19 سبتمبر 2022
جاريد كوشنر متوّجاً على عرش العراق
غدا مدير مكتب الابتكار الأميركي، جاريد كوشنر، اليوم كبير مستشاري الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وهو المتزوج من ابنة الأخير، إيفانكا، منذ العام 2009، وعمره 36 عاما. وينتمي إلى الحزب الديمقراطي، وكان قد أكمل دراسته في جامعتي هارفرد ونيويورك، ويحمل الماجستير في إدارة الأعمال. نجح في مشروعاته الاستثمارية المتطورة، وصار اليوم أحد مستشاري الرئيس ترامب الموثوق بهم، فولاؤه له قوي جداً، وقد استقال من أعماله ليكون مستشاراً في البيت الأبيض، بعد أن لعب دور واحد من كبار مستشاري حملة ترامب الرئاسية، وذكر أنه لعب دوراً رئيسياً في تطوير استراتيجية وسائل الإعلام الرقمية. وفي عام 2007، اشترى كوشنر أغلى العقارات في تاريخ الولايات المتحدة.
ونقلا عن "سي إن إن" بشأن زيارته العراق أخيرا، فإن رئيس هيئة الأركان المشتركة، جوزيف دانفورد، دعا كوشنر إلى السفر معه إلى العراق، وقد وصل يوم 4 إبريل/ نيسان الجاري، بصفته المستشار الأعلى للبيت الأبيض. وقد تحدث كوشنر مع قائد سلاح البحرية، قبل مغادرته قاعدة رامستين الجوية.
وقال المتحدث باسم دانفورد، النائب غريغ هيكس، إنه يسافر نيابة عن الرئيس، دونالد ترامب، تعبيراً عن دعمه والتزامه لحكومة العراق، والموظفين الأميركيين المشاركين حالياً فى الحملة العسكرية ضدّ "داعش". ويبدو واضحاً أن ترامب أوعز لمستشاره وموضع ثقته بهذه الزيارة، من أجل توسيع مجالات النفوذ المتزايدة باستمرار، بعد استدعاء رئيس الوزراء العراقي، حيدر
العبادي، إلى واشنطن، وإبلاغه الرغبات الأميركية السياسيّة الجديدة. ويبدو واضحاً أن العراق قد عاد وأصبح منطقة نفوذ أميركية جديدة، خصوصاً بعد تتويج إيفانكا ترامب وجاريد كوشنر على عرش خفي في العراق، والعمل على تزايد مستمر في مجالات النفوذ، من أجل إبعاد إيران وقطع أصابعها العابثة بالشأن العراقي منذ سنوات. وقال هيكس إنه تمت دعوة كوشنر للاجتماع مع القادة العراقيين وكبار المستشارين الأميركيين، وزيارة القوات الأميركية في الميدان، لتلقي معلومات محدثة حول عمليات "داعش". ومن المتوقع أن يعود كوشنر إلى الولايات المتحدة قريباً، وفقاً لما ذكره مسؤول كبير في الإدارة لشبكة سي إن إن.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز لأوّل مرة عن رحلة جاريد كوشنر، كبير مستشاري ترامب، أنه تلقى هديّة من وزير الدفاع العراقي، عرفان الحيالي، في وزارة الدفاع في بغداد. وتعتبر زيارته مهمة جدّاً لتثبيت دوره الجديد في البيت الأبيض، وليثبت أن دوره سوف لن يقلّ عن قيادته مكتب "الابتكار الأميركي" في البيت الأبيض. وبالإضافة إلى مهام أخرى في الإدارة، فقد كلّف بمهمة مبعوث السلام في الشرق الأوسط.
ومنذ توليه منصبه، تحدّث ترامب بشكل غير متكرّر عن العراق أو سياسته هناك، ومما قاله إن الولايات المتحدة "تقوم بعمل جيّد جدا فى العراق" الذي لم يزل غارقاً في العنف والاضطرابات، ومحاصرا بقيود إيران الثقيلة التي يعمل ترامب الآن على تحطيمها، بعد أن امتدت قيادات إيرانية كالأخطبوط في العراق نحو سورية، وأن توجهّات ترامب اليوم ضد إيران ومخططاتها تجد انتباها في مختلف أنحاء العالم.
وتأتي زيارة كوشنر أيضاً بعد أن اعترف مسؤولون عسكريون أميركيون بأنّ الولايات المتحدة من المرجح أن تكون وراء غارة جويّةٍ أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين العراقيين في الموصل يوم 17 مارس / آذار الماضي، فلقد جدّد الحادث قلقهم في أعقاب الحملة الجوّية بقيادة الولايات المتحدة ضد "داعش"، وجاء الحادث المؤلم جرّاء إعطاء إحداثيات خاطئة من العراقيين.
ويبدو أن ثمة اتصالا مباشرا بين ترامب ومستشاره كوشنر، إذ أعرب الأخير لسيده عن تفاؤله
بشأن التحالف الأميركى طويل الأمد مع الجيش العراقى، وحملته لاستعادة الموصل من تنظيم داعش، حيث زار قاعدة حمام العليل على بعد حوالى 16 كلم إلى الجنوب من مدينة الموصل. إذ استمع كوشنر، في زيارته العراق التي استمرت يومين، إلى المعلومات على الأرض من خلال إحاطة تنفيذية للقادة العراقيين والأميركيين، ولكي يتأكّد ترامب مما يجري على الأرض من أقرب الناس إليه، فالصورة التي رسمها العبادي عن أوضاع العراق لترامب كانت وردية، وخصوصاً عن دور المليشيات المرتبطة بإيران، كما كتب مراقبون أميركيون.
أظهرت الرحلة أن كوشنر يمتلك حافظة بعيدة المدى، وتعدّ جزءاً من دائرة ترامب الداخلية، ومنحته مجموعة واسعة من مسؤوليات السياسة الداخلية والخارجية، بما في ذلك العمل على التوصل إلى اتفاق سلام فى الشرق الأوسط. سيبني ترامب قراراته على ما يستمده من آراء كوشنر بشأن العراق، وخصوصاً سبل تسريع حملة التحالف، بقيادة الولايات المتحدة التي يؤكد المسؤولون أنها نجحت، حتى الآن، في اقتلاع مسلحي "داعش" في العراق وسورية. والموصل هي أكبر المدن التي لم تزل تبطش "داعش" بها إلى حد بعيد، كما أن إرجاعها سيحقّق الانتصار أولاً، وسيدمّر، إلى حدّ كبير، الجزء العراقي من "الخلافة" المزعومة التي أعلنها أبو بكر البغدادي في 2014.
ويعلن كوشنر عن مخاوف متزايدة من خسائر المدنيين في المراحل النهائية من الهجوم، والأسئلة حول مدى سرعة إعادة بناء الموصل، وإعادة توطين السكان وحكم المدينة وإقليمها بطريقةٍ تقصي التلاعب الديمغرافي وسياسة الاستغناء عن السكان من الأغلبية السنية. ولا تزال معركة الموصل التى تعدّ الأكبر فى العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة 2003 جارية منذ بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، حيث يسعى مائة ألف من القوات العراقية والمتجحفلين معها إلى طرد المسلحين الدواعش، بدعم من الطيران الذي تقوده الولايات المتحدة مع نخبٍ من المستشارين والخبراء.
على الرغم من قيام ترامب بحملةٍ قوّية ضدّ "داعش"، الا أنه لم يعلن عن أية تغييرات كبيرة فى استراتيجية الحرب، ومن غير الواضح كيف يمكن لتجربة كوشنر عن العراق تشكيل نصيحته للرئيس، وما الذي يمكن أن يفعله في الأيام المقبلة، ففي حديثه، بعد تقارير مطوّلة عن معركة الجيش العراقي، أشار كوشنر إلى الحملة، وقال إن الشراكة بين القوات الأميركية والعراقية "مثيرة للإعجاب للغاية". وأعرب عن أمله فى ديمومتها، مشيراً إلى اهتمام البيت الأبيض بالمساعدات العسكرية الأميركية على المدى الطويل. وقال كوشنر "آمل أن لا يكون النصر الذي تحصلون عليه في الموصل في المستقبل القريب انتصاراً للقوات الأميركية والعراقية فحسب، بل سيكون انتصاراً للعالم".
أصدر الدواعش إدانات ضدّ ترامب، ووصفوه بالأحمق، كونه لا يعرف سورية والعراق والإسلام، وهم يرون أن "الولايات المتحدة تفلس، وأن علامات زوالها واضحة لكل عين". وحتى بعد استعادة الموصل وجيوب أخرى من الأراضي، يتوقّع المسؤولون الأميركيون أن تنزل الدولة الإسلامية تحت الأرض، وتحارب على أنها تمرّدات أكثر تقليدية. وهذا من أخطر التوقعّات.. المهم عراقياً، كيف يمكن استئصال هذا الورم الخبيث؟ ما الذي يمكن عمله لحماية المدنيين الأبرياء؟ ما الذي يمكن فعله لآلاف النازحين؟ ما الذي يمكن صنعه إزاء الهجمات الارتدادية التي تسجل باسم "داعش" هنا أو هناك من العراق؟ ويشير مراقبون إلى تساهل المسؤولين العراقيين إزاء مليشيات تتحرّك بأوامر إيرانية خارجية بين العراق وسورية.. والخشية من بقاء العراق ساحة لتجاذب الصراعات مع تردّي اقتصاده، وتفشّي الفساد فيه، فضلاً عن صراع القوى السياسية الفاسدة على السلطة والنفوذ.
ونقلا عن "سي إن إن" بشأن زيارته العراق أخيرا، فإن رئيس هيئة الأركان المشتركة، جوزيف دانفورد، دعا كوشنر إلى السفر معه إلى العراق، وقد وصل يوم 4 إبريل/ نيسان الجاري، بصفته المستشار الأعلى للبيت الأبيض. وقد تحدث كوشنر مع قائد سلاح البحرية، قبل مغادرته قاعدة رامستين الجوية.
وقال المتحدث باسم دانفورد، النائب غريغ هيكس، إنه يسافر نيابة عن الرئيس، دونالد ترامب، تعبيراً عن دعمه والتزامه لحكومة العراق، والموظفين الأميركيين المشاركين حالياً فى الحملة العسكرية ضدّ "داعش". ويبدو واضحاً أن ترامب أوعز لمستشاره وموضع ثقته بهذه الزيارة، من أجل توسيع مجالات النفوذ المتزايدة باستمرار، بعد استدعاء رئيس الوزراء العراقي، حيدر
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز لأوّل مرة عن رحلة جاريد كوشنر، كبير مستشاري ترامب، أنه تلقى هديّة من وزير الدفاع العراقي، عرفان الحيالي، في وزارة الدفاع في بغداد. وتعتبر زيارته مهمة جدّاً لتثبيت دوره الجديد في البيت الأبيض، وليثبت أن دوره سوف لن يقلّ عن قيادته مكتب "الابتكار الأميركي" في البيت الأبيض. وبالإضافة إلى مهام أخرى في الإدارة، فقد كلّف بمهمة مبعوث السلام في الشرق الأوسط.
ومنذ توليه منصبه، تحدّث ترامب بشكل غير متكرّر عن العراق أو سياسته هناك، ومما قاله إن الولايات المتحدة "تقوم بعمل جيّد جدا فى العراق" الذي لم يزل غارقاً في العنف والاضطرابات، ومحاصرا بقيود إيران الثقيلة التي يعمل ترامب الآن على تحطيمها، بعد أن امتدت قيادات إيرانية كالأخطبوط في العراق نحو سورية، وأن توجهّات ترامب اليوم ضد إيران ومخططاتها تجد انتباها في مختلف أنحاء العالم.
وتأتي زيارة كوشنر أيضاً بعد أن اعترف مسؤولون عسكريون أميركيون بأنّ الولايات المتحدة من المرجح أن تكون وراء غارة جويّةٍ أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين العراقيين في الموصل يوم 17 مارس / آذار الماضي، فلقد جدّد الحادث قلقهم في أعقاب الحملة الجوّية بقيادة الولايات المتحدة ضد "داعش"، وجاء الحادث المؤلم جرّاء إعطاء إحداثيات خاطئة من العراقيين.
ويبدو أن ثمة اتصالا مباشرا بين ترامب ومستشاره كوشنر، إذ أعرب الأخير لسيده عن تفاؤله
أظهرت الرحلة أن كوشنر يمتلك حافظة بعيدة المدى، وتعدّ جزءاً من دائرة ترامب الداخلية، ومنحته مجموعة واسعة من مسؤوليات السياسة الداخلية والخارجية، بما في ذلك العمل على التوصل إلى اتفاق سلام فى الشرق الأوسط. سيبني ترامب قراراته على ما يستمده من آراء كوشنر بشأن العراق، وخصوصاً سبل تسريع حملة التحالف، بقيادة الولايات المتحدة التي يؤكد المسؤولون أنها نجحت، حتى الآن، في اقتلاع مسلحي "داعش" في العراق وسورية. والموصل هي أكبر المدن التي لم تزل تبطش "داعش" بها إلى حد بعيد، كما أن إرجاعها سيحقّق الانتصار أولاً، وسيدمّر، إلى حدّ كبير، الجزء العراقي من "الخلافة" المزعومة التي أعلنها أبو بكر البغدادي في 2014.
ويعلن كوشنر عن مخاوف متزايدة من خسائر المدنيين في المراحل النهائية من الهجوم، والأسئلة حول مدى سرعة إعادة بناء الموصل، وإعادة توطين السكان وحكم المدينة وإقليمها بطريقةٍ تقصي التلاعب الديمغرافي وسياسة الاستغناء عن السكان من الأغلبية السنية. ولا تزال معركة الموصل التى تعدّ الأكبر فى العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة 2003 جارية منذ بدأت في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، حيث يسعى مائة ألف من القوات العراقية والمتجحفلين معها إلى طرد المسلحين الدواعش، بدعم من الطيران الذي تقوده الولايات المتحدة مع نخبٍ من المستشارين والخبراء.
على الرغم من قيام ترامب بحملةٍ قوّية ضدّ "داعش"، الا أنه لم يعلن عن أية تغييرات كبيرة فى استراتيجية الحرب، ومن غير الواضح كيف يمكن لتجربة كوشنر عن العراق تشكيل نصيحته للرئيس، وما الذي يمكن أن يفعله في الأيام المقبلة، ففي حديثه، بعد تقارير مطوّلة عن معركة الجيش العراقي، أشار كوشنر إلى الحملة، وقال إن الشراكة بين القوات الأميركية والعراقية "مثيرة للإعجاب للغاية". وأعرب عن أمله فى ديمومتها، مشيراً إلى اهتمام البيت الأبيض بالمساعدات العسكرية الأميركية على المدى الطويل. وقال كوشنر "آمل أن لا يكون النصر الذي تحصلون عليه في الموصل في المستقبل القريب انتصاراً للقوات الأميركية والعراقية فحسب، بل سيكون انتصاراً للعالم".
أصدر الدواعش إدانات ضدّ ترامب، ووصفوه بالأحمق، كونه لا يعرف سورية والعراق والإسلام، وهم يرون أن "الولايات المتحدة تفلس، وأن علامات زوالها واضحة لكل عين". وحتى بعد استعادة الموصل وجيوب أخرى من الأراضي، يتوقّع المسؤولون الأميركيون أن تنزل الدولة الإسلامية تحت الأرض، وتحارب على أنها تمرّدات أكثر تقليدية. وهذا من أخطر التوقعّات.. المهم عراقياً، كيف يمكن استئصال هذا الورم الخبيث؟ ما الذي يمكن عمله لحماية المدنيين الأبرياء؟ ما الذي يمكن فعله لآلاف النازحين؟ ما الذي يمكن صنعه إزاء الهجمات الارتدادية التي تسجل باسم "داعش" هنا أو هناك من العراق؟ ويشير مراقبون إلى تساهل المسؤولين العراقيين إزاء مليشيات تتحرّك بأوامر إيرانية خارجية بين العراق وسورية.. والخشية من بقاء العراق ساحة لتجاذب الصراعات مع تردّي اقتصاده، وتفشّي الفساد فيه، فضلاً عن صراع القوى السياسية الفاسدة على السلطة والنفوذ.