16 أكتوبر 2024
ترامب.. من خطاب البناء إلى خطاب الحرب
انتخب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة ضد هيلاري كلينتون مرشحة المؤسسة التقليدية الأميركية، وقيل في أثناء الحملات الانتخابية "الجميع ما عدا هيلاري. وكانت حملة ترامب تدعو إلى بناء أميركا قوية، والتي لاقت صدى كبيرا لدى الطبقة الوسطى، وخصوصا لدى البيض. وردّد ترامب رغبته في تحديث البنى التحتية، ومحاربة البطالة، بتوفير العمل، وإعادة الشركات العملاقة الهاربة إلى الاستثمار في البلد، وغلق حدود الولايات المتحدة على الهجرة. وبعد عودته بمائة مليار دولار من السعودية، تحدث فرحا للأميركيين عن تنفيذ مشاريع حملته، من أجل إعادة بناء أميركا الجديدة التي يطمح لها. وتلقى العالم خطابه هذا على أنه انكفاء أميركي، بعد حروب تدميرية في العراق وأفغانستان، أفلست الخزينة الأميركية وأضرت دولا كثيرة، أولها أوروبية، كما قال وزير الخارجية الفرنسي السابق، هوبير فيدرين. لكن يبدو أن ترامب، وعلى خطى سلفه باراك أوباما، لم يصمد أمام المؤسسة العسكرية – الصناعية التي أزاحت عن طريقه مستشاريه ووزراءه الذين لا ترغب بوجودهم معه، مثل ستيف بانون ومايك فلين وغيرهما، ما حدا بالصحافي الأميركي، ستيفن كنزر من صحيفة بوستن كلوب، إلى إطلاق اسم الانقلاب العسكري على الرباعي، جون كيلي والجنرال ماتيس وريك تيلرسون ومجموعة مهمة ومعروفه أخرى في وكالة الاستخبارات والقضاء والداخلية، لإبعاد رجال رئيس البيت الأبيض الجديد من حوله، ووضعه على "الطريق الصحيح". وما خطاب ترامب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أخيرا، إلا دليل على هذا التحول نحو التدخل العسكري الأميركي من
جديد، وطي صفحة البناء التي تحدث عنها في الفترة الانتخابية، فلم يكتف ترامب بتكرار خطاب جورج بوش "من ليس معنا فهو ضدنا" على طريقته الهجومية، لكنه ظهر أكثر عنفا يصرخ ويعلن نيته عن تدمير كوريا الشمالية بالكامل، في سابقةٍ من على منصة الأمم المتحدة، وفي مناسبة معروفة بخطابات متزنة، يلقيها رؤساء الدول يستعرضون فيها آراءهم بما يحدث في العالم، متأملين حل المشكلات بطرق سلمية وبمفاوضات، وليس بالحروب والتدمير.
لا يمكن أن يكون ردع الدول بهذه الطريقة الاستفزازية والتهجمية التي تبدو من شخصية ترامب، وبرزت على الملأ في خطابه غير المكتوب، وفي تصريحاته السابقة ومداخلاته التلفزيونية وتغريداته عبر شبكات التواصل الاجتماعي المثيرة للجدل منذ انتخابه. ولا يكتفي الرئيس ترامب بخطابه في الأمم المتحدة، لكنه مستمر في تغريدات تهديدية موجهة إلى رئيس كوريا الشمالية، تتوعده بالسحق وقتل شعبه وتجويعه، ما جعل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، يطلب من الرئيسين الكفّ عن المواجهات الكلامية العنيفة والعودة إلى المفاوضات.
واستهدف ترامب أيضا، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما سمّاه الإرهاب الإسلامي وملاذاته، والدول التي تدعمه، قائلا إنه "سيوقف الإرهاب الإسلامي المتطرّف، ولن يسمح له أن يمزق شعبنا، ويمزقوا العالم برمته. علينا أن نمنع أي ملاذات للإرهابيين وخططهم الشريرة، علينا أن نطردهم من دولنا، آن الأوان أن نكشف ونحاسب الدول التي تدعم المجموعات الإرهابية وتمولها، مثل القاعدة وحزب الله وطالبان ممن يقتلون الأبرياء. الولايات المتحدة وحلفاؤها يعملون معا في الشرق الأوسط لإيقاف الإرهاب، ومنع أي ملاذات آمنة يستعملونها لبدء هجماتٍ على كل الشعوب".
ينطبق خطاب ترامب هذا، في تصنيفه الدول المارقة، أول ما ينطبق، على الولايات المتحدة الأميركية نفسها التي شنت حربا غير شرعية، بصناعة مجموعة من الأكاذيب، وغزت العراق خارقة القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، ورفض غالبية دول العالم هذه الحرب الكارثية ليس فقط على العراق وشعبه، بل على العالم وأمنه واستقراره. وهي من جلبت معها 200 ألف مرتزق وشركة "بلاك ووتر" التي اقترفت جرائم حرب، دانها القانون الأميركي نفسه. تصرفت الولايات المتحدة، في عهد جورج بوش، بقطبية واحدة، لعدم وجود مقدرة لدول العالم الأخرى على مواجهتها في 1991، لكن ذلك لم يعد ممكننا اليوم. ففي فترة وجيزة، استعملت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) أكثر من خمس مرات، لتواجها الولايات المتحدة في مجلس الأمن، وتمنعا مشاريع قرارات طرحتها الولايات المتحدة بشأن سورية، وتواصل الصين صعودها الاقتصادي، لتزيح الولايات المتحدة من مرتبة الاقتصاد الأول والأقوى في العالم، ما ينهي، بشكل كامل ونهائي، القطبية الواحدة للولايات المتحدة في الهيمنة، والتحكم بشؤون العالم، والتدخل في إسقاط الدول والأنظمة، ورسم خرائط جديدة للعالم.
أما كلام ترامب عن الإرهاب الإسلامي فهو أيضا يتناقض مع ما فعله، قبل أيام، بمناسبة أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في نيويورك، إذ منع أعضاء طاقمه من أي ذكر "لإسلاميين" بهذه المناسبة، علما أن لترامب تصريحا مصورا عقب تلك الأحداث لقناة
نيويورك، في التاسعة مساء، يقول فيه إن من المستحيل أن تكون الطائرات سبب هذه التفجيرات. قال ترامب، وهو الخبير بالبناء، "ماديا يستحيل أن تدمر طائرتان برجي التجارة العالميين، ثم البرج الثالث".
واعتبر الرئيس الأميركي، في خطابه، الاتفاق النووي مع إيران، أسوأ اتفاق قامت به الولايات المتحدة. لكن سرعان ما ردّت ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، عليه قائلة إن عدة دول وقعت هذا الاتفاق مع إيران، وهي لا تريد إعادة النظر فيه. لأن الدول الأوروبية، وفي مقدمتها ألمانيا، ترفض أحادية ترامب، وترفض حربا جديدة مثل حرب العراق، تقرّرها الولايات المتحدة وفقا لمصالحها، من دون أن تعبأ بالمصالح الأوروبية التي تأثرت منذ غزو العراق بشكل مباشر وسيئ.
يعكس خطاب ترامب في الأمم المتحدة تبنيه الخطاب الحربي للمؤسسة الصناعية العسكرية، وغالبية الكونغرس المتحمس لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ولهوس خطط حزبه في المنطقة، وتقاطعاتها مع المصالح العسكرية للوبي الصناعي الأميركي.
لا يمكن أن يكون ردع الدول بهذه الطريقة الاستفزازية والتهجمية التي تبدو من شخصية ترامب، وبرزت على الملأ في خطابه غير المكتوب، وفي تصريحاته السابقة ومداخلاته التلفزيونية وتغريداته عبر شبكات التواصل الاجتماعي المثيرة للجدل منذ انتخابه. ولا يكتفي الرئيس ترامب بخطابه في الأمم المتحدة، لكنه مستمر في تغريدات تهديدية موجهة إلى رئيس كوريا الشمالية، تتوعده بالسحق وقتل شعبه وتجويعه، ما جعل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، يطلب من الرئيسين الكفّ عن المواجهات الكلامية العنيفة والعودة إلى المفاوضات.
واستهدف ترامب أيضا، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما سمّاه الإرهاب الإسلامي وملاذاته، والدول التي تدعمه، قائلا إنه "سيوقف الإرهاب الإسلامي المتطرّف، ولن يسمح له أن يمزق شعبنا، ويمزقوا العالم برمته. علينا أن نمنع أي ملاذات للإرهابيين وخططهم الشريرة، علينا أن نطردهم من دولنا، آن الأوان أن نكشف ونحاسب الدول التي تدعم المجموعات الإرهابية وتمولها، مثل القاعدة وحزب الله وطالبان ممن يقتلون الأبرياء. الولايات المتحدة وحلفاؤها يعملون معا في الشرق الأوسط لإيقاف الإرهاب، ومنع أي ملاذات آمنة يستعملونها لبدء هجماتٍ على كل الشعوب".
ينطبق خطاب ترامب هذا، في تصنيفه الدول المارقة، أول ما ينطبق، على الولايات المتحدة الأميركية نفسها التي شنت حربا غير شرعية، بصناعة مجموعة من الأكاذيب، وغزت العراق خارقة القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، ورفض غالبية دول العالم هذه الحرب الكارثية ليس فقط على العراق وشعبه، بل على العالم وأمنه واستقراره. وهي من جلبت معها 200 ألف مرتزق وشركة "بلاك ووتر" التي اقترفت جرائم حرب، دانها القانون الأميركي نفسه. تصرفت الولايات المتحدة، في عهد جورج بوش، بقطبية واحدة، لعدم وجود مقدرة لدول العالم الأخرى على مواجهتها في 1991، لكن ذلك لم يعد ممكننا اليوم. ففي فترة وجيزة، استعملت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) أكثر من خمس مرات، لتواجها الولايات المتحدة في مجلس الأمن، وتمنعا مشاريع قرارات طرحتها الولايات المتحدة بشأن سورية، وتواصل الصين صعودها الاقتصادي، لتزيح الولايات المتحدة من مرتبة الاقتصاد الأول والأقوى في العالم، ما ينهي، بشكل كامل ونهائي، القطبية الواحدة للولايات المتحدة في الهيمنة، والتحكم بشؤون العالم، والتدخل في إسقاط الدول والأنظمة، ورسم خرائط جديدة للعالم.
أما كلام ترامب عن الإرهاب الإسلامي فهو أيضا يتناقض مع ما فعله، قبل أيام، بمناسبة أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في نيويورك، إذ منع أعضاء طاقمه من أي ذكر "لإسلاميين" بهذه المناسبة، علما أن لترامب تصريحا مصورا عقب تلك الأحداث لقناة
واعتبر الرئيس الأميركي، في خطابه، الاتفاق النووي مع إيران، أسوأ اتفاق قامت به الولايات المتحدة. لكن سرعان ما ردّت ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، عليه قائلة إن عدة دول وقعت هذا الاتفاق مع إيران، وهي لا تريد إعادة النظر فيه. لأن الدول الأوروبية، وفي مقدمتها ألمانيا، ترفض أحادية ترامب، وترفض حربا جديدة مثل حرب العراق، تقرّرها الولايات المتحدة وفقا لمصالحها، من دون أن تعبأ بالمصالح الأوروبية التي تأثرت منذ غزو العراق بشكل مباشر وسيئ.
يعكس خطاب ترامب في الأمم المتحدة تبنيه الخطاب الحربي للمؤسسة الصناعية العسكرية، وغالبية الكونغرس المتحمس لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ولهوس خطط حزبه في المنطقة، وتقاطعاتها مع المصالح العسكرية للوبي الصناعي الأميركي.
مقالات أخرى
27 سبتمبر 2024
02 سبتمبر 2024
16 اغسطس 2024