06 نوفمبر 2024
"تحرير" وليس احتلالًا!
أصبح من المُقرّر أن تحيي إسرائيل ذكرى مرور نصف قرن على نكسة يونيو/ حزيران 1967، تحت شعار "اليوبيل الذهبيّ لتحرير الضفة الغربية وغور الأردن وهضبة الجولان". ومع أن بعض وسائل الإعلام في دولة الاحتلال ذكرت أن هذا الشعار هو "ثمرة" مبادرة مشتركة، يقف وراءها وزيرا الثقافة والتربية والتعليم الإسرائيليان، إلا إن تصريحات رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في اجتماع الحكومة يوم الأحد الفائت، والذي صادقت في ختامه على المبادرة، لم تُبق أي مجال للشك في أن الموقف من مدلولات نتائج تلك النكسة يتخطى هذين الوزيرين.
ومما قاله نتنياهو في هذا الشأن: "ستُصادق الحكومة على قرار مفاده إقامة احتفالات اليوبيل الذهبي لتحرير يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وهضبة الجولان. وسنحتفل بتحرير القدس الشرقية بشكل انفرادي". وأضاف: "كانت حرب الأيام الستة (نكسة 1967) أحد الانتصارات الكبرى في تاريخ إسرائيل، وهي أعادتنا إلى أجزاء الوطن، وغيرت تمامًا وضعنا الاستراتيجي. سنحيي هذا اليوبيل بسلسلة من الاحتفالات، حيث ستقام الاحتفالات الرئيسية في كفار عتسيون (مستوطنات منطقة الخليل- بيت لحم)".
لا أدري إذا كان استعمال مفردة "تحرير" في البيانات الرسمية لدولة الاحتلال، لدى الحديث عن النتائج التي أسفرت عنها تلك النكسة جديدًا كل الجدّة، فهذا الأمر بحاجة إلى درسٍ أوسع، ليس مكانه هنا. بيد أن اللجوء إلى هذه المفردة، في سياق الزمن الراهن، يُحيل ليس إلى مجرّد وجهة نظر، تتبناها الحكومة الإسرائيلية الحالية إزاء الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلتين منذ 1967، وإنما أساسًا إلى موقفها من أي "تسويةٍ سياسية" في المستقبل.
كما أن أي "تسويةٍ" كهذه سيقف لها بالمرصاد ما بات يُعرف باسم "قانون التسوية" الذي أقرّ في الكنيست أخيرًا، وينصّ على شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية التي أقيمت عنوةً على أراض فلسطينية خاصة في الضفة المحتلة. وهنا، لا بُدّ من ذكر أنه، بعد إقرار هذا القانون، شارك وزير التربية الإسرائيلي، نفتالي بينت، رئيس حزب "البيت اليهودي"، أنصاره على صفحته في "فيسبوك" رسم كاريكاتير نُشر في صحيفة اليمين الإسرائيلي المتطرّف، يظهر فيه وهو يُمسك ممسحةً، ويمحو بمساعدتها "الخط الأخضر". وعلى زجاجة سائل التنظيف المركونة جانبًا، كتبت بأحرف كبيرة كلمة "التسوية"، والقصد أن "قانون التسوية" الذي أقرّ بفضل الجهود الحثيثة للوزير يؤدي عمليًا إلى محو "الخط الأخضر"، لكونه يسمح بتدخل الكنيست الإسرائيلي في ما يحدث في الأراضي المحتلة منذ 1967.
بالتزامن مع هذا كله، قال محاضر جامعي في موضوع التربية إن طمس "الخط الأخضر" في مناهج التدريس الإسرائيلية سياسة تربوية مستمرة ومتعمدة، تنطوي على تحايلٍ كثير، ولم تبدأ في الأمس فقط. وتمثّل الهدف الأرأس من ذلك في جعل حضور الاحتلال في موضوعات التعليم ضئيلًا. وعلى الرغم من أن هذه الموضوعات لا تنكر سيطرة إسرائيل على الأراضي المحتلة 1967، فإنها تحول هذه القضية إلى شأنٍ يخصّ اليهود فقط. ويبقى الفلسطينيون خلف الستار، ويثبون من ورائه فقط في دور "إرهابيين"، أو عندما يعيقون مساعي الاستيطان اليهودي الذي يوصف في كتب التعليم "توسيعاً للسيطرة" أو "السيطرة على أراضي يهودا والسامرة وقطاع غزة"، كما أنه يبدو "طبيعيًا" للغاية. وبرأي هذا المُحاضر، هكذا يصبح بالإمكان تجاهل الواقع اليومي السائد في الأراضي المحتلة، وصرف الأنظار جانبًا. وبهذا تساهم وزارة التربية والتعليم مساهمةً كبيرة في استمرار سيطرة إسرائيل العنيفة على الأراضي المحتلة، وبما أن الاحتلال غير مُعرّف هكذا، لا يمكن مناقشته، فكم بالحريّ محاربته!.
حتى هذه الصيغة المتحايلة، لا تُشبع شهية بينت للضم، فقد أعلن، قبل عدة أشهر، أن تلامذة إسرائيل لن يتعلموا عن "الخط الأخضر"، أو عن الفروق بين المستوطنات القائمة ما بعد هذا الخط وتلك القائمة داخله. وقال: "لا يوجد خط أخضر، هناك إسرائيل واحدة"!.
في ظل مواقف إسرائيلية رسمية كهذه، هل سيكون مبالغةً توقع أن تكون أي جولة مفاوضات أشبه بمهزلة؟.
ومما قاله نتنياهو في هذا الشأن: "ستُصادق الحكومة على قرار مفاده إقامة احتفالات اليوبيل الذهبي لتحرير يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وهضبة الجولان. وسنحتفل بتحرير القدس الشرقية بشكل انفرادي". وأضاف: "كانت حرب الأيام الستة (نكسة 1967) أحد الانتصارات الكبرى في تاريخ إسرائيل، وهي أعادتنا إلى أجزاء الوطن، وغيرت تمامًا وضعنا الاستراتيجي. سنحيي هذا اليوبيل بسلسلة من الاحتفالات، حيث ستقام الاحتفالات الرئيسية في كفار عتسيون (مستوطنات منطقة الخليل- بيت لحم)".
لا أدري إذا كان استعمال مفردة "تحرير" في البيانات الرسمية لدولة الاحتلال، لدى الحديث عن النتائج التي أسفرت عنها تلك النكسة جديدًا كل الجدّة، فهذا الأمر بحاجة إلى درسٍ أوسع، ليس مكانه هنا. بيد أن اللجوء إلى هذه المفردة، في سياق الزمن الراهن، يُحيل ليس إلى مجرّد وجهة نظر، تتبناها الحكومة الإسرائيلية الحالية إزاء الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلتين منذ 1967، وإنما أساسًا إلى موقفها من أي "تسويةٍ سياسية" في المستقبل.
كما أن أي "تسويةٍ" كهذه سيقف لها بالمرصاد ما بات يُعرف باسم "قانون التسوية" الذي أقرّ في الكنيست أخيرًا، وينصّ على شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية التي أقيمت عنوةً على أراض فلسطينية خاصة في الضفة المحتلة. وهنا، لا بُدّ من ذكر أنه، بعد إقرار هذا القانون، شارك وزير التربية الإسرائيلي، نفتالي بينت، رئيس حزب "البيت اليهودي"، أنصاره على صفحته في "فيسبوك" رسم كاريكاتير نُشر في صحيفة اليمين الإسرائيلي المتطرّف، يظهر فيه وهو يُمسك ممسحةً، ويمحو بمساعدتها "الخط الأخضر". وعلى زجاجة سائل التنظيف المركونة جانبًا، كتبت بأحرف كبيرة كلمة "التسوية"، والقصد أن "قانون التسوية" الذي أقرّ بفضل الجهود الحثيثة للوزير يؤدي عمليًا إلى محو "الخط الأخضر"، لكونه يسمح بتدخل الكنيست الإسرائيلي في ما يحدث في الأراضي المحتلة منذ 1967.
بالتزامن مع هذا كله، قال محاضر جامعي في موضوع التربية إن طمس "الخط الأخضر" في مناهج التدريس الإسرائيلية سياسة تربوية مستمرة ومتعمدة، تنطوي على تحايلٍ كثير، ولم تبدأ في الأمس فقط. وتمثّل الهدف الأرأس من ذلك في جعل حضور الاحتلال في موضوعات التعليم ضئيلًا. وعلى الرغم من أن هذه الموضوعات لا تنكر سيطرة إسرائيل على الأراضي المحتلة 1967، فإنها تحول هذه القضية إلى شأنٍ يخصّ اليهود فقط. ويبقى الفلسطينيون خلف الستار، ويثبون من ورائه فقط في دور "إرهابيين"، أو عندما يعيقون مساعي الاستيطان اليهودي الذي يوصف في كتب التعليم "توسيعاً للسيطرة" أو "السيطرة على أراضي يهودا والسامرة وقطاع غزة"، كما أنه يبدو "طبيعيًا" للغاية. وبرأي هذا المُحاضر، هكذا يصبح بالإمكان تجاهل الواقع اليومي السائد في الأراضي المحتلة، وصرف الأنظار جانبًا. وبهذا تساهم وزارة التربية والتعليم مساهمةً كبيرة في استمرار سيطرة إسرائيل العنيفة على الأراضي المحتلة، وبما أن الاحتلال غير مُعرّف هكذا، لا يمكن مناقشته، فكم بالحريّ محاربته!.
حتى هذه الصيغة المتحايلة، لا تُشبع شهية بينت للضم، فقد أعلن، قبل عدة أشهر، أن تلامذة إسرائيل لن يتعلموا عن "الخط الأخضر"، أو عن الفروق بين المستوطنات القائمة ما بعد هذا الخط وتلك القائمة داخله. وقال: "لا يوجد خط أخضر، هناك إسرائيل واحدة"!.
في ظل مواقف إسرائيلية رسمية كهذه، هل سيكون مبالغةً توقع أن تكون أي جولة مفاوضات أشبه بمهزلة؟.