08 نوفمبر 2024
قنبلة الحريري
فجر رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، مفاجأة من العيار الثقيل، حين خرج من الرياض ليعلن استقالته من مهامه، شانّاً حملة اتهامات واسعة ضد إيران وحزب الله على خلفية سيطرتهما على لبنان ودول في المنطقة. وعلى عكس المعتاد، لم تأت استقالة الحريري بناء على أزمةٍ داخليةٍ في البلاد، أو خلافات لها علاقة بالشأن الداخلي اللبناني، على غرار الموازنات أو التعيينات أو ما شابه، فالأمور بين الفريق الحاكم كانت تسير وفق تفاهماتٍ سابقةٍ في ما يخص هذه الملفات، ولم تعكّرها التصريحات التي تطلق من هنا أو هناك إلى درجة تؤدي برئيس الحكومة إلى الاستقالة.
فقرار الحريري، كما هو واضح، يأتي اتّساقا مع صراع المحاور في المنطقة، والذي أخذ الجزء الأكبر من خطابه الذي بدا جلياً أنه يعبر بالكامل عن اصطفافٍ إلى جانب السعودية في مواجهتها مع إيران. إذ حمل رئيس الحكومة المستقيل بشدة، في كلمته، على حزب الله وإيران، وأطلق ما يشبه التهديدات الحربية، مستشهداً بالعمليات التي تقودها السعودية في اليمن في إطار محاربة الحوثيين. ومن الواضح أيضاً أن الكلمة تعني قطيعةً للحريري مع لبنان والعودة إليه، إذ لم يعد من المحتمل أن يعود رئيس الحكومة المستقيل إلى البلاد لتسيير الأعمال، كما هو متعارف عليه عند استقالة الحكومات، ليترك البلاد في أزمةٍ حقيقيةٍ، بعدما وضعها طرفاً في معادلة المواجهة الإقليمية.
من الممكن القول إن لبنان لم يكن يوماً بعيداً عن هذه المواجهة، لكنه في السنوات السابقة تمكّن من تجنيب الداخل خطر الاصطفافات الداخلية مع الخارج، عبر تفاهماتٍ أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، برعايةٍ سعودية إيرانية، بشكل ضمني. حتى في ظل الحملة التي شنتها دول الحصار على قطر، تمكّن البلد من صد الضغوط التي تعرض لها من السعودية وحلفائها، على الأقل وقف التفاهمات السياسية الداخلية، إذ لم يكن الحريري ليمانع في الانضمام إلى معسكر دول الحصار، لو سمحت له التوازنات الداخلية بذلك، غير أن كل هذه التفاهمات والتوازنات سقطت مع استقالة الحريري، ليصبح المشهد مفتوحاً على مواجهةٍ سعوديةٍ إيرانية مباشرة على الأراضي اللبنانية.
قد تتنوع سيناريوهات المواجهة بين الاقتصادي والسياسي والعسكري، على الرغم من أن الأخير الأكثر استبعاداً في المرحلة الحالية. لعل المرحلة الأكثر بروزاً في المواجهة ستكون على المستوى الاقتصادي، وهو السلاح الأمضى الذي قد تستخدمه السعودية، في إطار الحديث عن سحب استثمارات وودائع قد تؤثر على العملة المحلية، وارتباطها بالدولار الأميركي، إضافة إلى استئناف حملة طرد اللبنانيين العاملين في بعض دول الخليج، والذين يمكن تصنيفهم طائفياً وسياسياً ضمن المعسكر الإيراني. خطوات مثل هذه ستضع ضغوطاً إضافية على الكاهل الاقتصادي اللبناني الذي يعاني منذ سنواتٍ من أزمات الديون والفوائد والبطالة.
وما سيضاعف هذه التداعيات الاقتصادية هو الشلل السياسي الذي ستعيشه البلاد في ظل الفراغ الحكومي، واحتمال عدم عودة الحريري، وصعوبة تشكيل حكومة بديلة في المرحلة الحالية في ظل سقوط كل التفاهمات السياسية السابقة، إلا في حال تم الإقرار بتشكيل حكومةٍ من لون واحد قد تسبب مزيداً من الأزمات.
وبغض النظر عن التداعيات السياسية والاقتصادية، وربما العسكرية، للاستقالة، فإن خلاصتها ستكون أن السعودية قرّرت إدخال لبنان بشكل مباشر إلى ساحات حروبها الإقليمية.
فقرار الحريري، كما هو واضح، يأتي اتّساقا مع صراع المحاور في المنطقة، والذي أخذ الجزء الأكبر من خطابه الذي بدا جلياً أنه يعبر بالكامل عن اصطفافٍ إلى جانب السعودية في مواجهتها مع إيران. إذ حمل رئيس الحكومة المستقيل بشدة، في كلمته، على حزب الله وإيران، وأطلق ما يشبه التهديدات الحربية، مستشهداً بالعمليات التي تقودها السعودية في اليمن في إطار محاربة الحوثيين. ومن الواضح أيضاً أن الكلمة تعني قطيعةً للحريري مع لبنان والعودة إليه، إذ لم يعد من المحتمل أن يعود رئيس الحكومة المستقيل إلى البلاد لتسيير الأعمال، كما هو متعارف عليه عند استقالة الحكومات، ليترك البلاد في أزمةٍ حقيقيةٍ، بعدما وضعها طرفاً في معادلة المواجهة الإقليمية.
من الممكن القول إن لبنان لم يكن يوماً بعيداً عن هذه المواجهة، لكنه في السنوات السابقة تمكّن من تجنيب الداخل خطر الاصطفافات الداخلية مع الخارج، عبر تفاهماتٍ أوصلت ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، برعايةٍ سعودية إيرانية، بشكل ضمني. حتى في ظل الحملة التي شنتها دول الحصار على قطر، تمكّن البلد من صد الضغوط التي تعرض لها من السعودية وحلفائها، على الأقل وقف التفاهمات السياسية الداخلية، إذ لم يكن الحريري ليمانع في الانضمام إلى معسكر دول الحصار، لو سمحت له التوازنات الداخلية بذلك، غير أن كل هذه التفاهمات والتوازنات سقطت مع استقالة الحريري، ليصبح المشهد مفتوحاً على مواجهةٍ سعوديةٍ إيرانية مباشرة على الأراضي اللبنانية.
قد تتنوع سيناريوهات المواجهة بين الاقتصادي والسياسي والعسكري، على الرغم من أن الأخير الأكثر استبعاداً في المرحلة الحالية. لعل المرحلة الأكثر بروزاً في المواجهة ستكون على المستوى الاقتصادي، وهو السلاح الأمضى الذي قد تستخدمه السعودية، في إطار الحديث عن سحب استثمارات وودائع قد تؤثر على العملة المحلية، وارتباطها بالدولار الأميركي، إضافة إلى استئناف حملة طرد اللبنانيين العاملين في بعض دول الخليج، والذين يمكن تصنيفهم طائفياً وسياسياً ضمن المعسكر الإيراني. خطوات مثل هذه ستضع ضغوطاً إضافية على الكاهل الاقتصادي اللبناني الذي يعاني منذ سنواتٍ من أزمات الديون والفوائد والبطالة.
وما سيضاعف هذه التداعيات الاقتصادية هو الشلل السياسي الذي ستعيشه البلاد في ظل الفراغ الحكومي، واحتمال عدم عودة الحريري، وصعوبة تشكيل حكومة بديلة في المرحلة الحالية في ظل سقوط كل التفاهمات السياسية السابقة، إلا في حال تم الإقرار بتشكيل حكومةٍ من لون واحد قد تسبب مزيداً من الأزمات.
وبغض النظر عن التداعيات السياسية والاقتصادية، وربما العسكرية، للاستقالة، فإن خلاصتها ستكون أن السعودية قرّرت إدخال لبنان بشكل مباشر إلى ساحات حروبها الإقليمية.