03 نوفمبر 2024
هذا الجدل في تونس وزيارة السيسي
أصبحت زيارة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، محل جدل بين الأحزاب التونسية. وقد سبق للرئيس الباجي قايد السبسي أن وجه هذه الدعوة الرسمية لوزير الخارجية، سامح شكري، عند زيارته تونس الشهر الماضي. وعلى الرغم من أن الزيارة ستكون الأولى من نوعها لرئيس مصري إلى تونس منذ سنوات طويلة، وعلى الرغم من أنها ستندرج ضمن تعميق المشاورات حول الملف الليبي، إلا أنها أحدثت، قبل أن تتم، انقساماً بين الأحزاب السياسية، وأثارت صخباً في وسائل الإعلام التي وجدت فيها مادة دسمة صالحة للاستثمار والإثارة.
بعد الثورة التونسية، حصل جدل حاد بشأن مدى تأثير الثورة على الدبلوماسية. ومن أهم الشخصيات التي سارعت إلى تغيير وجهة السياسة الخارجية هو الرئيس المنصف المرزوقي الذي عمل على تأسيس دبلوماسيةٍ ذات مرجعيةٍ مختلفةٍ عما كانت عليه خلال حكم الزعيم بورقيبة أو الجنرال بن علي، فالثورة تستوجب دبلوماسية ثورية، وعلى النظام الديمقراطي أن يشجع الديمقراطية في كل مكان، وأن يقف إلى جانب الديمقراطيين والمظلومين المطالبين بالحرية. ومن هذه الزاوية، طرد المرزوقي السفير السوري، وقطع العلاقات مع دمشق، وساند الرئيس محمد مرسي، واختلف مع الرئيس السيسي، واعترض بقوة على سياسة الأخير في مجال الحريات وحقوق الإنسان. ومنذ ذلك التاريخ، دخلت العلاقات التونسية المصرية الثلاجة، إلى أن تولى السبسي رئاسة الدولة، وقام بزيارته إلى القاهرة التي كانت منطلقا لتنشيط هذه العلاقات، ودفعها نحو ما كانت عليه.
بناء عليه، كان اعتراض حزب الإرادة بقيادة المرزوقي على الدعوة التي وجهت إلى الرئيس المصري، بحجة أن عبد الفتاح السيسي غير مرغوب فيه في تونس. ولم ينفرد أنصار المرزوقي بهذا الموقف، إذ ساندهم في ذلك الحزب الديمقراطي الذي انتقد هذه الزيارة المتوقعة. أما حركة النهضة، فقد وجدت نفسها مرة أخرى غير متفقةٍ بين مكوناتها حول الموقف الذي يجب اتخاذه تجاه السيسي، فالحركة أيديولوجياً وسياسياً تقف على النقيض من النظام المصري الحالي، وهي، بالتأكيد، مساندة للرئيس السابق محمد مرسي، وتعتبر اعتقاله مظلمةً، وترى فيه رئيساً شرعياً تمت إطاحته في انقلاب عسكري، لكن "النهضة" تجد نفسها حالياً في موقفٍ صعب، لأنها جزء من حكومة ائتلافية، لا تشاطر موقف الحركة مما جرى ويجري في مصر. أكثر من ذلك، يعتبر زعيم الحركة راشد الغنوشي نفسه حليفاً لرئيس الجمهورية السبسي، ويرفض أن تتخذ حركته أي موقفٍ من شأنه أن يفسد هذه العلاقة أو يلغمها. ولهذا السبب، تعدّدت مواقف الكوادر العليا لحركة النهضة، ففي حين اعتبر الغنوشي، ومقرّبون منه، أن السياسة الخارجية من اختصاص رئيس الجمهورية، وأن الحركة غير معترضة على زيارة الرئيس المصري. وأكّد الشيخ عبد الفتاح مورو أنه سيكون من بين المستقبلين للرئيس المصري، بحكم أنه يمثل الدولة وليس الحركة. في المقابل، ذهب مسؤولون آخرون في "النهضة" إلى القول إن تونس لا تؤيد من يضطهد شعبه، وعبروا عن خشيتهم من أن يؤدي استقبال السيسي إلى تبييض سياسته الداخلية المناهضة حقوق الإنسان.
هكذا تبدو الصورة قبل الزيارة المرتقبة للسيسي. لكن على الرغم من هذا الجدل، وعلى الرغم من أن بعضهم قرّروا التظاهر في الشوارع في أثناء الزيارة، إلا أن ثقافة الدولة تقتضي التمييز بين المواقف الأيديولوجية والسياسية من هذا الحاكم أو ذاك، وبين العلاقات بين الدول التي تحكمها المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، خصوصا وأن الأمر يتعلق بمصر، الدولة المحورية في المنطقة، والتي، بقطع النظر عمّن يحكمها، تبقى دولة استراتيجية، لا يمكن إسقاطها من الحساب، أو القفز عليها. ومما يعتبر من المصالح المشتركة ذات الأولويات الآن بذل الجهود المشتركة من أجل تحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا، والدفع نحو إعادة بناء الدولة الليبية.
في المقابل، لا يمنع ذلك من القول إن مصلحة مصر وشعبها تقتضي رفع الحواجز عن الحريات، وأن يستأنف المصريون بناء ديمقراطيتهم الواعدة.
بعد الثورة التونسية، حصل جدل حاد بشأن مدى تأثير الثورة على الدبلوماسية. ومن أهم الشخصيات التي سارعت إلى تغيير وجهة السياسة الخارجية هو الرئيس المنصف المرزوقي الذي عمل على تأسيس دبلوماسيةٍ ذات مرجعيةٍ مختلفةٍ عما كانت عليه خلال حكم الزعيم بورقيبة أو الجنرال بن علي، فالثورة تستوجب دبلوماسية ثورية، وعلى النظام الديمقراطي أن يشجع الديمقراطية في كل مكان، وأن يقف إلى جانب الديمقراطيين والمظلومين المطالبين بالحرية. ومن هذه الزاوية، طرد المرزوقي السفير السوري، وقطع العلاقات مع دمشق، وساند الرئيس محمد مرسي، واختلف مع الرئيس السيسي، واعترض بقوة على سياسة الأخير في مجال الحريات وحقوق الإنسان. ومنذ ذلك التاريخ، دخلت العلاقات التونسية المصرية الثلاجة، إلى أن تولى السبسي رئاسة الدولة، وقام بزيارته إلى القاهرة التي كانت منطلقا لتنشيط هذه العلاقات، ودفعها نحو ما كانت عليه.
بناء عليه، كان اعتراض حزب الإرادة بقيادة المرزوقي على الدعوة التي وجهت إلى الرئيس المصري، بحجة أن عبد الفتاح السيسي غير مرغوب فيه في تونس. ولم ينفرد أنصار المرزوقي بهذا الموقف، إذ ساندهم في ذلك الحزب الديمقراطي الذي انتقد هذه الزيارة المتوقعة. أما حركة النهضة، فقد وجدت نفسها مرة أخرى غير متفقةٍ بين مكوناتها حول الموقف الذي يجب اتخاذه تجاه السيسي، فالحركة أيديولوجياً وسياسياً تقف على النقيض من النظام المصري الحالي، وهي، بالتأكيد، مساندة للرئيس السابق محمد مرسي، وتعتبر اعتقاله مظلمةً، وترى فيه رئيساً شرعياً تمت إطاحته في انقلاب عسكري، لكن "النهضة" تجد نفسها حالياً في موقفٍ صعب، لأنها جزء من حكومة ائتلافية، لا تشاطر موقف الحركة مما جرى ويجري في مصر. أكثر من ذلك، يعتبر زعيم الحركة راشد الغنوشي نفسه حليفاً لرئيس الجمهورية السبسي، ويرفض أن تتخذ حركته أي موقفٍ من شأنه أن يفسد هذه العلاقة أو يلغمها. ولهذا السبب، تعدّدت مواقف الكوادر العليا لحركة النهضة، ففي حين اعتبر الغنوشي، ومقرّبون منه، أن السياسة الخارجية من اختصاص رئيس الجمهورية، وأن الحركة غير معترضة على زيارة الرئيس المصري. وأكّد الشيخ عبد الفتاح مورو أنه سيكون من بين المستقبلين للرئيس المصري، بحكم أنه يمثل الدولة وليس الحركة. في المقابل، ذهب مسؤولون آخرون في "النهضة" إلى القول إن تونس لا تؤيد من يضطهد شعبه، وعبروا عن خشيتهم من أن يؤدي استقبال السيسي إلى تبييض سياسته الداخلية المناهضة حقوق الإنسان.
هكذا تبدو الصورة قبل الزيارة المرتقبة للسيسي. لكن على الرغم من هذا الجدل، وعلى الرغم من أن بعضهم قرّروا التظاهر في الشوارع في أثناء الزيارة، إلا أن ثقافة الدولة تقتضي التمييز بين المواقف الأيديولوجية والسياسية من هذا الحاكم أو ذاك، وبين العلاقات بين الدول التي تحكمها المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، خصوصا وأن الأمر يتعلق بمصر، الدولة المحورية في المنطقة، والتي، بقطع النظر عمّن يحكمها، تبقى دولة استراتيجية، لا يمكن إسقاطها من الحساب، أو القفز عليها. ومما يعتبر من المصالح المشتركة ذات الأولويات الآن بذل الجهود المشتركة من أجل تحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا، والدفع نحو إعادة بناء الدولة الليبية.
في المقابل، لا يمنع ذلك من القول إن مصلحة مصر وشعبها تقتضي رفع الحواجز عن الحريات، وأن يستأنف المصريون بناء ديمقراطيتهم الواعدة.