23 سبتمبر 2024
تركيا في أفريقيا.. أي رسائل؟
بعد أيام على تخريج أول دفعة ضباط صوماليين من القاعدة العسكرية التركية في مقديشو، على يد خبراء عسكريين أتراك، بدأت جولة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان الأفريقية، وشملت السودان وتشاد وتونس. وكانت زيارة السودان الأولى من نوعها على مستوى رئيس تركي بعد استقلال السودان، ما أعطاها أهمية إضافية، وشهدت توقيع 22 اتفاقية في مجالات مختلفة، لا سيما العسكرية والأمنية، إلى جانب موافقة الخرطوم على تولي تركيا إعادة تأهيل جزيرة سواكن المطلة على البحر الأحمر وإدارتها فترة معينة، ما سلّط الضوء على طبيعة التقارب التركي السوداني، وتوقيته، فضلاً عن تأثيرات هذا التقارب على صراع القوى الإقليمية في البحر الأحمر.
يحمل توقيت التحرك التركي في أفريقيا، اليوم، رسائل عدة، اقتصادية وسياسية وعسكرية، ومنها الإقليمية والدولية، وتوقيت التحرك نفسه أيضاً، فقد جاءت وسط تعقيدات سياسية كثيرة تعصف بالمنطقة، كأزمة الخليج وملف اليمن وقضية القدس. ولم يعد خافياً بحث السودان عن الأحلاف، وقد تكون وجدتها في روسيا من خلال اقتراحها إقامة قاعدة عسكرية، ومفاعل نووي على غرار المصري، ليفتح لها مجالات كبيرة للتعاون في مجالات شتى، لعل أبرزها الاقتصادي والعسكري.
ويأتي التقارب التركي السوداني في ظل توتر علاقة مصر والسودان من جهة، ومصر وتركيا من جهة أخرى، وبعد أيام على قول وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن بلاده تأمل عودة العلاقات مع تركيا، وهي منفتحة، ولديها رغبة دائمة في تجاوز أي توتر. إلا أن مراقبين اعتبروا التقارب التركي السوداني، في شق منه، ردّاً على تحرك سابق للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مع اليونان وقبرص، في حين رأى بعضهم أن لتركيا استثمارات في إثيوبيا أيضاً، وعلاقات جيدة، لكنها لا تقوم بتداخل بين الملفات المختلفة.
وفي ظل الطموح التركي الواضح، والذي ليس جديداً في التوسع في القارة الأفريقية المفتوحة للاستثمارات، يجب عدم إغفال أن القارة السمراء تتبارى حولها دول كبرى، مثل الصين وروسيا وإيران وتركيا، وليست إسرائيل أيضاً، بعيدة عن الساحة.
وتشكّل العلاقة مع أفريقيا جانباً مهماً في السياسة الخارجية التركية. ويعد اهتمام أنقرة الخاص ونشاطها البارز، في الصومال تحديداً، مؤشراً على رغبتها في أن تصبح لاعباً نشطاً في القارة الأفريقية. ويهدف حضور تركيا في الصومال إلى إظهار زعامتها قوة عظمى، عسكرية واقتصادية. وجاء إدراكاً منها لأهمية الصومال الجيوستراتيجية، بالنظر إلى موقعه الجغرافي الذي يربط بين القارات، وباعتباره ممراً مهماً للطاقة في العالم، إضافة إلى ثروات كثيرة يمتلكها الصومال في ظاهر الأرض وباطنها.
وينظر مراقبون إلى التطوّر في العلاقات بين تركيا ودول أفريقيا أنه من أشكال المنافسة بين تركيا والدول الكبرى التي تتطلّع إلى تطوير وجودها فى أفريقيا، خصوصاً في المجالات الاقتصادية.
ويبدو أن هناك بعداً استراتيجياً لنقل العلاقات بين أفريقيا وتركيا من التعاون والتبادل إلى مستوى التكامل وتبادل المصالح، خصوصاً، أن لدى تركيا إمكانات لزيادة الاستثمار في الخارج، من خلال اقتصادها الديناميكي، وسعة حجم سوقها الداخلية، بالإضافة إلى قدراتها الصناعية العالية، والقوى البشرية المؤهلة التي تمتلكها، فضلاً عن أن السوق الأفريقية واسعة
للمنتجات التركية. في المقابل، يمكن أن تؤدي دول أفريقيا دوراً مهماً في تأمين واردات تركيا، وخصوصاً في قطاعي الزراعة والمعادن، في مقابل استفادتها من الخبرات والتجارب التي تمتلكها تركيا، وتقاسمها على أساس النفع المشترك للطرفين.
ولتركيا أهداف استراتيجية، تتمثل بالدفاع عن مصالحها في المنطقة، لتتجاوز المسرح الإقليمي، وإيجاد مجال حيوي جديد لطاقاتها وإمكاناتها الإنتاجية والفنية، على نحوٍ يؤدّي إلى مكاسب اقتصادية في زيادة التبادل التجاري، وإيجاد سوق واسعة، فتركيا إحدى الدول الثلاث النشطة في القارة الأفريقية، مع الصين والهند. ويعد توقيت التحرّك التركي في أفريقيا مهماً للغاية، فبالإضافة إلى ما سبق ذكره، جاء في الفترة التي غاب فيها التأثير العربي عن القارة، وخصوصاً القسم المسلم منها، بسبب الأزمات التي تعيشها دول عربية عديدة، في مقدمتها مصر، وبذلك أصبحت تركيا بالنسبة للقارة مركز جذب جديد.
ويجب عدم إغفال توقيت لعب واشنطن ورقة الانفصالية الكردية، ليس فقط لإبعاد اليد التركية عن سورية، وإنما لضرب تركيا في عقر دارها، مع العلم أن الهاجس الانفصالي يقلق أنقرة وطهران معاً، وتداعياته قد لا تتوقف عندهما، وإنما ربما تطاول موسكو نفسها.
وكان القرن الذهبي بدوله، إثيوبيا والصومال وإريتريا وجيبوتي، ساحة لصراع قوى عالمية على الدوام، نظراً لأهميته الاستراتيجية، ووقوعه على الطرق العالمية للبترول. ومدت إسرائيل نفوذها في القارة السمراء، مستغلة كره السكان المحليين القوى المستعمرة القديمة، وكانت دول أفريقية كثيرة، في العقود الأخيرة، تشتري أسلحة من إسرائيل، ويدرّب جيوشها وأجهزة الاستخبارات فيها خبراء إسرائيليون.
يبقى القول، إن التحديات الكثيرة التي تواجهها إسرائيل وإيران والدول الأخرى في أفريقيا قد تفتح المجال واسعاً أمام الأتراك.
يحمل توقيت التحرك التركي في أفريقيا، اليوم، رسائل عدة، اقتصادية وسياسية وعسكرية، ومنها الإقليمية والدولية، وتوقيت التحرك نفسه أيضاً، فقد جاءت وسط تعقيدات سياسية كثيرة تعصف بالمنطقة، كأزمة الخليج وملف اليمن وقضية القدس. ولم يعد خافياً بحث السودان عن الأحلاف، وقد تكون وجدتها في روسيا من خلال اقتراحها إقامة قاعدة عسكرية، ومفاعل نووي على غرار المصري، ليفتح لها مجالات كبيرة للتعاون في مجالات شتى، لعل أبرزها الاقتصادي والعسكري.
ويأتي التقارب التركي السوداني في ظل توتر علاقة مصر والسودان من جهة، ومصر وتركيا من جهة أخرى، وبعد أيام على قول وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن بلاده تأمل عودة العلاقات مع تركيا، وهي منفتحة، ولديها رغبة دائمة في تجاوز أي توتر. إلا أن مراقبين اعتبروا التقارب التركي السوداني، في شق منه، ردّاً على تحرك سابق للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مع اليونان وقبرص، في حين رأى بعضهم أن لتركيا استثمارات في إثيوبيا أيضاً، وعلاقات جيدة، لكنها لا تقوم بتداخل بين الملفات المختلفة.
وفي ظل الطموح التركي الواضح، والذي ليس جديداً في التوسع في القارة الأفريقية المفتوحة للاستثمارات، يجب عدم إغفال أن القارة السمراء تتبارى حولها دول كبرى، مثل الصين وروسيا وإيران وتركيا، وليست إسرائيل أيضاً، بعيدة عن الساحة.
وتشكّل العلاقة مع أفريقيا جانباً مهماً في السياسة الخارجية التركية. ويعد اهتمام أنقرة الخاص ونشاطها البارز، في الصومال تحديداً، مؤشراً على رغبتها في أن تصبح لاعباً نشطاً في القارة الأفريقية. ويهدف حضور تركيا في الصومال إلى إظهار زعامتها قوة عظمى، عسكرية واقتصادية. وجاء إدراكاً منها لأهمية الصومال الجيوستراتيجية، بالنظر إلى موقعه الجغرافي الذي يربط بين القارات، وباعتباره ممراً مهماً للطاقة في العالم، إضافة إلى ثروات كثيرة يمتلكها الصومال في ظاهر الأرض وباطنها.
وينظر مراقبون إلى التطوّر في العلاقات بين تركيا ودول أفريقيا أنه من أشكال المنافسة بين تركيا والدول الكبرى التي تتطلّع إلى تطوير وجودها فى أفريقيا، خصوصاً في المجالات الاقتصادية.
ويبدو أن هناك بعداً استراتيجياً لنقل العلاقات بين أفريقيا وتركيا من التعاون والتبادل إلى مستوى التكامل وتبادل المصالح، خصوصاً، أن لدى تركيا إمكانات لزيادة الاستثمار في الخارج، من خلال اقتصادها الديناميكي، وسعة حجم سوقها الداخلية، بالإضافة إلى قدراتها الصناعية العالية، والقوى البشرية المؤهلة التي تمتلكها، فضلاً عن أن السوق الأفريقية واسعة
ولتركيا أهداف استراتيجية، تتمثل بالدفاع عن مصالحها في المنطقة، لتتجاوز المسرح الإقليمي، وإيجاد مجال حيوي جديد لطاقاتها وإمكاناتها الإنتاجية والفنية، على نحوٍ يؤدّي إلى مكاسب اقتصادية في زيادة التبادل التجاري، وإيجاد سوق واسعة، فتركيا إحدى الدول الثلاث النشطة في القارة الأفريقية، مع الصين والهند. ويعد توقيت التحرّك التركي في أفريقيا مهماً للغاية، فبالإضافة إلى ما سبق ذكره، جاء في الفترة التي غاب فيها التأثير العربي عن القارة، وخصوصاً القسم المسلم منها، بسبب الأزمات التي تعيشها دول عربية عديدة، في مقدمتها مصر، وبذلك أصبحت تركيا بالنسبة للقارة مركز جذب جديد.
ويجب عدم إغفال توقيت لعب واشنطن ورقة الانفصالية الكردية، ليس فقط لإبعاد اليد التركية عن سورية، وإنما لضرب تركيا في عقر دارها، مع العلم أن الهاجس الانفصالي يقلق أنقرة وطهران معاً، وتداعياته قد لا تتوقف عندهما، وإنما ربما تطاول موسكو نفسها.
وكان القرن الذهبي بدوله، إثيوبيا والصومال وإريتريا وجيبوتي، ساحة لصراع قوى عالمية على الدوام، نظراً لأهميته الاستراتيجية، ووقوعه على الطرق العالمية للبترول. ومدت إسرائيل نفوذها في القارة السمراء، مستغلة كره السكان المحليين القوى المستعمرة القديمة، وكانت دول أفريقية كثيرة، في العقود الأخيرة، تشتري أسلحة من إسرائيل، ويدرّب جيوشها وأجهزة الاستخبارات فيها خبراء إسرائيليون.
يبقى القول، إن التحديات الكثيرة التي تواجهها إسرائيل وإيران والدول الأخرى في أفريقيا قد تفتح المجال واسعاً أمام الأتراك.