06 نوفمبر 2024
حقائق سوداء من ماضي الصهيونية
عمّم موقع إلكتروني إسرائيلي، أخيراً، اقتباسات على لسان الدكتور يوسف مائير بشأن الحق في إنجاب أولاد؟، ورد فيها ما ترجمته الحرفية: "من الذي يحق له إنجاب الأولاد؟ الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال موجودة في اليوجينيا (eugenics)، وهي علم تحسين النسل (النوع)، والحفاظ عليه من الانحطاط والتردّي. هذا العلم لا يزال حديث العهد، لكن نتائجه الإيجابية أضحت كبيرة ومهمة (...) حالات زواج ذوي الأمراض والعاهات الوراثية منتشرة بين جميع الأمم والشعوب، وخصوصاً بين الشعب العبري الذي عاش في المنفى (...). أفليس من واجبنا الحرص على إنجاب أبناء معافين أصحّاء جسديًا وعقليًا؟ بالنسبة لنا، لليوجينيا بشكل عام، وللاحتراس من نقل الأمراض الوراثية بشكل خاص، قيمة أكبر من باقي الشعوب. يتعين على الأطباء والرياضيين والساسة القوميين القيام بدعاية واسعة لهذه الفكرة: لا تنجبوا أولادًا إذا كنتم غير واثقين من أنهم سيكونون أصحاء جسديًا وعقليًا".
ومائير هذا طبيب صهيوني درس في فيينا، وشغل أكثر من 30 عامًا منصب رئيس مؤسسة "صندوق المرضى العام" في دولة الاحتلال، كما شغل منصب المدير العام لوزارة الصحة الإسرائيلية عامي 1949 و1950، وسُمّي "مستشفى مائير" في كفار سابا باسمه. ونشر النصّ أعلاه عام 1934 في الصفحة الأولى من "نشرة الأم والطفل" التي تولى تحريرها. وفي النص الكامل للمقال نفسه الذي نُشر في زاوية الصحة في صحيفة دافار، الناطقة بلسان الهستدروت (نقابة العمال)، اقترح مائير إخصاء المختلين عقليًا والمرضى النفسانيين.
وأظهر بحث أجري في جامعة بئر السبع قبل أكثر من عشرة أعوام، أن فكرة "تحسين النوع" حظيت لدى مؤسسات الحركة الصهيونية في تلك الفترة بتأييد وترحيب، تقرّر التكتم عليهما في الأعوام اللاحقة. كما أظهر أنه عملت في "الييشوف" (مجتمع الاستيطان اليهودي في فلسطين قبل 1948) إبّان الثلاثينيات "مراكز استشارية"، أقيمت لغرض تقديم الاستشارة للأزواج المقبلين على عقد قرانهم وللآباء، وذلك اقتداء بنموذجٍ مشابه منها عمل في النمسا، واستخدم عقب صعود النازية إلى سدّة الحكم في ذلك البلد للمعالجة القسرية.
وأكدت معدّة البحث أنه جرى التكتم طوال أعوام على موضوع تأييد مائير وآخرين من كبار المسؤولين في الجهاز الصحي الصهيوني هذه الأفكار، موضحة أنه ما من أحد يتحدّث اليوم عن هذا الفصل في تاريخ "الييشوف".
وفي منتصف الخمسينيات، جُمعت مقالات مائير في كتاب صدر بعد وفاته، غير أن مقاله المُشار إليه لم يُنشر ضمنه، وعُثر في تسجيلات معدّي الكتاب على ملاحظةٍ وُصف فيها المقال المذكور بأنه "إشكالي وخطر"، وكتب أحد محرّري الكتاب "الآن، بعد شيوع أمر اليوجينيا النازية، من الخطير نشر مثل هذا المقال".
وتضيف مُعدّة البحث أنه، في أواخر الثلاثينيات، عندما تكشفت الفظائع التي يمكن لليوجينيا بصورتها المتطرّفة التسبّب بها، تم الإقلاع عن استخدام هذا المصطلح الذي نسب إلى النازيين، غير أن مائير ظل، طوال أعوام نشاطه، مؤمنًا بأفكار اليوجينيا. ففي مطلع الخمسينيات، نشر مقالًا انتقد فيه بشدة "جائزة الولادة" التي تعهد بن غوريون بتقديمها لكل امرأة يهودية تنجب عشرة أولاد. وكتب مائير "لسنا معنيين بالولد العاشر، ولا حتى السابع، في العائلات الفقيرة المتحدرة من أصول شرقية (...). ينبغي ألا نوجه الفئات الفقيرة نحو التناسل، أو الإكثار من إنجاب الأولاد، بل على العكس يجب تحديد النسل لديها".
ولم يكن مائير أول زعيم صهيوني يؤيد فكرة اليوجينيا، فوفقًا لبحوث أجراها البروفسور رافائيل بالك، وهو عالم ومؤرخ في علم الوراثة والطب من الجامعة العبرية، طرح مفكرون صهيونيون مركزيون فكرة اليوجينيا باعتبارها من أهداف مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين. ومن بينهم ماكس نوردو شريك هرتزل، وآرثور روبين الذي ترأس فرع المنظمة الصهيونية العالمية في فلسطين. وطبقًا لمفرداتٍ استخدمها نوردو، يجب أن تحلّ "اليهودية قوية العضلات" مكان "يهودي المقهى" المنفوي، الشاحب والنحيف.
ومائير هذا طبيب صهيوني درس في فيينا، وشغل أكثر من 30 عامًا منصب رئيس مؤسسة "صندوق المرضى العام" في دولة الاحتلال، كما شغل منصب المدير العام لوزارة الصحة الإسرائيلية عامي 1949 و1950، وسُمّي "مستشفى مائير" في كفار سابا باسمه. ونشر النصّ أعلاه عام 1934 في الصفحة الأولى من "نشرة الأم والطفل" التي تولى تحريرها. وفي النص الكامل للمقال نفسه الذي نُشر في زاوية الصحة في صحيفة دافار، الناطقة بلسان الهستدروت (نقابة العمال)، اقترح مائير إخصاء المختلين عقليًا والمرضى النفسانيين.
وأظهر بحث أجري في جامعة بئر السبع قبل أكثر من عشرة أعوام، أن فكرة "تحسين النوع" حظيت لدى مؤسسات الحركة الصهيونية في تلك الفترة بتأييد وترحيب، تقرّر التكتم عليهما في الأعوام اللاحقة. كما أظهر أنه عملت في "الييشوف" (مجتمع الاستيطان اليهودي في فلسطين قبل 1948) إبّان الثلاثينيات "مراكز استشارية"، أقيمت لغرض تقديم الاستشارة للأزواج المقبلين على عقد قرانهم وللآباء، وذلك اقتداء بنموذجٍ مشابه منها عمل في النمسا، واستخدم عقب صعود النازية إلى سدّة الحكم في ذلك البلد للمعالجة القسرية.
وأكدت معدّة البحث أنه جرى التكتم طوال أعوام على موضوع تأييد مائير وآخرين من كبار المسؤولين في الجهاز الصحي الصهيوني هذه الأفكار، موضحة أنه ما من أحد يتحدّث اليوم عن هذا الفصل في تاريخ "الييشوف".
وفي منتصف الخمسينيات، جُمعت مقالات مائير في كتاب صدر بعد وفاته، غير أن مقاله المُشار إليه لم يُنشر ضمنه، وعُثر في تسجيلات معدّي الكتاب على ملاحظةٍ وُصف فيها المقال المذكور بأنه "إشكالي وخطر"، وكتب أحد محرّري الكتاب "الآن، بعد شيوع أمر اليوجينيا النازية، من الخطير نشر مثل هذا المقال".
وتضيف مُعدّة البحث أنه، في أواخر الثلاثينيات، عندما تكشفت الفظائع التي يمكن لليوجينيا بصورتها المتطرّفة التسبّب بها، تم الإقلاع عن استخدام هذا المصطلح الذي نسب إلى النازيين، غير أن مائير ظل، طوال أعوام نشاطه، مؤمنًا بأفكار اليوجينيا. ففي مطلع الخمسينيات، نشر مقالًا انتقد فيه بشدة "جائزة الولادة" التي تعهد بن غوريون بتقديمها لكل امرأة يهودية تنجب عشرة أولاد. وكتب مائير "لسنا معنيين بالولد العاشر، ولا حتى السابع، في العائلات الفقيرة المتحدرة من أصول شرقية (...). ينبغي ألا نوجه الفئات الفقيرة نحو التناسل، أو الإكثار من إنجاب الأولاد، بل على العكس يجب تحديد النسل لديها".
ولم يكن مائير أول زعيم صهيوني يؤيد فكرة اليوجينيا، فوفقًا لبحوث أجراها البروفسور رافائيل بالك، وهو عالم ومؤرخ في علم الوراثة والطب من الجامعة العبرية، طرح مفكرون صهيونيون مركزيون فكرة اليوجينيا باعتبارها من أهداف مشروع الاستيطان الصهيوني في فلسطين. ومن بينهم ماكس نوردو شريك هرتزل، وآرثور روبين الذي ترأس فرع المنظمة الصهيونية العالمية في فلسطين. وطبقًا لمفرداتٍ استخدمها نوردو، يجب أن تحلّ "اليهودية قوية العضلات" مكان "يهودي المقهى" المنفوي، الشاحب والنحيف.