09 نوفمبر 2024
إعدام القضية الفلسطينية
هل يُمكن التراجع عن مرحلة ما قبل إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 6 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، القدس المحتلة "عاصمة لإسرائيل"؟ وهل يُمكن إقناع الأميركيين، المتفرّدين بالقرار، بالعودة عنه، في ظلّ ضغوط فلسطينية وعربية وإقليمية ودولية؟ حتى الآن، لا يبدو أن أحداً قادرٌ على ذلك. ومع مغيب شمس كل يوم، يتأكد أكثر أن واشنطن لن تعود عن إعلانها، وأن ردود الفعل الكلامية على قرارها، لن تتخطّى إطارها اللفظي، كما يبدو حتى الآن، فيما الفلسطينيون وحدهم في المواجهة.
لا يعني هذا، وفق المفهوم "الانهزامي"، سوى أن المرحلة المقبلة ستتمحور حول تكريس الوضعية الأميركية الجديدة في شأن القدس من جهة، وفي إمعان الاحتلال الإسرائيلي أكثر في تطبيق الإعلان الأميركي عملياً، عبر بدء عمليات التهجير بنسخةٍ مجدّدة لمئات آلاف المقدسيين الفلسطينيين، بحجة "سكنهم في أماكن إسرائيلية لا فلسطينية" من جهة أخرى. التعويل على الوقوف ضد الحركة الجديدة، لا يكفي، فرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "توقع" خلال لقائه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، يوم الإثنين الماضي، أن "تعترف معظم الدول الأوروبية بالقدس عاصمة لإسرائيل، وستنقل سفاراتها إليها". ثقة نتنياهو المفرطة لا تأتي من هباء. يدرك الرجل أن ما قام به جيشه منذ نكبة 1948، لم يوُاجه بصورة جدّية من العرب أو الغرب أو القمم الإسلامية والقارية التي عُقدت لهذه الغاية. دائماً ما تكون الأفعال المحدّدة حصيلة تراكماتٍ سابقة. تراكمات المواقف التاريخية، سمحت للإسرائيليين، وكذلك للأميركيين، في الوصول إلى يوم 6 ديسمبر/ كانون الأول الحالي.
في السياسة، رفْع سقف الشروط بديهي قبل أي مفاوضات في قضية ثانوية حتى، فكيف في قضيةٍ مركزيةٍ كالقضية الفلسطينية؟ فالحلول المجزأة التي يسوّقها بعضهم، خصوصاً لناحية تقسيم القدس إلى عاصمتين في أي مشروع يدور حول "حل الدولتين"، أو إسقاط "حق العودة"، في سياق الشروط الموضوعة على طاولة البحث، هي حلولٌ سيرفضها الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتبر أنه "وصل إلى المنعطف الأخير في معركته ضد الفلسطينيين، ولن يتنازل عما حققه، بوجود دعم أميركي هائل". المعارضون للخطوة الأميركية الأخيرة لم يرفعوا سقف الشروط ضد الإسرائيليين، وهو ما يستدعي منهم، بالتالي، التراجع عن استخدام شعار القضية الفلسطينية في أدبياتهم، ما دامت خياراتهم السياسية أضعف من مواكبتها.
في الرياضيات، وبعيداً عن الإسقاطات الدينية أو القومية أو الاجتماعية على فلسطين المحتلة، هناك واقع، قلّة من رفعوا الصوت بشأنه، وهو أن شعباً يتعرّض لكل أنواع الظلم، فقط لأن شعباً آخر قرّر أن هذه البلاد بلاده لأسباب دينية، ولم يجد بعد من يحلّ هذه المعضلة بشعار واحد وبسيط "إعادة الحق إلى أصحابه". غريب أن تمرّ السنون والعقود، مع ما حملته من تحوّلاتٍ شتّى من سقوط الاتحاد السوفييتي إلى "الحرب على الإرهاب" وظهور "داعش" ثم "اختفائه"، والقضية الفلسطينية تتعرّض للقضم اليومي، من دون أن يطبّق داعموها من خارج الحدود الفلسطينية، التضامن اللغوي بأفعال ملموسة. قليلاً ويبحث هؤلاء عن قضيةٍ بديلةٍ للقضية الفلسطينية، لرفع لوائها ردحاً من الزمن، كـ"ترند" سياسي لاستخدامه في الداخل والخارج.
الغريب أكثر، أنه بعد عشرة أيام على إعلان ترامب، باتت أقصى سبل المواجهة، متمحورة حول الرغبة بسقوط الرئيس الأميركي بتهمة "التحرّش الجنسي" لا بسبب التحقيقات بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 في واشنطن، أو بتنا نتمنّى سقوط نتنياهو من الحكم في تل أبيب بتهَم "الفساد"، بفعل التحقيق المتكرّر معه، وذلك لتعليل عدم القدرة على دعم الفلسطينيين في قضيتهم. أصلاً، كان يجب توقع هذا، لحظة قرّرت القوات العربية التي سعت إلى تحرير فلسطين عام 1948، التركيز على الأشعار والقصائد، لا القوة، لرد المحتلين. القصائد جميلة، لكنها مفيدة للاسترخاء، لا للمواجهة.
لا يعني هذا، وفق المفهوم "الانهزامي"، سوى أن المرحلة المقبلة ستتمحور حول تكريس الوضعية الأميركية الجديدة في شأن القدس من جهة، وفي إمعان الاحتلال الإسرائيلي أكثر في تطبيق الإعلان الأميركي عملياً، عبر بدء عمليات التهجير بنسخةٍ مجدّدة لمئات آلاف المقدسيين الفلسطينيين، بحجة "سكنهم في أماكن إسرائيلية لا فلسطينية" من جهة أخرى. التعويل على الوقوف ضد الحركة الجديدة، لا يكفي، فرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، "توقع" خلال لقائه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، يوم الإثنين الماضي، أن "تعترف معظم الدول الأوروبية بالقدس عاصمة لإسرائيل، وستنقل سفاراتها إليها". ثقة نتنياهو المفرطة لا تأتي من هباء. يدرك الرجل أن ما قام به جيشه منذ نكبة 1948، لم يوُاجه بصورة جدّية من العرب أو الغرب أو القمم الإسلامية والقارية التي عُقدت لهذه الغاية. دائماً ما تكون الأفعال المحدّدة حصيلة تراكماتٍ سابقة. تراكمات المواقف التاريخية، سمحت للإسرائيليين، وكذلك للأميركيين، في الوصول إلى يوم 6 ديسمبر/ كانون الأول الحالي.
في السياسة، رفْع سقف الشروط بديهي قبل أي مفاوضات في قضية ثانوية حتى، فكيف في قضيةٍ مركزيةٍ كالقضية الفلسطينية؟ فالحلول المجزأة التي يسوّقها بعضهم، خصوصاً لناحية تقسيم القدس إلى عاصمتين في أي مشروع يدور حول "حل الدولتين"، أو إسقاط "حق العودة"، في سياق الشروط الموضوعة على طاولة البحث، هي حلولٌ سيرفضها الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتبر أنه "وصل إلى المنعطف الأخير في معركته ضد الفلسطينيين، ولن يتنازل عما حققه، بوجود دعم أميركي هائل". المعارضون للخطوة الأميركية الأخيرة لم يرفعوا سقف الشروط ضد الإسرائيليين، وهو ما يستدعي منهم، بالتالي، التراجع عن استخدام شعار القضية الفلسطينية في أدبياتهم، ما دامت خياراتهم السياسية أضعف من مواكبتها.
في الرياضيات، وبعيداً عن الإسقاطات الدينية أو القومية أو الاجتماعية على فلسطين المحتلة، هناك واقع، قلّة من رفعوا الصوت بشأنه، وهو أن شعباً يتعرّض لكل أنواع الظلم، فقط لأن شعباً آخر قرّر أن هذه البلاد بلاده لأسباب دينية، ولم يجد بعد من يحلّ هذه المعضلة بشعار واحد وبسيط "إعادة الحق إلى أصحابه". غريب أن تمرّ السنون والعقود، مع ما حملته من تحوّلاتٍ شتّى من سقوط الاتحاد السوفييتي إلى "الحرب على الإرهاب" وظهور "داعش" ثم "اختفائه"، والقضية الفلسطينية تتعرّض للقضم اليومي، من دون أن يطبّق داعموها من خارج الحدود الفلسطينية، التضامن اللغوي بأفعال ملموسة. قليلاً ويبحث هؤلاء عن قضيةٍ بديلةٍ للقضية الفلسطينية، لرفع لوائها ردحاً من الزمن، كـ"ترند" سياسي لاستخدامه في الداخل والخارج.
الغريب أكثر، أنه بعد عشرة أيام على إعلان ترامب، باتت أقصى سبل المواجهة، متمحورة حول الرغبة بسقوط الرئيس الأميركي بتهمة "التحرّش الجنسي" لا بسبب التحقيقات بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 في واشنطن، أو بتنا نتمنّى سقوط نتنياهو من الحكم في تل أبيب بتهَم "الفساد"، بفعل التحقيق المتكرّر معه، وذلك لتعليل عدم القدرة على دعم الفلسطينيين في قضيتهم. أصلاً، كان يجب توقع هذا، لحظة قرّرت القوات العربية التي سعت إلى تحرير فلسطين عام 1948، التركيز على الأشعار والقصائد، لا القوة، لرد المحتلين. القصائد جميلة، لكنها مفيدة للاسترخاء، لا للمواجهة.