتبر من الموالاة (أنظر خبر ترقية قريبة لوزيرة في صحيفة إلكترونية موالية). أليس هذا كله إيعازاً للاحتجاج خارج أطر منظمة ومتحكم فيها. عندما تغلق الأبواب وتوصد أمام الحوار، وتغلق فضاءات النقاش أمام النخب، وتمنعها من توجيه خطاب الوعي والعقل إلى الشباب، ماذا يبقى إذن؟ أليس فضاءات التخريب والتلاعب بالمواطن البسيط الذي أرعبته إشاعات ارتفاع أسعار المواد الأساسية، إضافة إلى عدم اتخاذ الحكومة إجراءات الحد من انزلاق القدرة الشرائية للمواطن الجزائري بالحدّ من انخفاض قيمة الدينار.
الفساد ملف آخر، عندما تسمع عن حجم الفساد ومن يقترفه، ثم لا ترى لا تحقيقات، ولا إجراءات رادعة، وتغلق كل مجالات تحرّك المجتمع المدني. ماذا تنتظر؟ تلاعب، تخريب
كان هذا جانباً مما التقطته من مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أرادت أصواته الجمع بين إرادتيْن: إرادة الوعي بواجب الاحتجاج في إطار قانوني ومنظم، وبشعاراتٍ لها خطاب متوازن، وإرادة العقل التي ترى وتشاهد مدى التعسّف في غلق أبواب التعبير الحقيقي عن صوت المواطن، وتنادي، في الوقت نفسه، بفتح قنوات التعبير للحيلولة دون الوصول إلى الإحباط الذي يسبق احتمالات التدخل للسيطرة على المشاعر والتلاعب بها، وتوجيهها نحو الوجهة التي لا يرضى بها أحد في الجزائر.
إشكالية اجتماعية، تعتبر من أهم محاور الجدال الذي يدور في الجزائر الآن، لأنه متعلق أساساً بمبدأ دوران النخب، ذلك المبدأ الطبيعي الذي تنبني عليه المجتمعات، وتتأسس عليه التنظيمات الاجتماعية بكل أشكالها. ينطلق ذلك المبدأ من ملاحظة انغلاق أفق المشاركة السياسية واستحالة الوصول، يوماً، إلى مصاف الصفوة التي تستحوذ على دائرة اتخاذ القرار من دون أفراد الشعب الأخرى ونخبه.
من شأن المشاركة السياسية وفتح قنوات الارتقاء الاجتماعي أن تفسحا المجال لمبدأ دوران النخب، وتكونا المدخل لإحلال نخب محل نخب، تأسيساً على مؤشرات النجاح والفشل في إدارة شؤون الدولة. لكن الملاحظ، وبالنظر إلى جملة القوانين المانعة من ذلك ومنها، على سبيل المثال، قانون الجمعيات لسنة 2012، قانون الانتخابات، قانون إنشاء الأحزاب السياسية، فإن المستقبل لا يحمل مؤشرات الاستبشار بقرب الانفتاح السياسي، وفتح الباب الموصد أمام النخب، للوصول إلى فرض أدوات ومنهجية العمل الجديدين للحوكمة الرشيدة في البلاد.
ولا يبدو أن الانتخابات التشريعية القريبة (إبريل/ نيسان المقبل) هي من ستفتح الباب لمبدأ دوران النخب، لأن الاجتماع والنقاش مرهونان برخص تمنحها السلطات، وهو ما ينذر ببقاء دار لقمان على حالها.
وختاماً، الإجابة على الإشكالات الثلاثة كفيلة، حقاً، بفهم المعضلة الجزائرية، وكفيلة، أيضا، بتوفير أدوات تحول دون عودة الاحتجاجات، كما ستحول دون لجوء بعض الجهات إلى التلاعب بالوعي والعقل، لتوجيهها نحو الانزلاقات التي لا يحمد عقباها. وتشير تلك الإشكاليات كلها إلى محورية تكاتف الجهود. كما تشير، من باب أولى، إلى مسؤولية الكل في الجزائر، في السعي إلى الإجابة عليها في إطار حوار وطني، من دون إقصاءٍ لأحد، وهو وضع يمكن، في النهاية، أن يؤسس لنقاش جاد ومسؤول، ينأى بالبلاد عن أي أخطار، ويفتح الباب واسعاً نحو تحقيق الأمنيات في غد أفضل.